بلاد العجائب

بلادي أنا ــ يا صديقي بلادٌ
أبت أن تظلّ
بحبسِ السكوت ...

أبت أن ترى الظُلم
يكوي بنيها
ويُصبِحُ
فرضاً على ساكِنيها
وتذبُلُ أزهارها في الربيعِ
وكُلُ الفراشاتِ فيها تموت ...

بلادي انا يا صديقي ـــ مزيجاً
غريباً من القهرِ والأُمنيات
بِها كُلُ يومٍ
أقاصيصُ تترى
عنِ الحُبِ
والموتِ
والأُغنيات ...

فلا الخوفُ فرّ
بثوبِ الأماني
ولا الرُعب يسكُنُ
بين الثواني
ولا حِقد فيها
لجورِ بنيها
وما كان ـــ سهلاً
وما فات ـــ مات ...

بلادي ـــ كِتابٌ
بلونِ الخريفِ
وزهوِ الربيعِ
وظُلمِ الشتاء ...

وأُنشودةٌ
مِن كتابِ (الحُزونِ)
عنِ العِشقِ
في كوكبِ الأشقياء ...

وقيثارةٌ
يعزِفُ الوقت فيها
أماني الصِبا
وعويلِ النساء ...

بلادي ــ صديقي ــ
إذا كُنت تسأل !
أبت لُغة العُنفِ والإقتتال
أبت زيفهُم رُغم أنفِ التعالي
وأُكذوبة الرُعبِ والإنفصال
وحربٌ ستأتي
وأُخرى ستذهب
ونارٌ تُحيطُ
رؤوس الجِبال ...

بلادي :
جمالُ الغُروبِ
وسِحرُ الجنوبِ
ودفءُ الليالي
وعِطرُ الشِمال ...
بلادي : هلال ،،،
بلادي : إحتمال ،،،

بلادي الولوجُ
مِن بوابةِ الخروجِ
تموتُ الإجابةُ
يبقى السؤال ...

بلادي
أنينُ الثكالى
ونوحِ الأرامِلِ
فوق المقابِرِ
دمعةُ طفلٍ يتيمٍ
تعلّمَ
أن العصافير ليست تُغنّي
وأنّ الأماني
رؤىً كاذِباتٍ
وأنّ الغُروبَ بطعمِ الكئابهْ
إذا جازتِ الشمسُ
خط الزوال ،،،

صديقي ـــ ويعجبُ ــ
: إنّ بلادك
تئنُ وتضحكُ في إنفعالٍ
وترزحُ تحت صنوفِ الشتات
بلادك تجترِحُ المُعجِزات ...

وتضحكُ
إن مات حُلُمٌ
وتبكي
على الظُلمِ
إن حلّ وقتُ الفوات ...

وتُشعِلُ
أجوائها بالرصاصِ
وفاءً
وتقتاتُ بعض الفُتات
بِلادٌ حوت كُلّ ضدٍّ ـــ كليلٍ
بهيمٍ حوى أنجُماً نيرّات ...

بلادي صديقي ـــ ولا تتعجب ــ
قُلوب بنيها
كصفوِ السماء
بِرغُمِ المتاعِبِ
رُغمِ المصاعِبِ
رُغمِ المصائبِ
رُغمِ ــ البلاء ...

بِرُغمِ التآمُرِ
رُغمِ التكالُبِ
رُغمِ التعاليّ والإزدراء ...

قلوباً أرقُ من الياسمينِ
تفيضُ هوىً
ونوىً
وحنين
وتُزهِرُ رُغم
عِجافِ السنين
ورُغم الجلافةِ
فيها ـــ نقاء ...

بلادي ــ ويكفيّ ــ
أنّ بلادي
غدت من سكونِ القبورِ تمور
غدت لا تُبالي
بصوتِ الرصاصِ
ونبحِ الكِلابِ
وأهلِ الفجور
سقينا دروب الكِفاحِ دِمانا
بنينا غداً مُشرقاً
من رؤانا
فلن نتراجع عن مُبتغانا
فإما ـــ نثورُ
وإما نثور ...

مما راق لي