المواضيع الأخيرة
» Sondos
الأربعاء 28 أغسطس 2024, 07:35
» Sondos
الأربعاء 28 أغسطس 2024, 01:17
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 23:02
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 04:44
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 01:06
» Sondos
الإثنين 26 أغسطس 2024, 20:57
» Sondos
الأحد 25 أغسطس 2024, 23:20
» Sondos
الأحد 25 أغسطس 2024, 19:57
» Sondos
الثلاثاء 20 أغسطس 2024, 22:17
» Sondos
الإثنين 19 أغسطس 2024, 17:59
المواضيع الأكثر نشاطاً
صلة الرحم وفضائلها
صلة الرحم وفضائلها
صلة الرحم وفضائلها
ما صلة الرحم؟ قال ابن الأثير: هي كناية عن الإحسان إلى الأقربين من ذوي النسب والأصهار، والعطف عليهم، والرفق بهم، والرعاية لأحوالهم، وكذلك إن بعدوا وأساءوا، وقَطعُ الرحم ضد ذلك. {لسان العرب (11-728)}.
وصلة الرحم تكون بأمور عديدة؛ فتكون بزيارتهم، وتفقد أحوالهم، والسؤال عنهم، والإهداء إليهم، وإنزالهم منازلهم، والتصدق على فقيرهم، والتلطف مع غنيهم، وتوقير كبيرهم، ورحمة صغيرهم وضعفتهم، وتعاهدهم بكثرة السؤال والزيارة- كما مر- إما أن يأتي الإنسان إليهم بنفسه، أو يصلهم عبر الرسالة، أو المكالمة الهاتفية.
وتكون باستضافتهم، وحسن استقبالهم، وإعزازهم، وإعلاء شأنهم، وصلة القاطع منهم.
وتكون أيضًا بمشاركتهم في أفراحهم، ومواساتهم في أتراحهم، وتكون بالدعاء لهم، وسلامة الصدر نحوهم، وإصلاح ذات البين إذا فسدت بينهم، والحرص على توطيد العلاقة وتثبيت دعائمها معهم.
وتكون بعيادة مرضاهم، وإجابة دعوتهم.
وأعظم ما تكون به الصلة، أن يحرص المرء على دعوتهم إلى الهدى، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر.
وهذه الصلة تستمر إذا كانت الرحم صالحة مستقيمة أو مستورةً.
أما إذا كانت الرحم كافرة أو فاسقة فتكون صلتهم بالعظة والتذكير، وبذل الجهد في ذلك.
فإن أعيته الحيلة في هدايتهم- كأن يرى منهم إعراضًا أو عنادًا أو استكبارًا، أو أن يخاف على نفسه أن يتردى معهم، ويهوي في حضيضهم- فلينأ عنهم، وليهجرهم الهجر الجميل، الذي لا أذى فيه بوجه من الوجوه، وليكثر من الدعاء لهم بظهر الغيب، لعل الله أن يهديهم ببركة دعائه.
ثم إن صادف منهم غرَّةً، أو سنحت له لدعوتهم أو تذكيرهم فرصة فَلْيُقْدِمْ وليُعد الكرة بعد الكرة.
ومما يحسن ذكره في دعوة الأقارب، ونصحهم أن يُنبَّه على مسألة مهمة في هذا الباب، ألا وهي إحسان التعامل مع الأقارب، والحرص على دعوتهم باللين، والحكمة، والموعظة الحسنة، وألا يدخل معهم في جدال إلا في أضيق الحدود وبالتي هي أحسن؛ لأنه يلحظ على كثير من الدعاة قلة تأثيرهم في أسرهم وقبائلهم.
وذلك يرجع إلى عدة أسباب، ومنها أن الدعاة أنفسهم لا يُوْلُون هذا الجانب اهتمامهم، ولو بحثوا في السبل المثلى التي تعين على ذلك لأفلحوا في دعوة أقاربهم ولأثروا فيهم أيما تأثير.
ولعل من أهم تلك السبل أن يتواضعوا لأقاربهم، وأن يولوهم شيئًا من الاهتمام، والصلة، والاعتبار، ونحو ذلك، مما يحببهم إلى الأقارب، ويحبب الأقارب إليهم.
كما أن على الأسرة أو القبيلة أن ترفع من شأن دعاتها، وعلمائها، وأن تجلهم، وتصيخ السمع لهم، وأن تحذر كل الحذر من تحقيرهم، والحطّ من شأنهم.
فإذا سارت الأسر على هذا النحو كان حريّا بهم أن يرتقوا في مدارج الكمال، ومراتب الفضيلة.
فضائل صلة الرحم
أما فضائل صلة الرحم فحدث ولا حرج، ففضائلها كثيرة، وفوائدها جمة، وهذه الفضائل تنتظم خيري الدنيا والآخرة، ونصوص الكتاب والسنة في ذلك متظاهرة، وكذلك أقوال العلماء والحكماء، فمن تلك الفضائل ما يلي:
1- صلة الرحم شعار الإيمان بالله واليوم الآخر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه عليه وسلم : "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه". {البخاري: 6138}.
2- صلة الرحم سبب لزيادة العمر وبسط الرزق: فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه عليه وسلم : "من أحب أن يبسط له في رزقه، ويُنْسَأ له في أثره فليصل رحمه".
{البخاري: 5986، ومسلم 2557}
ومما قاله العلماء في معنى زيادة العمر، وبسط الرزق الواردين في الحديث ما يلي:
أ- أن المقصود بالزيادة أن يبارك الله في عمر الإنسان الواصل، ويهبه قوة في الجسم، ورجاحة في العقل، ومضاءً في العزيمة، فتكون حياته حافلة بجلائل الأعمال.
ب- أن الزيادة على حقيقتها؛ فالذي يصل رحمه يزيد الله في عمره، ويوسع له في رزقه.
ولا غرو في ذلك؛ فكما "أن الصحة وطيب الهواء، وطيب الغذاء، واستعمال الأمور المقوية للأبدان والقلوب من أسباب طول العمر بتقدير الله فكذلك صلة الرحم جعلها الله سببًا ربانيًا، فإن الأسباب التي تحصل بها المحبوبات الدنيوية قسمان: أمور محسوسة تدخل في إدراك الحواس، ومدارك العقول. وأمور ربانية إلهية قدَّرها من هو على كل شيء قدير، ومَنْ جميعُ الأسباب وأمور العالم منقادةٌ لمشيئته".
{بهجة قلوب الأبرار ص74، 75}
وقد يشكل هذا الأمر على بعض الناس فيقول: إذا كانت الأرزاق مكتوبة، والآجال مضروبة لا تزيد ولا تنقص، كما في قوله تعالى: ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون {الأعراف: 34}، فكيف نوفق بين ذلك وبين الحديث السابق.
والجواب: أن القَدَرَ قدران:
أحدهما: مثبت، أو مبرم، أو مطلق، وهو ما في أم الكتاب- اللوح المحفوظ- الإمام المبين- فهذا لا يتبدل ولا يتغير.
والثاني: القدر المعلق، أو المقيد، وهو ما في صحف الملائكة، فهذا هو الذي يقع فيه المحو والإثبات.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "والأجل أجلان: مطلق يعلمه الله وحده، وأجل مقيد، وبهذا يتبين معنى قوله: من سرّه أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره فليصل رحمه"، فإن الله أمر المَلك أن يكتب له أجلاً، وقال: إن وصل رحمه زدته كذا وكذا، والملك لا يعلم أيزداد أم لا، لكن الله يعلم ما يستقر عليه الأمر، فإذا جاء الأجل لا يتقدم ولا يتأخر.
{مجموع الفتاوى: 8-517}
وقال في موطن آخر عندما سُئل عن الرزق: هل يزيد أو ينقص، فأجاب: "الرزق نوعان: أحدهما: ما علمه الله أن يرزقه، فهذا لا يتغير، والثاني: ما كتبه، وأعلم به الملائكة فهذا يزيد وينقص بحسب الأسباب". {مجموع الفتاوى: 8-540}.
ثم إن: "الأسباب التي يحصل بها الرزق هي من جملة ما قدره الله وكتبه؛ فإن كان قد تقدم بأن يرزق العبد بسعيه واكتسابه ألهمه السعي والاكتساب، وذلك الذي قَدَّره له بالاكتساب لا يحصل بدون الاكتساب، وما قدره له بغير اكتساب- كموت مورثه- يأتيه بغير اكتساب".
{مجموع الفتاوى: 8-540- 541}
"فلا مخالفة في ذلك لسبق العلم، بل فيه تقييد المسببات بأسبابها، كما قدر الشبع والري بالأكل والشرب، وقدر الولد بالوطء، وقدر حصول الزرع بالبذر، فهل يقول عاقل بأن ربط المسببات بأسبابها يقتضي خلاف العلم السابق، أو ينافيه بوجه من الوجوه".
{تنبيه الأفاضل للشوكاني ص32}
3- صلة الرحم تجلب صلة الله للواصل: قال رسول اللَّه عليه وسلم : "إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى، قال: فذلك لك". {البخاري: 5987، ومسلم(2554)}.
4- صلة الرحم من أعظم أسباب دخول الجنة:
فعن أبي أيوب الأنصاري- رضي الله عنه- أن رجلاً قال: يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار، فقال النبي عليه وسلم : "تعبد الله ولا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم".
{البخاري: 1396، ومسلم 13}
5- صلة الرحم طاعة لله عز وجل، فهي وصل لما أمر الله به أن يوصل.
قال تعالى- مثنيًا على الواصلين: والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب {الرعد: 21}.
6- وهي من محاسن الدين: فالإسلام دين الصلة، ودين البر والرحمة، فهو يأمر بالصلة، وينهى عن القطيعة، مما يجعل جماعة المسلمين مترابطة، متآلفة، متراحمة، بخلاف الأنظمة الأرضية التي لا ترعى ذلك الحق، ولا توليه اهتمامًا.
7- وهي مما اتفقت عليه الشرائع، فالشرائع الإلهية كلها أمرت بالصلة، وحذرت من ضدها، وهذا يدل على فضلها، وعظم شأنها.
8- صلة الرحم مدعاة للذكر الجميل، فهي مكسبة للحمد، مجلبة للثناء الحسن، حتى إن أهل الجاهلية ليتمدَّحون بها، ويثنون على أصحابها؛ فهذا الأعشى يمدح الأسود بن المنذر بن يزيد اللخمي، فيقول:
عنده الحزم والتقى وأسى الصرع
وحمل لمضلع الأثقال
وصلات الأرحام قد علم الناس
وفك الأسرى من الأغلال
9- أنها تدل على الرسوخ في الفضيلة، فهي دليل كرم النفس، وسعة الأفق، وطيب المنبت، وحسن الوفاء، وصدق المعشر.
ولهذا قيل: "من لم يصلح لأهله لم يصلح لك، ومن لم يذب عنهم لم يذب عنك".
{أدب الدنيا والدين للماوردي ص153}
10- شيوع المحبة بين الأقارب: فبسببها تشيع المحبة، وتسود الألفة، ويصبح الأقارب لُحمة واحدة، وبهذا يصفو عيشهم، وتكثر مسرَّاتهم.
11- رفعة الواصل: فإن الإنسان إذا وصل أرحامه، وحرص على إعزازهم- أكرمه أرحامه، وأعزّوه، وأجلُّوه، وسوَّدوه، وكانوا عونًا له.
ولم أر عزًا لامرئ كعشيرة
ولم أر ذلا مثل نأى عن الأهل
12- عزة المتواصلين: فالأرحام المتواصلون، المتوادون المتآلفون- يعلو قدرهم، ويرتفع ذكرهم، فيكون لهم شأن، فلا يتجرأ أحد أن يسومهم خُطَّة ضيم، أو يمسهم بلفحة من نار ظلم، فيظلون بأعز جوار، وأمنع ذمار.
بخلاف ما إذا تقاطعوا، وتدابروا، فإنهم يذلون ويسترذلون، فيلقون هوانًا بعد عزّ، وضعة بعد رفعة، ونزولاً بعد شمم.
والحمد لله رب العالمين
إعداد الشيخ - محمد بن إبراهيم الحمد
ما صلة الرحم؟ قال ابن الأثير: هي كناية عن الإحسان إلى الأقربين من ذوي النسب والأصهار، والعطف عليهم، والرفق بهم، والرعاية لأحوالهم، وكذلك إن بعدوا وأساءوا، وقَطعُ الرحم ضد ذلك. {لسان العرب (11-728)}.
وصلة الرحم تكون بأمور عديدة؛ فتكون بزيارتهم، وتفقد أحوالهم، والسؤال عنهم، والإهداء إليهم، وإنزالهم منازلهم، والتصدق على فقيرهم، والتلطف مع غنيهم، وتوقير كبيرهم، ورحمة صغيرهم وضعفتهم، وتعاهدهم بكثرة السؤال والزيارة- كما مر- إما أن يأتي الإنسان إليهم بنفسه، أو يصلهم عبر الرسالة، أو المكالمة الهاتفية.
وتكون باستضافتهم، وحسن استقبالهم، وإعزازهم، وإعلاء شأنهم، وصلة القاطع منهم.
وتكون أيضًا بمشاركتهم في أفراحهم، ومواساتهم في أتراحهم، وتكون بالدعاء لهم، وسلامة الصدر نحوهم، وإصلاح ذات البين إذا فسدت بينهم، والحرص على توطيد العلاقة وتثبيت دعائمها معهم.
وتكون بعيادة مرضاهم، وإجابة دعوتهم.
وأعظم ما تكون به الصلة، أن يحرص المرء على دعوتهم إلى الهدى، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر.
وهذه الصلة تستمر إذا كانت الرحم صالحة مستقيمة أو مستورةً.
أما إذا كانت الرحم كافرة أو فاسقة فتكون صلتهم بالعظة والتذكير، وبذل الجهد في ذلك.
فإن أعيته الحيلة في هدايتهم- كأن يرى منهم إعراضًا أو عنادًا أو استكبارًا، أو أن يخاف على نفسه أن يتردى معهم، ويهوي في حضيضهم- فلينأ عنهم، وليهجرهم الهجر الجميل، الذي لا أذى فيه بوجه من الوجوه، وليكثر من الدعاء لهم بظهر الغيب، لعل الله أن يهديهم ببركة دعائه.
ثم إن صادف منهم غرَّةً، أو سنحت له لدعوتهم أو تذكيرهم فرصة فَلْيُقْدِمْ وليُعد الكرة بعد الكرة.
ومما يحسن ذكره في دعوة الأقارب، ونصحهم أن يُنبَّه على مسألة مهمة في هذا الباب، ألا وهي إحسان التعامل مع الأقارب، والحرص على دعوتهم باللين، والحكمة، والموعظة الحسنة، وألا يدخل معهم في جدال إلا في أضيق الحدود وبالتي هي أحسن؛ لأنه يلحظ على كثير من الدعاة قلة تأثيرهم في أسرهم وقبائلهم.
وذلك يرجع إلى عدة أسباب، ومنها أن الدعاة أنفسهم لا يُوْلُون هذا الجانب اهتمامهم، ولو بحثوا في السبل المثلى التي تعين على ذلك لأفلحوا في دعوة أقاربهم ولأثروا فيهم أيما تأثير.
ولعل من أهم تلك السبل أن يتواضعوا لأقاربهم، وأن يولوهم شيئًا من الاهتمام، والصلة، والاعتبار، ونحو ذلك، مما يحببهم إلى الأقارب، ويحبب الأقارب إليهم.
كما أن على الأسرة أو القبيلة أن ترفع من شأن دعاتها، وعلمائها، وأن تجلهم، وتصيخ السمع لهم، وأن تحذر كل الحذر من تحقيرهم، والحطّ من شأنهم.
فإذا سارت الأسر على هذا النحو كان حريّا بهم أن يرتقوا في مدارج الكمال، ومراتب الفضيلة.
فضائل صلة الرحم
أما فضائل صلة الرحم فحدث ولا حرج، ففضائلها كثيرة، وفوائدها جمة، وهذه الفضائل تنتظم خيري الدنيا والآخرة، ونصوص الكتاب والسنة في ذلك متظاهرة، وكذلك أقوال العلماء والحكماء، فمن تلك الفضائل ما يلي:
1- صلة الرحم شعار الإيمان بالله واليوم الآخر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه عليه وسلم : "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه". {البخاري: 6138}.
2- صلة الرحم سبب لزيادة العمر وبسط الرزق: فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه عليه وسلم : "من أحب أن يبسط له في رزقه، ويُنْسَأ له في أثره فليصل رحمه".
{البخاري: 5986، ومسلم 2557}
ومما قاله العلماء في معنى زيادة العمر، وبسط الرزق الواردين في الحديث ما يلي:
أ- أن المقصود بالزيادة أن يبارك الله في عمر الإنسان الواصل، ويهبه قوة في الجسم، ورجاحة في العقل، ومضاءً في العزيمة، فتكون حياته حافلة بجلائل الأعمال.
ب- أن الزيادة على حقيقتها؛ فالذي يصل رحمه يزيد الله في عمره، ويوسع له في رزقه.
ولا غرو في ذلك؛ فكما "أن الصحة وطيب الهواء، وطيب الغذاء، واستعمال الأمور المقوية للأبدان والقلوب من أسباب طول العمر بتقدير الله فكذلك صلة الرحم جعلها الله سببًا ربانيًا، فإن الأسباب التي تحصل بها المحبوبات الدنيوية قسمان: أمور محسوسة تدخل في إدراك الحواس، ومدارك العقول. وأمور ربانية إلهية قدَّرها من هو على كل شيء قدير، ومَنْ جميعُ الأسباب وأمور العالم منقادةٌ لمشيئته".
{بهجة قلوب الأبرار ص74، 75}
وقد يشكل هذا الأمر على بعض الناس فيقول: إذا كانت الأرزاق مكتوبة، والآجال مضروبة لا تزيد ولا تنقص، كما في قوله تعالى: ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون {الأعراف: 34}، فكيف نوفق بين ذلك وبين الحديث السابق.
والجواب: أن القَدَرَ قدران:
أحدهما: مثبت، أو مبرم، أو مطلق، وهو ما في أم الكتاب- اللوح المحفوظ- الإمام المبين- فهذا لا يتبدل ولا يتغير.
والثاني: القدر المعلق، أو المقيد، وهو ما في صحف الملائكة، فهذا هو الذي يقع فيه المحو والإثبات.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "والأجل أجلان: مطلق يعلمه الله وحده، وأجل مقيد، وبهذا يتبين معنى قوله: من سرّه أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره فليصل رحمه"، فإن الله أمر المَلك أن يكتب له أجلاً، وقال: إن وصل رحمه زدته كذا وكذا، والملك لا يعلم أيزداد أم لا، لكن الله يعلم ما يستقر عليه الأمر، فإذا جاء الأجل لا يتقدم ولا يتأخر.
{مجموع الفتاوى: 8-517}
وقال في موطن آخر عندما سُئل عن الرزق: هل يزيد أو ينقص، فأجاب: "الرزق نوعان: أحدهما: ما علمه الله أن يرزقه، فهذا لا يتغير، والثاني: ما كتبه، وأعلم به الملائكة فهذا يزيد وينقص بحسب الأسباب". {مجموع الفتاوى: 8-540}.
ثم إن: "الأسباب التي يحصل بها الرزق هي من جملة ما قدره الله وكتبه؛ فإن كان قد تقدم بأن يرزق العبد بسعيه واكتسابه ألهمه السعي والاكتساب، وذلك الذي قَدَّره له بالاكتساب لا يحصل بدون الاكتساب، وما قدره له بغير اكتساب- كموت مورثه- يأتيه بغير اكتساب".
{مجموع الفتاوى: 8-540- 541}
"فلا مخالفة في ذلك لسبق العلم، بل فيه تقييد المسببات بأسبابها، كما قدر الشبع والري بالأكل والشرب، وقدر الولد بالوطء، وقدر حصول الزرع بالبذر، فهل يقول عاقل بأن ربط المسببات بأسبابها يقتضي خلاف العلم السابق، أو ينافيه بوجه من الوجوه".
{تنبيه الأفاضل للشوكاني ص32}
3- صلة الرحم تجلب صلة الله للواصل: قال رسول اللَّه عليه وسلم : "إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى، قال: فذلك لك". {البخاري: 5987، ومسلم(2554)}.
4- صلة الرحم من أعظم أسباب دخول الجنة:
فعن أبي أيوب الأنصاري- رضي الله عنه- أن رجلاً قال: يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار، فقال النبي عليه وسلم : "تعبد الله ولا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم".
{البخاري: 1396، ومسلم 13}
5- صلة الرحم طاعة لله عز وجل، فهي وصل لما أمر الله به أن يوصل.
قال تعالى- مثنيًا على الواصلين: والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب {الرعد: 21}.
6- وهي من محاسن الدين: فالإسلام دين الصلة، ودين البر والرحمة، فهو يأمر بالصلة، وينهى عن القطيعة، مما يجعل جماعة المسلمين مترابطة، متآلفة، متراحمة، بخلاف الأنظمة الأرضية التي لا ترعى ذلك الحق، ولا توليه اهتمامًا.
7- وهي مما اتفقت عليه الشرائع، فالشرائع الإلهية كلها أمرت بالصلة، وحذرت من ضدها، وهذا يدل على فضلها، وعظم شأنها.
8- صلة الرحم مدعاة للذكر الجميل، فهي مكسبة للحمد، مجلبة للثناء الحسن، حتى إن أهل الجاهلية ليتمدَّحون بها، ويثنون على أصحابها؛ فهذا الأعشى يمدح الأسود بن المنذر بن يزيد اللخمي، فيقول:
عنده الحزم والتقى وأسى الصرع
وحمل لمضلع الأثقال
وصلات الأرحام قد علم الناس
وفك الأسرى من الأغلال
9- أنها تدل على الرسوخ في الفضيلة، فهي دليل كرم النفس، وسعة الأفق، وطيب المنبت، وحسن الوفاء، وصدق المعشر.
ولهذا قيل: "من لم يصلح لأهله لم يصلح لك، ومن لم يذب عنهم لم يذب عنك".
{أدب الدنيا والدين للماوردي ص153}
10- شيوع المحبة بين الأقارب: فبسببها تشيع المحبة، وتسود الألفة، ويصبح الأقارب لُحمة واحدة، وبهذا يصفو عيشهم، وتكثر مسرَّاتهم.
11- رفعة الواصل: فإن الإنسان إذا وصل أرحامه، وحرص على إعزازهم- أكرمه أرحامه، وأعزّوه، وأجلُّوه، وسوَّدوه، وكانوا عونًا له.
ولم أر عزًا لامرئ كعشيرة
ولم أر ذلا مثل نأى عن الأهل
12- عزة المتواصلين: فالأرحام المتواصلون، المتوادون المتآلفون- يعلو قدرهم، ويرتفع ذكرهم، فيكون لهم شأن، فلا يتجرأ أحد أن يسومهم خُطَّة ضيم، أو يمسهم بلفحة من نار ظلم، فيظلون بأعز جوار، وأمنع ذمار.
بخلاف ما إذا تقاطعوا، وتدابروا، فإنهم يذلون ويسترذلون، فيلقون هوانًا بعد عزّ، وضعة بعد رفعة، ونزولاً بعد شمم.
والحمد لله رب العالمين
إعداد الشيخ - محمد بن إبراهيم الحمد
|
Admin- المدير العام
- تاريخ التسجيل : 19/04/2009
العمل/الترفيه : مهندس
الموقع : www.ahladalil.net
رد: صلة الرحم وفضائلها
دمت رائعا تقدم كل جديد ومفيد
جهودك مميزة وعظيمة
تقبل مرورى وتقديرى
بارك الله فيك
|
ممدوح السروى- مدير عام
- تاريخ التسجيل : 09/10/2009
رد: صلة الرحم وفضائلها
تقبل مني أخي امين أكبر تحية على مجهوداتك الجبارة وعملك الرائع والفني
بارك الله فيك ونحن في المتابعة، وننتظر جديدك
بارك الله فيك ونحن في المتابعة، وننتظر جديدك
|
حارس المنتدى- المراقب العام
- تاريخ التسجيل : 30/05/2009
مواضيع مماثلة
» معنى الرحم و صلة الرحم.
» التوبة وفضائلها
» عيادة المريض وفضائلها
» صله الرحم صله الرحم صله الرحم
» صلة الرحم..
» التوبة وفضائلها
» عيادة المريض وفضائلها
» صله الرحم صله الرحم صله الرحم
» صلة الرحم..
إنشاء حساب أو تسجيل الدخول لتستطيع الرد
تحتاج إلى أن يكون عضوا لتستطيع الرد.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى