المواضيع الأخيرة
» Sondos
الأربعاء 28 أغسطس 2024, 07:35
» Sondos
الأربعاء 28 أغسطس 2024, 01:17
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 23:02
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 04:44
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 01:06
» Sondos
الإثنين 26 أغسطس 2024, 20:57
» Sondos
الأحد 25 أغسطس 2024, 23:20
» Sondos
الأحد 25 أغسطس 2024, 19:57
» Sondos
الثلاثاء 20 أغسطس 2024, 22:17
» Sondos
الإثنين 19 أغسطس 2024, 17:59
المواضيع الأكثر نشاطاً
المجنونة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
المجنونة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
(( المـجـنـونـة ))
يقول ماتيو داندولين , إن دجاجات الأرض تذكرني بحادثة مأساوية من أيام الحرب .
مزرعتي واقعة في ضاحية ( كورمي ) . كنت أسكن فيها , حين وصل البروسيون .
كان لي في ذلك الوقت جارة مجنونة فقدت عقلها تحت وطأة المصائب التي وقعت عليها .
فيما مضى وهي في الخامسة والعشرين , وخلال شهر واحد , مات أباها وزوجها وطفلها الرضيع .
هذه المرأة الشابة المسكينة التي صعقها الحزن , لازمت الفراش وأخذت تهذي لمدة ستة أسابيع .
ثم تبع هذه النوبة الحادة حالة من الإعياء الهادئ الذي أبقاها دون حراك , لا تأكل ولا تحرك سوى عينيها .
في كل مرة كانوا يريدون رفعها عن السرير , كان صراخها يرتفع , كما لو أنهم يقتلونها .
لذلك , كانوا يتركونها دائماً مستلقية ولا يسحبونها من أغطيتها إلا عند العناية بنظافتها وبقلب فراشها .
كانت خادمة عجوز تبقى بجانبها , تسقيها الماء من وقت لآخر أو تطعمها قليلاً من اللحم البارد .
ما الذي يدور في خلد هذه النفس البائسة ؟ لم يعرف أحد ذلك قط , فهي لم تعد تتكلم .
هل كانت تفكر بالأموات ؟ هل كانت تسرح بأفكارها دون أن يكون لها ذكريات محددة ؟
أم أن تفكيرها المنهك بقي دون حراك كالماء الراكد دون مجرى ؟
لقد بقيت على هذه الحال خمس عشرة سنة ,منغلقة على نفسها وبلا حراك.
اندلعت الحرب , ودخل البروسيّون كورمي في الأيام الأولى من شهر ديسمبر / كانون الأول .
لا يزال ذلك الأمر ماثلاً أمام عينيّ كما لو حدث البارحة .
كان الجليد قاسياً يذيب الحجر , وكنت وقتها ممدداً على كنبة دون حراك بسبب مرض النِقرس ,
عندما سمعت وقع خطواتهم القوية والمنتظمة , رأيتهم من خلال نافذتي وهم يمرون .
كانوا يسيرون في أرتال لا تنتهي , وكلهم متشابهون بهذه الحركات الآلية التي يتميزون بها , وكأنهم دمى متحركة .
ثم وزع القادة هؤلاء الرجال على السكان . فكان نصيبي منهم سبعة عشر رجلاً .
وكان لجارتي المجنونة اثنا عشر رجلاً من بينهم قائد سرية . كان رجلاً فظاً , قاسي القلب , ولا يرحم ...
في الأيام الأولى , مر كل شيء بشكل طبيعي . كان قائد السرية قد أُخبر بأمر المرأة المريضة التي تسكن بالجوار , ولم يعبأ بالأمر ...
ولكن , بعد مضي فترة من الوقت أسخطه ألا يرى هذه المرأة أبداً , فبدأ يستفسر عن مرضها .
قيل له : إنها طريحة الفراش منذ خمس عشرة سنة نتيجة فاجعة ألمّت بها .
لكنه بدون شك لم يقتنع بهذا الكلام , وتصور أن المرأة المسكينة لا تترك سريرها , لأنها متغطرسة
ولا تريد أن ترى الروسيين ولا التكلم معهم ولا الاحتكاك بهم .
فأصر على أن تستقبله . فدخل غرفتها . طلب منها بصوت أجش :
أرجو منك يا سيدتي أن تنهضي من سريرك لنراكِ ونتحدث إليك .
أدارت نحوه عينيها الزائغتين , عينيها الفارغتين , دون أن ترد عليه .
فأعاد الطلب قائلاً : " لا أسمح بهذه الوقاحة , إذا لم تنهضي بإرادتك , سأجد وسيلة تجعلك تتحركين وحدك . "
لكنها لم تحرك ساكناً , وبقيت بلا حراك وكأنها لم تره . فاستشاط غضباً ,
ظناً منه أن ذلك الصمت المطبق دليل احتقار إليه , وأضاف قائلاً :
" إن لم تنهضي غداً ... " ثم خرج من الغرفة .
وفي الغد , أرادت الخادمة العجوز أن تلبسها ثيابها لتخرجها , ولكن المريضة أخذت بالعويل وهي تخبط بيديها ,
فصعد الضابط مسرعاً فارتمت الخادمة عند قدميه متضرعة :
" إنها لا تريد يا سيدي , إنها لا تريد ... سامحها , إنها حقاً بائسة . "
وبقي الجندي , رغم غضبه , حائراً لا يجرؤ على إعطاء الأمر لرجاله بإخراجها من السرير .
وفجأة , انفجر بالضحك وأعطى أوامر بالألمانية لرجاله .
بعد قليل رأينا مفرزة تخرج وتحمل فراشاً كما يُحمل الجريح .
في هذا الفراش الذي بقي على حاله , كانت المجنونة تتمدد صامتة هادئة , وهي لا تبالي بما يجري حولها ,
طالما أنها تركت مستلقية .
وكان في الخلف رجل يحمل صر من الملابس النسائية .
أردف الضابط وهو يفرك راحتيه قائلاً :
" سنرى جيداً إن كنت لا تستطيعين تغيير ثيابك لوحدك , سنقوم بنزهة قصيرة . "
ثم رأينا الحشد يبتعد باتجاه غابة ( دي موفيل ) .
عاد الجنود بعد ساعتين بمفردهم .
ولم نعد نرى المرأة المجنونة . ماذا فعلوا بها ؟ إلى أين أخذوها ؟ لا أحد يعلم من الأمر شيئاً ...
وفي يوم عاصف تساقط الثلج ليل نهار , وغطى السهل والغابة بوشاح إسفنجي جليدي .
أما الذئاب فكانت تصل بعوائها حتى أبواب منازلنا .
ولازمتني فكرة اختفاء المرأة الضائعة وشغلت تفكيري .
فقمت ببعض المساعي لدى السلطات البروسية للحصول على بعض المعلومات عنها , كدت أُقتل رمياً بالرصاص بسبب ذلك .
عاد الربيع , وانحدر جيش الاحتلال . وبقي منزل جارتي المجنونة مقفلاً . وغطى العشب الممرات .
لقد ماتت الخادمة العجوز خلال فصل الشتاء . ولم يهتم أحد بهذه القضية .
وكنت أنا الوحيد الذي شغل باله بها بدون توقف . ماذا فعلوا بهذه المرأة ؟ هل هربت في الغابة ؟
هل وجدها أحد ووضعها في مستشفى دون أن يتمكن من الحصول على أي معلومات ؟
لا شيء خفف من شكوكي . لكن مرور الزمن شيئاً فشيئاً هدأ من هموم قلبي .
في الخريف التالي عادت دجاجات الأرض بأسرابها .
ووجدت الفرصة سانحة لأجر نفسي إلى الغابة بعد أن سمح لي داء النقرس بذلك ...
بعد أن أسقطت أربعة أو خمسة من الطيور ذات المنقار الطويل , أصبت واحداً منها وقع في حفرة مغطاة بالأغصان .
كان علي أن أنزل لأفتش عنه , فوجدته بالقرب من جمجمة . وفجأة تذكرت المرأة المجنونة وكأن ضربة أصابت القلب مني .
لا شك أن الكثيرين في تلك السنة المشؤومة انتهى بهم الأمر إلى الموت في هذه الغابة .
ولكن لا أدري لماذا , كنت على يقين تام , أقول لكم على يقين تام, من أنني أمام جمجمة تلك البائسة المخبولة .
وفجأة فهمت , وعرفت كل شيء . لقد تركوها على هذا الفراش , في الغابة الباردة المعزولة ,
ولما كانت وفية للهاجس الذي كان يمتلكها , فقد تركت نفسها تموت تحت وسادة الثلج الناعم والكثيف دون أن تحرك ذراعاً أو ساقاً .
ثم التهمتها الذئاب . أما العصافير , فقد جعلت من فراشها الممزق أعشاشاً لها .
لقد احتفظت بهذه العظام البائسة .
وأنا أتمنى الآن ألا يعرف أبناؤنا الحرب أبداً ...
( للكاتب غي دي موباسان )
يقول ماتيو داندولين , إن دجاجات الأرض تذكرني بحادثة مأساوية من أيام الحرب .
مزرعتي واقعة في ضاحية ( كورمي ) . كنت أسكن فيها , حين وصل البروسيون .
كان لي في ذلك الوقت جارة مجنونة فقدت عقلها تحت وطأة المصائب التي وقعت عليها .
فيما مضى وهي في الخامسة والعشرين , وخلال شهر واحد , مات أباها وزوجها وطفلها الرضيع .
هذه المرأة الشابة المسكينة التي صعقها الحزن , لازمت الفراش وأخذت تهذي لمدة ستة أسابيع .
ثم تبع هذه النوبة الحادة حالة من الإعياء الهادئ الذي أبقاها دون حراك , لا تأكل ولا تحرك سوى عينيها .
في كل مرة كانوا يريدون رفعها عن السرير , كان صراخها يرتفع , كما لو أنهم يقتلونها .
لذلك , كانوا يتركونها دائماً مستلقية ولا يسحبونها من أغطيتها إلا عند العناية بنظافتها وبقلب فراشها .
كانت خادمة عجوز تبقى بجانبها , تسقيها الماء من وقت لآخر أو تطعمها قليلاً من اللحم البارد .
ما الذي يدور في خلد هذه النفس البائسة ؟ لم يعرف أحد ذلك قط , فهي لم تعد تتكلم .
هل كانت تفكر بالأموات ؟ هل كانت تسرح بأفكارها دون أن يكون لها ذكريات محددة ؟
أم أن تفكيرها المنهك بقي دون حراك كالماء الراكد دون مجرى ؟
لقد بقيت على هذه الحال خمس عشرة سنة ,منغلقة على نفسها وبلا حراك.
اندلعت الحرب , ودخل البروسيّون كورمي في الأيام الأولى من شهر ديسمبر / كانون الأول .
لا يزال ذلك الأمر ماثلاً أمام عينيّ كما لو حدث البارحة .
كان الجليد قاسياً يذيب الحجر , وكنت وقتها ممدداً على كنبة دون حراك بسبب مرض النِقرس ,
عندما سمعت وقع خطواتهم القوية والمنتظمة , رأيتهم من خلال نافذتي وهم يمرون .
كانوا يسيرون في أرتال لا تنتهي , وكلهم متشابهون بهذه الحركات الآلية التي يتميزون بها , وكأنهم دمى متحركة .
ثم وزع القادة هؤلاء الرجال على السكان . فكان نصيبي منهم سبعة عشر رجلاً .
وكان لجارتي المجنونة اثنا عشر رجلاً من بينهم قائد سرية . كان رجلاً فظاً , قاسي القلب , ولا يرحم ...
في الأيام الأولى , مر كل شيء بشكل طبيعي . كان قائد السرية قد أُخبر بأمر المرأة المريضة التي تسكن بالجوار , ولم يعبأ بالأمر ...
ولكن , بعد مضي فترة من الوقت أسخطه ألا يرى هذه المرأة أبداً , فبدأ يستفسر عن مرضها .
قيل له : إنها طريحة الفراش منذ خمس عشرة سنة نتيجة فاجعة ألمّت بها .
لكنه بدون شك لم يقتنع بهذا الكلام , وتصور أن المرأة المسكينة لا تترك سريرها , لأنها متغطرسة
ولا تريد أن ترى الروسيين ولا التكلم معهم ولا الاحتكاك بهم .
فأصر على أن تستقبله . فدخل غرفتها . طلب منها بصوت أجش :
أرجو منك يا سيدتي أن تنهضي من سريرك لنراكِ ونتحدث إليك .
أدارت نحوه عينيها الزائغتين , عينيها الفارغتين , دون أن ترد عليه .
فأعاد الطلب قائلاً : " لا أسمح بهذه الوقاحة , إذا لم تنهضي بإرادتك , سأجد وسيلة تجعلك تتحركين وحدك . "
لكنها لم تحرك ساكناً , وبقيت بلا حراك وكأنها لم تره . فاستشاط غضباً ,
ظناً منه أن ذلك الصمت المطبق دليل احتقار إليه , وأضاف قائلاً :
" إن لم تنهضي غداً ... " ثم خرج من الغرفة .
وفي الغد , أرادت الخادمة العجوز أن تلبسها ثيابها لتخرجها , ولكن المريضة أخذت بالعويل وهي تخبط بيديها ,
فصعد الضابط مسرعاً فارتمت الخادمة عند قدميه متضرعة :
" إنها لا تريد يا سيدي , إنها لا تريد ... سامحها , إنها حقاً بائسة . "
وبقي الجندي , رغم غضبه , حائراً لا يجرؤ على إعطاء الأمر لرجاله بإخراجها من السرير .
وفجأة , انفجر بالضحك وأعطى أوامر بالألمانية لرجاله .
بعد قليل رأينا مفرزة تخرج وتحمل فراشاً كما يُحمل الجريح .
في هذا الفراش الذي بقي على حاله , كانت المجنونة تتمدد صامتة هادئة , وهي لا تبالي بما يجري حولها ,
طالما أنها تركت مستلقية .
وكان في الخلف رجل يحمل صر من الملابس النسائية .
أردف الضابط وهو يفرك راحتيه قائلاً :
" سنرى جيداً إن كنت لا تستطيعين تغيير ثيابك لوحدك , سنقوم بنزهة قصيرة . "
ثم رأينا الحشد يبتعد باتجاه غابة ( دي موفيل ) .
عاد الجنود بعد ساعتين بمفردهم .
ولم نعد نرى المرأة المجنونة . ماذا فعلوا بها ؟ إلى أين أخذوها ؟ لا أحد يعلم من الأمر شيئاً ...
وفي يوم عاصف تساقط الثلج ليل نهار , وغطى السهل والغابة بوشاح إسفنجي جليدي .
أما الذئاب فكانت تصل بعوائها حتى أبواب منازلنا .
ولازمتني فكرة اختفاء المرأة الضائعة وشغلت تفكيري .
فقمت ببعض المساعي لدى السلطات البروسية للحصول على بعض المعلومات عنها , كدت أُقتل رمياً بالرصاص بسبب ذلك .
عاد الربيع , وانحدر جيش الاحتلال . وبقي منزل جارتي المجنونة مقفلاً . وغطى العشب الممرات .
لقد ماتت الخادمة العجوز خلال فصل الشتاء . ولم يهتم أحد بهذه القضية .
وكنت أنا الوحيد الذي شغل باله بها بدون توقف . ماذا فعلوا بهذه المرأة ؟ هل هربت في الغابة ؟
هل وجدها أحد ووضعها في مستشفى دون أن يتمكن من الحصول على أي معلومات ؟
لا شيء خفف من شكوكي . لكن مرور الزمن شيئاً فشيئاً هدأ من هموم قلبي .
في الخريف التالي عادت دجاجات الأرض بأسرابها .
ووجدت الفرصة سانحة لأجر نفسي إلى الغابة بعد أن سمح لي داء النقرس بذلك ...
بعد أن أسقطت أربعة أو خمسة من الطيور ذات المنقار الطويل , أصبت واحداً منها وقع في حفرة مغطاة بالأغصان .
كان علي أن أنزل لأفتش عنه , فوجدته بالقرب من جمجمة . وفجأة تذكرت المرأة المجنونة وكأن ضربة أصابت القلب مني .
لا شك أن الكثيرين في تلك السنة المشؤومة انتهى بهم الأمر إلى الموت في هذه الغابة .
ولكن لا أدري لماذا , كنت على يقين تام , أقول لكم على يقين تام, من أنني أمام جمجمة تلك البائسة المخبولة .
وفجأة فهمت , وعرفت كل شيء . لقد تركوها على هذا الفراش , في الغابة الباردة المعزولة ,
ولما كانت وفية للهاجس الذي كان يمتلكها , فقد تركت نفسها تموت تحت وسادة الثلج الناعم والكثيف دون أن تحرك ذراعاً أو ساقاً .
ثم التهمتها الذئاب . أما العصافير , فقد جعلت من فراشها الممزق أعشاشاً لها .
لقد احتفظت بهذه العظام البائسة .
وأنا أتمنى الآن ألا يعرف أبناؤنا الحرب أبداً ...
( للكاتب غي دي موباسان )
|
GeeGee- المديرة العامة النائبة الاولى
- تاريخ التسجيل : 17/04/2010
رد: المجنونة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
دائما تتحفـ(ي) ـنا بمواضيعك الرائعة والمميزة والمفيدة
وبارك الله فيك (ي) على المجهود الكبير الذي بذلت(ي)ه
وان شاء الله سوف يستفيد الاعضاء من الموضوع
وفي انتظار ما هو جديد من ابداعاتك
تقبلــ(ي)، مروري
دائما تتحفـ(ي) ـنا بمواضيعك الرائعة والمميزة والمفيدة
وبارك الله فيك (ي) على المجهود الكبير الذي بذلت(ي)ه
وان شاء الله سوف يستفيد الاعضاء من الموضوع
وفي انتظار ما هو جديد من ابداعاتك
تقبلــ(ي)، مروري
|
شيماء ابو الصفاء- مديرة منتدى
- تاريخ التسجيل : 26/05/2009
إنشاء حساب أو تسجيل الدخول لتستطيع الرد
تحتاج إلى أن يكون عضوا لتستطيع الرد.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى