https://www.ahladalil.org
 الـتـعـــاون فــي الإســــلام 613623عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا  الـتـعـــاون فــي الإســــلام 829894
ادارة المنتدي  الـتـعـــاون فــي الإســــلام 103798
https://www.ahladalil.org
 الـتـعـــاون فــي الإســــلام 613623عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا  الـتـعـــاون فــي الإســــلام 829894
ادارة المنتدي  الـتـعـــاون فــي الإســــلام 103798
لقد نسيت كلمة السر
منتديات تقنيات
1 / 4
تقنيات حصرية
2 / 4
اطلب استايلك مجانا
3 / 4
استايلات تومبلايت جديدة
4 / 4
دروس اشهار الموقع

المواضيع الأخيرة
»   Sondos
الثلاثاء 20 أغسطس 2024, 22:17
»   Sondos
الإثنين 19 أغسطس 2024, 17:59

الـتـعـــاون فــي الإســــلام

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل

 الـتـعـــاون فــي الإســــلام Empty الـتـعـــاون فــي الإســــلام

مُساهمة من طرف ابنة الاسلام الثلاثاء 24 مارس 2015, 17:05


    
 
 الـتـعـــاون فــي الإســــلام 55550000%20%282%29
          إن الحمد لله نحمده سبحانه ونستغفره ونتوب إليه ونثني عليه الخير كله نشكره ولا نكفره ونترك ونخلع من يفجره وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا وحبيبنا محمد رسول الله صل الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى من سار على منهاجهم إلى يوم الدين.ثم أما بعد :أيها الأخوة الفضلاء سنتطرق في موضوعنا هذا - التعاون - ونورد أهم ما ورد في ذيننا عليه..فالإنسان بطبعه إجتماعي وكثيرا ما يحتاج مساعدة أخيه الإنسان في عدة ميادين.وها نحن في منتدانا هذا دوما نحتاج إلى مساعدة بعضنا بعضا لنبلغ كل ما نقدر عليه مما جاء به ديننا..ونسأل الله أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه...آمين...
معنى التَّعاون لغةً واصطلاحًا
معنى التَّعاون لغةً:
العون: الظَّهير على الأمر، وأعانه على الشَّيء: ساعده، واستعان فلانٌ فلانًا وبه: طلب منه العون. وتعاون القوم: أعان بعضهم بعضًا(1) . والمعْوانُ: الحَسَن المعُونة للنَّاس، أو كثيرها(2) .
معنى التَّعاون اصطلاحًا:
التَّعاون هو: (المساعدة على الحقِّ ابتغاء الأجر مِن الله سبحانه).
وفيما يلي سنورد ما جاء في القرآن من آيات والسنة النبوية من أحاديث وبعض أقوال أهل العلم حول التعاون:
أولًا: في القرآن الكريم
- قال تعالى:وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ[العصر: 1-3].
(أي: يوصي بعضهم بعضًا بذلك، ويحثُّه عليه، ويرغِّبه فيه)(1) .
(فهذه السُّورة العظيمة القصيرة، اشتملت على معان عظيمة، مِن جملتها: التَّواصي بالحقِّ، وهو التَّعاون على البرِّ والتَّقوى)(2) .
- وقال سبحانه:وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ[المائدة: 2].
قال ابن كثير: (يأمر تعالى عباده المؤمنين بالمعاونة على فعل الخيرات، وهو البرُّ، وترك المنكرات وهو التَّقوى، وينهاهم عن التَّناصر على الباطل، والتَّعاون على المآثم والمحارم)(3) .
وقال القرطبيُّ: (هو أمرٌ لجميع الخَلْق بالتَّعاون على البرِّ والتَّقوى، أي ليُعن بعضكم بعضًا، وتحاثُّوا على ما أمر الله تعالى واعملوا به، وانتهوا عمَّا نهى الله عنه وامتنعوا منه، وهذا موافقٌ لما رُوِي عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قالSad(الدَّالُّ على الخير كفاعله))(4) ... وقال الماورديُّ: ندب الله سبحانه إلى التَّعاون بالبرِّ، وقرنه بالتَّقوى له؛ لأنَّ في التَّقوى رضا الله تعالى، وفي البرِّ رضا النَّاس، ومَن جمع بين رضا الله تعالى ورضا النَّاس فقد تمَّت سعادته، وعمَّت نعمته)(5) .
وقال ابن باز: (والمعنى: احذروا مغبَّة التَّعاون على الإثم والعدوان، وترك التَّعاون على البرِّ والتَّقوى، ومِن العاقبة في ذلك: شدَّة العقاب لمن خالف أمره، وارتكب نهيه وتعدَّى حدوده)
- وقوله عزَّ وجلَّ:وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ[آل عمران:103].
قال أبو جعفر الطَّبري: (يعني بذلك جلَّ ثناؤه: وتعلَّقوا بأسباب الله جميعًا. يريد بذلك -تعالى ذكره-: وتمسَّكوا بدين الله الذي أمركم به، وعهده الذي عهده إليكم في كتابه إليكم، مِن الألفة والاجتماع على كلمة الحقِّ، والتَّسليم لأمر الله)(7) .
وقال السعدي: (فإنَّ في اجتماع المسلمين على دينهم، وائتلاف قلوبهم يصلح دينهم وتصلح دنياهم، وبالاجتماع يتمكَّنون مِن كلِّ أمر مِن الأمور، ويحصل لهم مِن المصالح التي تتوقَّف على الائتلاف ما لا يمكن عدُّها، مِن التَّعاون على البرِّ والتَّقوى)(Cool .
- وقوله:وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي[طه: 29-32].
قال مقاتل بن سليمان: (اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي يقول: اشدد به ظهري، وليكون عونًا لي، وأشركه في أمري الذي أمرتني به، يتَّعظون لأمرنا ونتعاون كلانا جميعًا)(9) .
وقال أبو جعفر الطَّبري: (قوِّ ظهري، وأعنِّي به)(10) .
وقال السعدي: (عَلِم عليه الصَّلاة والسَّلام أنَّ مدار العبادات كلِّها والدِّين على ذكر الله، فسأل اللهَ أن يجعل أخاه معه، يتساعدان ويتعاونان على البرِّ والتَّقوى، فيكثر منهما ذكر الله مِن التَّسبيح والتَّهليل وغيره مِن أنواع العبادات)(11) .
وقال المراغي: (أي: أحكم به قوَّتي، واجعله شريكي في أمر الرِّسالة حتى نتعاون على أدائها على الوجه الذي يؤدِّي إلى أحسن الغايات، ويوصل إلى الغرض على أجمل السُّبل)(12) .
 
ثانيًا: في السُّنَّة النَّبويَّة
- قال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّمSad(المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُّ بعضه بعضًا))(1) .
قال ابن بطَّال: (تعاون المؤمنين بعضهم بعضًا في أمور الدُّنْيا والآخرة مندوبٌ إليه بهذا الحديث)(2) .
وقال أبو الفرج ابن الجوزي: (ظاهره الإخبار، ومعناه الأمر، وهو تحريضٌ على التَّعاون)(3) .
- وعن ابن عمر رضي الله عنه، أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالSad(المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه، ومَن كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته، ومَن فرَّج عن مسلم كربةً، فرج الله عنه كربةً مِن كربات يوم القيامة، ومَن ستر مسلمًا، ستره الله يوم القيامة))(4) .
قال ابن بطَّال في شرح هذا الحديث: (... وباقي الحديث حضٌّ على التَّعاون، وحسن التَّعاشر، والألفة، والسِّتر على المؤمن، وترك التَّسمع به، والإشهار لذنوبه)(5) .
وقال ابن حجر(6) والعيني(7) : (في الحديث حضٌّ على التَّعاون، وحسن التَّعاشر والألفة).
- وعن أنس رضي الله عنه، قال: قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلمSad(انصر أخاك ظالـمًا أو مظلومًا))، قيل: يا رسول الله، هذا نصرته مظلومًا، فكيف ننصره ظالـمًا؟ قالSad(تأخذ فوق يده))(Cool .
قال ابن بطَّال: (والنُّصرة عند العرب: الإعانة والتَّأييد، وقد فسَّره رسول الله أنَّ نصر الظالم منعه مِن الظُّلم؛ لأنَّه إذا تركته على ظلمه ولم تكفه عنه أدَّاه ذلك إلى أن يُقْتَصَّ منه؛ فمنعك له مما يوجب عليه القصاص نصره، وهذا يدلُّ مِن باب الحكم للشَّيء، وتسميته بما يؤول إليه...)(9) .
وقال العيني: (النُّصرة تستلزم الإعانة)(10) .
- وعن أبي عبد الرَّحمن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلمSad(مَن جهَّز غازيًّا في سبيل الله فقد غزا، ومَن خلَّف غازيًا في أهله بخيرٍ فقد غزا))(11) .
(قال ابن بطَّال: قال الطَّبري: وفيه مِن الفقه أنَّ كلَّ مَن أعان مؤمنًا على عمل برٍّ فللمُعِين عليه أجر مثل العامل، وإذا أخبر الرَّسول أنَّ مَن جهَّز غازيًا فقد غزا، فكذلك مَن فطَّر صائمًا أو قوَّاه على صومه، وكذلك مَن أعان حاجًّا أو معتمرًا بما يتقوى به على حجِّه أو عمرته حتى يأتى ذلك على تمامه فله مثل أجره. ومَن أعان فإنَّما يجيء مِن حقوق الله بنفسه أو بماله حتى يغلبه على الباطل بمعونة، فله مثل أجر القائم، ثمَّ كذلك سائر أعمال البرِّ، وإذا كان ذلك بحكم المعونة على أعمال البرِّ فمثله المعونة على معاصي الله وما يكرهه الله، للمعين عليها مِن الوزر والإثم مثل ما لعاملها)(12) .
وقال ابن عثيمين: (هذا مِن التَّعاون على البرِّ والتَّقوى، فإذا جهَّز الإنسان غازيًا، يعني براحلته ومتاعه وسلاحه، إذا جهَّزه بذلك فقد غزا، أي كُتِب له أجر الغازي؛ لأنَّه أعانه على الخير. وكذلك مَن خَلَفَه في أهله بخير فقد غزا، يعني لو أنَّ الغازي أراد أن يغزو ولكنَّه أُشْكِل عليه أهله من يكون عند حاجاتهم، فانتدب رجلًا مِن المسلمين وقال: اخلفني في أهلي بخير، فإنَّ هذا الذي خلفه يكون له أجر الغازي؛ لأنَّه أعانه)(13) .
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلمSad(مَن نفَّس عن مؤمن كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيا نفَّس الله عنه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يوم القيامة، ومَن يسَّر على معسر، يسَّر الله عليه في الدُّنْيا والآخرة، ومَن ستر مسلمًا ستره الله في الدُّنْيا والآخرة. والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه...))(14) .
قال ابن دقيق العيد: (هذا الحديث عظيم جامع لأنواعٍ مِن العلوم والقواعد والآداب، فيه فضل قضاء حوائج المسلمين ونفعهم بما يتيسَّر مِن عِلْم أو مال أو معاونة أو إشارة بمصلحة أو نصيحة أو غير ذلك)(15) .
وقال ابن حجر (في الحديث حضٌّ على التَّعاون وحسن التَّعاشر والألفة)(16) .
وقال النَّوويُّ في تعليقه على حديثSad(مثل المؤمنين في توادهم...)): (صريحٌ في تعظيم حقوق المسلمين بعضهم بعضًا، وحثِّهم على التَّراحم والملاطفة والتَّعاضد في غير إثمٍ ولا مكروهٍ)(17).
ثالثا :أقوال العلماء في التَّعاون
- قال عطاء بن أبي رباح: (تفقَّدوا إخوانكم بعد ثلاث، فإن كانوا مرضى فعودوهم، أو مشاغيل فأعينوهم، أو نسوا فذكِّروهم)(1) .
- وقال ابن تيمية: (حياة بني آدم وعيشهم في الدُّنْيا لا يتم إلَّا بمعاونة بعضهم لبعضٍ في الأقوال أخبارها وغير أخبارها وفي الأعمال أيضًا)(2) .
- وقال أبو حمزة الشَّيباني لمن سأله عن الإخوان في الله مَن هم؟ قال: (هم العاملون بطاعة الله عزَّ وجلَّ المتعاونون على أمر الله عزَّ وجلَّ، وإن تفرقت دورهم وأبدانهم)(3) .
- وقال أبو الحسن العامري: (التَّعاون على البرِّ داعية لاتِّفاق الآراء، واتِّفاق الآراء مجلبة لإيجاد المراد، مكسبة للوداد)(4) .
 أهمية التَّعاون
لقد جعل الله سبحانه وتعالى التَّعاون فطرة جبلِّيَّة، جبلها في جميع مخلوقاته: صغيرها وكبيرها، ذكرها وأنثاها، إنسها وجنِّها، فلا يمكن لأيِّ مخلوق أن يواجه كلَّ أعباء الحياة ومتاعبها منفردًا، بل لابدَّ أن يحتاج إلى مَن يعاونه ويساعده؛ لذلك فالتَّعاون ضرورة مِن ضروريَّات الحياة، التي لا يمكن الاستغناء عنها، فبالتَّعاون يُنْجز العمل بأقصر وقت وأقلِّ جهد، ويصل إلى الغرض بسرعة وإتقان.
والملاحظ أنَّ نصوص الشَّريعة جاءت بالخطاب الجماعي، فقوله تعالى:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ وردت (89) مرَّة، وقوله:أَيُّهَا النَّاسُ عشرين مرَّة، وقوله:بَنِي آدَمَ خمس مرَّات، دلالة على أهمية الاجتماع والتَّعاون والتَّكامل.
وقد حثَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم على التَّعاون ودعا إليه، فقالSad(مَن كان معه فضل ظهر، فليعد به على مَن لا ظهر له، ومَن كان له فضلٌ مِن زاد فليعد به على مَن لا زاد له))(1) .
وشبَّه المؤمنين في اتِّحادهم وتعاونهم بالجسد الواحد، فقالSad(مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسَّهر والحمَّى))(2) .
وقال صلى الله عليه وسلمSad(المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُّ بعضه بعضًا))(3) .
وقال صلى الله عليه وسلمSad(يد الله مع الجماعة))(4) .
وحثَّ على معونة الخدم ومساعدتهم، فقالSad(ولا تكلِّفوهم ما يغلبهم، فإن كلَّفتموهم فأعينوهم).
أقسام التَّعاون

ينقسم التَّعاون إلى قسمين:
1- تعاون على البرِّ والتَّقوى.
2- تعاون على الإثم والعدوان.
قال ابن تيمية: (فإنَّ التَّعاون نوعان: الأوَّل: تعاونٌ على البرِّ والتَّقوى: مِن الجهاد وإقامة الحدود، واستيفاء الحقوق، وإعطاء المستحقِّين؛ فهذا ممَّا أمر الله به ورسوله. ومَن أمسك عنه خشية أن يكون مِن أعوان الظَّلمة فقد ترك فرضًا على الأعيان، أو على الكفاية متوهِّمًا أنَّه متورِّعٌ. وما أكثر ما يشتبه الجبن والفشل بالورع؛ إذ كلٌّ منهما كفٌّ وإمساكٌ.
والثَّاني: تعاونٌ على الإثم والعدوان، كالإعانة على دمٍ معصومٍ، أو أخذ مالٍ معصومٍ، أو ضرب مَن لا يستحقُّ الضَّرب، ونحو ذلك؛ فهذا الذي حرَّمه الله ورسوله. نعم، إذا كانت الأموال قد أُخِذَت بغير حقٍّ، وقد تعذَّر ردُّها إلى أصحابها، ككثيرٍ مِن الأموال السُّلطانيَّة؛ فالإعانة على صرف هذه الأموال في مصالح المسلمين كسداد الثُّغور، ونفقة المقاتلة، ونحو ذلك: مِن الإعانة على البرِّ والتَّقوى)(1) .
فوائد التَّعاون
ومِن فوائد التَّعاون يلي:
1- استفادة كلِّ فرد مِن خبرات وتجارب الآخرين في شتى مناحي الحياة. 
2- إظهار القوَّة والتَّماسك.
3- تنظيم الوقت وتوفير الجهد.
4- ثمرة مِن ثمرات الأخوَّة الإسلاميَّة.
5- رفع الظُّلم عمَّن وقع عليه.
6- حماية للفرد.
7- تقاسم الحِمْل وتخفيف العبء.
8- سهولة التَّصدِّي لأي أخطار تواجه الإنسان ممَّن حوله.
9-  سهولة إنجاز الأعمال الكبيرة التي لا يقدر عليها الأفراد.
10-  القضاء على الأنانية وحبِّ الذَّات.
11-  مِن أهم ركائز النَّجاح والتَّفوُّق.
12-  مِن ثمار الإيمان.
13-  سبب نيل تأييد الله.
14-  سبب نيل محبَّة الله ورضاه.
15-  يجعل الفرد يشعر بالسَّعادة.
16-  يزيل الضَّغائن والحقد والحسد مِن القلوب.
17- يساعد الفرد على بذل المزيد مِن الجهد والقوَّة.
18- يساعد على سرعة التَّنفيذ.
19- يسرِّع مِن عجلة التَّطوُّر العلمي والتَّقدُّم التَّقني.
20- يولد سلامة الصدر ويكسب حبَّ الخير للآخرين.
21- يؤدِّي بالفرد إلى الإتقان في العمل.
22- يولِّد عند الفرد الشُّعور بالقوَّة.
23- يجدد طاقة الفرد وينشِّطها.
24-يسهِّل العمل وييسِّره.
25- يحقِّق أكبر الاستثمارات.
26- يحدُّ مِن الازدواجيَّة في العمل.
27- يتبيَّن للفرد ما يمتلك مِن طاقة وخبرات وقدرات.
 28- استغلال الملَكَات والطَّاقات المهدرة الاستغلال المناسب لما فيه مصلحة الفرد والمجتمع.
الأسباب المعينة على اكتساب التَّعاون(1)
هناك العديد مِن الطُّرق والسُّبل التي تعمل على تقوية التَّعاون وتثبيته بين المؤمنين، ومن ذلك:
1- التَّعارف.
2- معرفة المسلم لحقوق المسلم عليه.
3- احتساب الأجر.
4- تنمية الرُّوح الجماعيَّة.
5- فقه الواقع.
6- تطهير القلب مِن الأمراض.
موانع اكتساب التَّعاون
هناك العديد مِن الطُّرق والسُّبل التي تعمل على تقوية التَّعاون وتثبيته بين المؤمنين، ومن ذلك:
 
1- التَّعصُّب والحزبيَّة.
2- اتِّباع الأوهام والشُّكوك في مدى جدوى هذا التعاون والاستفادة منه.
3- الأنانيَّة، وعدم حبِّ الخير للآخرين.
4- تعذُّر الفرد بانشغاله وكثرة أعماله.
5- تنافس الأفراد.
6- محبة الصَّدارة والزَّعامة وغيرها مِن حظوظ النَّفس.
7- الحسد للآخرين.
8- سوء الظَّن بالآخرين.
9- عدم التَّعوُّد على التَّعاون.
10- الكبر على الآخرين، وتوهُّم الفرد أنَّه أعظم مِن غيره.
11- الكَسَل.
12- النَّظر في التَّجارب الفاشلة لبعض حالات التَّعاون الشَّاذَّة.
صورٌ مِن التَّعاون
للتَّعاون صورٌ كثيرةٌ نذكر منها ما يلي:
1- التَّعاون على تجهيز الغازي.
2- التَّعاون على دفع الظُّلم.
3- التَّعاون في الثَّبات على الحقِّ والتمسُّك به.
4- التَّعاون في الدَّعوة إلى الله.
5- التَّعاون في تزويج العُزَّاب.
6- التَّعاون في طلب العِلْم والتَّفقُّه في الدِّين.
7- التَّعاون لتفريج كربات المهمومين وسدِّ حاجات المعوزين.
8- التَّعاون مع الأمير الصَّالح، وتقديم النُّصح له ومساعدته على القيام بواجباته.
9- تقديم النَّصيحة لمن يحتاجها.
10- معاونة الخدم.
11- التَّعاون على الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر.
12- التَّعاون في جمع التَّبرُّعات والصَّدقات والزكاوات وتوزيعها على مستحقِّيها.
13- التَّعاون على حلِّ الخلافات والنِّزاعات التي تقع في وسط المجتمع المسلم.
14- التَّعاون في إقامة الحدود وحفظ أمن البلاد.
  وفيما يلي سنورد بعض من نماذج التعاون في الرسول صل الله عليه وسلم وبعض الصحب الكرام رضوان الله عليهم:
 نماذج تطبيقية مِن حياة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في التَّعاون
- كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يسعى لقضاء حوائج المسلمين، ويحبُّ إعانتهم، والوقوف معهم فيما يلمُّ بهم مِن نوازل، وكان مجبولًا على ذلك مِن صغره وقبل بعثته، وقد بيَّنت ذلك أمُّنا خديجة رضي الله عنها عندما كانت تخفِّف مِن روع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عند عودته مِن غار حراء بعد نزول الوحي عليه، وكان فزعًا، فقالت له: (كلا والله ما يخزيك الله أبدًا، إنَّك لتصل الرَّحم، وتحمل الكلَّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضَّيف، وتعين على نوائب الحقِّ)(1) .
- وعن عائشة رضي الله عنها قالتSad(كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يكون في مَهْنة أهله، فإذا حضرت الصَّلاة قام إلى الصَّلاة))(2) .
- وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما قالSad(كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ينقل التُّراب يوم الخندق حتى أغمر بطنه(3) أو أغبر بطنه يقول:
والله لولا الله ما اهتديناولا تصدَّقنا ولا صلَّينا
فأنزلن سكينة عليناوثبِّت الأقدام إن لاقينا
إن الأُلى قد بغوا عليناإذا أرادوا فتنة أبينا
ويرفع بها صوته: أبينا أبينا
 نماذج تطبيقيَّة مِن حياة الصَّحابة في التَّعاون
كان الصَّحابة رضوان الله عليهم مثالًا يُحْتَذى بهم في التَّعاون، وكانوا في ذلك المثل الأسمى، فكانوا كخليَّة النَّحل في تكاتفها وتعاونها، وكالجسد الواحد إذا اشتكى منهم عضو تداعى له سائر الجسد بالسَّهر والحمَّى، و(في الوقت الذي كان فيه أبو عبيدة بن الجرَّاح وسعد بن أبي وقَّاص، وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص يفتحون مصر والشَّام والعراق، كان أبو بكر وعمر وعثمان وعلي يسوسون النَّاس، ويرعون شؤونهم، وكان معاذ بن جبل وابن عبَّاس وابن عمر يعلِّمون النَّاس، ويفتونهم ويربُّونهم، وكان أبو هريرة وأنس وعائشة يحفظون الحديث ويروونه، وكان أبو ذرٍّ وأبو الدَّرداء يعظون النَّاس والحكَّام وينصحونهم، فتعاونوا ولم يتعايبوا.. وتناصروا ولم يتدابروا)(1) . ونقف هنا وقفات مع نماذج مِن تعاون الصَّحابة رضي الله عنهم.
تعاون الصَّحابة رضي الله عنهم في حفر الخندق:
- نقل لنا الصَّحابيُّ الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه صورة مِن تعاون الصَّحابة وتكاتفهم في حفر الخندق، فيقولSad(جعل المهاجرون والأنصار يحفرون الخندق حول المدينة، وينقلون التَّراب على متونهم، ويقولون:
نحن الذين بايعوا محمَّدًاعلى الإسلام ما بقينا أبدًا
والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يجيبهم ويقول:
اللَّهمَّ إنَّه لا خير إلَّا خير الآخرةْفبارك في الأنصار والمهاجرةْ))(2)
تعاون أبي بكر وأهل بيته مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في هجرته:
- جهَّز أبو بكر راحلتين عندما أعلمه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بالهجرة، وخاطر بنفسه وهاجر مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وعندما وصلا غار ثور دخل أبو بكر أوَّلًا ليستبرأ الغار للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم كي لا يصيبه أذى، وأعدَّت أسماء بنت أبي بكر لهما جهاز السَّفر، وكان عبد الله بن أبي بكر يأتي لهما بأخبار قريش، وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر يريح الغنم عليهما وهما في الغار ليشربا مِن لبنها، وفي طريقهما إلى المدينة كان أبو بكر إذا تذكر طلب قريش للرَّسول صلى الله عليه وسلم مشى خلفه، وإذا تذكر رصدها له مشى أمامه(3) .تعاون الصَّحابة رضوان الله عليهم في بناء المسجد النبوي:
- عندما قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لبني النَّجارSad(يا بني النَّجار ثامنوني بحائطكم هذا، قالوا: لا والله لا نطلب ثمنه إلَّا إلى الله، فقال أنسٌ: فكان فيه ما أقول لكم قبور المشركين، وفيه خربٌ وفيه نخلٌ، فأمر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بقبور المشركين، فنُبِشَت، ثمَّ بالخرب فسوِّيت، وبالنَّخل فقطِّع، فصفُّوا النَّخل قبلة المسجد، وجعلوا عضادتيه الحجارة، وجعلوا ينقلون الصَّخر وهم يرتجزون والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم معهم، وهو يقول: اللَّهمَّ لا خير إلَّا خير الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة))(4) .
تعاون الأنصار مع المهاجرين بعد الهجرة:
- قال عبد الرَّحمن بن عوف رضي الله عنهSad(آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبين سعد بن الرَّبيع، فقال لي سعد: إنِّي أكثر الأنصار مالًا، فأقاسمك مالي شطرين، ولي امرأتان، فانظر أيتهما شئت حتى أنزل لك عنها، فإذا حلَّت تزوجتها، فقلت: لا حاجة لي في ذلك، دلُّوني على السُّوق، فدلُّوني على سوق بني قينقاع، فما رحت حتى استفضلت أقِطًا(5) وسمنًا))(6) .
- وقالت الأنصار للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلمSad(اقسم بيننا وبينهم النَّخل، قال: لا. قال: يكفوننا المئونة ويشركوننا في التَّمر. قالوا: سمعنا وأطعنا))(7) .
ومِن تعاون الصَّحابة أيضًا:
- موقفهم في قصَّة سلمان رضي الله عنه عندما كاتب سيِّده، وكان فقيرًا لا يملك ما كاتب عليه، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم للصَّحابةSad(أعينوا أخاكم)) فأعانوه، حتى تحرَّر مِن رقِّه، وأصبح حرًّا(Cool .
ميادين التَّعاون
(لقد أقام الإسلام التَّعاون بين المسلمين على أساس مُحْكَم، ومدَّ له في كلِّ ناحية مِن نواحي الحياة بسببٍ. فالتَّمثيل القرآني لأهل الإيمان أنَّهم كالبنيان المرصوص، وفي التَّمثيل النَّبوي كالجسد الواحد. فأمور الإسلام ومطلوباته لا تتحقَّق على وجهها إلَّا بالتَّعاون. ودين الله بنيان شامخ لا يقوم ولا يثبت إلَّا حين تتراص لبناته، وتتضامن مبانيه؛ لتسدَّ كلُّ لبنة ثغرتها.
وإذا كان الله سبحانه قد خَلَق الخَلْق لعبادته وطاعته فإنَّ هذه العبادات والطَّاعات أنواع: قلبيَّة عقليَّة كالإيمان، وبدنيَّة كالصَّلاة، وماليَّة كالزَّكاة، ومركَّبة مِن البدن والمال كالحجِّ والجهاد.
وكلُّ هذه العبادات بأنواعها لا تقام ولا تشاد إلَّا بوسائلها: مِن صحة الفكر، وسلامة البدن، وسعة ذات اليد. ولهذه الوسائل وسائل: مِن التَّفقُّه في الدِّين، والإحسان في الأعمال؛ مِن زراعة وصناعة وحرف، وإتقان في العلوم والمعارف؛ مِن الطِّب والحساب والهندسة والمعامل والمختبرات. ومِن المقطوع به -كما سبق- أنَّ الإنسان بمفرده بل حتى الرَّهط مِن النَّاس والجماعة المحدودة مِن القوم لا تستطيع بهذه الوسائل الانفراد بتحقيق هذه المقاصد. ومنه يتبيَّن حاجة النَّاس إلى الاجتماع والتَّآزر، فذلك ما تقتضيه الفطرة، ويتطلبه الدِّين، وتنتظم به الشؤون، وتستقيم به العلوم.
وهذا بعض البسط لصورٍ مِن التَّعاون في أحكام الإسلام وآدابه، وإذا استجلاها رجل الدَّعوة عرف ضرورة التَّعاون وحاجته إليه في ميدانه ومجاله.
فالصَّلوات الخمس جماعة وجمعة، وصلاة العيدين وآدابهما، والحجُّ بشعائره، وعقد النِّكاح بوليمته وآدابه، وعقيقة المولود، وإجابة الدَّعوى حتى للصَّائم، كلُّها مناشط عباديَّة اجتماعيَّة تعاونيَّة، ولا تكون صورتها الشَّرعية إلَّا كذلك.
وينضمُّ إلى اجتماع الأعياد اجتماع الشدائد والكرب في صلوات الاستسقاء والكسوف والجنازة.
إنَّه انتظام عجيب بين أهل الإسلام في مواطن السُّرور والحزن، ناهيك بصورة الأخوَّة، ومبدأ الشُّورى، وحقوق المسلمين فيما بينهم؛ في القربى والجوار والضَّيف وابن السَّبيل واليتامى والمساكين، مع ما يحيط بذلك مِن سياج الآداب الاجتماعيَّة؛ مِن إفشاء السَّلام، وفسح المجالس،...
أمَّا أنواع المعاملات والتَّعاملات فذلك جليٌّ في عقود المضاربة والعارية والهبة والمهاداة وفرض الدِّية على العاقلة.
وثمَّة صورٌ مِن المعاونات في كفِّ الظُّلم، ونصرة المظلوم، ودفع الصَّائل بسلاح أو مال. بل هل يقوم الجهاد، وتُقام الحدود، وتُستوفى الحقوق، ويقوم الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر إلَّا بالتَّعاون والتآزر.
وهناك التَّعاون بالرَّأي، بما يدلُّ على الحقِّ، ويخرج مِن الحيرة، وينقذ مِن المأزق والهلكة، في النَّصيحة والمشاورة، وقد يكون تعاونًا بالجاه؛ مِن الشَّفاعة لذي الحاجة عند من يملك قضاءها...
فإذا وضع المسلمون أيديهم على هذه الأسباب الوثيقة، يتقدَّمهم أولو الأمر والعلماء والدُّعاة، بلغوا المكانة المحفوفة بالعزَّة المشار إليها بقوله سبحانه:وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ[المنافقون: 8])(9) .
(قال ابن خويز مندادٍ في أحكامه: والتَّعاون على البِرِّ والتَّقوى يكون بوجوهٍ، فواجبٌ على العالم أن يعين النَّاس بعلمه فيعلِّمهم، ويعينهم الغني بماله، والشُّجاع بشجاعته في سبيل الله، وأن يكون المسلمون متظاهرين كاليد الواحدة((المؤمنون تتكافؤ دماؤهم ويسعى بذمَّتهم أدناهم وهم يدٌ على مَن سواهم))(10) . ويجب الإعراض عن المتعدِّي وترك النُّصرة له، وردُّه عمَّا هو عليه))(11) .
 أصناف النَّاس في التَّعاون
قال الماورديُّ: (تنقسم أحوال مَن دخل في عداد الإخوان أربعة أقسام: منهم مَن يعين ويستعين، ومنهم مَن لا يعين ولا يستعين، ومنهم مَن يستعين ولا يعين، ومنهم مَن يعين ولا يستعين.
فأمَّا المعين والمستعين فهو معاوضٌ منصف؛ يؤدِّي ما عليه ويستوفي ماله، فهو كالمقرض يُسْعِف عند الحاجة ويستردُّ عند الاستغناء، وهو مشكورٌ في معونته، ومعذورٌ في استعانته، فهذا أعدل الإخوان.
وأمَّا مَن لا يُعين ولا يستعين فهو متروك قد منع خيره وقمع شرَّه، فهو لا صديق يُرْجَى، ولا عدوٌّ يُخْشَى، وإذا كان الأمر كذلك فهو كالصُّورة الممثَّلة، يروقك حسنها، ويخونك نفعها، فلا هو مذموم لقمع شرِّه، ولا هو مشكور لمنع خيره، وإن كان باللَّوم أجدر.
وأمَّا مَن يستعين ولا يُعين فهو لئيم كَلٌّ، ومهين مستذلٌّ، قد قُطِع عنه الرَّغبة، وبُسِط فيه الرَّهبة، فلا خيره يُرْجَى، ولا شرُّه يُؤْمَن، وحسبك مهانة مِن رجل مستثقل عند إقلاله، ويستقلُّ عند استقلاله فليس لمثله في الإخاء حظٌّ، ولا في الوداد نصيب.
وأمَّا مَن يُعين ولا يستعين فهو كريم الطَّبع، مشكور الصُّنع، وقد حاز فضيلتي الابتداء والاكتفاء، فلا يُرى ثقيلًا في نائبة، ولا يقعد عن نهضة في معونة.
فهذا أشرف الإخوان نفسًا وأكرمهم طبعًا، فينبغي لمن أوجد له الزَّمان مثله، وقلَّ أن يكون له مثل؛ لأنَّه البَرُّ الكريم والدُّرُّ اليتيم، أن يثني عليه خنصره، ويعضَّ عليه بناجذه، ويكون به أشدَّ ضنًّا منه بنفائس أمواله، وسِنِي ذخائره؛ لأنَّ نفع الإخوان عامٌّ، ونفع المال خاصٌّ، ومَن كان أعمَّ نفعًا فهو بالادِّخار أحقُّ، ثمَّ لا ينبغي أن يزهد فيه لخُلُق أو خُلُقين ينكرهما منه إذا رضي سائر أخلاقه، وحمد أكثر شيمه؛ لأنَّ اليسير مغفور، والكمال مُعْوِز)(1) .
فـــ(هذا تقسيم مِن الماورديِّ رحمه الله أشبه بالحصر العقلي. وهو تقسيم جميل لتصوير النُّفوس وأحوال النَّاس والشُّخوص. ولكن واقع النَّاس، وما قضت به سنَّة الله في هذه الحياة، مِن بناء الدُّنْيا، واستقامة المعاش على المشاركة والمعاونة، واتخاذ النَّاس بعضهم بعضًا سخريًّا،... يشوِّش على ما قرَّره الماورديُّ، فلا يُتَصَوَّر في الواقع مِن أحد -فيما نحن بصدده- أن يحقِّق مبتغاه إلَّا بتعاضد أطرافٍ مِن النَّاس، هذا جانب. ومِن جانب آخر، فإنَّ البَذْل مِن طرف واحد -على نحو ما ذكر الماورديُّ- لا يسمَّى إلَّا إحسانًا ومنَّة ونعمة، وهذا ليس مِن باب التَّعاون في شيء إلَّا مِن حيث الأثر والفائدة للمُحَسن إليه والمنْعَم عليه.
كما أنَّ مَن يستعين ولا يُعين قد رضي لنفسه أن يكون عالة على غيره، وجعل حياته مبنيَّة على السُّؤال والطَّلب والتَّطلُّع إلى ما في أيدي النَّاس.
وأمَّا مَن لا يعين ولا يستعين فتصوُّر وجوده في بني الإنسان بعيد، على نحو ما سبق في المقدِّمة مِن تقرير أنَّ التَّعاون ضرورةٌ إنسانيَّة. فالإنسان لا يستغني عن أخيه الإنسان، كما قضى الله عزَّ وجلَّ في سننه)(2) .
وأخيرا أختم الموضوع بجملة من الوصايا المفيدة للجميع حول التعاون:
 وصايا في الحثِّ على التَّعاون
- قال أبو هلال العسكري: (أجود ما قيل في التَّضافر والتَّعاون قول قيس بن عاصم المنقري يُوصي ولده وقومه: وجدت في كتاب غير مسموع لما حضر عبد الملك بن مروان الوفاة وعاينته، وقال: يا بني، أُوصيكم بتقوى الله، وليعطف الكبير منكم على الصَّغير، ولا يجهل الصَّغير حقَّ الكبير، وأكرموا مسلمة بن عبد الملك؛ فإنَّه نابكم الذي عنه تعبرون، ومِجَنَّكم الذي به تستجيرون، ولا تقطعوا مِن دونه رأيًا ولا تعصوا له أمرًا، وأكرموا الحجاج ابن يوسف؛ فإنَّه الذي وطَّأ لكم المغابر، وذلَّل لكم قارب العرب، وعليكم بالتَّعاون والتَّضافر، وإيَّاكم والتَّقاطع والتَّدابر. فقال قيس بن عاصم لبنيه:
بصلاح ذات البين طول بقائكمإن مدَّ في عمري وإن لم يمدد
حتى تلين جلدوكم وقلوبكملمسود منكم وغير مُسَود
إن القداح إذا جمعن فرامهابالكسر ذو حنق وبطش أيِّد(1)
عزَّت ولم تكسر وإن هي بددتفالوهن والتَّكسير للمتبدِّد)(2)

- رُوِي أنَّ أكثم بن صيفي دعا أولاده عند موته، فاستدعى بضمامة مِن السِّهام، وتقدَّم إلى كلِّ واحدٍ أن يكسرها، فلم يقدر أحدٌ على كسرها، ثمَّ بدَّدها وتقدَّم إليهم أن يكسروها، فاستهلوا كسرها، فقال: كونوا مجتمعين؛ ليعجز مَن ناوأكم عن كسركم كعجزكم(3) .
- و(دعا يزيد بن المهلَّب ولده حبيبًا ومَن حضر مِن ولده، ودعا بسهام، فحزمت، وقال: أفترونكم كاسريها مجتمعةً؟ فقالوا: لا. قال: أفترونكم كاسريها مفترقةً؟ قالوا: نعم، قال: هكذا الجماعة)(4) .
التَّعاون في عالم الحيوانات والطُّيور:
توجد العديد مِن الأمثلة التي تدلُّ على التَّعاون والتَّآزر والتَّكافل بين الكائنات الحيَّة، وكثيرٌ مِن هذه الكائنات تعيش على شكل مجاميع وقطعان، لتكون قوَّة واحدة لحماية بعضها البعض، وللتَّصدِّي لأي خطر قد يُحْدِق بأحد أفرادها.
(مخلوقات جعل الله في فطرتها نوع تعاون، إمَّا لتأمين غذائها أو الدِّفاع عن نفسها وجماعتها، ويظهر ذلك في جنسي النَّمل والنَّحل.
فقد شُوهِد أنَّ النَّمل إذا عثر على عسل في وعاء، ولم يتمكَّن مِن الوصول إليه مباشرة؛ لوجود ماء أو سائل يحول بينه وبين هذا العسل، فإنَّه يتعاون بطريقة فدائيَّة انتحاريَّة؛ فتتقدَّم فِرَقٌ بعد أخرى فتلتصق بالسَّائل وتموت، وتتقدَّم غيرها مثلها حتى تتكون قنطرة مِن جثث النَّمل الميِّت يعبر عليها الأحياء الباقون، فيدخلون الوعاء، ويصلون إلى العسل، ويبلغون مأربهم. هذا في حال اليُسْر والغذاء.
أمَّا في حال العُسْر والتَّعرُّض للمخاطر: فإنَّ مجاميع النَّمل إذا تعرَّضت لتيَّار مائي داهم - مثلًا - فإنَّ بعضها يمسك ببعض ثمَّ تكوِّن كتلة كرويَّة متماسكة تتحمَّل اندفاع التَّيَّار، ثمَّ تعمل حركتين في آن واحد، إحداهما: تتحرَّك فيها الأرجل كالمجاديف في اتجاه واحد نحو أقرب شاطئ، والثَّانية: حركة دائريَّة مِن أعلى إلى أسفل؛ ليتم تقاسم التَّنفُّس بين الجميع، فإذا ما تنفَّس مَن في الأعلى حصل انقلاب؛ ليرتفع مَن في جهة القاع، فيأخذ حظه مِن النَّفس، وهكذا في حركة دائريَّة حتى يبلغوا شاطئ الأمان.
فسبحان الذي أعطى كلَّ شيء خَلْقَه ثمَّ هدى. وسبحان مَن وهب الإنسان العقل المفكِّر ليتأسَّى ويعتبر ويكتشف ويرقى بفكره - بعد هداية الله وتوفيقه - ليكون خيرًا مِن الأنعام.
أمَّا النَّحل فنظامه في تكوين مملكته، وإنتاج عسله، وترتيب الأعمال بين أفراد خليَّته، فعَجَبٌ عُجَاب في التَّعاون والتَّناوب، ولله في خلقه شؤون)(5) .
فهذه الأمثلة وغيرها، تبيِّن عظيم قدرته سبحانه وتعالى في الكون، الذي فطر جميع المخلوقات على التَّعاون والتَّكافل والتَّآزر.
 
الدرر السنية / موسوعة الأخلاق
 
 
ابنة الاسلام
ابنة الاسلام
المشرفة العامة
المشرفة العامة

تاريخ التسجيل : 16/09/2012

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 الـتـعـــاون فــي الإســــلام Empty رد: الـتـعـــاون فــي الإســــلام

مُساهمة من طرف خديجة نجيب الثلاثاء 24 مارس 2015, 18:14

 الـتـعـــاون فــي الإســــلام Ououou11 

شكرآ جزيلا على الموضوع الرائع و المميز 

واصل/ي تالقك معنا في المنتدى 

بارك الله فيك اخي /ي... 

ننتظر منك الكثير من خلال ابداعاتك المميزة 


لك منـــــــي اجمل تحية  

  الـتـعـــاون فــي الإســــلام 1277677134
خديجة نجيب
خديجة نجيب
المديرة العامة النائبة الاولى
المديرة العامة  النائبة الاولى

تاريخ التسجيل : 12/10/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 الـتـعـــاون فــي الإســــلام Empty رد: الـتـعـــاون فــي الإســــلام

مُساهمة من طرف ابو المجد الثلاثاء 24 مارس 2015, 23:06

شكرا لكي على جمال طرحك وتميزه


 الـتـعـــاون فــي الإســــلام 562df3bb6785de766895efc98b8e59f9
ابو المجد
ابو المجد
المدير العام
المدير العام

تاريخ التسجيل : 20/04/2009
العمل/الترفيه : تقني
الموقع : المغرب

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 الـتـعـــاون فــي الإســــلام Empty رد: الـتـعـــاون فــي الإســــلام

مُساهمة من طرف لارا عبدو الثلاثاء 07 أبريل 2015, 22:51

 الـتـعـــاون فــي الإســــلام C679f4498acfa60f497bd6dc84384dc7
لارا عبدو
لارا عبدو
مشرفة
مشرفة

تاريخ التسجيل : 30/12/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 الـتـعـــاون فــي الإســــلام Empty رد: الـتـعـــاون فــي الإســــلام

مُساهمة من طرف عزيزة علي الجمعة 10 أبريل 2015, 21:37

طرح رائع
دام بحر عطاءك للإبداع دوماً
بإنتظار جديدك المميز
تحياااتي
عزيزة علي
عزيزة علي
المشرفة العامة
المشرفة العامة

تاريخ التسجيل : 11/12/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 الـتـعـــاون فــي الإســــلام Empty رد: الـتـعـــاون فــي الإســــلام

مُساهمة من طرف انسانة بلا امل الثلاثاء 14 أبريل 2015, 18:11

بارك الله فيك
وفي إنتظار جديـــدك
تحيآتـــي
انسانة بلا امل
انسانة بلا امل
المشرفة العامة
المشرفة العامة

تاريخ التسجيل : 21/01/2014

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

إنشاء حساب أو تسجيل الدخول لتستطيع الرد

تحتاج إلى أن يكون عضوا لتستطيع الرد.

انشئ حساب

يمكنك الانضمام لمنتديات تقنيات فعملية التسجيل سهله !


انشاء حساب جديد

تسجيل الدخول

اذا كنت مسجل معنا فيمكنك الدخول بالضغط هنا


تسجيل الدخول

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى