المواضيع الأخيرة
» Sondos
الأربعاء 28 أغسطس 2024, 07:35
» Sondos
الأربعاء 28 أغسطس 2024, 01:17
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 23:02
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 04:44
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 01:06
» Sondos
الإثنين 26 أغسطس 2024, 20:57
» Sondos
الأحد 25 أغسطس 2024, 23:20
» Sondos
الأحد 25 أغسطس 2024, 19:57
» Sondos
الثلاثاء 20 أغسطس 2024, 22:17
» Sondos
الإثنين 19 أغسطس 2024, 17:59
المواضيع الأكثر نشاطاً
قصص الانبياء
قصص الانبياء
ذكر مولد إسماعيل عليه السلام من هاجر
قال
أهل الكتاب : إن إبراهيم عليه السلام سأل الله ذرية طيبة . وأن الله بشره
بذلك ، وأنه لما كان لإبراهيم ببلاد بيت المقدس عشرون سنة قالت سارة
لإبراهيم عليه السلام : إن الرب قد أحرمني الولد ، فادخل على أمتي هذه لعل
اله يرزقك منها ولداً .
فلما
وهبتها له دخل بها إبراهيم عليه السلام ، فحين دخل بها حملت منه . قالوا :
فلما حملت ارتفعت نفسها وتعاظمت على سيدتها ، فغارت منها سارة فشكت ذلك
إلى إبراهيم ، فقال لها : افعلي بها ما شئت ، فخافت هاجر فهربت فنزلت عند
عين هناك . فقال لها ملك من الملائكة : لا تخافي فإن الله جاعل من هذا
الغلام الذي حملت خيراً وأمرها بالرجوع وبشرها أنها ستلد ابناً وتسميه
إسماعيل ، ويكون وحش الناس ، يده على الكل ، ويد الكل به ، ويملك جميع بلاد
إخوته . فشكرت الله عز وجل على ذلك .
وهذه
البشارة إنما انطبقت على ولده محمد صلوات الله وسلامه عليه ، فإن الذي به
سادت العرب ، وملكت جميع البلاد غرباً وشرقاً ، وآتاها الله من العلم
النافع ، والعمل الصالح ما لم يؤت أمة من الأمم قبلهم ، وما ذاك إلا بشرف
رسولها على سائر الرسل . وبركة رسالته ويمن سفارته وكماله فيما جاء به ،
وعموم بعثته لجميع أهل الأرض .
ولما رجعت هاجر وضعت إسماعيل عليه السلام .
قالوا : وولدته وإبراهيم من العمر ست وثمانون سنة ، قبل مولد إسحاق بثلاث عشرة سنة .
ولما
ولد إسماعيل أوحى الله إلى إبراهيم يبشره بإسحاق من سارة ، فخر لله ساجداً
، وقال له : قد استجبت لك في إسماعيل وباركت عليه وكثرته ونميته جداً
كثيراً ، ويولد له اثنا عشر عظيماً ، وأجعله رئيساً لشعب عظيم .
وهذه
أيضاً بشارة بهذه الأمة العظيمة ، وهؤلاء الإثنا عشر عظيماً هم الخلفاء
الراشدون الإثنا عشر ، المبشر بهم في حديث عبد الملك بن عمير ، عن جابر بن
سمرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يكون اثنا عشرة أميراً " ثم
قال كلمة لم أفهمها ، فسألت أبي : ما قال ؟ قال : " كلهم من قريش " .
أخرجاه في الصحيحين .
وفي رواية : " لا يزال هذا الأمر قائماً - وفي رواية : عزيزاً - حتى يكون اثنا عشر خليفة كلهم من قريش " .
فهؤلاء
منهم الأئمة الأربعة : أبو بكر وعثمان وعلي : ومنهم عمر بن عبد العزيز
أيضاً . ومنهم بعض بني العباس . وليس المراد أنهم يكونوا اثنى عشر نسقاً بل
لا بد من وجودهم .
وليس
المراد الأئمة الإثنى عشر الذين يعتقد فيهم الرافضة . الذي أولهم علي بن
أبي طالب وآخرهم المنتظر بسرداب سامرا - وهو محمد الحسن العسكري فيما
يزعمون - فإن أولئك لم يكن فيهم أنفع من علي وابنه الحسن بن علي ، حين ترك
القتال وسلم الأمر لمعاوية ، وأخمد نار الفتنة وسكن رحى الحرب بين المسلمين
، والباقون من جملة الرعايا لم يكن لهم حكم على الأمة في أمر من الأمور .
وأما ما يعتقدونه بسرداب سامرا . فذاك هوس في الرؤس ، وهذيان في النفوس ،
لا حقيقة له ولا عين ولا أثر .
* * *
والمقصود
أن هاجر عليها السلام لما ولد لها إسماعيل ، اشتدت غيرة سارة منها ، وطلبت
من الخليل أن يغيب عن وجهها عنها ، فذهب بها وبولدها ، فساد بهما حتى
وضعهما حيث مكة اليوم . ويقال إن ولدها كان إذ ذاك رضيعاً .
فلما
تركهما هناك وولى ظهره قامت إليه هاجر وتعلقت بثيابه ، وقالت : يا إبراهيم
. . أين تذهب وتدعنا هاهنا وليس معنا ما يكفينا ؟ فلم يجبها ، فلما ألحت
عليه وهو لا يجيبها قالت له : آلله أمرك بهذا ؟ قالت : نعم . قالت : فإذن
لا يضيعنا !
وقد ذكر الشيخ أبو محمد بن أبي زيد رحمه الله في كتاب النوادر : أن سارة غضبت على هاجر فحلفت لتقطعن ثلاثة أعضاء منها فأمرها الخليل أن تثقب أذنيها ، وأن تخفضها فتبر قسمها .
قال السهيلي : فكانت أول من اختتن من النساء ، وأول من ثقبت أذنها منهن ، وأولت من طولت ذيلها .
· * *
ذكر مهاجرة إبراهيم بابنه إسماعيل وأمه هاجر إلى جبال فاران وهي أرض مكة
، وبنائه البيت العتيق
ذكر مهاجرة إبراهيم بابنه إسماعيل وأمه هاجر إلى جبال فاران وهي أرض مكة ، وبنائه البيت العتيق
قال البخاري :
قال عبد الله بن محمد - هو أبو بكر بن أبي شيبة - حدثنا عبد الرزاق ،
حدثنا معمر ، عن أيوب السختياني وكثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة ،
يزيد أحدهما على الآخر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : أو ما اتخذ
النساء المنطق من قبل أم إسماعيل ، اتخذت منطقاً لتعفى أثرها على سارة ، ثم
جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل وهي ترضعه ، حتى وضعهما عند البيت عند
دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء . فوضعها
هنالك ووضع عندهما جراباً فيه تمر ، وسقاء فيه ماء .
ثم
قفى إبراهيم منطلقاً فتبعته أم إسماعيل ، فقالت : يا إبراهيم . . أين تذهب
وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس به أنيس ولا شيء ؟ فقالت له ذلك مراراً وجعل
لا يلتفت إليها ، فقالت له : الله أمرك بهذا ؟ قال : نعم . قالت : إذن لا
يضيعنا . ثم رجعت .
فانطلق
إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت ، ثم دعا
بهؤلاء الدعوات ورفع يديه فقال : " ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي
زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم
وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون " .
وجعلت
أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء ، حتى إذا نفد ما في السقاء
عطشت وعطش ابنها ، وجعلت تنظر إليه يتلوى - أو قال يتلبط - فانطلقت كراهية
إن تنظر إليه ، فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها ، فقامت عليه ثم
استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحداً ، فلم تر أحداً . فهبطت من الصفا حتى إذا
بلغت بطن الوادي رفعت طرف درعها ، ثم سعت سعى الإنسان المجهود . حتى جاوزت
الوادي ثم أتت المروة فقامت عليها ، ونظرت هل ترى أحداً ، فلم ترى أحداً ،
فعلت ذلك سبع مرات .
قال ابن عباس : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ذلك سعى الناس بينهما " .
فلما
أشرفت على المروة سمعت صوتاً فقالت : صه ، تريد نفسها ، ثم تسمعت فسمعت
أيضاً ، فقالت : قد أسمعت إن كان عندك غواث ، فإذا هي بالملك عند موضع زمزم
، فبحث بعقبه - أو قال بجناحه - حتى ظهر الماء ، فجعلت تحوضه وتقول بيدها
هكذا . وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهو يفور بعد ما تغرف .
قال
ابن عباس : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " يرحم الله أم إسماعيل ! لو
تركت زمزم - أو قال : لو لم تغرف من الماء - لكانت زمزم عيناً معيناً " قال
: فشربت وأرضعت ولدها فقال لها الملك : لا تخافي الضيعة فإن هاهنا بيتاً
لله يبنيه هذا الغلام وأبوه ، وإن الله لا يضيع أهله .
وكان
البيت مرتفعاً من الأرض كالرابية ، تأتيه السيول فتأخذ يمينه وعن شماله ،
فكانت كذلك حتى مرت بهم رفقة من جرهم ، أو أهل بيت من جرهم ، مقبلين من
طريق كداء ، فنزلوا في أسفل مكة فرأوا طائراً عائفاً ، فقالوا : إن هذا
الطائر ليدور على ماء ، لعهدنا بهذا الوادي وما فيه من ماء . فأرسلوا جرياً
أو جريين فإذا هم بالماء ، فرجعوا فأخبرهم بالماء فأقبلوا .
قال : وأم إسماعيل عند الماء ، فقالوا : أتأذنين لنا أن ننزل عندك ؟ قالت : نعم . ولكن لاحق لكم في الماء عندنا . قالوا : نعم .
قال
عبد الله بن عباس : قال النبي صلى الله عليه وسلم : فألفى ذلك أم إسماعيل
وهي تحب الأنس ، فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معهم حتى إذا كان بها
أهل أبيات منهم .
وشب الغلام وتعلم العربية منهم ، وأنفسهم وأعجبهم حين شب . فلما أدرك زوجوه امرأة منهم .
وماتت
أم إسماعيل ، فجاء إبراهيم بعد ما تزوج إسماعيل يطالع تركته فلم يجد
إسماعيل ، فسأل امرأته عنه فقالت : خرج يبتغي لنا ، ثم سألها عن عيشهم
وهيئتهم ، فقالت : نحن بشر ، نحن في ضيق وشدة ، وشكت إليه ، قال : فإذا جاء
زوجك فاقرئي عليه السلام وقولي له يغير عتبة بابه .
فلماء
جاء إسماعيل كأنه آنس شيئاً فقال : هل جاءكم من أحد ؟ فقالت : نعم جاءنا
شيخ كذا وكذا فسألنا عنك فأخبرته ، وسألني كيف عيشنا ؟ فأخبرته أنا في جهد
وشدة . قال : هل أوصاك بشيء ؟ قالت : نعم ، أمرني أن أقرأ عليك السلام ،
ويقول لك غير عتبة بابك .
قال
: ذاك أبي ، وقد أمرني أن أفارقك فالحقي بأهلك ، وطلقها وتزوج منهم أخرى ،
ولبث عنهم إبراهيم ما شاء الله ، ثم أتاهم بعد فلم يجده فدخل على امرأته
فسألها عنه ، فقالت : خرج يبتغي لنا . قال : كيف أنتم ؟ وسألها عن عيشهم
وهيئتهم ، فقالت : نحن بخير وسعة ، وأثنت علي الله عز وجل . فقال : وما
طعامكم ؟ قالت : اللحم ، قال : فما شرابكم ؟ قالت : الماء . قال : " اللهم
بارك لهم في اللحم والماء " .
قال
النبي صلى الله عليه وسلم : " ولم يكن لهم يومئذ حب ، ولو كان لهم حب لدعا
لهم فيه " قال : فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه .
قال
: فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام ، ومريه يثبت عتبت بابه ، فلما جاء
إسماعيل قال : هل أتاكم من أحد ؟ قالت : نعم ، أتانا شيخ حسن الهيئة ،
وأثنت عليه ، فسألني عنك فأخبرته ، فسألني كيف عيشنا ؟ فأخبرته أنا بخير ،
قال : فأوصاك بشيء ؟ قالت : نعم هو يقرأ عليك السلام ويأمرك أن تثبت عتبة
بابك . قال : ذاك أبي وأنت العتبة ، أمرني أن أمسكك .
ثم
لبث عندهم ما شاء الله ، ثم جاء بعد ذلك وإسماعيل يبرى نبلاً له تحت دوحة
قريباً من زمزم ، فلما رآه قام إليه فصنعا كما يصنع الوالد بالولد والولد
بالوالد ثم قال : يا إسماعيل . . إن الله أمرني بأمر . قال : فاصنع ما أمرك
به ربك ، قال : وتعينني ؟ قال : وأعينك . قال : فإن الله أمرني أن أبني
هاهنا بيتاً . وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها .
قال
: فعند ذلك رفعاً القواعد من البيت ، وجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم
يبني ، حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له ، فقام عليه وهو
يبني وإسماعيل يناوله الحجارة وهما يقولان : " ربنا تقبل منا إنك أنت
السميع العليم " .
قال : فجعلا يبنيان حتى يدورا حول البيت وهما يقولان : " ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم " .
ثم
قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو ، حدثنا
إبراهيم بن نافع ، عن كثير بن كثير ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال :
لما كان بين إبراهيم وبين أهله ما كان ، خرج بإسماعيل وأم إسماعيل ، ومعهم
شنة فيها ماء ، وذكر تمامه بنحو ما تقدم .
وهذا
الحديث من كلام ابن عباس وموضح برفع بعضه . وفي بعضه غرابة ، وكأنه مما
تلقاه ابن عباس عن الإسرائيليات ، وفيه أن إسماعيل كان رضيعاً إذ ذاك .
وعند
أهل التوراة أن إبراهيم أمره الله بأن يختن ولده إسماعيل وكل من عنده من
العبيد وغيرهم فخنتهم ، وذلك بعد مضي تسع وتسعين سنة من عمره ، فيكون عمر
إسماعيل يومئذ ثلاث عشرة سنة ، وهذا امتثال لأمر الله عز وجل في أهله ،
فيدل على أنه فعله على وجه الوجوب . ولهذا كان الصحيح من أقوال العلماء أنه
واجب على الرجال ، كما هو مقرر في موضعه .
وقد ثبت في الحديث الذي رواه البخاري :
حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا مغيرة بن عبد الرحمن القرشي ، عن أبي الزناد ،
عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " اختتن
إبراهيم النبي عليه السلام وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم " .
تابعه
عبد الرحمن بن إسحاق عن أبي الزناد ، وتابعه عجلان ، عن أبي هريرة ، ورواه
محمد ابن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، وهكذا رواه مسلم عن قتيبة .
وفي بعض الألفاظ : " اختتن إبراهيم بعد ما أتت عليه ثمانون سنة واختتن بالقدوم " والقدوم هو الآلة ، وقيل موضع .
وهذا
اللفظ لا ينافي الزيادة على الثمانين . . والله أعلم ، لما سيأتي من
الحديث عند ذكر وفاته ، عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه
قال : " اختتن إبراهيم وهو ابن مائة وعشرين سنة ، وعاش بعد ذلك ثمانين سنة "
رواه ابن حبان في صحيحه .
وليس
في هذا السياق ذكر قصة الذبيح وأنه إسماعيل ، ولم يذكر في قدمات إبراهيم
عليه السلام إلا ثلاث مرات : أولاهن بعد أن تزوج إسماعيل بعد موت هاجر ،
وكيف تركهم من حين صغر الولد - على ما ذكر - إلى حين تزويجه لا ينظر في
حالهم ، وقد ذكر أن الأرض كانت تطوى له ، وقيل : إنه كان يركب البراق إذا
سار إليهم ، فكيف يتخلف عن مطالعة حالهم وهم في غاية الضرورة الشديدة
والحاجة الأكيدة ؟ !
وكأن
بعض هذا السياق متلقى من الإسرائيليات ومطرز بشيء من المرفوعات ، ولم يذكر
فيه قصة الذبيح ، وقد دللنا على أن الذبيح هو إسماعيل على الصحيح في سورة
الصافات .
قصة الذبيح
قال الله تعالى : " وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين * رب هب لي من الصالحين * فبشرناه بغلام حليم * فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا
أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين * فلما أسلما وتله
للجبين * وناديناه أن يا إبراهيم * قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين *
إن هذا لهو البلاء المبين * وفديناه بذبح عظيم * وتركنا عليه في الآخرين *
سلام على إبراهيم * كذلك نجزي المحسنين * إنه من عبادنا المؤمنين *
وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين * وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما
محسن وظالم لنفسه مبين " .
يذكر
تعالى عن خليله إبراهيم أنه لما هاجر من بلاد قومه ، سأل ربه أن يهب له
ولداً صالحاً ، فبشره الله بغلام حليم ، وهو إسماعيل عليه السلام ، لأنه
أول من ولد له على رأس ست وثمانين سنة من عمر الخليل . وهذا ما لا خلاف فيه
بين أهل الملل ، لأنه أول ولده وبكره .
وقوله
: " فلما بلغ معه السعي " أي شب وصار يسعى في مصالحه كأبيه . قال مجاهد : "
فلما بلغ معه السعي " أي شب وارتحل وأطاق ما يفعله أبوه من السعي والعمل .
فلما
كان هذا ، رأى إبراهيم عليه السلام في المنام أنه يؤمر بذبح ولده هذا ،
وفي الحديث عن ابن عباس مرفوعاً : " رؤيا الأنبياء وحي " قاله عبيد بن عمير
أيضاً .
وهذا
اختبار من الله عز وجل لخليله في أن يذبح هذا الولد العزيز الذي جاءه على
كبر ، وقد طعن في السن ، بعد ما أمر بأن يسكنه هو وأمه في بلاد فقر ، وواد
ليس به حسيس ولا أنيس ، ولا زرع ولا ضرع . فامتثل أمر الله في ذلك ،
وتركهما هناك ثقة بالله وتوكلاً عليه ، فجعل الله لهما فرجاً ومخرجاً ،
ورزقهما من حيث لا يحتسبان .
ثم
لما أمر بعد هذا كله بذبح ولده هذا الذي قد أفرده عن أمر ربه ، وهو بكره
ووحيده الذي ليس له غيره ، أجاب ربه وامتثل أمره ، وسارع إلى طاعته .
ثم
عرض ذلك على ولده ليكون أطيب لقلبه وأهون عليه من أن يأخذه قسراً ويذبحه
قهراً : " قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى " .
فبادر
الغلام الحليم ، سر والده الخليل إبراهيم ، فقال : " يا أبت افعل ما تؤمر
ستجدني إن شاء الله من الصابرين " وهذا الجواب في غاية السداد والطاعة
للوالد ولرب العباد .
قال الله تعالى : " فلما أسلما وتله للجبين " قيل : أسلما أي استسلما لأمر الله وعزم على ذلك . وقيل : وهذا من المقدم والمؤخر ، والمعنى : تله للجبين أي
ألقاه على وجهه . قيل أراد أن يذبحه من قفاه لئلا يشاهده في حال ذبحه ،
قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة والضحاك . وقيل : بل أضجعه كما
تضجع الذبائح وبقي طرف جبينه لاصقاً بالأرض وأسلما أي
سمى إبراهيم وكبر ، وتشهد الولد للموت . قال السدي وغيره : أمر السكين على
حلقه فلم تقطع شيئاً ، ويقال : جعل بينها وبين حلقه صفيحة من نحاس . .
والله أعلم .
فعند
ذلك نودي من الله عز وجل : " أن يا إبراهيم * قد صدقت الرؤيا " أي قد حصل
المقصود من اختبارك وطاعتك ، ومبادرتك إلى أمر بك ، وبذلت ولدك للقربان ،
كما سمحت ببدنك للنيران ، وكما مالك مبذول للضيفان ! ولهذا قال تعالى : "
إن هذا لهو البلاء المبين " أي الإختبار الظاهر البين .
وقوله : " وفديناه بذبح عظيم " أي جعلناه فداء ذبح ولده ما يسره الله تعالى له من العوض عنه .
والمشهور
عن الجمهور أنه كبش أبيض أعين أقرن ، رآه مربوطاً بسمرة في ثبير . قال
الثوري ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ،
قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً ، وقال سعيد بن جبير : كان يرتع
في الجنة حتى تشقق عنه ثبير ، وكان عليه عهن أحمر ، وعن ابن عباس هبط عليه
من ثبير كبش أعين أقرن له ثغاء فذبحه ، وهو الكبش الذي قربه ابن آدم فتقبل
منه . رواه ابن أبي حاتم .
قال مجاهد : فذبحه بمني ، وقال عبيد بن عمير : ذبحه بالمقام .
فأما ما روى عن ابن عباس أنه كان وعلاً . وعن الحسن أنه كان تيساً من الأروى واسمه جرير ، فلا يكاد يصح عنهما .
ثم
غالب ما هاهنا من الآثار مأخوذ من الإسرائيليات . وفي القرآن كفاية عما
جرى من الأمر العظيم ، والإختبار الباهر ، وأن فدى بذبح عظيم ، وقد ورد في
الحديث أنه كان كبشاً .
قال الإمام أحمد :
حدثنا سفيان ، حدثنا منصور ، عن خاله نافع ، عن صفية بنت شيبة قالت :
أخبرتني امرأة من بني سليم ولدت عامة أهل دارنا قالت : أرسل رسول الله صلى
الله عليه وسلم إلى عثمان بن طلحة ، وقالت مرة : إنها سألت عثمان : لم دعاك
رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : قال لي رسول الله : " إني كنت رأيت
قرني الكبش حين دخلت البيت ، فنسيت أن آمرك أن تخمرهما فخمرهما فإنه لا
ينبغي أن يكون في البيت شيء يشغل المصلي " .
قال سفيان : لم يزل قرنا الكبش معلقين في البيت حتى احترق البيت فاحترقا .
وكذا روى عن ابن عباس أن رأس الكبش لم يزل معلقاً عند ميزاب الكعبة قد يبس .
وهذا وحده دليل على أن الذبيح إسماعيل ، لأنه كان هو المقيم بمكة وإسحاق لا نعلم أن قدمها في حال صغره . . والله أعلم .
وهذا
هو الظاهر من القرآن ، بل كأنه نص على أن الذبيح هو إسماعيل ، لأنه ذكر
قصة الذبيح ثم قال بعده : " وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين " ومن جعله
حالاً فقد تكلف ، ومستنده أنه إسحاق إنما هو إسرائيليات ، وكتابهم فيه
تحريف ، ولا سيما هاهنا قطعاً لا محيد عنه ، فإنه عندهم أن الله أمر
إبراهيم أن يذبح ابنه ووحيده وفي نسخة من المعربة : بكره إسحاق ، بلفظة إسحاق هاهنا مقحمة مكذوبة مفتراة ، لأنه ليس هو الوحيد ولا البكر إنما ذاك إسماعيل .
وإنما
حملهم على هذا حسد العرب ، فإن إسماعيل أبو العرب الذي يسكنون الحجاز
الذين منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإسحاق والد يعقوب - وهو
إسرائيل - الذي ينتسبون إليه ، فأرادوا أن يجروا هذا الشرف إليهم ، فحرفوا
كلام الله وزادوا فيه وهم قوم بهت ولم يقروا بأن الفضل بيد الله يؤتيه من
يشاء .
وقد قال بأنه إسحاق طائفة كثيرة من السلف وغيرهم ، وإنما أخذوه - والله أعلم - من كعب الأحبار ، أو من صحف أهل الكتاب .
وليس
في ذلك حديث صحيح عن المعصوم حتى نترك لأجله ظاهر الكتاب العزيز ولا يفهم
هذا من القرآن ، بل المفهوم بل المنطوق بل النص عند التأمل على أنه إسماعيل .
وما
أحسن ما استدل به ابن كعب القرظي على أنه إسماعيل وليس بإسحاق من قوله : "
فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب " قال : فكيف تقع البشارة بإسحاق
وأنه سيولد له يعقوب ، ثم يؤمر بذبح إسحاق وهو صغير قبل أن يولد له ؟
هذا لا يكون ، لأنه يناقض البشارة المتقدمة . . . والله أعلم .
وقد اعترض السهيلي على
هذا الإستدلال بما حاصله أن قوله : " فبشرناها بإسحاق " جملة تامة ، وقوله
: " ومن وراء إسحاق يعقوب " جملة أخرى ليست في حيز البشارة . قال : لأنه
لا يجوز من حيث العربية أن يكون مخفوضاً إلى أن يعاد معه حرف الجر ، فلا
يجوز أن يقال مررت بزيد ومن بعده عمرو ، حتى يقال ومن بعده بعمرو . وقال :
فقوله : " ومن وراء إسحاق يعقوب " منصوب بفعل مضمر تقديره : ووهبنا لإسحاق
يعقوب ، وفي هذا الذي قاله نظر .
ورجح
أنه إسحاق ، واحتج بقوله : " فلما بلغ معه السعي " قال : وإسماعيل لم يكن
عنده إنما كان في حال صغره وهو وأمه بجبال مكة فكيف يبلغ معه السعي ؟
وهذا
أيضاً فيه نظر ، لأنه قد روى أن الخليل كان يذهب في كثير من الأوقات
راكباً البراق إلى مكة ، يطلع على ولده وابنه ثم يرجع والله تعالى أعلم .
فمن
حكى القول عنه بأنه إسحاق : كعب الأحبار ، وروى عن عمر والعباس وعلى وابن
مسعود ، ومسعود وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد وعطاء والشعبي ومقاتل وعبيد بن
عمير ، وأبي ميسرة وزيد بن أسلم وعبد الله بن شقيق ، والزهري والقاسم وابن
أبي بردة ومكحول ، وعثمان بن حاضر والسدي والحسن وقتادة ، وأبي الهذيل
وابن سابط ، وهو اختيار ابن جرير ، وهذا عجب منه وهو أحدث الروايتين عن ابن
عباس .
ولكن
الصحيح عنه - وعن أكثر هؤلاء - أنه إسماعيل عليه السلام قال مجاهد وسعيد
والشعبي ويوسف بن مهران وعطاء وغير واحد عن ابن عباس : هو إسماعيل عليه
السلام .
وقال
ابن جرير : حدثني يونس ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن قيس ، عن عطاء
بن أبي رباح ، عن ابن عباس أنه قال : المفدى إسماعيل وزعمت اليهود أنه
إسحاق وكذبت اليهود .
وقال عبد الله بن الإمام أحمد عن
أبيه : هو إسماعيل . وقال ابن أبي حاتم ، سألت أبي حاتم : وروى عن علي
وابن عمر وأبي هريرة ، وأبي الطفيل ، وسعيد بن المسيب ، وسعيد بن جبير ،
والحسن ومجاهد ، والشعبي ، ومحمد بن كعب ، وأبي جعفر محمد بن علي ، وأبي
صالح أنهم قالوا : الذبيح هو إسماعيل عليه السلام . وحكاه البغوي أيضاً عن
الربيع عن أنس والكلبي وأبي عمرو بن العلاء .
قلت
: وروى عن معاوية ، وجاء عنه أن رجلاً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم :
يا ابن الذبيحين . . فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وإليه ذهب عمر بن عبد العزيز ومحمد بن إسحاق بن يسار ، وكان الحسن البصري يقول : لا شك في هذا .
وقال
محمد بن إسحاق عن بريدة عن سفيان بن فزوة الأسلمي ، عن محمد بن كعب : أنه
حدثهم أنه ذكر ذلك لعمر بن عبد العزيز وهو خليفة إذ كان معه بالشام - يعني
استدلالة بقوله بعد العصمة : " فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب " - فقال له عمر : إن هذا الشيء ما كنت أنظر فيه وأني لأراه كما قلت .
ثم
أرسل إلى رجل كان عنده بالشام ، كان يهودياً فأسلم وحسن إسلامه ، وكان يرى
أنه من علمائهم ، قال : فسأله عمر بن عبد العزيز : أي ابني إبراهيم أمر
بذبحه ؟ فقال : إسماعيل والله يا أمير المؤمنين ، وإن اليهود لتعلم بذلك ،
ولكنهم يحسدونكم معشر العرب على أن يكون أباكم الذي كان من أمر الله فيه
والفضل الذي ذكره الله منه لصبره لما أمر به ، فهم يجحدون ذلك ويزعمون أنه
إسحاق ، لأن إسحاق أبوهم .
وقد ذكرنا هذه المسألة مستقصاة بأدلتها وآثارها في كتابنا التفسير . . ولله الحمد والمنة .
·للامانة منقول
|
ابو المجد- المدير العام
- تاريخ التسجيل : 20/04/2009
العمل/الترفيه : تقني
الموقع : المغرب
رد: قصص الانبياء
بارك الله فيك على الطرح المميز وعلى الإفادة
والله يعطيك الف عافيه اخي الكريم
جعله الله في ميزان الحسنات واثابك الجنة
تقبل مروري وتقديري
والله يعطيك الف عافيه اخي الكريم
جعله الله في ميزان الحسنات واثابك الجنة
تقبل مروري وتقديري
|
منصورة- المديرة العامة النائبة الاولى
- تاريخ التسجيل : 05/09/2010
العمل/الترفيه : تقنية سامية بالصحة بشهادة دولة(متقاعدة)
الموقع : منتدى منصورة والجميع
رد: قصص الانبياء
بارك الله فيك على الطرح المميز وعلى الإفادة
والله يعطيك الف عافيه اخي الكريم
جعله الله في ميزان الحسنات واثابك الجنة
والله يعطيك الف عافيه اخي الكريم
جعله الله في ميزان الحسنات واثابك الجنة
|
مهدي مهدي01- عضو فعال
- تاريخ التسجيل : 04/06/2011
إنشاء حساب أو تسجيل الدخول لتستطيع الرد
تحتاج إلى أن يكون عضوا لتستطيع الرد.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى