نحو تلك النقطة البعيدة

أوحت إلي تجربة تعلم قيادة السيارات ان أخط بعض الكلمات عن الحياة ..فالبطل في كلتيهما انسان بدايته صحراء قاحلة تحتاج لمن يعتني بها حتى تصبح واحة خضراء ....هو في الحياة أب أو أم أخذا على عاتقهما تعليم الابن سنن الحياة و قيمها و في القيادة معلم تعهد بتطبيق قوانين الطرقات و نواميسها. الكل صارم في تنفيذ المهمة لا مجال للتخاذل فالمسألة صراع مع الوقت حتى يحين الامتحان...

يبدأ المشوار بخطى متعثرة لعلها تغدو ثابتة في المستقبل ....نتعلم أولا كيف نسير في خط مستقيم مسيطرين على عربة الحياة حينها تبدأ المواجهة اذ لا بد ان نتقن فن اجتناب الاصطدام بالآخرين فالتمرد سمة البشر لانهم لا يحترمون القوانين و علينا دائما ان نكون يقظين و حاضرين ...وفي لحظة سرحان, هي لحظة تأمل للعالم الجديد تمر عربة من مكان قريب في اتجاه ممنوع...يقول المعلم هم ليسوا ملائكة و عليك ان تجدي الحلول ...أدركت حينئذ أنني أسكن عالما بعض سكانه مجانين ولا تكمن المشكلة في الجنون بل في التفاخر به...

تستمر الرحلة فتبرز خلالها أوجه جديدة لعالمنا الفريد أوجه لطالما انبنت على التناقض و التصارع ...العالم كله ألوان أصوات أضواء علامات منعرجات تقاطعات لكن الهدف هو المهم بل الاهم ..قال المعلم عليك أن تصوب نظرك دائما نحو نقطة بعيدة ثم تسير نحوها ...ترى هل لكل منا نقطته البعيدة التي يسير نحوها أم أن الصدفة و الاعتباط قد تربعا على عرش رغباتنا و أمانينا؟...هل نسير بمجرد السير؟ متى نسرع متى نتمهل متى نلتفت و متى نعود الى الوراء؟...

قد ترشدنا الاشارات أحيانا و تأمرنا بالتوقف أحيانا أخرى ..عادة ما تكون لحظة التوقف للتأمل و التقييم و اتخاذ القرارات...و غالبا ما تحمّلنا الاشارات مسؤولية الاختيار اما المغامرة و اما التأني......
الضوء برتقالي رفاف نتجاوز الاشارة و نطبق الاولوية ان لم تكن هناك علامات... الاولوية يا لها من كلمة فأنا كثيرا ما أفشل في تحديد الأولويات حينها يتدخل المعلم و يتدخل أيضا حين أرتكب أخطاء ي. كان يقول دائما حتى تسير العربة علي أن أشعر بها و أن أفهمها قلت في نفسي لكن الحياة تمضي دون أن نحس بها فنحن في الماضي نفكر في الحاضر و في الحاضر نفكر في المستقبل ليضيع منا الماضي والحاضر والمستقبل....هل لنا أن نحصي هؤلاء الذين يعيشون حولنا بالقرب منا غرباء عنا لا نفهمهم ان حاولنا؟....

قال ذاك هو الشرطي الذي يخافه أغلبهم قلت بل يخافون الله قال يخافونه ولا يخافون الله.... منذ بداية المشوار نبهونا بأننا مراقبون علمونا الطاعة حتى ندخل الجنة و نسلم من النار علمونا أن نلتزم بالصدق و فعل الخير طمعا في الثواب و هربا من العقاب و لكنا تعلمنا في رحلتنا أن نفعل الخير لأنه خير و نصدق لأن الصدق قيمة سامية وأن الطاعة دليل محبة لا خوف...

عند تعلم القيادة نعلم تماما متى يحين الامتحان بيد أننا في الحياة نجهل موعده بالضبط نحتاج دائما لأن نكون مستعدين مطبقين لسننها التي تعلمناها أثناء السير...

و يكمن التحدي في القيادة سواء كانت في الطريق او في الحياة أنها تتطلب التركيز و البراعة تتطلب عزيمة و رفضا لكل أشكال الخسارة.... المهم ان نسير نحو هدف و نحاول الوصول اليه مهما كانت العقبات... الهدف هو تلك النقطة البعيدة التي حدثني عنها المعلم...

شكرااااااا على مرورك الجميل غاليتي نورتي المووضووع