https://www.ahladalil.org
 القرآن .. !!! 613623عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا  القرآن .. !!! 829894
ادارة المنتدي  القرآن .. !!! 103798
https://www.ahladalil.org
 القرآن .. !!! 613623عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا  القرآن .. !!! 829894
ادارة المنتدي  القرآن .. !!! 103798
لقد نسيت كلمة السر
منتديات تقنيات
1 / 4
تقنيات حصرية
2 / 4
اطلب استايلك مجانا
3 / 4
استايلات تومبلايت جديدة
4 / 4
دروس اشهار الموقع

المواضيع الأخيرة
»   Sondos
الثلاثاء 20 أغسطس 2024, 22:17
»   Sondos
الإثنين 19 أغسطس 2024, 17:59

القرآن .. !!!

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل

 القرآن .. !!! Empty القرآن .. !!!

مُساهمة من طرف ابو المجد الأربعاء 23 نوفمبر 2011, 11:43


بِـسْـمِ اللَّهِ الـرَّحْـمَـنِ الـرَّحِـيـمِ

الـسَّلَـامُ عَـلَـيْـكُـمْ وَرَحْـمَـةُ اللَّهِ وَبَـرَكَـاتُـهُ



إِنَ
الحَمدَ لله نَحْمَدَه وُنَسْتعِينَ بهْ ونَسْتغفرَه ، ونَعوُذُ بالله مِنْ
شِروُر أنْفْسِنا ومِن سَيئاتِ أعْمَالِنا ، مَنْ يُهدِه الله فلا مُضِل
لَه ، ومَنْ يُضلِل فَلا هَادى له ، وأشهَدُ أنَ لا إله إلا الله وَحْده لا
شريك له ، وأشهد أن مُحَمَداً عَبدُه وَرَسُوُله .. اللهم صَلِّ وسَلِم
وبَارِك عَلى عَبدِك ورَسُولك مُحَمَد وعَلى آله وصَحْبِه أجْمَعينْ ،
ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحْسَان إلى يَوُمِ الدِينْ وسَلِم تسْليمَاً كَثيراً
.. أمْا بَعد ...





القرآن

 القرآن .. !!! On215fhkraydpzw5ysnc


لا
شك أن هذا القرآن هادي البشرية ومرشدها، ونور الحياة ودستورها، ما من شيء
يحتاجه البشر إلا وبيَّنه الله فيه نصاً أو إشارة أو إيماءً، عَلِمه مَنْ
عَلِمه وجهله من جهله... ولذا اعتنى به صَحْبُ الرسول -صلى الله عليه وسلم-
وتابعوهم تلاوة وحفظاً وفهماً وتدبراً وعملاً، وعلى ذلك سار سائر السلف
الصالح.


ومع
ضعف الأمة في عصورها المتأخرة تراجع الاهتمام بالقرآن وانحسر حتى اقتصر
الأمر عند غالب المسلمين على حفظه وتجويده وتلاوته فقط، بلا تدبر ولا فهم
لمعانيه ومراداته، وترتب على ذلك ترك العمل به أو التقصير في ذلك، وقد أنزل
الله القرآن وأمرنا بتدبره، وتكفل لنا بحفظه، فانشغلنا بحفظه وتركنا
تدبره، وليس المقصود الدعوة لترك حفظه وتلاوته وتجويده، ففي ذلك أجر كبير،
لكن المراد التوازن بين الحفظ والتلاوة والتجويد من جهة، وبين الفهم
والتدبر، ومن ثم العمل به من جهة أخرى.
إن تلاوة كتاب الله تعالى تعني
شيئاً آخر غير المرور بكلماته بصوت أو بغير صوت، إنها تعني تلاوته بفهم
وتدبّر ينتهي إلى إدراك وتأثر، وإلى عمل بعد ذلك وسلوك.


إن
تلاوة كتاب الله لا تعني الحرص على إقامة المدّ والغنّة ومراعاة الترقيق
والتفخيم فحسب، وإنما تعني ذلك مع ترقيق القلوب وإقامة الحدود، وقد عد شيخ
الإسلام ابن تيمية المبالغة والحرص في تحقيق ذلك وسوسة حائلة للقلب عن فهم
مراد الله تعالى.
والأمر الجامع لذلك: هو أننا مُتعبدُون بقراءة ألفاظ
القرآن صحيحة، وإقامة حروفه على النحو الذي يرضيه -جل وعلا- وأيضاً متعبدون
بفهم القرآن والتفقه فيه دون سواه، والاستغناء به عن غيره، قال رسول الله
-صلى الله عليه وسلم-: ((ما اجتمع قوم في بيت من
بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة،
وغشيتهم الرحمة، وحفَّتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده))، قال الله تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ} [(121) سورة البقرة].


إن
للقرآن أعلى حظوة لدى المسلمين، وهو عندهم ليس مجرد كتاب صلوات، أو أداة
نبوية أو غذاء للروح، أو تسابيح روحانية فحسب، بل إنه أيضاً القانون
السياسي، وكنـز العلوم، ومرآة الأجيال، إنه سلوى الحاضر وأمل المستقبل.


يشتكي الكثير من الناس قسوةً في قلوبهم، وهاجساً لا يكاد يفارقهم، وحديث نفس يأخذهم عن صلاتهم وعباداتهم.


تتعجب
من أمة ينـزل عليها شفاء من مولاها، وخطاب إيمان من خالقها، ثم تشتكي مما
سبق، فمهما اخترع الأطباء، وقال الحكماء فلن يجدوا شيئًا يشرح الصدور،
ويُنور القلوب، ويذهب قسوتها، ويلين يابسها، ويحيي ميتها، ويوقظ نائمها مثل
القرآن الكريم.
نعم: كتاب الله لما أعرضنا عنه, أصبحنا نحس بضيق في صدورنا, وبقسوة في قلوبنا, وظلمة في نفوسنا, فهل من عودة للقرآن؟.
فما أشرفه من كتاب؛ قارع العرب بفصاحته فأفحمهم، ونازل البلغاء ببيانه فأعجزهم، وتحداهم أن يأتوا بمثله فما استطاعوا لذلك سبيلا {قُل
لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ
هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ
لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [(88) سورة الإسراء].
ثم تحداهم أن يأتوا بعشر سور من مثله، فما وجدوا طريقاً، {قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [(13) سورة هود]. ثم تحداهم أن يأتوا بسورة واحدة من مثله فما وجدوا دليلاً، {قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [(38) سورة يونس].


إنه
كتاب الله, آيات منـزلة، فالأرض بها سماء, هي منها كواكب أُغلقت دونه
القلوب، فاقتحم أقفالها، وامتنعت عليه أعراف الضمائر فابتز أنفالها.


كم
صد المشركون عن سبيله صداً، ومن ذا يدافع السيل إذا هدر، واعترضوه
بالألسنة رداً، ولعمري من يرد على الله القدر، كم أبرقوا وأرعدوا حتى سال
بهم وبصاحبهم السيل، وأثاروا من الباطل في بيضاء ليلها كنهارها؛ ليجعلوا
نهارها كالليل، فما حالهم إلا ما قال الله تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} [(18) سورة الأنبياء].


نعم
هو القرآن, ألفاظ إذا اشتدت فأمواج البحار الزاخرة، وإذا هي لانت فأنفاس
الحياة الآخرة، نعم هو القرآن الكريم, المعجزة الخالدة لهذا الدين، وهو
الكتاب الحكيم، الذي أنزل الله على نبيه الكريم.


وإذا
كان الأنبياء السابقون -عليهم السلام- قد أوتوا من المعجزات ما آمن عليه
البشر في وقتهم، ثم انتهت هذه المعجزات بموتهم وفناء أقوامهم، فإن الذي
أوتيه محمدٌ –صلى الله عليه وسلم- ظلّ وسيظل معجزةً يدركها اللاحقون بعد
السابقين, ويراها المتأخرون كما رآها المتقدمون، وتلك والله معجزةٌ تتناسب
مع طبيعة هذا الدين الذي أراد الله له أن يكون آخر الأديان، يقول النبي
–صلى الله عليه وسلم- كما في الحديث الذي أخرجه مسلم: ((ما
من الأنبياء نبي إلا أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان
الذي أوتيت وحياً أوحاه الله إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم
القيامة)).


لقد
استطاع هذا القرآن أن يخرق قلوب الكفار في صدر الإسلام, وهم بعدُ على
الكفر والضلال، وما زال يؤثر فيها حتى قاد أصحابها إلى الهدى والإيمان.
يقول جبير بن مطعم -رضي الله عنه-: قدمت على النبي –صلى الله عليه وسلم- المدينة وذلك في وفد أسارى بدر، فسمعته يقرأ في المغرب بالطور، فلمّا بلغ الآية: {أَمْ
خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ* أَمْ خَلَقُوا
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ* أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ
رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ} [(35-37) سورة الطور]، قال جبير: "فكاد قلبي يطير" [أخرجه الشيخان].


وها
هو عتبة بن ربيعة ترسله قريش ليكلم النبي –صلى الله عليه وسلم- في شأن ما
جاء به، فكلم النبي –صلى الله عليه وسلم- كثيراً وهو منصت له، فلما فرغ،
قال له النبي –صلى الله عليه وسلم-: ((أفرغت يا أبا الوليد؟)) قال: نعم، قال: ((أنصت))، فقرأ عليه مطلع سورة فصلت: {حم*
تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ* كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ
قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ* بَشِيرًا وَنَذِيرًا
فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ} [(1-4) سورة فصلت]، حتى بلغ قوله تعالى: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} [(13) سورة فصلت]،
فأمسك عتبة على فم النبي –صلى الله عليه وسلم- وناشده بالرحم، ورجع إلى
أهله فلم يخرج، واحتبس عن قريش فترة، وفي بعض الروايات: أنه جاء إليهم،
فقال بعضهم لبعض: نقسم لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب، فلما جلس
إليهم قالوا: ما وراءك؟ قال: "ورائي أني سمعت قولاً والله ما سمعت مثله
قط، والله ما هو بالسحر، ولا بالشعر، ولا بالكهانة، يا معشر قريش، أطيعوني
واجعلوها لي، خلوا بين الرجل وبين ما هو فيه، فوالله ليكوننّ لقوله الذي
سمعت نبأ, والله إن لقوله لحلاوة، وإن أعلاه لطلاوة، وإن أسفله لمورق، وإنه
ليحطم ما تحته، وإنه ليعلو وما يعلى عليه"، قالوا: سحرك يا أبا الوليد
بلسانه، قال: هذا رأيي فيه فاصنعوا ما بدا لكم.


وكان للقرآن أثره البالغ على أفئدة قساوسة النصارى: {وَإِذَا
سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ
الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا
فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [(83) سورة المائدة], بل تأثر مردة الجنّ الذين كانوا قبل نزوله يسترقون السمع، {فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا* يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} [(1-2) سورة الجن].


وللملائكة
شأن مع القرآن، فقد أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما -واللفظ للبخاري- عن
أسيد بن حضير -رضي الله عنه- قال: "بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة،
وفرسه مربوطة عنده، إذ جالت -أي اضطربت الفرس– فسكت فسكنت، فقرأ فجالت
الفرس، فسكت فسكنت الفرس، ثم قرأ فجالت الفرس فانصرف، وكان ابنه يحيى
قريباً منها، فأشفق أن تصيبه، فلما اجترّه -يعني اجتر ولده لا تطأه الفرس-
رفع رأسه إلى السماء حتى ما يراها.


فلما أصبح حدث النبي –صلى الله عليه وسلم- فقال له: "اقرأ يا ابن حضير، اقرأ يا ابن حضير"،
قال: فأشفقت يا رسول الله أن تطأ يحيى، وكان منها قريباً، فرفعت رأسي إلى
السماء فإذا مثل الظلة -أي السحابة- فيها أمثال المصابيح، فخرجت حتى لا
أراها، قال: ((وتدري ما ذاك؟)) قال: لا. قال: ((تلك الملائكة دنت لصوتك، ولو أنك قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم)).


وفي
صحيح مسلم أيضاً عن البراء قال: كان رجل يقرأ سورة الكهف، وعنده فرس مربوط
بشطنين -والشطن الحبل الطويل- فتغشته سحابة فجعلت تدنو وتدنو، وجعل فرسه
ينفر منها، فلما أصبح أتى النبي –صلى الله عليه وسلم- فذكر له ذلك فقال: ((تلك السكينة تنزلت للقرآن)).


وكذلك
لا يزال القرآن يهذب النفوس ويؤثر فيها ويغير مسارها وحياتها، فها هو يحيل
قلوب اللصوص المجرمين إلى قلوب علماء صالحين, فهذا الفضيل بن عياض العالم
العابد -عليه رحمة الله- حُكي في قصة توبته، أنها كانت بسبب آية من كتاب
الله؛ فقد كان الفضيل بن عياض يقطع الطريق، وكان سبب توبته أنه عشق جارية،
فبينما هو يرتقي الجدار إليها, إذ سمع رجلاً قائماً من الليل يتهجد ويقرأ
قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن
تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا
يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ
الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ} [(16) سورة الحديد]،
فلما سمعها قال: بلى يا رب قد آن، بلى يا رب قد آن، بلى يا رب قد آن، فرجع
وهو يقول: اللهم إني تبت إليك وجعلت توبتي مجاورة البيت الحرام، وصدق الله
إذ يقول: {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى
جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ
وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } [(21) سورة الحشر].


إنه
العصمة الواقية، والنعمة الباقية، والحجة البالغة، والدلالة الدامغة، وهو
شفاء لما في الصدور، والحَكَم العدل عند مشتبهات الأمور، وهو الكلام
الجزْل، وهو الفصل الذي ليس بالهزل، سراج لا يخبو ضياؤه، وشهاب لا يخمد
نوره وسناؤه، وبحر لا يُدرك غورُه، بهرت بلاغتُه العقول، وظهرت فصاحته على
كل مقول. كل كلمة منه لها من نفسها طرب، ومن ذاتها عجب، ومن طلعتها غُرّة،
ومن بهجتها دُرّة، لاحت عليه بهجة القدرة، ونزل ممن له الأمر، فله على كل
كلام سلطان وإمرة، جميل في فواصله، وحسن ارتباط أواخره بأوائله، وبديعُ
إشاراته، وعجيب انتقالاته، من قصص باهرة، إلى مواعظ زاجرة، وأمثال سائرة
وحكم زاهرة، وأدلة على التوحيد ظاهرة، وأمثال بالتنـزيه والتحميد جامعة،
ومواقع تعجّب واعتبار، ومواطن تنـزيه واستغفار، إن كان الكلام ترجيةً بسط،
وإن كان تخويفاً قبض، وإن كان وعداً أبهج، وإن كان وعيداً أزعج، وإن كان
دعوةً جذب، وإن كان زجراً أرعب، وإن كان موعظةً أقلق، وإن كان ترغيباً
شوّق.


فسبحان
من سلكه ينابيع في القلوب، وصرفه بأبدع معنى وأعذب أسلوب، لا يَستقصي
معانيه فهمُ الخلق، ولا يحيط بوصفه على الإطلاق ذو اللسان الطلق، فالسعيد
من صرف همته إليه، ووقف فكره وعزمه عليه، والموفق من وفقه الله لتدبره،
واصطفاه للتذكير به وتذكّره، فهو يرتع منه في رياض، ويكرع منه في حياض.
أندى على الأكباد من قطر الندى، وألذ في الأجفان من سِنَةِ الكرى، يملأ
القلوب بشراً، ويبعث القرائح عبيراً ونشراً، يحيي القلوب بأوراده ولهذا
سماه الله روحاً، فقال سبحانه: {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ} [(15) سورة غافر]، فسمّاه روحاً؛ لأنه يؤدي إلى حياة الأبد، ولولا الروح لمات الجسد، فجعل هذا الروح سبباً للاقتدار، وعَلَماً على الاعتبار.


إن
هذا القرآن أُنزل ليكون منهج حياة، هي خير حياة وأسعدُها، ومرشداً إلى
سبيلٍ هو أقوم سبيل وأنجحُه، يهذبُ النفوس ويزكيها، ويقوِّم الأخلاق
ويعليها يقودُ من اتبعه إلى سعادة الدارين، وينجيه من شقاوة الحياتين، {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى* وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا} [(123-124) سورة طـه].


نزهه ربنا عن الخطأ والزلل، وجعله فصلاً في كل زمان ومكان، {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [(42) سورة فصلت]،
اتسع على أهل الافتكار طريق الاعتبار؛ بما فيه من القصص والأخبار، واتضح
به سلوك المنهج القويم والصراط المستقيم؛ بما فصل فيه من الأحكام، وفرّق
بين الحلال والحرام، فهو الضياء والنور، وبه النجاة من الغرور، وفيه شفاء
لما في الصدور، من تمسك به فقد هُدي، ومن عمل به فقد فاز.


إن
الله -جل وتعالى- أراد من العباد بإنزال كتابه أن يأتمروا بأمره، وينتهوا
بنهيه، ويصدِّقوا أخباره، ويوقنوا بما أخبر به من أمور الغيب، ويتخذوا من
قصص الأمم الماضية المواعظ والعبر، لا ليتخذوه ظهرياً، فيؤمنوا ببعض
ويكفروا ببعض، بل المقصود العمل به وفهم مراميه، {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} [(29) سورة ص]، {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [(24) سورة محمد].


فإذا قال الله سبحانه في النهي: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء} [(51) سورة المائدة]، نقول: سمعنا وأطعنا، وعلمنا أن ولاية غير الله مَثَله {كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [(41) سورة العنكبوت].


وإذا قال سبحانه في الأمر: {إِنَّمَا
وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ
يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [(55) سورة المائدة]، نقول: سمعنا وأطعنا.


وإذا قال سبحانه في الإخبار: {يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ
وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ* وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ
وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} [(7-Cool سورة محمد]، قلنا: اللهم آمنا وأيقنا وصدقنا، ولا مبدل لكلمات الله.


وإذا سمعنا قوله سبحانه في ذكر أفعاله بالأمم المكذبة السالفة: {فَكُلًّا
أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا
وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ
الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ
وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [(40) سورة العنكبوت]، قلنا: سبحانك اللهم يا عظيم، أجرنا من عذابك، وعلِمنا أن هذا هو عاقبة الأمم المكذبة إلى قيام الساعة، {دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا} [(10) سورة محمد].


وإذا
سمعنا قوله سبحانه في إنجاء الله للمؤمنين المتبعين لرسلهم، زادنا ذلك
اعتزازاً بربنا وبديننا، وثباتاً على منهجنا ولو تسلط المتسلطون وتجبر
الجبارون؛ {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا
لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ* إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ* وَإِنَّ
جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [(171-173) سورة الصافات]


القرآن
منهج حياة، ودستور ونظام، شريعة الله إلى أهل الأرض، قضى ألا يحتكموا إلا
إليها، وألا يؤمنوا إلا بما وافقها، وأن يعرضوا عن زبالات أذهان الناس من
الشرق أو الغرب، فهو الحَكَم العدل، {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [(50) سورة المائدة].


من أراد الهدى فبالقرآن؛ {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [(9) سورة الإسراء]، ومن أراد الغنى فبالقرآن قال –صلى الله عليه وسلم-: ((أفلا
يغدو أحدكم إلى المسجد فيتعلم، أو يقرأ آيتين من كتاب الله -عز وجل- خير
له من ناقتين، وثلاث خير له من ثلاث، وأربع خير له من أربع، ومن أعدادهنّ
من الإبل؟!)).


ومن أراد مضاعفة الأجور فبالقرآن قال –صلى الله عليه وسلم-: ((من قرأ حرفاً من كتاب الله كان له حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: {ألم} حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف)).


ومن أراد الشفاعة فبالقرآن قال –صلى الله عليه وسلم-: ((يأتي القرآن شفيعاً لأصحابه، تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجّان عن صاحبهما)).


ومن أراد الشفاء ففي القرآن؛ قال الله تعالى: {قُلْ
هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي
آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن
مَّكَانٍ بَعِيدٍ} [(44) سورة فصلت].


وبالجملة من أراد الخير كله ففي التمسك والعمل بالقرآن، ومن أراد الشر كله فبالإعراض عنه، {فَمَنِ
اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى* وَمَنْ أَعْرَضَ عَن
ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
أَعْمَى* قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا*
قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ
تُنسَى} [(123-126) سورة طـه]


فيا
من يشتكون من عدم استقرار البيوت، عليكم بالقرآن، ويا من يشتكون من القلق
والوساوس عليكم بالقرآن، ويا من يشتكون من ضعف الإيمان عليكم بالقرآن.


كم
يوقظ القرآن ضمائرنا ولا تستيقظ، وكم يحذرنا ونظل نلهو ونلعب، وكم يبشرنا
وكأن المبشَر غيرنا، وكم تعيينا الأمراض والعلل، ولو استشفينا بالقرآن
لشفانا الله به حساً ومعنى، وصدق الله: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا
هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ
إَلاَّ خَسَارًا} [(82) سورة الإسراء].

ألفاظه كعقـــود الدر ساطعة وآية لظلام الجهــــــــــــل أقمار
رقت معانيـــه إذ دقت لطائفه فأمعنت فيــــه ألبــــــاب وأفكار
كفى به لأولي الألباب تبصرة أن أنصفوا وبحكم العقل ما جاروا
به هدى الله أقوامـــاً وأيدهم فأصبحوا وعلى المنهاج قد ساروا



بالقرآن
يجد المؤمن شرح الصدر وقرة العين وذهاب الهمّ والغمّ؛ كيف لا وهو الشفاء
من كل داء، والهادي إلى كل خير، وبالقرآن يجد المريض كشف الضر ورفع اليأس
إذا قرأه القارئ بتيقن، وإذا استشعر المريض تعظيم كلام الله فكم شفي بسببه
من مريض، وكم زال من آلام أجسام استعصت على الأطباء.


وبالقرآن لانت قلوب أهل الكفر والضلال، فأصغت إليه قلوبهم، وخافوا من ربهم وعلموا أن هذا القرآن لا يقوله بشر، ولا يتفوه به كذاب، {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا} [(82) سورة النساء]. وبالقرآن لانت قلوب أهل المعاصي والمنكرات، وأفاقت من سكرتها، ورجعت إلى ربها مخبتة طائعة خاضعة خاشعة.


فإلى
الذين ظلوا على معاصيهم، ولجّوا في منكراتهم، وإلى الغافلين عن ربهم
والدار الآخرة، والغافلين عن مماتهم وحشرهم ونشرهم، وإلى الذين قهرتهم
شهواتهم وشياطينهم وغلبت عليهم، فباعوا أوقاتهم للشياطين والشهوات، وعمروا
أيامهم بالمعاصي والآثام، إلى هؤلاء وغيرهم الدواء العظيم والمخلِّص
الكريم، والشفاء المضمون بإذن الله، إلى القرآن العظيم هلموا تدبراً لآياته
وتعظيماً لحرماته، واتعاظاً بعظاته، واعتباراً بقصص الهالكين الذين حلّت
بهم الويلات من المسخ والخسف والإغراق والصيحة والريح العقيم؛ بسبب ذنوبهم
كما قال تعالى: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ
فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ
الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ
أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا
أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [(40) سورة العنكبوت].


احذروا شكوى محمد -صلى الله عليه وسلم- لربه من هجر قومه وأمته للقرآن، {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} [(30) سورة الفرقان]، وتأملوا في حكمة رد الله عليه: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا} [(31) سورة الفرقان].


وهكذا
تكشف الآية عن عظم هجر القرآن أفراداً أو جماعات، شعوباً أو حكومات، وإذا
رأيت في مجتمعات المسلمين عدداً من المخالفات لهدي القرآن ظاهراً، وعدداً
من التجاوزات لتعاليم الإسلام واضحاً، وزهداً بسنة محمد -صلى الله عليه
وسلم- صراحة أو خداعاً، واستيراداً للقوانين الوضيعة ووضعها للناس حكماً،
فاعلم أن ذلك من هجر القرآن، وتذكر حينها قوله تعالى: {فَلاَ
وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ
ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ
وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} [(65) سورة النساء].


إن
عالمية القرآن من أهم القضايا التي يتحتم على علماء المسلمين المعاصرين أن
يبينوها ويَذْكُروا وجه الصواب فيها بالبراهين العقلية، والحجج النقلية،
والأدلة الناصعة؛ لأنه قد خرج في الأوساط المسلمة في مختلف بلاد العالم
الإسلامي، في هذا القرن من ينكرون عالمية القرآن، مع أننا نحن معاشر
المسلمين سلفاً وخلفاً، منذ أن بعث الله هذا الكتاب إلى يومنا هذا وإلى أن
يرث الله الأرض ومن عليها نعتقد اعتقاداً جازماً؛ انطلاقاً من نصوص كثيرة
باهرة أن القرآن هو كتاب الله الذي خاطب البشرية به جميعاً إلى يوم القيامة
بلا تقيد بزمان دون زمان، أو مكان دون مكان، أو جنس دون جنس، أو طبقة دون
طبقة، خاطبهم جميعاً بما يسعدهم في دنياهم وأخراهم من العقائد التي تليق
بعظمة الخالق العظيم، والعبادات المعظمة لجلال الفاطر الحكيم التي تليق
بقدسيته وكبريائه، والأحكام الرفيعة والأخلاق الفاضلة التي يسمو بها بنو
البشر إذا طبقوها وعملوا بها روحاً ونفساً، ومادة ومعنى، وفرداً ومجتمعاً،
ويتطور المجتمع بما تحتوي عليه تلك المبادئ من الطاقات المحركة علماً
وتفكيراً؛ فهو وحده القادر على تقديم بديل حضاري متضمن لأفضل الأسس لأكرم
حضارة عالمية إنسانية تجاه ما ابتليت به البشرية من الحضارة الغربية التي
لم تستطع أن تُسعِد الإنسان فرداً وجماعةً سوى في جوانب طفيفة مادية.


عالمية القرآن من أوسع القضايا القرآنية مساحةً وتغطيةً، فهناك العديد من الآيات التي تعلن أن هذا القرآن ذِكْرٌ لجميع العالمين، {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ} [(87) سورة ص]، {وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ} [(52) سورة القلم].


وهناك آيات أخرى تصرح بعالمية القرآن، كقوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} [(1) سورة الفرقان]، {إِنَّا
أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى
فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنتَ
عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ} [(41) سورة الزمر].


إن عالمية الرسالة تستلزم عالمية القرآن، كما أن عالمية القرآن تستلزم عالمية الرسالة، قال -صلى الله عليه وسلم-: ((والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحدٌ من هذه الأمة، يهودي أو نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار)).


انتكست
الأمة الإسلامية في القرون الأخيرة، وتصدّعت أركانها، وتسلط عليها
أعداؤها، واستبدل الله قوتها بضعف، وعزتها بذلة، واجتماعها بفرقة وشتات،
أصبحت مستباحة الحمى، مهيضة الجناح، يعبث بها العابثون، ويفسد فيها
المفسدون، تنتهك حرماتها، وتسرق مقدراتها، ويُسْتوْلَى على أرضها، وتُشَتت
شعوبها، وهي لا تملك حولاً ولا طولاً، في كل أرض لها مأساة، وفي كل بلد لها
محنة، أبناؤها يشردون، ودعاتها يُقَتّلون، نساؤها ترمّل، وأطفالها تُيتم،
فما الذي جرى لها حتى وهنت، ووصلت إلى هذا المآل؟! ما الذي جرى حتى تغيب
هذا الغياب المذهل الذي أفقدها اتزانها ووجودها؟!


تدبر قول الله تعالى في محكم التنـزيل: {قَالَ
اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا
يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا
يَشْقَى* وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا
وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى* قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي
أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا* قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا
فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى* وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ
أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ
وَأَبْقَى} [(123-127) سورة طـه].


إذن
هذا هو السر، وهذا هو موضع الداء؛ أعرضت الأمة عن شرع الله تعالى، وهجرت
كتاب الله -عز وجل- علماً وعملاً، وأدبرت عن سنة النبي المصطفى -صلى الله
عليه وسلم-، واستبدلتها بقوانين وضعية، واجتهادات بشرية ملفقة من الشرق
والغرب فكانت النتيجة الملموسة التي تجنيها الأجيال، التخبط والشقاء الذي
نرى آثاره تزداد يوماً بعد يوم.


كم
ذاقت الأمة من البلاء وأصابها من الشدة، بسبب إدبارها وإعراضها عن شرع
الله ووحيه المنـزل؟! وكم تقلبت في ألوان وألوان من الذل والهوان؟! تأمل
حال الأمة الإسلامية من أدناها إلى أقصاها، وسوف تجد حالةً من القلق، وعدم
الاتزان تسيطر على كثير من أجزائها، وصدق المولى -جل وعلا- إذ يقول: {أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [(22) سورة الملك].


إن
السعادة كل السعادة والطمأنينة كل الطمأنينة، إنما هي في تعظيم شرع الله
تعالى واتباعه والاهتداء بهديه، والشقاوة والتخبط كل التخبط، إنما هو في
الإعراض عن شرع الله والاستهانة به وهجره، قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [(28) سورة الرعد].


إن
القرآن ليس آيات تهتز لها الرؤوس، وتتمايل بها العمائم، ويطرب لها
الدراويش في الموالد والمآتم والاحتفالات، وليس آيات تُهَذُّ هَذّ الشعر،
أو تنثر نثر الدقل، بل هو آيات بينات تتنـزل على قلوب المؤمنين فتغمرها
بالسكينة والطمأنينة، وتملؤها بالثقة والثبات.


وتدبرُ
آيات الله -عز وجل- ومعرفة مقاصدها ومراميها، والوقوف عند عظاتها وعبرها،
والتفكر في معانيها وفقهها وأسرارها: نعمة عظيمة من أجل النعم التي يوفق
إليها العبد المسلم، قال الله تعالى: {إِنَّمَا
الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ
وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى
رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [(2) سورة الأنفال]،
ولهذا وصف أبو عبد الرحمن السلمي الصحابة -رضي الله عنهم- بقوله: "حدثنا
الذين كانوا يُقرئوننا القرآن، كعثمان بن عفان، وعبد الله بن مسعود
وغيرهما، أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر آيات،
لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن
والعلم والعمل جميعاً".


وإذا
طغى الران على القلب، وانتكس الإنسان بعبثه ولهوه، حجبه الله تعالى عن نور
القرآن، وحال بينه وبين الهدى والحق، قال الله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [(24) سورة محمد]، وقال تعالى: {وَإِذَا
قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ
يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا* وَجَعَلْنَا عَلَى
قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا
ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ
نُفُورًا} [(45-46) سورة الإسراء]، وتوعد الله تعالى المعرضين عن كتابه العزيز بقوله -عز وجل-: {أَفَمَن
شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ
فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي
ضَلَالٍ مُبِينٍ} [(22) سورة الزمر].


وأما أهل الإيمان فقد وصفهم الله بقوله تعالى: {وَبِالْحَقِّ
أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّرًا
وَنَذِيرًا* وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى
مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً* قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ
إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى
عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا* وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ
رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً* وَيَخِرُّونَ
لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [(105-109) سورة الإسراء].


الحياة
مع القرآن لها طعم خاص، وإحساس خاص، لا يدرك حقيقة تلك الحياة القرآنية
إلا من أنار الله بصيرته فوفّقه للتأمل في آياته، والتفكّر في كلامه
المنـزّل على خير خلقه، وصفوة رسله -صلى الله عليه وسلم-. إن تدبر القرآن
عبادة حثنا الله عليها؛ لما تشتمل عليه من حِكَم وفوائد تربي المسلم وتأخذ
بيده لالتماس الخير واقتباس الدروس والعِبَر. فمن حِكَم التدبر: أنه يدفعك
للعمل بقناعة ويقين، ويجعلك مرهف الذوق رقيق الحسّ، ويفتح لك أبواب البيان
وسبل الإبداع في العمل والدعوة.


وحين
تتدبر القرآن الكريم وأنت تتلوه في هدأة الليل وصفاء الكون تأتيك حقائق،
وتنكشف لك أسرار تزيدك إيماناً بأنه كلام المولى -تبارك وتعالى- منه بدأ
وإليه يعود، وتضيء لك أنوار الحق، وتنبثق أفكار الهداية وأنت تقرأ فيه قصص
الأنبياء والأمم السابقة، تكون لك عوناً على الثبات والدعوة والجهاد.


ومن فوائده أنه ميسّر لكل تالٍ وحافظ {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} [(17) سورة القمر]، ويربطك بالحياة ويعالج مشكلاتها، {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [(44) سورة النحل]، ويهبُك فطنة وذكاءً وسرعة بديهة، {إِنَّ
الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا
مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن
تَبُورَ* لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ
غَفُورٌ شَكُورٌ} [(30-31) سورة فاطر].


ألا
ترى معي ذلك الصبيّ وهو يترنم بآيات من الكتاب العزيز يتلوها ويستظهرها في
حِلَق التحفيظ، ولمَّا يصل سن البلوغ بعدُ، وقد استظهر آيات تتعلق بأحكام
الطلاق والنكاح، وأخرى بالغنائم والقتال، ونحو ذلك مما قد يُشكِلُ عليه فهم
معانيها، لكنه ميسّر له حفظها وتلاوتها!


إنه
أمر يدعو إلى التأمل في عظيم هذا الكتاب المعجز، والحث على العيش مع آياته
وتوجيهاته بتدبر وتفكر. يحتاج المسلم بين الحين والآخر إلى من يذكّره
ويعظه في نفسه، ويرقق له قلبه، ويضعه دائماً على الطريق السوي بلا إفراط
ولا تفريط، وهذا التذكير إذا قابل نفساً معتدلة فإنها تقبل وتتأدب.


ولكن
هناك صنفاً آخر من المسلمين قد ابتعد كثيراً عن آداب الإسلام وأخلاقه، بل
عن كثير من توحيد العبادة وما يليق بجلاله -سبحانه وتعالى- من المحبة
والتعظيم والخضوع والتسليم، فمثل هؤلاء لا بد لهم من قوارع ومواعظ قوية
تنبههم من غفلتهم، وتخرجهم عن غيّهم، وليس أقوى من قوارع القرآن الذي أثّر
في العرب تأثيراً بالغاً ليس بنظمه المعجز فقط بل بزواجره ونواهيه وطريقة
عرض قصصه في كل سورة، فلماذا لا يُقرع أسماع هؤلاء بمثل هذه الآيات: {يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ
أَوْلِيَاء إَنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن
يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ* قُلْ إِن كَانَ
آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ
وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ
كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ
وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ
اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [(23-24) سورة التوبة].


لماذا
لا يُصارح هؤلاء الذين استعبدتهم التقاليد والمظاهر التافهة وأصبحت
كلماتهم وأفعالهم أبعد ما تكون عن الإسلام، لماذا لا يصارحون بأن ما هم فيه
إنما هو من رخاوة عَقْد الدين وضعف الإيمان؟!


إن
كثيراً من الخطباء والوعاظ لا يلمس الداء ولا يضع يده على الجرح، وإنما
يتكلمون من بعيد، وقد لا يفهم المخاطَب أنه هو المعنيّ بهذا الكلام، مع أن
هناك فرقاً بين المصارحة وبين الشدة في القول التي تؤذي السامعين، أو تجعل
عندهم ردة فعل.
ومثل هؤلاء يشدد عليهم لفترة معينة حتى يعودوا إلى الله ويؤوبوا، وعندئذ يرجع الوعظ والكلام متنقلاً بين الخوف والرجاء.
إن
النفس البشرية لا يكفيها مجرد تأليف الكتب ووضع الأنظمة، التي تقول لهم
هذا حق وهذا باطل، أو هذا حلال وهذا حرام، بل لا بد أيضاً من الإذعان
الوجداني، والقناعة الداخلية والتأثير النفسي.


وإن
قصص القرآن وأمثاله المضروبة وأحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- كافية
في إصلاح النفس وردعها ووضعها على الصراط المستقيم. إن القرآن لم يأت على
نسق الكتب الموضوعة، إذ ليست فيه مباحث موضوعية مرتبة لها مقاصد وأغراض في
فصول وأبواب، وإنما كان القرآن مشتملاً على عدة سور، وكل سورة منه احتوت
على آيات متعددة، وكل آية أو آيات في غرض، فهذه في الوعظ، وتلك للزجر، وهذه
قصة، وتلك للأمر، وأخرى للنهي، وهذه في العقيدة، وأخرى في الأحكام، وتلك
في التشريع، وهذه في الأخلاق، وهلم جرّاً.


إن
هذا القرآن دعا إلى مجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن، ودعا أهل الكتاب إلى
كلمة سواء، ولقد حاور رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أهل الكتاب، ودعاهم
إلى اتباع الحق والدخول في الإسلام، لكن أين هذا من مشاركة عدد ممن يحسبون
على أهل العلم في مؤتمرات وحدة الأديان؟!


الرسول
-صلى الله عليه وسلم- دعا أهل الكتاب إلى كلمة سواء، وهي دعوة قرآنية
صريحة، لكنها دعوة لها شروط، لا بد من تحققها وإلا فقدت الدعوة معناها
وهدفها، وكان القرآن دقيقاً في تحديد شروط الدعوة وأهدافها! قال الله -عز
وجل {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى
كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ
وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا
مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا
مُسْلِمُونَ} [(64) سورة آل عمران]، وكان
الرسول -صلى الله عليه وسلم- خير من طبق مفهوم هذه الآية والتزم بشروطها
عندما وجه الدعوة إلى أهل الكتاب، وبلَّغهم الإسلام، وأقام عليهم الحجة.


ففي
السنة السابعة من الهجرة وبعد صلح الحديبية وجَّه الرسول -صلى الله عليه
وسلم- الدعوة إلى حاكم أقوى دولة نصرانية وأكبرها "هرقل" زعيم الروم،
وسجَّل في كتابه له هذه الآية، وطالبه بالدخول في الإسلام، وحمَّل رسولُ
الله -صلى الله عليه وسلم- كتابه الصحابيَّ "دحية الكلبي" -رضي الله عنه-
وكلّفه بالذهاب إلى هرقل وتبليغه الدعوة.


عن
ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أرسل إلى
هرقل كتاباً جاء فيه: ((بسم الله الرحمن الرحيم: من محمد عبد الله ورسوله
إلى هرقل عظيم الروم. سلام على من اتبع الهدى أما بعد: فإني أدعوك بدعاية
الإسلام، أسلم تسلم، يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم
الأريسيين. {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ
إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ
اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً
أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ
بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [(64) سورة آل عمران] ))، ولما وصلت الدعوة إلى هرقل أوشك أن يستجيب لها ويسلم، لكنه آثر ملكه وسلطانه فرفضها.


ومن
الواضح في نص كتاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى هرقل أنه لا ينظر لدين
هرقل النصراني على أنه مساوٍ للإسلام في الحق والصحة كما يفعل المشاركون
في مؤتمرات الأديان، وإنما اعتبر أن الإسلام وحده هو الحق والصواب، وأن
النصرانية دين باطل منسوخ مردود، ولذلك لا بد أن يتخلى عنه أصحابه ويتبعوا
الإسلام.


كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- صريحاً في دعوة هرقل إلى الدخول في الإسلام: ((أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم))،
فإن لبى هرقل الدعوة ودخل في الإسلام فإن الله يؤتيه أجره مرتين وليس مرة
واحدة؛ مرة لإيمانه بعيسى ابن مريم -عليه السلام-، ومرة لإيمانه بمحمد -صلى
الله عليه وسلم-. وإن لبَّى الدعوة ودخل في الإسلام، فإن شعبه وأتباعه
سيتبعونه ويدخلون في الإسلام، وبذلك سيأجره الله على إسلامهم، من غير أن
ينقص من أجورهم شيئاً، أما إن رفض الدعوة للدخول في الإسلام، وأصر على
البقاء على نصرانيته فسيكون ضالاً كافراً خاسراً، وسيحمل إثم "الأريسيين"
من شعبه وقومه؛ لأنه بكفره يكون قد صدهم عن الدخول في الإسلام!
والأريسيون
هم الرومان من أتباع "آريوس" الذي كان موحداً لله، ويرى أن عيسى -عليه
السلام- هو عبد الله ورسوله، وليس ابناً لله، فحاربه وحارب أتباعَه
الرهبانُ الذين ألَّهوا عيسى عليه السلام!.


إذن: الهدف من المؤتمرات الحوارية مع أهل الكتاب الالتزام بشروط ثلاثة، والخروج بنتائج ثلاثة: الأول: {أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ}:
عبادة الله وحده، وعدم عبادة مخلوق غيره، وهذا غير موجود عند اليهود
والنصارى، فهم يزعمون أنهم يعبدون الله، ولكنهم يعبدون معه غيره من أحبارهم
ورهبانهم. الثاني: {وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً}: عدم الإشراك بالله، وعدم تأليه غيره من المخلوقين، وهذا موجود عند اليهود والنصارى، فاليهود يقولون: {عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ} والنصارى يقولون: {الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ} [(30) سورة التوبة] وهذا شرك منهم بالله.
الثالث: {وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّه}:
عدم الاعتراف بالربوبية لغير الله، وعدم قبول تشريع غير الله، وهذا غير
موجود عند اليهود والنصارى فهم يزعمون إيمانهم بالله رب العالمين، لكنهم مع
ذلك يتخذون أرباباً غيره من أحبارهم ورهبانهم.
إن هدف مؤتمرات الحوار
مع أهل الكتاب التي ينبغي أن يُعِدَّ لها المسلمون أنفسُهم هو تخلي اليهود
والنصارى عن الشرك بالله، وتأليه غير الله أو ربوبيته، وعبادة الله وحده،
ولن يكون هذا إلا بتخليهم عن دينهم المحرف الباطل المنسوخ، والدخول في
الإسلام، وشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؛ {فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}.


اللهم
اجعلنا من أهل القرآن الذين يعظمونه حق التعظيم، فيؤمنون بمتشابهه،
ويعملون بمحكمه، ويحلون حلاله، ويحرمون حرامه، ويحكّمونه في جميع أمورهم،
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم...



القرآن

الشيخ/ ناصر بن محمد الأحمد
ابو المجد
ابو المجد
المدير العام
المدير العام

تاريخ التسجيل : 20/04/2009
العمل/الترفيه : تقني
الموقع : المغرب

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 القرآن .. !!! Empty رد: القرآن .. !!!

مُساهمة من طرف ابن الهيلا الأربعاء 23 نوفمبر 2011, 12:20

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
كل الشكر والتقدير لك على مشاركتك الرائعه والمميزه
وعلى هذا الموضوع الذي قمت بطرحه علينا
ومتمنياتي لك بالتوفيق ومواصلة التميز معنا
وفي انتظار جديدك إن شاء الله
لا تحرمنا من ما تقدمه
تقبلـ مروري
تحياتي
ابن الهيلا
ابن الهيلا
نائب المدير
نائب المدير

تاريخ التسجيل : 14/03/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 القرآن .. !!! Empty رد: القرآن .. !!!

مُساهمة من طرف Admin الأربعاء 23 نوفمبر 2011, 18:13

السلام عليكم و رحمة الله وبركاته،
موضوع مميز لك جزيل الشكر و التقدير.
Admin
Admin
المدير العام
المدير العام

تاريخ التسجيل : 19/04/2009
العمل/الترفيه : مهندس
الموقع : www.ahladalil.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 القرآن .. !!! Empty رد: القرآن .. !!!

مُساهمة من طرف جمانة الخميس 24 نوفمبر 2011, 11:28

جزاك الله كل خير

كل التحيه لك ولطرحك
جمانة
جمانة
المشرفة العامة
المشرفة العامة

تاريخ التسجيل : 24/11/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 القرآن .. !!! Empty رد: القرآن .. !!!

مُساهمة من طرف اصيل العرب الخميس 24 نوفمبر 2011, 12:44

بارك الله فيك على الموضوع المميز
جزاك الله خيراً .
اصيل العرب
اصيل العرب
مدير منتدى
مدير منتدى

تاريخ التسجيل : 07/07/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 القرآن .. !!! Empty رد: القرآن .. !!!

مُساهمة من طرف رانية الخميس 24 نوفمبر 2011, 22:29

بسم الله الرحمان الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاك الله كل الخير

وأثابك جنة الفردوس على طرحك القيم

وجعله في ميزان أعمالك

ونفع بك وكل الود والتقدير لشخصك الكريم

ولا حرمنا الله جديدك

في آمان الله
رانية
رانية
المراقبة العامة
المراقبة العامة

تاريخ التسجيل : 08/10/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 القرآن .. !!! Empty رد: القرآن .. !!!

مُساهمة من طرف الزهرة الجميلة الجمعة 02 ديسمبر 2011, 20:29

جزاك الله كل خير ....موضوع ..مفيد
الزهرة الجميلة
الزهرة الجميلة
عضو فعال
عضو  فعال

تاريخ التسجيل : 01/12/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 القرآن .. !!! Empty رد: القرآن .. !!!

مُساهمة من طرف النسر الصياد السبت 03 ديسمبر 2011, 16:37

جزاك الله خير الجزاء وبورك فيك واحسن الله اليك

النسر الصياد
عضو فعال
عضو  فعال

تاريخ التسجيل : 01/12/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 القرآن .. !!! Empty رد: القرآن .. !!!

مُساهمة من طرف فؤاد الروح الإثنين 05 ديسمبر 2011, 13:14

لكم باقة أزهار رائعة

أسمى الكلمات الجميلة وأغلاها

تقبلوا تحياتنا القلبية كلها تألقا وابداع للامام

انتقاء مميز لكيفيات جد رائعة

دوام المثابرة

جزاكم الله كل خيرلمجهودكم الموفق
فؤاد الروح
فؤاد الروح
عضو فعال
عضو  فعال

تاريخ التسجيل : 01/12/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 القرآن .. !!! Empty رد: القرآن .. !!!

مُساهمة من طرف ابو القاسم السبت 10 ديسمبر 2011, 18:51

رائع بارك الله فيك
وجزاك الله خيرا
ابو القاسم
ابو القاسم
مشرف
مشرف

تاريخ التسجيل : 30/05/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 القرآن .. !!! Empty رد: القرآن .. !!!

مُساهمة من طرف عاشق البحر الخميس 22 ديسمبر 2011, 12:11

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى ال بيت محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

موضوع مفيد وقيم
بارك الله فيكم
تقبلو مروري
وتحياتي
عاشق البحر
عاشق البحر
مراقب
مراقب

تاريخ التسجيل : 17/05/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 القرآن .. !!! Empty رد: القرآن .. !!!

مُساهمة من طرف الحرمان الجمعة 18 مايو 2012, 17:30

طرح قيم

جزاك الله خيرا

بانتظار القادم

الحرمان
كبار الشخصيات
كبار الشخصيات

تاريخ التسجيل : 15/03/2012

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 القرآن .. !!! Empty رد: القرآن .. !!!

مُساهمة من طرف meriem الثلاثاء 12 يونيو 2012, 19:17

بارك الله فيك و جزاك الله خيرا

في موازين حسناتك ان شاء الله

دمت برضى الرحمن
meriem
meriem
مديرة منتدى
مديرة منتدى

تاريخ التسجيل : 22/11/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

إنشاء حساب أو تسجيل الدخول لتستطيع الرد

تحتاج إلى أن يكون عضوا لتستطيع الرد.

انشئ حساب

يمكنك الانضمام لمنتديات تقنيات فعملية التسجيل سهله !


انشاء حساب جديد

تسجيل الدخول

اذا كنت مسجل معنا فيمكنك الدخول بالضغط هنا


تسجيل الدخول

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى