المواضيع الأخيرة
» Sondos
الأربعاء 28 أغسطس 2024, 07:35
» Sondos
الأربعاء 28 أغسطس 2024, 01:17
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 23:02
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 04:44
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 01:06
» Sondos
الإثنين 26 أغسطس 2024, 20:57
» Sondos
الأحد 25 أغسطس 2024, 23:20
» Sondos
الأحد 25 أغسطس 2024, 19:57
» Sondos
الثلاثاء 20 أغسطس 2024, 22:17
» Sondos
الإثنين 19 أغسطس 2024, 17:59
المواضيع الأكثر نشاطاً
عمل أهل الدنيا وعمل أهل الآخرة
عمل أهل الدنيا وعمل أهل الآخرة
لقد حذر الله - تعالى -عباده من الافتتان بالحياة الدنيا فقال - جل وعلا -: (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)(العنكبوت/64) وقال أيضاً: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ) (لقمان/33)، وبين أن ضلال كثير من الناس كان بسبب إيثارهم للحياة الدنيا على الآخرة فقال - تعالى -: (اللّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2) الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُوْلَئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ (3)) سورة إبراهيم، بل وما كفر من كفر، ولا ارتد من ارتد إلا وكانت الدنيا أعظم الأسباب التي حملته على ذلك قال - تعالى-: (مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّواْ الْحَيَاةَ الْدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (107)) سورة النحل.
ولذلك جاء التحذير الشديد من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الافتتان بالدنيا، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((اتقوا الدنيا، واتقوا النساء)) رواه مسلم، وحتى يكون الأمر جلياً لكل ذي بصيرة، هذه مقارنة بين عمل أهل الدنيا وعمل أهل الآخرة، حتى تُعلم حقيقةُ الأمر فيتدارك من فُتن بهذه الدنيا نفسه ويزداد الذين آمنوا إيماناً، ولا يتقاعس أهل الآخرة عن طلب الآخرة أو يغرنهم تقلب الذين كفروا في البلاد كما قال - تعالى -لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: (لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلاَد(196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ(197)) آل عمران، وقبل الشروع في المقارنة لنعلم أن الدنيا هي ليست كائناً مشاهداً وإنما هي عبارة عن ماديات، أو معنويات، أو شهوات، وملذات ذُكر أعظمها وغيرها تبعاً لها في قوله - تعالى -: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) (14) سورة آل عمران.
المقارنة الأولى:
عمل أهل الدنيا غير مضمون النتائج، وعمل أهل الآخرة مضمون النتائج، فعمل أهل الدنيا غير مضمون النتائج، فليس بالضرورة كل من عمل لطلب شيء من حطام الدنيا يناله، فكم من إنسان سعى لكسب مال فما ازداد إلا فقراً، أو سعى لكسب ود امرأة فما ازاد منها إلا بعداً، وذلك لأن الله - تعالى -يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب كما قال - تعالى -: (كُلاًّ نُّمِدُّ هَؤُلاء وَهَؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُورًا)(الإسراء/20) وأمر الأرزاق والآجال مما اختص الله بقسمته بين الناس؛ لتستقيم حياة الناس ومعاشهم قال - تعالى-: (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم عْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ)(الزخرف/32) فهو الذي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر بمقتضى حكمته وعلمه بما يصلح حال الناس، قال - تعالى -: (أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (الزمر/52)، وكما قيل في المثل: " لو جريت جري الوحوش غير رزقك ما تحوش "، فلو كل من أراد المال والتجارة نال ذلك لأصبح كل الناس تجاراً أغنياء، ولكن الله يعطي من يشاء، ويمنع من يشاء حتى تستقيم حياة الناس، وكما قيل في المثل: " لو كل من أتى ونجر ما ظل في الوادي شجر ".
والله من عدله لا يظلم أهل الدنيا شيئاً، فإنه يعجل لهم طيباتهم في دنياهم، كما قال - تعالى -: (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ)(الأحقاف/20) وكما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث أنس: ((إن الله لا يظلم المؤمن حسنة يعطى بها في الدنيا ويثاب عليها في الآخرة، وأما الكافر فيطعم بحسناته في الدنيا وإذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يعطى بها خيراً)) رواه مسلم. ولكن ليس بالضرورة أن يعطيهم ما يطلبون وما يسعون إليه بل قد يعطيهم إياه، أو يعطيهم بدلاً منه، ولا ينالون من الدنيا إلا ما قُدر لهم قال - تعالى -: (مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا(18) وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا (19) كُلاًّ نُّمِدُّ هَؤُلاء وَهَؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُورًا (20) انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً (21)) سورة الإسراء، قال ابن كثير في تفسيره: " يخبر - تعالى -أنه ما كل من طلب الدنيا وما فيها من النعيم يحصل له بل إنما يحصل لمن أراد الله وما يشاء وهذه مقيدة لإطلاق ما سواه من الآيات، فإنه قال: (عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد)" انتهى باختصار.
فان لهم ألا يُظلموا، وأما ماذا يعطيهم الله، فهذا في علم الله وتقديره الذي اختص به - جل وعلا -، فعمل أهل الدنيا غير مضمون النتائج، فهم يكدحون الليل والنهار وقد يصلون إلى ما يريدون أو قد لا يصلون ولو جاءوا بكل سبب ووسيلة، فإنه لا يأتيهم من دنياهم إلا ما كتب الله لهم[1].
وأما عمل أهل الآخرة، فانه مضمون النتائج، فان الله - تعالى -تكفل لمن جاهد في سبيله، وسار إليه وسعى له أن يزيده من فضله، ويبارك له في عمله ويجزيه خير الجزاء، كما قال - تعالى -: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت/69) وقال - جل وعلا - أيضاً: (مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ)(الأنعام/160) وقال - تعالى -: (وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا) (الإسراء/19) أي مقبولاً منمى مدخراً لهم أجرهم وثوابهم عند ربهم، كما جاء في الحديث القدسي: يقول الله - عز وجل -: ((من عمل حسنه فله عشر أمثالها أو أزيد، ومن عمل سيئة فجزاؤها مثلها أو أغفر، ومن عمل قراب الأرض خطيئة، ثم لقيني لا يشرك بي شيئاً، جعلت له مثلها مغفرة، ومن اقترب إلي شبراً اقتربت إليه ذراعاً، ومن اقترب إلي ذراعا اقتربت إليه باعاً، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة)) متفق عليه. وكما ثبت عن الصحابي الجليل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: "أنا لا أحمل هم الإجابة وإنما أحمل هم الدعاء"[2]، فالدعاء هو السبب من العبد، والإجابة هي وعد الله، والله لا يخلف الميعاد فمن حقق ما أمر به فقد وعده الله بالإجابة، فليس بين أهل الآخرة ووعد الله إلا أن يقوموا بما أُمروا به، كما أراده الله حتى يأتيهم الوعد المحقق، وما تخلف وعد الله عن أهل الآخرة إلا بسبب منهم وخلل في العمل، وإلا فإنّ الله وعد وهو - جل وعلا - لا يخلف الميعاد والتاريخ يشهد بذلك، فليفرح أهل الآخرة بعملهم وتجارتهم مع الله وليهنئوا بفضل الله ورحمته قال - تعالى -: (قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ)(يونس/58)، فمن فضله - جل وعلا - أنه يبارك عمل أهل الآخرة ويضاعفه لهم ويجعله عظيماً وإن كان في نظرهم وحسبانهم أنه صغير أو قليل، فكم من همة لمؤمن صادقة مع الله أحيا الله بها أمة، وكم من كلمة لمخلص مع الله بلغت الآفاق، وهدى الله بها من يشاء من عباده، وكم من عمل قليل وجهاد في سبيل الله هزم الله به جيوش الكفر وأهله، فما كان لله دام واتصل، فعمل أهل الآخرة مع الله مضمون النتائج فإنه يجزيهم الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، والله يضاعف لمن يشاء، فلا يُؤتى العبد إلا من قبل نفسه، فهو الذي يضعف أو يكسل أو يسوف أو يتحجج أنه فقير أو عاجز أو لا يستطيع أو غيرها من حجج فيؤخر وعد الله أو يبعده عنه.
المقارنة الثانية:
أهل الدنيا لا ينالون بعملهم إلا الدنيا وما لهم في الآخرة من نصيب كما قال - تعالى -: (مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ (15)أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)(16) سورة هود، وقال أيضاً: (مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ)(20)سورة الشورى، وأما أهل الآخرة فإنهم ينالون بعملهم الدنيا والآخرة، فان الله - تعالى -من كرمه وفضله يعطي أهل عبادته و طاعته الدنيا والآخرة كما قال - تعالى -: (مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا) (النساء/134) قال ابن كثير في تفسيره: " أي يا من ليس له همة إلا الدنيا أعلم أن عند الله ثواب الدنيا والآخرة، وإذا سألته من هذه وهذه أعطاك وأغناك وأقناك كما قال - تعالى -: (فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ(200)وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ(201) أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ(202)) سورة البقرة، وقال - تعالى -: (مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ)(الشورى/20)، وقال - تعالى -: (مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا(18)وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا(19) كُلاًّ نُّمِدُّ هَؤُلاء وَهَؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُورًا(20)انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً(21)) سورة الإسراء، ثم قال - رحمه الله -: فإن قوله: (فعند الله ثواب الدنيا والآخرة) ظاهرة في حصول الخير في الدنيا والآخرة، أي بيده هذا وهذا، فلا يقتصر قاصر الهمة على السعي للدنيا فقط، بل لتكن همته سامية إلى نيل المطالب العالية في الدنيا والآخرة، فإن مرجع ذلك كله إلى الذي بيده الضر والنفع، وهو الله الذي لا إله إلا هو الذي قسم السعادة والشقاوة بين الناس في الدنيا والآخرة، وعدل بينهم فيما علمه فيهم ممن يستحق هذا، وممن يستحق هذا ولهذا قال: وكان الله سميعاً بصيراً" انتهى باختصار.
وقال - تعالى -: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)(النحل/97) قال ابن كثير في تفسيره: " هذا وعد الله - تعالى- لمن آمن وعمل صالحاً، بأن يحييه الله حياة طيبة في الدنيا، وأن يجزيه بأحسن ما عمله في الدار الآخرة، كما جاء في الحديث عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله لا يظلم المؤمن حسنة يعطى بها في الدنيا ويثاب عليها في الآخرة، وأما الكافر فيُطعم بحسناته في الدنيا إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يُعطى بها خيراً)) رواه مسلم" انتهى باختصار.
وقال - جل وعلا - أيضاً: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (النور/55) وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء، وهذه ليست دعوة لترك الدنيا ولكن حتى ننزلها منزلتها التي أرادها الله لها، وكما قيل في المثل: اعمل لآخرتك يكفك الله أمر دنياك، وبع دنياك بآخرتك تربحهما جميعاً، ولا تبع آخرتك بدنياك فتخسرهما جميعاً.
أخيراً: هذه بعض المقارنة بين عمل أهل الدنيا وعمل أهل الآخرة حتى يتبين لأهل الإيمان والآخرة أن الدنيا ليست دار قرار، وإنما هي معبر للآخرة، فليجدوا وليجتهدوا في نيل رضا الله في الدنيا والآخرة، ولنتذكر دائماً قول الله - تعالى -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(آل عمران/200).
والله - تعالى -أعلى وأعلم، وأستغفر الله من الزلل
حاشية:
*وقد يعطيهم الله ما يأملون استدراجاً منه ومكراً بالقوم الظالمين.
** قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "إني لا أحمل هم الإجابة، وإنما أحمل هم الدعاء، فإذا ألهمت الدعاء فان الإجابة معه" ذكره شيخ الإسلام ابن تيميه في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم ص 359 مستدلاً به ولم يعزه لأي مصدر، ولم يهتد إليه محقق اقتضاء الصراط المستقيم، وكذا لم أهتد لمن أخرجه، ولكن المعنى صحيح.والله أعلم.
|
ابو المجد- المدير العام
- تاريخ التسجيل : 20/04/2009
العمل/الترفيه : تقني
الموقع : المغرب
رد: عمل أهل الدنيا وعمل أهل الآخرة
كل الشكر والتقدير لك على مشاركتك الرائعه والمميزه
وعلى هذا الموضوع الذي قمت بطرحه علينا
وتمنياتي لك بالتوفيق ومواصلة التميز معنا
وعلى هذا الموضوع الذي قمت بطرحه علينا
وتمنياتي لك بالتوفيق ومواصلة التميز معنا
|
الخنساء- نائبة المدير
- تاريخ التسجيل : 20/10/2010
مواضيع مماثلة
» من ضيق الدنيا الى سعة الآخرة
» لهم الدنيا ولنا الآخرة
» لهم الدنيا ولنا الآخرة
» الإسلام قول وعمل
» القبر أول منازل الآخرة
» لهم الدنيا ولنا الآخرة
» لهم الدنيا ولنا الآخرة
» الإسلام قول وعمل
» القبر أول منازل الآخرة
إنشاء حساب أو تسجيل الدخول لتستطيع الرد
تحتاج إلى أن يكون عضوا لتستطيع الرد.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى