الخوف من الزواج

«الخوف من الزواج».. يزيد معدلات العنوسة

الخوف من الزواج 431811

خروج المرأة للعمل وشعورها بالاستقلالية المادية عن الرجل ساهما في تأخر سن الزواج

الخوف من الزواج 431812

أحمد البستان

الخوف من الزواج 431813

عدنان الشطي

الخوف من الزواج 431814

نوفل حيدر

محمد حنفي
الزواج مؤسسة عريقة تقوم على الالتزام وتحمّل
المسؤولية، ومن دونهما تتهاوى. في السنوات الأخيرة تعقدت الحياة، وأصبح
البعض يرى في الالتزام وتحمّل المسؤولية داخل مؤسسة الزواج قيودا هو في غني
عنها، ناهيك عن ارتفاع معدلات الطلاق وحكاياته المرعبة، التي ساهمت مواقع
التواصل الاجتماعي في رواج الكثير منها، وأدت إلى زيادة المخاوف المتعلقة
بالزواج، رغم أن الكثير من الحكايات والقصص المتداولة عن مشاكل وخلافات
الزواج والطلاق يتدخل فيها الكثير من الخيال أحيانا.

لماذا يعزف بعض الشباب عن الزواج؟ ولماذا يؤخر البعض
الآخر فكرة الزواج إلى أجل غير مسمى؟ ولماذا يتفنن البعض في البحث عن عشرات
التبريرات في مواجهة إلحاح الأهل من أجل الزواج؟

إنها «الجاموفوبيا»، أو رهاب الزواج، وهو مرض نفسي
ينتشر بين الشباب، خاصة بعد سن 25 عاما، حيث يراقب أصحاب هذه الفوبيا
التجارب الشخصية للآخرين وآثار الزواج السلبية عليهم، وتكون النتيجة تضخم
المخاوف من الزواج واعتباره خطرا يجب تفاديه. وتنتشر «الجاموفوبيا» بين
الجنسين، وحسب رأي المتخصصين قد تكون السبب وراء ارتفاع معدلات الطلاق
والعنوسة في المجتمع.

لا يوجد أفضل من مواقع التواصل الاجتماعي للتعرف على
آراء الشباب في قضية ما من خلالها، فعلى موقع «تويتر» وضع أحد المغردين
صورة طريفة لعريس يهرب من عروسه في لحظة الزفاف، وهي تجري وراءه وتشده من
قدمه، بينما هو يتشبث بسور حديدي، المغرد وضع للصورة عنوان «الجاموفوبيا»
ثم طرح سؤالا يقول: كم عدد الجاموفوبيين في الكويت؟

عندما تقرأ آراء الشباب في مواقع التواصل الاجتماعي
ربما تتعجب وتتساءل: من أين أتوا بهذه الآراء: «بلا زواج، بلا وجع دماغ»،
«العزوبية أفضل»، «الزواج شر تفادوه»، «لماذا آتي بشريك ينغص علي حياتي
ويتحكم فيّ»، «الرجل الشرقي لا يريد زوجة، يريد جارية»، «العنوسة أفضل»،
«كلما تخيلت نفسي في ليلة الدخلة ينتابني رعب فظيع»؟

هروب من المسؤولية

د. أحمد البستان، مستشار رئيس لجنة شؤون المرأة، يشير
إلى أن حياتنا الاجتماعية خضعت في السنوات الأخيرة للكثير من عوامل
التغيير، وعلى رأسها نظرة الشباب للزواج، يقول:

- بناء الأسرة ليس لعبة، إنما عملية جادة تحتاج إلى
التحلي بالقدرة على تحمّل المسؤولية، وللأسف فالكثير من الأرقام
والإحصائيات المتعلقة بالزواج والطلاق في مجتمعنا تشير إلى أن الزواج تعرّض
للكثير من المفاهيم الخاطئة من قبل الأجيال الجديدة.

ففي أيام الأجداد والآباء كانت النظرة إلى المطلقة أو
العانس غير جيدة، والآن نجد من يضحي بالزواج من أجل حياته الشخصية، رغم
أننا في زمن ظهرت فيه الكثير من فتاوى المشايخ التي تعدد أنواع الزواج،
الذي لم نسمع به من قبل، مثل المسيار والفريند والويك إند، ورغم ذلك لا تجد
هناك من الشباب من يريد تحمّل مسؤولية الزواج.

مجتمع الرفاه

ويشير د. البستان إلى عاملين مهمين، هما تفكك الأسرة ومجتمع الرفاه بما يحمله من مغريات، أصابا الشباب باللامبالاة:

- عندما ينشأ الطفل في أسرة وسط الخلافات والمشكلات
التي لا تنتهي بين الأبوين، ماذا ننتظر منه عندما يكبر ويصبح في سن الزواج؟
بالطبع سيعتريه الكثير من المخاوف القادمة إليه من سن الطفولة، التي
شاهدها عن قرب بين والديه، ولن يفكر في الزواج.

المشكلة الأخطر أن شبابنا في مجتمع الرفاه الذي نعيش
فيه ينشأ مرفها وغارقا في بحور من المغريات، ولا يستطيع تحمّل مسؤولية أي
شيء، وكذلك لا تتحمّل الفتاة مسؤولية أي شيء في المنزل، فكيف يتحملان
مسؤولية كبرى مثل الزواج؟

ناهيك عن أن وسائل الإعلام تصور الحياة الزوجية بصورة
خيالية تقوم على الرومانسية المفرطة، ولا تجعل شبابنا يعيشون على أرض
الواقع، كما أن خروج المرأة للعمل وشعورها بالاستقلالية المادية عن الرجل
ساهم في تأخر سن الزواج وزيادة معدلات العنوسة.

حتى بعد الزواج

لكن الغريب أن «الجاموفوبيا» لا تصيب فقط العزاب أو من
فاتهن قطار الزواج، وإنما قد يبدأ الخوف بعد الزواج مباشرة كما يقول
المحامي نوفل حيدر، حيث يقول:

- أكاد أجزم أن ارتفاع معدلات الطلاق والكثير من قضايا
الطلاق في قاعات المحاكم سببها الأول هو ذلك الخوف من الزواج وما يحمله من
تحمّل للمسؤولية، حيث لا يستطيع البعض الالتزام على المدى الطويل.

لذا نسمع أن بعض حالات الزواج لا تصمد سوى أيام أو
أسابيع، كما تقول الأرقام والإحصائيات أن حالات الطلاق ترتفع في السنة
الأولى من الزواج، وأعتقد أن البعض قد يتغلّب على مخاوفه من الزواج، لكن ما
إن تبدأ حياته الزوجية حتى تعاوده هذه المخاوف ويقرر الخروج منها بسرعة.

كما يدخل البعض تجربة الزواج من دون أي تخطيط، والبعض
يعتقد أن الحياة الزوجية ستكون وردية طوال الوقت، ولكن مع مرور الوقت
يصطدمون بصخرة الواقع ويكتشفون أن الزواج ليس مجرد لعبة، فيقررون الهروب في
أقرب فرصة، بل إن بعض حالات الطلاق تتم حتى قبل ليلة الدخلة.

ومن واقع الكثير من حالات الطلاق السريع التي نعايشها
أعتقد أن هناك سببا قويا آخر لخوف الكثيرين من الإقدام على تجربة الزواج أو
الرغبة في الخروج من الارتباط في مرحلة مبكرة منه بسرعة، وهذا السبب يكمن
في الخوف من المستقبل لأسباب مادية تتعلق بالرجل، وبأسباب نفسية تتعلق
بالفتاة التي تشعر بالخوف من التعايش مع رجل لم تختبره جيدا، والسبب أنه لا
توجد لدينا فترة خطوبة. لذا أنا أنصح بهذه الفترة، لأنها تفيد في تعرف
الطرفين بعضهما على بعض جيدا داخل محيط الأهل والأسرة، فإما أن يستمر
الارتباط بينهما أو ينتهي الأمر قبل الدخول في معمعة الزواج.

الوظيفة والأصدقاء

أما الاستشاري النفسي والاجتماعي د. عدنان الشطي، فيؤكد
أن الزواج مسؤولية اجتماعية ومادية، ويعتمد على التضحيات من أجل بناء
أسرة، لكن المشكلة أنه في الكويت لا يريد أحد أن يضحي بحياته الخاصة قبل
الزواج:

- في فترة ما قبل الزواج، يكون لكل طرف حياته الخاصة،
فالرجل يرتبط بأصدقائه، وقد تكون له علاقات مع الجنس الآخر، أو يرتبط
بهواياته التي يريد ألا يضحي بها من أجل طرف آخر، والمرأة قد تكون حققت
الكثير من المميزات المهنية والمالية في وظيفتها، لذا قد تشعر بالخوف من
الدخول في تجربة زواج تسلبها بعض هذه المميزات.

ناهيك عن أسباب أخرى تلعب دورا في الخوف من الإقدام على
الزواج، فكثرة تعدد علاقات الرجل قبل الزواج قد تجعله يفقد الثقة في الجنس
الآخر، وتتكون لديه صورة نمطية عن المرأة الخائنة، كما أن الفتاة قد تتكون
لديها هي الأخرى مخاوف نمطية من تعامل الرجل معها بخشونة تصل إلى حد
الوحشية، ما يجعلها ترفض فكرة الزواج.

ثرثرة اجتماعية

ويؤكد الشطي أن الكثير من المخاوف المتعلقة بالزواج غير
حقيقية، وتساهم فيها الثرثرة الاجتماعية التي تزايدت بفعل سطوة مواقع
التواصل الاجتماعي:

- يجب أن ألفت النظر إلى أن غالبية من يعانون من
«الجاموفوبيا» لا يخافون من الزواج في حد ذاته، إنما من الأوضاع الجديدة
المترتبة على الزواج، ويشعرون بالخوف من المستقبل وتأثير الزواج على حياتهم
المستقرة.

كما لا ننسى أن الأشخاص الذين ينشأون في أسر مفككة بعد
طلاق الأم والأب، قد ينتابهم الخوف من تكرار التجربة ذاتها، لذا يتحاشون
الزواج خوفا من تكرار ما مرّ على والديهم.

ولا ننسى أن وسائل الاتصالات الحديث، وخاصة مواقع
التواصل الاجتماعي، ساعدت في وجود كثير من العلاقات الافتراضية التي أصبحت
بديلا للعلاقات على أرض الواقع، ومن خلال هذه المواقع يتم تداول معلومات
ومخاوف وتجارب غير صحيحة عن الزواج، وهو ما يؤدي تنامي ظاهرة الخوف من
الزواج.

أنا أنصح جميع الشباب بأن يتيقنوا من أن الزواج مؤسسة
تقوم على التعاون المشترك بعيدا عن الأفكار المعلبة، وأن كل المخاوف
المتعلقة بالزواج يمكن تفاديها بشيء من التخطيط الجيد قبل الزواج، بدءا من
اختيار الطرف الآخر المناسب، وانتهاء بوضع تصوّر مشترك بكل ما يتعلق
بالحياة الزوجية كالمال والأطفال والواجبات والحقوق الزوجية.

منقول