المواضيع الأخيرة
» Sondos
الأربعاء 28 أغسطس 2024, 07:35
» Sondos
الأربعاء 28 أغسطس 2024, 01:17
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 23:02
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 04:44
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 01:06
» Sondos
الإثنين 26 أغسطس 2024, 20:57
» Sondos
الأحد 25 أغسطس 2024, 23:20
» Sondos
الأحد 25 أغسطس 2024, 19:57
» Sondos
الثلاثاء 20 أغسطس 2024, 22:17
» Sondos
الإثنين 19 أغسطس 2024, 17:59
المواضيع الأكثر نشاطاً
مسائل في الإيمان للعثيمين رحمه الله
مسائل في الإيمان للعثيمين رحمه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
إن
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات
أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله
إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله . ( يا أيها الذين
آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) . ( يا أيها الناس
اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً
كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم
رقيباً ) . ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم
أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً ) .
أما بعد : فإن من أعجب ما وقفت عليه في مسائل الإيمان تلك الرسالة في وصف
الإيمان وحده التي جاء مؤلفها ـ هداه الله ـ بما لم يأتي به الأولون وجعل
ذلك مراد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو المدافع عن عقيدة أهل السنة
الراد على أهل البدع في الإيمان وغيره . فمن أصوله التي نسبها لشيخ الإسلام
: نفي الإيمان لا يعني الكفر ولا يعني اشتراط جنس العمل في صحة الإيمان
وكماله الواجب .!!! وشيخ الإسلام دائما يشترط الأعمال للإيمان والإسلام ـ
وهنا تأصيل أخر للمؤلف نذكره إن شاء الله بعد نقض هذا الأصل ـ فمنها ما قال
( 202 / 7 وليعلم أن النقل من كتاب الإيمان في مجموع الفتاوى لذلك سأكتفي
بذكر رقم الصفحة فيما بعد ) : وللجهمية هنا سؤال ذكره أبو الحسن في كتاب [
الموجز ] وهو أن القرآن نفي الإيمان عن غير هؤلاء، كقوله : { إِنَّمَا
الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } [
الأنفال : 2 ] ولم يقل : إن هذه الأعمال من الإيمان ، قالوا : فنحن نقول :
من لم يعمل هذه الأعمال لم يكن مؤمناً لأن انتفاءها دليل على انتفاء العلم
من قلبه . والجواب عن هذا من وجوه :
أحدها : أنكم سلمتم أن هذه الأعمال
لازمة لإيمان القلب، فإذا انتفت لم يبق في القلب إيمان، وهذا هو المطلوب،
وبعد هذا فكونها لازمة أو جزءًا، نزاع لفظي .
الثاني : أن نصوصاً صرحت بأنها جزء، كقوله : " الإيمان بضع وستون أو بضع وسبعون شعبة "
الثالث
: أنكم إن قلتم بأن من انتفى عنه هذه الأمور فهو كافر خال من كل إيمان ،
كان قولكم قول الخوارج ، وأنتم في طرف ، والخوارج في طرف ؛ فكيف توافقونهم ؟
ومن هذه الأمور : إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، والحج ،
والجهاد ، والإجابة إلى حكم اللّه ورسوله ، وغير ذلك مما لا تكفرون تاركه ،
وإن كفرتموه كان قولكم قول الخوارج .
الرابع : أن قول القائل : إن
انتفاء بعض هذه الأعمال يستلزم ألا يكون في قلب الإنسان شيء من التصديق بأن
الرب حق ، قول يعلم فساده بالاضطرار .
الخامس : أن هذا إذا ثبت في هذه
ثبت في سائر الواجبات ، فيرتفع النزاع المعنوي . اهـ بل صرح في ( 181 )
بكفر تارك العمل فقال رحمه الله : والمقصود هنا أنه لم يثبت المدح إلا على
إيمان معه العمل ، لا على إيمان خال عن عمل . فإذا عرف أن الذم والعقاب
واقع في ترك العمل كان بعد ذلك نزاعهم لا فائدة فيه ، بل يكون نزاعاً
لفظيًا مع أنهم مخطئون في اللفظ ، مخالفون للكتاب والسنة . وإن قالوا : إنه لا يضره ترك العمل فهذا كفر صريح
، وبعض الناس يحكى هذا عنهم ، وأنهم يقولون : إن اللّه فرض على العباد
فرائض ، ولم يرد منهم أن يعملوها ، ولا يضرهم تركها ، وهذا قد يكون قول
الغالية الذين يقولون : لا يدخل النار من أهل التوحيد أحد ، لكن ما علمت
معيناً أحكى عنه هذا القول ، وإنما الناس يحكونه في الكتب ولا يُعَيِّنُون
قائله ، وقد يكون قول من لا خَلاقَ له ؛ فإن كثيراً من الفساق والمنافقين
يقولون : لا يضر مع الإيمان ذنب أو مع التوحيد ، وبعض كلام الرادين على
المرجئة وصفهم بهذا . اهـ . أما قول المؤلف : نفي الإيمان لا يعني الكفر .
فصحيح لكن المؤلف ـ هداه الله ـ اتبعه بشرط لم يقله احد من أهل السنة عدا
أن يكون كلام شيخ الإسلام رحمه الله و هو عدم اشتراط جنس العمل . ومن
تأصيله أن اسم الإيمان يطلق على من صدق وعمل الواجبات وانتهى عن المحرمات
واسم المسلم لمن أمن بقلبه ولم يعمل , ولذلك يجعل المؤمن غير متوعد ـ وهذا
في الأصل حق ـ والمسلم متوعد وهذا يتضح من كلام المؤلف في نقوله ( 13 / 14
من رسالته ) وهذا خلاف ما عرف من السلف وما تناقله أهل السنة عن الإمام
الزهري مقرين له بأن الإيمان بالقلب والإسلام علانية ـ أي بالظاهر من
الجوارح ـ . ومن تدبر كلام شيخ الإسلام رحمه الله المنقول في الرسالة يجد
ما خالف المؤلف شرطه في تدبر كلام شيخ الإسلام رحمه الله بربط أوله بآخره
وكون الكلام يكون إلزاما للخوارج أو المرجئة . وقد أبان شيخ الإسلام موقفه
من المسميات فقال ( 635 ) : لفظ [ الإسلام ] يستعمل على وجهين :
متعديا
كقوله : { وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ
مُحْسِنٌ } [ النساء : 125 ] ، وقوله : { فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ
لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ
وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ } الآية [ آل عمران : 20 ] ، وقوله في دعاء
المنام . " أسلمت نفسي إليك " .
ويستعمل لازمًا كقوله : { إِذْ قَالَ
لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } [ البقرة :
131 ] ، وقوله : { وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } [
آل عمران : 83 ] ، وقوله عن بلقيس : { وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ
لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [ النمل : 44 ] . وهو يجمع معنيين :
أحدهما : الانقياد والاستسلام .
والثاني : إخلاص ذلك وإفراده
، كقوله : { ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاء
مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ } [ الزمر : 29 ] . وعنوانه
قول : لا إله إلا الله , وله معنيان : أحدهما : الدين المشترك ، وهو عبادة
الله وحده لا شريك له الذي بعث به جميع الأنبياء ، كما دل على اتحاد دينهم
نصوص الكتاب والسنة .
والثاني : ما اختص به محمد من الدين والشرعة والمنهاج وهو الشريعة والطريقة والحقيقة وله مرتبتان :
أحدهما : الظاهر من القول والعمل، وهي المباني الخمس .
والثاني
: أن يكون ذلك الظاهر مطابقًا للباطن : فبالتفسير الأول جاءت الآيتان في
كتاب الله، والحديثان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أعم من الإيمان،
فكل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمنًا . وبالتفسير الثاني يقال : { إِنَّ
الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ ٍ } [ آل عمران : 19 ] ، وقوله : {
وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ } [ البينة : 5 ] ، وقوله : " آمركم بالإيمان
بالله " ، وفسره بخصال الإسلام . وعلى هذا التفسير فالإيمان التام والدين
والإسلام سواء، وهو الذي لم يفهم المعتزلة غيره . وقد يراد به معنى ثالث هو
كماله وهو قوله : " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده " فيكون أسلم
غيره، أي جعله سالمًا منه .
ولفظ [ الإيمان ] قيل : أصله التصديق وليس
مطابقًا له، بل لابد أن يكون تصديقًا عن غيب، وإلا فالخبر عن مشهود ليس
تصديقه إيمانًا؛ لأنه من الأمن الذي هو الطمأنينة، وهذا إنما يكون في
المخبر الذي قد يقع فيه ريب، والمشهودات لا ريب فيها إلا على هذا فإما
تصديق القلب فقط كما تقول الجهمية ومن اتبعهم من الأشعرية، وإما القلب
واللسان كما تقوله المرجئة، أو باللسان كما تقوله الكَرَّامِيَّة . وأما
التصديق بالقلب والقول والعمل فإن الجميع يدخل في مسمى التصديق على مذهب
أهل الحديث ، كما فسره شيخ الإسلام وغيره . وقيل : بل هو الإقرار؛ لأن
التصديق إنما يطابق الخبر فقط، وأما الإقرار فيطابق الخبر والأمر، كقوله : {
أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا
} [ آل عمران : 81 ] ؛ ولأن قر وآمن متقاربان ، فالإيمان دخول في الأمن ،
والإقرار دخول في الإقرار، وعلى هذا فالكلمة إقرار، والعمل بها إقرار أيضًا
. ا هـ . وهذا يدل ايظا على ما أتفق عليه أهل السنة من دخول الإيمان بمسمى
الإسلام ودخول الإسلام بمسمى الإيمان إذا انفرد احدهم بذكر ويفترق إذا
اجتمعا .
وهذه مسائل في الإيمان ومعتقد أهل
السنة فيه من كلام الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله استخرجتها من (
مجموع فتاوى ورسائل ) الشيخ رحمه الله ـ المجلد الأول راجيا من الله
الفائدة والإفادة وتوضيح المجمل ومعتقد أهل السنة .
( 12 ) سئل الشيخ أعظم الله مثوبته : عن تعريف الإيمان عند أهل السنة والجماعة وهل يزيد وينقص ؟
فأجاب
ـ رحمه الله ـ بقوله : الإيمان عند أهل السنة والجماعة هو " الإقرار
بالقلب، والنطق باللسان، والعمل بالجوارح " . فهو يتضمن الأمور الثلاثة :
1 . إقرار بالقلب .
2 . نطق باللسان .
3 . عمل بالجوارح .
وإذا
كان كذلك فإنه سوف يزيد وينقص، وذلك لأن الإقرار بالقلب يتفاضل فليس
الإقرار بالخبر كالإقرار بالمعاينة، وليس الإقرار بخبر الرجل كالإقرار بخبر
الرجلين وهكذا، ولهذا قال إبراهيم، عليه الصلاة والسلام : ( رب أرني كيف
تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ( (البقرة 260) .
فالإيمان يزيد من حيث إقرار القلب وطمأنينته وسكونه، والإنسان يجد ذلك من
نفسه فعندما يحضر مجلس ذكر فيه موعظة، وذكر للجنة والنار يزداد الإيمان حتى
كأنه يشاهد ذلك رأي العين، وعندما توجد الغفلة ويقوم من هذا المجلس يخف
هذا اليقين في قلبه .
كذلك يزداد الإيمان من حيث القول فإن من ذكر الله عشر مرات ليس كمن ذكر الله مئة مرة، فالثاني أزيد بكثير .
وكذلك أيضاً من أتى بالعبادة على وجه كامل يكون إيمانه أزيد ممن أتى بها على وجه ناقص .
وكذلك
العمل فإن الإنسان إذا عمل عملاً بجوارحه أكثر من الآخر صار الأكثر أزيد
إيماناً من الناقص،وقد جاء ذلك في القرآن والسنة-أعني إثبات الزيادة
والنقصان - قال تعالى : ( وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن
الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيماناً ( (المدثر 31) .
وقال
تعالى : ( وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول : أيكم زادته هذه إيماناً فأما
الذين آمنوا فزادتهم إيماناً وهم يستبشرون. وأما الذين في قلوبهم مرض
فزادتهم رجساً إلى رجسهم وماتوا وهو كافرون (التوبة 125 ـ 126 ).وفي الحديث
الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"ما رأيت من ناقصات عقل ودين
أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن " ( صحيح البخاري من حديث أبي سعيد الخدري
رضي الله عنه ) . فالإيمان إذاً يزيد وينقص .
ولكن ما سبب زيادة الإيمان ؟
للزيادة
أسباب : السبب الأول : معرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته، فإن الإنسان كلما
ازداد معرفة بالله، وبأسمائه، وصفاته ازداد إيماناً بلا شك، ولهذا تجد أهل
العلم الذين يعلمون من أسماء الله وصفاته ما لا يعلمه غيرهم تجدهم أقوى
إيماناً من الآخرين من هذا الوجه .
السبب الثاني : النظر في آيات الله
الكونية، والشرعية، فإن الإنسان كلما نظر في الآيات الكونية التي هي
المخلوقات ازداد إيماناً قال تعالى : ( وفي الأرض آيات للموقنين . وفي
أنفسكم أفلا تبصرون ( (الذاريات 20 ـ 21 ). والآيات الدالة على هذا كثيرة
أعني الآيات الدالة على أن الإنسان بتدبره وتأمله في هذا الكون يزداد
إيمانه .
السبب الثالث : كثرة الطاعات فإن الإنسان كلما كثرت طاعاته
ازداد بذلك إيماناً سواء كانت هذه الطاعات قوليه ، أم فعليه : فالذكر يزيد
الإيمان كمية وكيفية ، والصلاة والصوم ، والحج تزيد الإيمان أيضاً كمية
وكيفية .
أما أسباب النقصان فهي على العكس من ذلك :
فالسبب الأول : الجهل بأسماء الله وصفاته يوجب نقص الإيمان لأن الإنسان إذا نقصت معرفته بأسماء الله وصفاته نقص إيمانه .
السبب الثاني : الإعراض عن التفكر في آيات الله الكونية والشرعية، فإن هذا يسبب نقص الإيمان، أو على الأقل ركوده وعدم نموه .
السبب
الثالث : فعل المعصية فإن للمعصية آثاراً عظيمة على القلب وعلى الإيمان
ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن "
. الحديث . ( متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ) .
السبب
الرابع : ترك الطاعة فإن ترك الطاعة سبب لنقص الإيمان، لكن إن كانت الطاعة
واجبة وتركها بلا عذر، فهو نقص يلام عليه ويعاقب، وإن كانت الطاعة غير
واجبة، أو واجبة لكن تركها بعذر فإنه نقص لا يلام عليه، ولهذا جعل النبي
صلى الله عليه وسلم النساء ناقصات عقل ودين وعلل نقصان دينها بأنها إذا
حاضت لم تصل ولم تصم، مع أنها لا تلام على ترك الصلاة والصيام في حال الحيض
بل هي مأمورة بذلك لكن لما فاتها الفعل الذي يقوم به الرجل صارت ناقصة عنه
من هذا الوجه .
( 13 ) وسئل أيضاً : كيف نجمع بين حديث جبريل الذي
فسر فيه النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان " بأن تؤمن بالله، وملائكته،
وكتبه، ورسله، و اليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره " . وحديث وفد عبد
القيس الذي فسر فيه النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان " بشهادة أن لا إله
إلا الله وحده لا شريك له، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأداء الخمس من
الغنيمة " ؟
فأجاب بقوله : قبل الإجابة على هذا السؤال أود أن أقول : إن
الكتاب والسنة ليس بينهما تعارض أبداً، فليس في القرآن ما يناقض بعضه
بعضاً، وليس في السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يناقض
بعضه بعضاً، وليس في القرآن ولا في السنة ما يناقض الواقع أبداً، لأن
الواقع واقع حق، والكتاب والسنة حق، ولا يمكن التناقض في الحق، وإذا فهمت
هذه القاعدة انحلت عنك إشكالات كثيرة . قال الله تعالى : ( أفلا يتدبرون
القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً ( (النساء 82 )
. فإذا كان الأمر كذلك فأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن
تتناقض فإذا فسر النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان بتفسير، وفسره في موضع
آخر بتفسير آخر يعارض في نظرك التفسير الأول، فإنك إذا تأملت لم تجد معارضة
: ففي حديث جبريل، عليه الصلاة والسلام، قسم النبي صلى الله عليه وسلم
الدين إلى ثلاثة أقسام : القسم الأول : الإسلام .
القسم الثاني : الإيمان .
القسم الثالث : الإحسان .
وفي حديث وفد عبد القيس لم يذكر إلا قسما واحداً وهو الإسلام .
فالإسلام
عند الإطلاق يدخل فيه الإيمان لأنه لا يمكن أن يقوم بشعائر الإسلام إلا من
كان مؤمناً فإذا ذكر الإسلام وحده شمل الإيمان، وإذا ذكر الإيمان وحده شمل
الإسلام، وإذا ذكرا جميعاً صار الإيمان يتعلق بالقلوب، والإسلام يتعلق
بالجوارح، وهذه فائدة مهمة لطالب العلم فالإسلام إذا ذكر وحده دخل فيه
الإيمان قال الله تعالى : ( إن الدين عند الله الإسلام ( ( آل عمران 19 ).
ومن المعلوم أن دين الإسلام عقيدة وإيمان وشرائع، وإذا ذكر الإيمان وحده
دخل فيه الإسلام، وإذا ذكرا جميعاً صار الإيمان ما يتعلق بالقلوب، والإسلام
ما يتعلق بالجوارح، ولهذا قال بعض السلف : " الإسلام علانية، والإيمان سر "
. لأنه في القلب، ولذلك ربما تجد منافقاً يصلي ويتصدق ويصوم فهذا مسلم
ظاهراً غير مؤمن كما قال تعالى : ( ومن الناس من يقول : آمنا بالله وباليوم
الآخر وما هم بمؤمنين ( (البقرة 8 ).
( 14 ) وسئل : كيف نجمع بين أن الإيمان هو "
الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره "
. وقول النبي صلى الله عليه وسلم : " الإيمان بضع وسبعون شعبة .. الخ" ؟
فأجاب
ـ رحمه الله ـ قائلاً : الإيمان الذي هو العقيدة أصوله ستة وهي المذكورة
في حديث جبريل عليه الصلاة والسلام ، حينما سأل النبي صلى الله عليه وسلم
عن الإيمان فقال : " الإيمان أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله،
واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره ". متفق عليه . وأما الإيمان الذي
يشمل الأعمال،وأنواعها،وأجناسها فهو بضع وسبعون شعبة،ولهذا سمى الله تعالى
الصلاة إيماناً في قولهوما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف
رحيم ( (البقرة 143 ) . قال المفسرون : إيمانكم يعني صلاتكم إلى بيت المقدس
، لأن الصحابة كانوا قبل أن يؤمروا بالتوجه إلى الكعبة كانوا يصلون إلى
المسجد الأقصى .
أهل الأثر
إن
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات
أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله
إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله . ( يا أيها الذين
آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) . ( يا أيها الناس
اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً
كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم
رقيباً ) . ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم
أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً ) .
أما بعد : فإن من أعجب ما وقفت عليه في مسائل الإيمان تلك الرسالة في وصف
الإيمان وحده التي جاء مؤلفها ـ هداه الله ـ بما لم يأتي به الأولون وجعل
ذلك مراد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو المدافع عن عقيدة أهل السنة
الراد على أهل البدع في الإيمان وغيره . فمن أصوله التي نسبها لشيخ الإسلام
: نفي الإيمان لا يعني الكفر ولا يعني اشتراط جنس العمل في صحة الإيمان
وكماله الواجب .!!! وشيخ الإسلام دائما يشترط الأعمال للإيمان والإسلام ـ
وهنا تأصيل أخر للمؤلف نذكره إن شاء الله بعد نقض هذا الأصل ـ فمنها ما قال
( 202 / 7 وليعلم أن النقل من كتاب الإيمان في مجموع الفتاوى لذلك سأكتفي
بذكر رقم الصفحة فيما بعد ) : وللجهمية هنا سؤال ذكره أبو الحسن في كتاب [
الموجز ] وهو أن القرآن نفي الإيمان عن غير هؤلاء، كقوله : { إِنَّمَا
الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } [
الأنفال : 2 ] ولم يقل : إن هذه الأعمال من الإيمان ، قالوا : فنحن نقول :
من لم يعمل هذه الأعمال لم يكن مؤمناً لأن انتفاءها دليل على انتفاء العلم
من قلبه . والجواب عن هذا من وجوه :
أحدها : أنكم سلمتم أن هذه الأعمال
لازمة لإيمان القلب، فإذا انتفت لم يبق في القلب إيمان، وهذا هو المطلوب،
وبعد هذا فكونها لازمة أو جزءًا، نزاع لفظي .
الثاني : أن نصوصاً صرحت بأنها جزء، كقوله : " الإيمان بضع وستون أو بضع وسبعون شعبة "
الثالث
: أنكم إن قلتم بأن من انتفى عنه هذه الأمور فهو كافر خال من كل إيمان ،
كان قولكم قول الخوارج ، وأنتم في طرف ، والخوارج في طرف ؛ فكيف توافقونهم ؟
ومن هذه الأمور : إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، والحج ،
والجهاد ، والإجابة إلى حكم اللّه ورسوله ، وغير ذلك مما لا تكفرون تاركه ،
وإن كفرتموه كان قولكم قول الخوارج .
الرابع : أن قول القائل : إن
انتفاء بعض هذه الأعمال يستلزم ألا يكون في قلب الإنسان شيء من التصديق بأن
الرب حق ، قول يعلم فساده بالاضطرار .
الخامس : أن هذا إذا ثبت في هذه
ثبت في سائر الواجبات ، فيرتفع النزاع المعنوي . اهـ بل صرح في ( 181 )
بكفر تارك العمل فقال رحمه الله : والمقصود هنا أنه لم يثبت المدح إلا على
إيمان معه العمل ، لا على إيمان خال عن عمل . فإذا عرف أن الذم والعقاب
واقع في ترك العمل كان بعد ذلك نزاعهم لا فائدة فيه ، بل يكون نزاعاً
لفظيًا مع أنهم مخطئون في اللفظ ، مخالفون للكتاب والسنة . وإن قالوا : إنه لا يضره ترك العمل فهذا كفر صريح
، وبعض الناس يحكى هذا عنهم ، وأنهم يقولون : إن اللّه فرض على العباد
فرائض ، ولم يرد منهم أن يعملوها ، ولا يضرهم تركها ، وهذا قد يكون قول
الغالية الذين يقولون : لا يدخل النار من أهل التوحيد أحد ، لكن ما علمت
معيناً أحكى عنه هذا القول ، وإنما الناس يحكونه في الكتب ولا يُعَيِّنُون
قائله ، وقد يكون قول من لا خَلاقَ له ؛ فإن كثيراً من الفساق والمنافقين
يقولون : لا يضر مع الإيمان ذنب أو مع التوحيد ، وبعض كلام الرادين على
المرجئة وصفهم بهذا . اهـ . أما قول المؤلف : نفي الإيمان لا يعني الكفر .
فصحيح لكن المؤلف ـ هداه الله ـ اتبعه بشرط لم يقله احد من أهل السنة عدا
أن يكون كلام شيخ الإسلام رحمه الله و هو عدم اشتراط جنس العمل . ومن
تأصيله أن اسم الإيمان يطلق على من صدق وعمل الواجبات وانتهى عن المحرمات
واسم المسلم لمن أمن بقلبه ولم يعمل , ولذلك يجعل المؤمن غير متوعد ـ وهذا
في الأصل حق ـ والمسلم متوعد وهذا يتضح من كلام المؤلف في نقوله ( 13 / 14
من رسالته ) وهذا خلاف ما عرف من السلف وما تناقله أهل السنة عن الإمام
الزهري مقرين له بأن الإيمان بالقلب والإسلام علانية ـ أي بالظاهر من
الجوارح ـ . ومن تدبر كلام شيخ الإسلام رحمه الله المنقول في الرسالة يجد
ما خالف المؤلف شرطه في تدبر كلام شيخ الإسلام رحمه الله بربط أوله بآخره
وكون الكلام يكون إلزاما للخوارج أو المرجئة . وقد أبان شيخ الإسلام موقفه
من المسميات فقال ( 635 ) : لفظ [ الإسلام ] يستعمل على وجهين :
متعديا
كقوله : { وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ
مُحْسِنٌ } [ النساء : 125 ] ، وقوله : { فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ
لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ
وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ } الآية [ آل عمران : 20 ] ، وقوله في دعاء
المنام . " أسلمت نفسي إليك " .
ويستعمل لازمًا كقوله : { إِذْ قَالَ
لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } [ البقرة :
131 ] ، وقوله : { وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } [
آل عمران : 83 ] ، وقوله عن بلقيس : { وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ
لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [ النمل : 44 ] . وهو يجمع معنيين :
أحدهما : الانقياد والاستسلام .
والثاني : إخلاص ذلك وإفراده
، كقوله : { ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاء
مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ } [ الزمر : 29 ] . وعنوانه
قول : لا إله إلا الله , وله معنيان : أحدهما : الدين المشترك ، وهو عبادة
الله وحده لا شريك له الذي بعث به جميع الأنبياء ، كما دل على اتحاد دينهم
نصوص الكتاب والسنة .
والثاني : ما اختص به محمد من الدين والشرعة والمنهاج وهو الشريعة والطريقة والحقيقة وله مرتبتان :
أحدهما : الظاهر من القول والعمل، وهي المباني الخمس .
والثاني
: أن يكون ذلك الظاهر مطابقًا للباطن : فبالتفسير الأول جاءت الآيتان في
كتاب الله، والحديثان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أعم من الإيمان،
فكل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمنًا . وبالتفسير الثاني يقال : { إِنَّ
الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ ٍ } [ آل عمران : 19 ] ، وقوله : {
وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ } [ البينة : 5 ] ، وقوله : " آمركم بالإيمان
بالله " ، وفسره بخصال الإسلام . وعلى هذا التفسير فالإيمان التام والدين
والإسلام سواء، وهو الذي لم يفهم المعتزلة غيره . وقد يراد به معنى ثالث هو
كماله وهو قوله : " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده " فيكون أسلم
غيره، أي جعله سالمًا منه .
ولفظ [ الإيمان ] قيل : أصله التصديق وليس
مطابقًا له، بل لابد أن يكون تصديقًا عن غيب، وإلا فالخبر عن مشهود ليس
تصديقه إيمانًا؛ لأنه من الأمن الذي هو الطمأنينة، وهذا إنما يكون في
المخبر الذي قد يقع فيه ريب، والمشهودات لا ريب فيها إلا على هذا فإما
تصديق القلب فقط كما تقول الجهمية ومن اتبعهم من الأشعرية، وإما القلب
واللسان كما تقوله المرجئة، أو باللسان كما تقوله الكَرَّامِيَّة . وأما
التصديق بالقلب والقول والعمل فإن الجميع يدخل في مسمى التصديق على مذهب
أهل الحديث ، كما فسره شيخ الإسلام وغيره . وقيل : بل هو الإقرار؛ لأن
التصديق إنما يطابق الخبر فقط، وأما الإقرار فيطابق الخبر والأمر، كقوله : {
أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا
} [ آل عمران : 81 ] ؛ ولأن قر وآمن متقاربان ، فالإيمان دخول في الأمن ،
والإقرار دخول في الإقرار، وعلى هذا فالكلمة إقرار، والعمل بها إقرار أيضًا
. ا هـ . وهذا يدل ايظا على ما أتفق عليه أهل السنة من دخول الإيمان بمسمى
الإسلام ودخول الإسلام بمسمى الإيمان إذا انفرد احدهم بذكر ويفترق إذا
اجتمعا .
وهذه مسائل في الإيمان ومعتقد أهل
السنة فيه من كلام الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله استخرجتها من (
مجموع فتاوى ورسائل ) الشيخ رحمه الله ـ المجلد الأول راجيا من الله
الفائدة والإفادة وتوضيح المجمل ومعتقد أهل السنة .
( 12 ) سئل الشيخ أعظم الله مثوبته : عن تعريف الإيمان عند أهل السنة والجماعة وهل يزيد وينقص ؟
فأجاب
ـ رحمه الله ـ بقوله : الإيمان عند أهل السنة والجماعة هو " الإقرار
بالقلب، والنطق باللسان، والعمل بالجوارح " . فهو يتضمن الأمور الثلاثة :
1 . إقرار بالقلب .
2 . نطق باللسان .
3 . عمل بالجوارح .
وإذا
كان كذلك فإنه سوف يزيد وينقص، وذلك لأن الإقرار بالقلب يتفاضل فليس
الإقرار بالخبر كالإقرار بالمعاينة، وليس الإقرار بخبر الرجل كالإقرار بخبر
الرجلين وهكذا، ولهذا قال إبراهيم، عليه الصلاة والسلام : ( رب أرني كيف
تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ( (البقرة 260) .
فالإيمان يزيد من حيث إقرار القلب وطمأنينته وسكونه، والإنسان يجد ذلك من
نفسه فعندما يحضر مجلس ذكر فيه موعظة، وذكر للجنة والنار يزداد الإيمان حتى
كأنه يشاهد ذلك رأي العين، وعندما توجد الغفلة ويقوم من هذا المجلس يخف
هذا اليقين في قلبه .
كذلك يزداد الإيمان من حيث القول فإن من ذكر الله عشر مرات ليس كمن ذكر الله مئة مرة، فالثاني أزيد بكثير .
وكذلك أيضاً من أتى بالعبادة على وجه كامل يكون إيمانه أزيد ممن أتى بها على وجه ناقص .
وكذلك
العمل فإن الإنسان إذا عمل عملاً بجوارحه أكثر من الآخر صار الأكثر أزيد
إيماناً من الناقص،وقد جاء ذلك في القرآن والسنة-أعني إثبات الزيادة
والنقصان - قال تعالى : ( وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن
الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيماناً ( (المدثر 31) .
وقال
تعالى : ( وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول : أيكم زادته هذه إيماناً فأما
الذين آمنوا فزادتهم إيماناً وهم يستبشرون. وأما الذين في قلوبهم مرض
فزادتهم رجساً إلى رجسهم وماتوا وهو كافرون (التوبة 125 ـ 126 ).وفي الحديث
الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"ما رأيت من ناقصات عقل ودين
أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن " ( صحيح البخاري من حديث أبي سعيد الخدري
رضي الله عنه ) . فالإيمان إذاً يزيد وينقص .
ولكن ما سبب زيادة الإيمان ؟
للزيادة
أسباب : السبب الأول : معرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته، فإن الإنسان كلما
ازداد معرفة بالله، وبأسمائه، وصفاته ازداد إيماناً بلا شك، ولهذا تجد أهل
العلم الذين يعلمون من أسماء الله وصفاته ما لا يعلمه غيرهم تجدهم أقوى
إيماناً من الآخرين من هذا الوجه .
السبب الثاني : النظر في آيات الله
الكونية، والشرعية، فإن الإنسان كلما نظر في الآيات الكونية التي هي
المخلوقات ازداد إيماناً قال تعالى : ( وفي الأرض آيات للموقنين . وفي
أنفسكم أفلا تبصرون ( (الذاريات 20 ـ 21 ). والآيات الدالة على هذا كثيرة
أعني الآيات الدالة على أن الإنسان بتدبره وتأمله في هذا الكون يزداد
إيمانه .
السبب الثالث : كثرة الطاعات فإن الإنسان كلما كثرت طاعاته
ازداد بذلك إيماناً سواء كانت هذه الطاعات قوليه ، أم فعليه : فالذكر يزيد
الإيمان كمية وكيفية ، والصلاة والصوم ، والحج تزيد الإيمان أيضاً كمية
وكيفية .
أما أسباب النقصان فهي على العكس من ذلك :
فالسبب الأول : الجهل بأسماء الله وصفاته يوجب نقص الإيمان لأن الإنسان إذا نقصت معرفته بأسماء الله وصفاته نقص إيمانه .
السبب الثاني : الإعراض عن التفكر في آيات الله الكونية والشرعية، فإن هذا يسبب نقص الإيمان، أو على الأقل ركوده وعدم نموه .
السبب
الثالث : فعل المعصية فإن للمعصية آثاراً عظيمة على القلب وعلى الإيمان
ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن "
. الحديث . ( متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ) .
السبب
الرابع : ترك الطاعة فإن ترك الطاعة سبب لنقص الإيمان، لكن إن كانت الطاعة
واجبة وتركها بلا عذر، فهو نقص يلام عليه ويعاقب، وإن كانت الطاعة غير
واجبة، أو واجبة لكن تركها بعذر فإنه نقص لا يلام عليه، ولهذا جعل النبي
صلى الله عليه وسلم النساء ناقصات عقل ودين وعلل نقصان دينها بأنها إذا
حاضت لم تصل ولم تصم، مع أنها لا تلام على ترك الصلاة والصيام في حال الحيض
بل هي مأمورة بذلك لكن لما فاتها الفعل الذي يقوم به الرجل صارت ناقصة عنه
من هذا الوجه .
( 13 ) وسئل أيضاً : كيف نجمع بين حديث جبريل الذي
فسر فيه النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان " بأن تؤمن بالله، وملائكته،
وكتبه، ورسله، و اليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره " . وحديث وفد عبد
القيس الذي فسر فيه النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان " بشهادة أن لا إله
إلا الله وحده لا شريك له، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأداء الخمس من
الغنيمة " ؟
فأجاب بقوله : قبل الإجابة على هذا السؤال أود أن أقول : إن
الكتاب والسنة ليس بينهما تعارض أبداً، فليس في القرآن ما يناقض بعضه
بعضاً، وليس في السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يناقض
بعضه بعضاً، وليس في القرآن ولا في السنة ما يناقض الواقع أبداً، لأن
الواقع واقع حق، والكتاب والسنة حق، ولا يمكن التناقض في الحق، وإذا فهمت
هذه القاعدة انحلت عنك إشكالات كثيرة . قال الله تعالى : ( أفلا يتدبرون
القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً ( (النساء 82 )
. فإذا كان الأمر كذلك فأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن
تتناقض فإذا فسر النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان بتفسير، وفسره في موضع
آخر بتفسير آخر يعارض في نظرك التفسير الأول، فإنك إذا تأملت لم تجد معارضة
: ففي حديث جبريل، عليه الصلاة والسلام، قسم النبي صلى الله عليه وسلم
الدين إلى ثلاثة أقسام : القسم الأول : الإسلام .
القسم الثاني : الإيمان .
القسم الثالث : الإحسان .
وفي حديث وفد عبد القيس لم يذكر إلا قسما واحداً وهو الإسلام .
فالإسلام
عند الإطلاق يدخل فيه الإيمان لأنه لا يمكن أن يقوم بشعائر الإسلام إلا من
كان مؤمناً فإذا ذكر الإسلام وحده شمل الإيمان، وإذا ذكر الإيمان وحده شمل
الإسلام، وإذا ذكرا جميعاً صار الإيمان يتعلق بالقلوب، والإسلام يتعلق
بالجوارح، وهذه فائدة مهمة لطالب العلم فالإسلام إذا ذكر وحده دخل فيه
الإيمان قال الله تعالى : ( إن الدين عند الله الإسلام ( ( آل عمران 19 ).
ومن المعلوم أن دين الإسلام عقيدة وإيمان وشرائع، وإذا ذكر الإيمان وحده
دخل فيه الإسلام، وإذا ذكرا جميعاً صار الإيمان ما يتعلق بالقلوب، والإسلام
ما يتعلق بالجوارح، ولهذا قال بعض السلف : " الإسلام علانية، والإيمان سر "
. لأنه في القلب، ولذلك ربما تجد منافقاً يصلي ويتصدق ويصوم فهذا مسلم
ظاهراً غير مؤمن كما قال تعالى : ( ومن الناس من يقول : آمنا بالله وباليوم
الآخر وما هم بمؤمنين ( (البقرة 8 ).
( 14 ) وسئل : كيف نجمع بين أن الإيمان هو "
الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره "
. وقول النبي صلى الله عليه وسلم : " الإيمان بضع وسبعون شعبة .. الخ" ؟
فأجاب
ـ رحمه الله ـ قائلاً : الإيمان الذي هو العقيدة أصوله ستة وهي المذكورة
في حديث جبريل عليه الصلاة والسلام ، حينما سأل النبي صلى الله عليه وسلم
عن الإيمان فقال : " الإيمان أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله،
واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره ". متفق عليه . وأما الإيمان الذي
يشمل الأعمال،وأنواعها،وأجناسها فهو بضع وسبعون شعبة،ولهذا سمى الله تعالى
الصلاة إيماناً في قولهوما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف
رحيم ( (البقرة 143 ) . قال المفسرون : إيمانكم يعني صلاتكم إلى بيت المقدس
، لأن الصحابة كانوا قبل أن يؤمروا بالتوجه إلى الكعبة كانوا يصلون إلى
المسجد الأقصى .
أهل الأثر
|
Admin- المدير العام
- تاريخ التسجيل : 19/04/2009
العمل/الترفيه : مهندس
الموقع : www.ahladalil.net
رد: مسائل في الإيمان للعثيمين رحمه الله
اشكرك جزيل الشكر على الموضوع القيم الهادف
سلمت من كل شر
خالص تحياتي لك
سلمت من كل شر
خالص تحياتي لك
|
باندة الاسكندرية- مديرة منتدى
- تاريخ التسجيل : 03/02/2010
العمل/الترفيه : مهندسة
الموقع : منتدى ليلتي
رد: مسائل في الإيمان للعثيمين رحمه الله
بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله كل الخير
وأثابك جنة الفردوس على طرحك القيم
وجعله في ميزان أعمالك
ونفع بك وكل الود والتقدير لشخصك الكريم
ولا حرمنا الله جديدك
في آمان الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله كل الخير
وأثابك جنة الفردوس على طرحك القيم
وجعله في ميزان أعمالك
ونفع بك وكل الود والتقدير لشخصك الكريم
ولا حرمنا الله جديدك
في آمان الله
|
رانية- المراقبة العامة
- تاريخ التسجيل : 08/10/2011
رد: مسائل في الإيمان للعثيمين رحمه الله
دائما متميز في
الانتقاء
سلمت على روعه طرحك
نترقب المزيد من جديدك
الرائع
دمت ودام لنا روعه
مواضيعك
لكـ خالص احترامي
|
هابى81- كبار الشخصيات
- تاريخ التسجيل : 26/09/2011
رد: مسائل في الإيمان للعثيمين رحمه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا و بارك الله فيك
و جعله في ميزان حسناتك
و تقبل مروري المتواضع
مع تحياتي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا و بارك الله فيك
و جعله في ميزان حسناتك
و تقبل مروري المتواضع
مع تحياتي
|
فؤاد الروح- عضو فعال
- تاريخ التسجيل : 01/12/2011
مواضيع مماثلة
» قال الإمام ابن القيم رحمه الله
» (( حول تعرض الإيمان للقلق )) |[ ابن باز رحمه الله تعالى ]|
» نصائح لحجاج بيت الله الحرام الشيخ الألباني رحمه الله
» صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم كاملة ( الشيخ بن عثيمين رحمه الله )
» الشيخ عبد الحميد كشك رحمه الله
» (( حول تعرض الإيمان للقلق )) |[ ابن باز رحمه الله تعالى ]|
» نصائح لحجاج بيت الله الحرام الشيخ الألباني رحمه الله
» صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم كاملة ( الشيخ بن عثيمين رحمه الله )
» الشيخ عبد الحميد كشك رحمه الله
إنشاء حساب أو تسجيل الدخول لتستطيع الرد
تحتاج إلى أن يكون عضوا لتستطيع الرد.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى