الزحار..مرض خطير يصيب اامعاء

عدة أنواع من الطفيليات تصيب الإنسان وتسبب غالبا أضرارا وخيمة· ينتمي البعض من هذه الطفيليات الحية إلى عالم الحيوانات والبعض إلى عالم النبات والبعض الآخر إلى عالم الميكروبات·
ويصاب بها الإنسان سواء عن طريق الفم بابتلاعها مع الأغذية أو الماء مثل دودة الأسكريس وحادة الذيل والدودة الشريطية والأميبية·· أو عن طريق البشرة والمخاطي مثل دودة البقيري، الملقوة، عل الجرب،··· أو عن طريق لسعات الحشرات في داء الملاريا أو مرض النعاس··· الخ·
تنتشر الأمراض الطفيلية أكثر في البلدان الساخنة الإستوائية والقريبة من خط الإستواء بسبب الظروف المناخية وسوء النظافة، وكثرة العوامل الناقلة، الكلاب، الفئران، الماشية، البعوض، القمل، الذباب··· الخ ثم بسبب بعض العادات الغذائية والتربوية وغيرها، هذا ما يحثنا على الاعتناء الجيد بالنظافة الجسدية والمحيطية وتجنب تناول أي شيء دون التأكد من طهارته أو التعرض إلى العوامل الناقلة لهذه الطفيليات أو الإحتكاك بالمرضى المعديين···
من بين الأمراض الطفيلية الأكثر انتشارا عبر العالم والخطيرة، مرض الأمعاء الذي تسببه الأميبية والمتمثل في داء الزحار الذي يظهر بالإسهال الدموي وبإمكانه أن يصبح أكثر خطورة بإصابة أعضاء أخرى مثل الكبد، الرئة، المخ، ينتقل الطفيلي المسؤول عن داء الزحار من شخص إلى آخر عن طريق التغذية أو المشروبات الملوّثة بفضلات الشخص المصاب أو الحامل للطفيلي ليصيب شخصا أو أشخاصا آخرين الذين ينقلون بدورهم الطفيلي بهذه الطريقة إلى الآخرين وهكذا·
يحمل بعض الأشخاص الأميبية في أمعائهم دون أن تؤذيهم ما دام يناسبها هذا الوسط الذي تعيش فيه (الأمعاء) لكن بمجرد تغير الظروف السائدة في الأمعاء تتحول الأميبية إلى كيست ذو 4 (أربعة) نواة الذي يصبح بعدما يطرحه حامله في الطبيعة مؤذيا وناقلا للمرض إذا تم تناوله من طرف أي شخص·
أما في الحالات الأخرى فقد تصبح مؤذية بالنسبة للإنسان الذي يحملها عند تغير الظروف السائدة، فسرعان ما يكبر حجمها وتصبح تتحرك وتتغذى من الدم وتتكاثر بنشاط وتسبب قرحا في مخاطي المعي الغليظ·
قد يصيب هذا الطفيلي الإنسان في أمعائه غالبا أو في كبده أحيانا أو في الرئة، المخ··· الخ، حيث نشاهد بعد فوات شهر أو شهر ونصف من دخوله جسم الإنسان وتموقعه في الأمعاء جملة من الأعراض تسبقها الأوجاع في الأمعاء ثم الإسهال الحاد السائل واللزج والمختلط بالدم أحيانا ثم ارتفاع درجة الحرارة وانهيار القوى ونقص النشاط فالاجتفاف· قد تصبح الحالة هذه مزمنة وتزداد الأوجاع حدة وينتفخ الكبد مع مواصلة الإسهال أو تعاقب الإمساك والإسهال الدموي من حين لآخر ثم تدهور عام للصحة·
يمكن للإنسان أن يشفى من هذه الحالة لكنها غالبا ما تخلق مضاعفات محليا كالادماء الوافر وتقرحات عدة في الأمعاء التي بإمكانها أن تحدث ثقب في مكان القرحة أو تقلص قطر الكولون حتى انسداده·· الخ·
أو عن بعد بانتقال الطفيلي عبر الدم ليصيب سواء الكبد أو الكلية أو الطحال·· الخ أما إذا تموقع الطفيلي في الكبد فنشاهد التهاب الكبد وأوجاع في المنطقة وحمى قد يتطور في غياب العلاج إلى تكوين خراج في عمق الكبد وتفاقم الأوجاع التي تبلغ ذروتها مع حمى مذبذبة وتدهور عام للصحة ويسمى التهاب الكبد المقيح، بإمكان هذا الخراج الذي تكوّن في الكبد أن يتمزّق ويتدفّق في الصدر أو في الصفاق معرّضا صاحبه للموت في غياب العناية الطبية السريعة·
أحيانا قد يتموقع الطفيلي في الرئة بعد انتقاله عن طريق الدورة الدموية إلى الرئة أو بعد تمزق الخراج الكبدي وتدفق محتواه في الصدر، حيث يتم تكوين خراج جديد في الرئة أو في غلاف الرئة·
من الممكن أن يصيب هذا الطفيلي أيضا المخ مكوّنا خراجا في عمق المخ الذي يؤدي إلى الموت مباشرة وبسرعة أو في الطحال أو في الكلية·· الخ·
تساعد التحاليل التي هي ضرورية على تشخيص الداء بالعثور على الطفيلي المتمثل في الأميبية من النوع ''هيستوليتيكا'' أو من النوع ''مينوتا'' أو بالعثور على كيستات ذات 4 نواة·
كما تبقى الفحوصات المكملة بالتناظر الباطني والأشعة وغيرها هي أيضا مفيدة وتسمح كذلك بتشخيص الداء أو التأكد منه· تتطلب الوقاية من هذا المرض الذي أصبح قابل للشفاء بفضل الأدوية المتوفرة وذات نجاعة كاملة إذا تم استعمالها كما تستحق·
احترام بعض الشروط أهمها النظافة، أي الاعتناء بنظافة الجسد والثياب والأغذية التي نتناولها والماء الذي نشربه والمحيط الذي نعيش فيه ولا ننسى أبدا الغسل الجيد للخضر والفواكه والاعتناء بنظافة الأيدي وخاصة قبل الأكل وبعده، بحيث لا يمكن للإنسان الذي لايغسل يديه قبل الأكل أن يمنع من مرض من أمراض الطفيليات·
كما يجب الإدلاء بالمرض للمصالح الطبية حتى يتم معالجة كل من تعرض للداء بما فيهم المصابين قبل أن ينقلوا المرض لغيرهم حتى يصبح وباء· وعزل كل مريض مدة 15 يوما حتى الشفاء التام الذي يتحقق بسرعة بفضل العلاج الجيد والمتواصل حتى تعود التحاليل سالبة·