المواضيع الأخيرة
» Sondos
الأربعاء 28 أغسطس 2024, 07:35
» Sondos
الأربعاء 28 أغسطس 2024, 01:17
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 23:02
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 04:44
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 01:06
» Sondos
الإثنين 26 أغسطس 2024, 20:57
» Sondos
الأحد 25 أغسطس 2024, 23:20
» Sondos
الأحد 25 أغسطس 2024, 19:57
» Sondos
الثلاثاء 20 أغسطس 2024, 22:17
» Sondos
الإثنين 19 أغسطس 2024, 17:59
المواضيع الأكثر نشاطاً
فصل في وجوب الصيام وفوائده
فصل في وجوب الصيام وفوائده
فصل في وجوب الصيام وفوائده
فصل
في الصيام وتوابعه قال الله تعالى:
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ
لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183] إلى قوله: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ
عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 185]
يخبر تعالى بمنته على عباده المؤمنين بفرضه عليهم الصيام كما فرضه
على الأمم السابقة، لأنه من الشرائع الكبار التي هي مصلحة للخلق
في كل زمان، وفي هذا حث للأمة أن ينافسوا الأمم في المسارعة إليه
وتكميله، وبيان عموم مصلحته، وثمراته التي لا تستغني عنها جميع الأمم؛
ثم ذكر حكمته بقوله: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]
فإن الصيام من أكبر أسباب التقوى؛ لأن فيه امتثال أمر الله واجتناب نهيه.
فالصيام هو الطريق الأعظم للوصول إلى هذه الغاية التي فيها سعادة
العبد في دينه ودنياه وآخرته، فالصائم يتقرب إلى الله بترك
المشتهيات؛ تقديما لمحبة ربه على محبة نفسه، ولهذا اختصه الله
من بين الأعمال حيث أضافه إلى نفسه في الحديث الصحيح،
وهو من أعظم أصول التقوى، فإن الإسلام والإيمان لا يتم بدونه.
وفيه من حصول زيادة الإيمان، والتمرن على الصبر والمشقات المقربة
إلى رب العالمين، وأنه سبب لكثرة الطاعات من صلاة وقراءة
وذكر وصدقة وغيرها ما يحقق التقوى، وفيه من ردع النفس
عن الأمور المحرمة من أقوال وأفعال ما هو من أصول التقوى.
- ومنها: أن في الصيام من مراقبة الله بترك ما تهوى نفسه مع قدرته
عليه - لعلمه باطلاع ربه عليه - ما ليس في
غيره، ولا ريب أن هذا من أعظم عون على التقوى.
- ومنها: أن الصيام يضيق مجاري الشيطان «فإنه يجري من ابن آدم
مجرى الدم» ، فبالصيام يضعف نفوذه، وتقل معاصي العبد.
- ومنها: أن الغني إذا ذاق ألم الجوع أوجب له ذلك، وحمله
على مواساة الفقراء المعدمين، وهذا كله من خصال التقوى.
ولما ذكر أنه فرض عليهم الصيام أخبر أنها {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 184]
أي: قليلة سهلة، ومن سهولتها أنها في شهر معين يشترك فيه جميع المسلمين؛
ولا ريب أن الاشتراك هذا من المهونات المسهلات، ومن ألطاف المولى
ومعونته للصائمين، ثم سهل تسهيلا آخر فقال:
{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184]
وذلك للمشقة - غالبا - رخص الله لهما في الفطر.
ولما كان لا بد من تحصيل العبد لمصلحة الصيام أمرهما أن يقضياه
في أيام أخر، إذا زال المرض، وانقضى السفر، وحصلت الراحة.
وفي قوله: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] دليل على أنه يقضي
عدد أيام رمضان كاملا كان أو ناقصا، وعلى أنه يجوز
أن يقضي أياما قصيرة باردة عن أيام طويلة حارة كالعكس.
وبهذا أجبنا عن سؤال ورد علينا: أنه يوجد مسلمون في بعض البلاد
التي يكون في بعض الأوقات ليلها نحو أربع ساعات أو تنقص،
فيوافق ذلك رمضان، فهل لهم رخصة في الإطعام إذا كانوا
يعجزون عن تتميمها؟
فأجبنا: إن العاجز منهم في هذا الوقت يؤخره إلى وقت آخر، يقصر
فيه النهار، ويتمكن فيه من الصيام كما أمر الله بذلك المريض،
بل هذا أولى، وأن الذي يقدر على الصيام في هذه الأيام الطوال
يلزمه ولا يحل له تأخيره إذا كان صحيحا مقيما، هذا حاصل الجواب.
وقوله: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] قيل:
هذا في أول الأمر وفي ابتداء فرض الصيام لما كانوا غير معتادين ل
لصيام، وكان ابتداء فرضه حتما فيه مشقة عليهم، درجهم الرب
الحكيم بأسهل ما يكون، وخير المطيق للصوم بين أن يصوم،
وهو الأفضل الأكمل، أو يطعم ويجزيه، ثم لما تمرنوا على الصيام،
وكان ضروريا على المطيقين فرضه عليهم حتما.
وقيل إن قوله: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} [البقرة: 184] أي: يتكلفون الصيام،
ويشق عليهم مشقة لا تحتمل كالكبير والمريض الميئوس من برئه، فدية طعام
مسكين عن كل يوم يفطره.
وقوله: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185] أي: الصوم المفروض عليكم
هو شهر رمضان، الشهر العظيم الذي حصل لكم من الله فيه الفضل العظيم،
وهو إنزال القرآن الذي فيه هدايتكم لجميع مصالحكم الدينية والدنيوية،
وفيه بيان الحق وتوضيحه، والفرقان بين الحق والباطل، والهدى والضلال، وأهل السعادة
من أهل الشقاوة، فحقيق بشهر هذا فضله، وهذا إحسان الله العظيم فيه عليكم أن يكون
معظما محترما، موسما للعباد مفروضا فيه الصيام.
فلما قرر فرضيته، وبين حكمته في ذلك وفي تخصيصه قال: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}
[البقرة: 185] أي: من حضر الشهر وهو قادر تحتم عليه صيامه،
{وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185]
أعاد ذلك تأكيدا له، ولئلا يظن أنه أيضا منسوخ مع ما نسخ من التخيير للقادر.
{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} [البقرة: 185] أي: يريد الله أن ييسر ويسهل عليكم الطرق الموصلة
إلى رضوانه أعظم تيسير ليسهل سلوكها، ويعين عليها بكل وسيلة؛ ليرغب فيها العباد،
وهذا أصل عظيم من أصول الشريعة، بل كلها تدور على هذا الأصل، فإن جميع الأوامر لا تشق
على المكلفين، وإذا حصل بعض المشاق والعجز خفف الشارع من الواجبات بحسب
ما يناسب ذلك، فيدخل في هذا جميع التخفيفات في جواز الفطر، وتخفيفات السفر،
والأعذار لترك الجمعة والجماعة.
وقوله: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ} [البقرة: 185] وذلك لئلا يتوهم متوهم أن صيام رمضان
يحصل المقصود ببعضه دفع هذا الوهم بقوله: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ} [البقرة: 185] وأمر بشكره
على إتمامه؛ لأن من أكبر منن الله على عبده توفيقه لإتمامه وتكميله وتبيين أحكامه للعبيد،
{وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 185] هداية التعليم وهداية التوفيق والإرشاد.
من كتاب تيسير اللطيف المنان خلاصة تفسير القرآن
للعلاّمة عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى
فصل
في الصيام وتوابعه قال الله تعالى:
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ
لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183] إلى قوله: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ
عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 185]
يخبر تعالى بمنته على عباده المؤمنين بفرضه عليهم الصيام كما فرضه
على الأمم السابقة، لأنه من الشرائع الكبار التي هي مصلحة للخلق
في كل زمان، وفي هذا حث للأمة أن ينافسوا الأمم في المسارعة إليه
وتكميله، وبيان عموم مصلحته، وثمراته التي لا تستغني عنها جميع الأمم؛
ثم ذكر حكمته بقوله: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]
فإن الصيام من أكبر أسباب التقوى؛ لأن فيه امتثال أمر الله واجتناب نهيه.
فالصيام هو الطريق الأعظم للوصول إلى هذه الغاية التي فيها سعادة
العبد في دينه ودنياه وآخرته، فالصائم يتقرب إلى الله بترك
المشتهيات؛ تقديما لمحبة ربه على محبة نفسه، ولهذا اختصه الله
من بين الأعمال حيث أضافه إلى نفسه في الحديث الصحيح،
وهو من أعظم أصول التقوى، فإن الإسلام والإيمان لا يتم بدونه.
وفيه من حصول زيادة الإيمان، والتمرن على الصبر والمشقات المقربة
إلى رب العالمين، وأنه سبب لكثرة الطاعات من صلاة وقراءة
وذكر وصدقة وغيرها ما يحقق التقوى، وفيه من ردع النفس
عن الأمور المحرمة من أقوال وأفعال ما هو من أصول التقوى.
- ومنها: أن في الصيام من مراقبة الله بترك ما تهوى نفسه مع قدرته
عليه - لعلمه باطلاع ربه عليه - ما ليس في
غيره، ولا ريب أن هذا من أعظم عون على التقوى.
- ومنها: أن الصيام يضيق مجاري الشيطان «فإنه يجري من ابن آدم
مجرى الدم» ، فبالصيام يضعف نفوذه، وتقل معاصي العبد.
- ومنها: أن الغني إذا ذاق ألم الجوع أوجب له ذلك، وحمله
على مواساة الفقراء المعدمين، وهذا كله من خصال التقوى.
ولما ذكر أنه فرض عليهم الصيام أخبر أنها {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 184]
أي: قليلة سهلة، ومن سهولتها أنها في شهر معين يشترك فيه جميع المسلمين؛
ولا ريب أن الاشتراك هذا من المهونات المسهلات، ومن ألطاف المولى
ومعونته للصائمين، ثم سهل تسهيلا آخر فقال:
{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184]
وذلك للمشقة - غالبا - رخص الله لهما في الفطر.
ولما كان لا بد من تحصيل العبد لمصلحة الصيام أمرهما أن يقضياه
في أيام أخر، إذا زال المرض، وانقضى السفر، وحصلت الراحة.
وفي قوله: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] دليل على أنه يقضي
عدد أيام رمضان كاملا كان أو ناقصا، وعلى أنه يجوز
أن يقضي أياما قصيرة باردة عن أيام طويلة حارة كالعكس.
وبهذا أجبنا عن سؤال ورد علينا: أنه يوجد مسلمون في بعض البلاد
التي يكون في بعض الأوقات ليلها نحو أربع ساعات أو تنقص،
فيوافق ذلك رمضان، فهل لهم رخصة في الإطعام إذا كانوا
يعجزون عن تتميمها؟
فأجبنا: إن العاجز منهم في هذا الوقت يؤخره إلى وقت آخر، يقصر
فيه النهار، ويتمكن فيه من الصيام كما أمر الله بذلك المريض،
بل هذا أولى، وأن الذي يقدر على الصيام في هذه الأيام الطوال
يلزمه ولا يحل له تأخيره إذا كان صحيحا مقيما، هذا حاصل الجواب.
وقوله: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] قيل:
هذا في أول الأمر وفي ابتداء فرض الصيام لما كانوا غير معتادين ل
لصيام، وكان ابتداء فرضه حتما فيه مشقة عليهم، درجهم الرب
الحكيم بأسهل ما يكون، وخير المطيق للصوم بين أن يصوم،
وهو الأفضل الأكمل، أو يطعم ويجزيه، ثم لما تمرنوا على الصيام،
وكان ضروريا على المطيقين فرضه عليهم حتما.
وقيل إن قوله: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} [البقرة: 184] أي: يتكلفون الصيام،
ويشق عليهم مشقة لا تحتمل كالكبير والمريض الميئوس من برئه، فدية طعام
مسكين عن كل يوم يفطره.
وقوله: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185] أي: الصوم المفروض عليكم
هو شهر رمضان، الشهر العظيم الذي حصل لكم من الله فيه الفضل العظيم،
وهو إنزال القرآن الذي فيه هدايتكم لجميع مصالحكم الدينية والدنيوية،
وفيه بيان الحق وتوضيحه، والفرقان بين الحق والباطل، والهدى والضلال، وأهل السعادة
من أهل الشقاوة، فحقيق بشهر هذا فضله، وهذا إحسان الله العظيم فيه عليكم أن يكون
معظما محترما، موسما للعباد مفروضا فيه الصيام.
فلما قرر فرضيته، وبين حكمته في ذلك وفي تخصيصه قال: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}
[البقرة: 185] أي: من حضر الشهر وهو قادر تحتم عليه صيامه،
{وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185]
أعاد ذلك تأكيدا له، ولئلا يظن أنه أيضا منسوخ مع ما نسخ من التخيير للقادر.
{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} [البقرة: 185] أي: يريد الله أن ييسر ويسهل عليكم الطرق الموصلة
إلى رضوانه أعظم تيسير ليسهل سلوكها، ويعين عليها بكل وسيلة؛ ليرغب فيها العباد،
وهذا أصل عظيم من أصول الشريعة، بل كلها تدور على هذا الأصل، فإن جميع الأوامر لا تشق
على المكلفين، وإذا حصل بعض المشاق والعجز خفف الشارع من الواجبات بحسب
ما يناسب ذلك، فيدخل في هذا جميع التخفيفات في جواز الفطر، وتخفيفات السفر،
والأعذار لترك الجمعة والجماعة.
وقوله: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ} [البقرة: 185] وذلك لئلا يتوهم متوهم أن صيام رمضان
يحصل المقصود ببعضه دفع هذا الوهم بقوله: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ} [البقرة: 185] وأمر بشكره
على إتمامه؛ لأن من أكبر منن الله على عبده توفيقه لإتمامه وتكميله وتبيين أحكامه للعبيد،
{وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 185] هداية التعليم وهداية التوفيق والإرشاد.
من كتاب تيسير اللطيف المنان خلاصة تفسير القرآن
للعلاّمة عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى
|
عاشق البحر- مراقب
- تاريخ التسجيل : 17/05/2009
رد: فصل في وجوب الصيام وفوائده
[center](( تتمة لما سبق ))
قرب الله تعالى واستجابته لدعاء الداعي
{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ
فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186]
هذا سؤال وجواب، أي: إذا سألك العباد عن ربهم، وبأي طريق يدركون منه
مطالبهم، فأجبهم بهذا الجواب الذي يأخذ بمجامع القلوب، ويوجب أن يعلق
العبد بربه بكل مطلوب ديني ودنيوي، فأخبرهم أن الله قريب من الداعين،
ليس على بابه حجاب ولا بواب، ولا دونه مانع في أي وقت
وأي حال، فإذا أتى العبد بالسبب والوسيلة، وهو الدعاء لله المقرون بالاستجابة له
بالإيمان به والانقياد لطاعته، فليبشر بالإجابة في دعاء الطلب والمسألة، وبالثواب
والأجر والرشد إذا دعا دعاء العبادة، وكل القربات الظاهرة والباطنة تدخل
في دعاء العبادة، لأن المتعبد لله طالب بلسان مقاله ولسان حاله من ربه
قبول تلك العبادة والإثابة عليها.
وفي هذه الآية تنبيه على الأسباب الموجبة لإجابة الدعاء التي مدارها
على الإيمان بالله، وتحقيقه بالانقياد لله امتثالا لأمره واجتنابا لنهيه؛
وتنبيه أيضا على أن موانع الإجابة
وتنبيه أيضا على أن موانع الإجابة ترك تحقيق الإيمان وترك الانقياد، فأكل الحرام
وعمل المعاصي من موانع الإجابة، وهي تنافي الاستجابة لله، وفيه تنبيه على أن الإيمان بالله
والاستجابة له سبب إلى حصول العلم، لأن الرشد هو الهدى التام علما وعملا،
ونظير هذا قوله تعالى:
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} [الأنفال: 29]
أي: علما تفرقون به بين الحق والباطل، وبين كل ما يحتاج إلى تفصيله.
{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187] إلى قوله:
{كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [البقرة: 187]
كان أول ما فرض الصيام منع المسلمون من الأكل والشرب في الليل إذا ناموا، فحصلت
المشقة لكثير منهم، فخفف الله ذلك، وأباح في ليالي الصيام كلها الأكل والشرب والجماع،
سواء نام أو لم ينم؛ لكونهم يختانون أنفسهم بترك بعض ما أمروا به لو بقي الأمر
على ما كان أولا، فتاب الله عليكم بأن وسع لكم أمرا لولا توسعته لكان داعيا إلى الإثم
والإقدام على المعاصي، وعفا عنكم ما سلف من التخون.
عنكم ما سلف من التخون.
{فَالْآنَ} [البقرة: 187] بعد هذه الرخصة والسعة من الله {بَاشِرُوهُنَّ} [البقرة: 187]
وطئا وقبلة ولمسا، {وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} [البقرة: 187] أي: اقصدوا في مباشرتكم
لزوجاتكم التقرب إلى الله بذلك، واقصدوا أيضا حصول الذرية وإعفاف الفرج
وحصول جميع مقاصد النكاح؛ وابتغوا أيضا ليلة القدر، فإياكم أن تشتغلوا بهذه اللذة
وتوابعها وتضيعوا ليلة القدر، وهي مما كتبه الله لهذه الأمة، وفيها من الخير العظيم
ما يعد تفويته من أعظم الخسران، فاللذة مدركة، وليلة القدر إذا فاتت لم تدرك، ولم يعوض عنها شيء.
{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187]
هذا غاية جواز الأكل والشرب والجماع في ليالي الصيام؛ وفيه أن هذه الثلاثة إذا وقعت
وصاحبها شاك في طلوع الفجر فلا حرج عليه، ودليل على استحباب السحور، وأنه
يستحب تأخيره أخذا من معنى رخصة الله وتسهيله على العباد، ودليل على أنه يجوز
أن يدركه الفجر وهو جنب من الجماع قبل أن يغتسل؛ لأن من لازم
إباحة الجماع إلى طلوع الفجر أن يدركه الفجر وهو جنب، ولازم الحق حق،
ثم إذا طلع الفجر أتموا الصيام، أي: أمسكوا عن المفطرات إلى الليل،
وهو غروب الشمس.
ولما كانت إباحة الوطء في ليالي الصيام ليست إباحة عامة لكل أحد، استثنى تعالى
المعتكف بقوله: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] أي:
وأنتم متصفون بذلك؛ ودلت الآية على مشروعية الاعتكاف؛ وهو لزوم المساجد لطاعة الله،
وأن الاعتكاف لا يصح إلا بمسجد؛ ويستفاد من تعريف المساجد بالألف واللام
أنها المساجد التي يعرفها المسلمون، وأنها التي تقام فيها الصلوات الخمس.
وفيه أن الوطء من مفسدات الاعتكاف تلك المذكورات، وهي تحريم الأكل والشرب
والجماع ونحوها من مفطرات الصيام، وتحريم الوطء على المعتكف، ونحو ذلك
من المحرمات التي حدها لعباده، ونهاهم عنها: {فَلَا تَقْرَبُوهَا} [البقرة: 187] أي: لا تفعلوها،
ولا تحوموا حولها، وتفعلوا وسائلها، والعبد مأمور بترك المحرمات،
والبعد عنها بترك كل وسيلة تدعو إليها.
وأما الأوامر فيقول الله فيها: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} [البقرة: 187] كما ينهى
عن مجاوزتها: {فَلَا تَعْتَدُوهَا} [البقرة: 229] كذلك البيان السابق والتوضيح التام من الله
لعباده: {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [البقرة: 187] فإن العلم الصحيح سبب للتقوى؛
لأنهم إذا بان لهم الحق اتبعوه، وإذا بان لهم الباطل اجتنبوه، ومن علم الحق فتركه
والباطل فاتبعه كان أعظم لجرمه وأشد لإثمه.
قرب الله تعالى واستجابته لدعاء الداعي
{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ
فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186]
هذا سؤال وجواب، أي: إذا سألك العباد عن ربهم، وبأي طريق يدركون منه
مطالبهم، فأجبهم بهذا الجواب الذي يأخذ بمجامع القلوب، ويوجب أن يعلق
العبد بربه بكل مطلوب ديني ودنيوي، فأخبرهم أن الله قريب من الداعين،
ليس على بابه حجاب ولا بواب، ولا دونه مانع في أي وقت
وأي حال، فإذا أتى العبد بالسبب والوسيلة، وهو الدعاء لله المقرون بالاستجابة له
بالإيمان به والانقياد لطاعته، فليبشر بالإجابة في دعاء الطلب والمسألة، وبالثواب
والأجر والرشد إذا دعا دعاء العبادة، وكل القربات الظاهرة والباطنة تدخل
في دعاء العبادة، لأن المتعبد لله طالب بلسان مقاله ولسان حاله من ربه
قبول تلك العبادة والإثابة عليها.
وفي هذه الآية تنبيه على الأسباب الموجبة لإجابة الدعاء التي مدارها
على الإيمان بالله، وتحقيقه بالانقياد لله امتثالا لأمره واجتنابا لنهيه؛
وتنبيه أيضا على أن موانع الإجابة
وتنبيه أيضا على أن موانع الإجابة ترك تحقيق الإيمان وترك الانقياد، فأكل الحرام
وعمل المعاصي من موانع الإجابة، وهي تنافي الاستجابة لله، وفيه تنبيه على أن الإيمان بالله
والاستجابة له سبب إلى حصول العلم، لأن الرشد هو الهدى التام علما وعملا،
ونظير هذا قوله تعالى:
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} [الأنفال: 29]
أي: علما تفرقون به بين الحق والباطل، وبين كل ما يحتاج إلى تفصيله.
{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187] إلى قوله:
{كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [البقرة: 187]
كان أول ما فرض الصيام منع المسلمون من الأكل والشرب في الليل إذا ناموا، فحصلت
المشقة لكثير منهم، فخفف الله ذلك، وأباح في ليالي الصيام كلها الأكل والشرب والجماع،
سواء نام أو لم ينم؛ لكونهم يختانون أنفسهم بترك بعض ما أمروا به لو بقي الأمر
على ما كان أولا، فتاب الله عليكم بأن وسع لكم أمرا لولا توسعته لكان داعيا إلى الإثم
والإقدام على المعاصي، وعفا عنكم ما سلف من التخون.
عنكم ما سلف من التخون.
{فَالْآنَ} [البقرة: 187] بعد هذه الرخصة والسعة من الله {بَاشِرُوهُنَّ} [البقرة: 187]
وطئا وقبلة ولمسا، {وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} [البقرة: 187] أي: اقصدوا في مباشرتكم
لزوجاتكم التقرب إلى الله بذلك، واقصدوا أيضا حصول الذرية وإعفاف الفرج
وحصول جميع مقاصد النكاح؛ وابتغوا أيضا ليلة القدر، فإياكم أن تشتغلوا بهذه اللذة
وتوابعها وتضيعوا ليلة القدر، وهي مما كتبه الله لهذه الأمة، وفيها من الخير العظيم
ما يعد تفويته من أعظم الخسران، فاللذة مدركة، وليلة القدر إذا فاتت لم تدرك، ولم يعوض عنها شيء.
{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187]
هذا غاية جواز الأكل والشرب والجماع في ليالي الصيام؛ وفيه أن هذه الثلاثة إذا وقعت
وصاحبها شاك في طلوع الفجر فلا حرج عليه، ودليل على استحباب السحور، وأنه
يستحب تأخيره أخذا من معنى رخصة الله وتسهيله على العباد، ودليل على أنه يجوز
أن يدركه الفجر وهو جنب من الجماع قبل أن يغتسل؛ لأن من لازم
إباحة الجماع إلى طلوع الفجر أن يدركه الفجر وهو جنب، ولازم الحق حق،
ثم إذا طلع الفجر أتموا الصيام، أي: أمسكوا عن المفطرات إلى الليل،
وهو غروب الشمس.
ولما كانت إباحة الوطء في ليالي الصيام ليست إباحة عامة لكل أحد، استثنى تعالى
المعتكف بقوله: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] أي:
وأنتم متصفون بذلك؛ ودلت الآية على مشروعية الاعتكاف؛ وهو لزوم المساجد لطاعة الله،
وأن الاعتكاف لا يصح إلا بمسجد؛ ويستفاد من تعريف المساجد بالألف واللام
أنها المساجد التي يعرفها المسلمون، وأنها التي تقام فيها الصلوات الخمس.
وفيه أن الوطء من مفسدات الاعتكاف تلك المذكورات، وهي تحريم الأكل والشرب
والجماع ونحوها من مفطرات الصيام، وتحريم الوطء على المعتكف، ونحو ذلك
من المحرمات التي حدها لعباده، ونهاهم عنها: {فَلَا تَقْرَبُوهَا} [البقرة: 187] أي: لا تفعلوها،
ولا تحوموا حولها، وتفعلوا وسائلها، والعبد مأمور بترك المحرمات،
والبعد عنها بترك كل وسيلة تدعو إليها.
وأما الأوامر فيقول الله فيها: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} [البقرة: 187] كما ينهى
عن مجاوزتها: {فَلَا تَعْتَدُوهَا} [البقرة: 229] كذلك البيان السابق والتوضيح التام من الله
لعباده: {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [البقرة: 187] فإن العلم الصحيح سبب للتقوى؛
لأنهم إذا بان لهم الحق اتبعوه، وإذا بان لهم الباطل اجتنبوه، ومن علم الحق فتركه
والباطل فاتبعه كان أعظم لجرمه وأشد لإثمه.
|
عاشق البحر- مراقب
- تاريخ التسجيل : 17/05/2009
رد: فصل في وجوب الصيام وفوائده
بـارك الله فيـك
وجـزاك الله كـل الخيـر
جعلـه الله فـي ميـزان الحسنـات
وتقبـل الله صيـام وقيـام الجميـع
وجـزاك الله كـل الخيـر
جعلـه الله فـي ميـزان الحسنـات
وتقبـل الله صيـام وقيـام الجميـع
|
منصورة- المديرة العامة النائبة الاولى
- تاريخ التسجيل : 05/09/2010
العمل/الترفيه : تقنية سامية بالصحة بشهادة دولة(متقاعدة)
الموقع : منتدى منصورة والجميع
إنشاء حساب أو تسجيل الدخول لتستطيع الرد
تحتاج إلى أن يكون عضوا لتستطيع الرد.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى