جزيرة سردينيا بشواطئها ذات المياه "الفيروزيّة"

تشتهر جزيرة سردينيا بشواطئها ذات المياه "الفيروزيّة" وبصخورها الــضــخــمــة وبــثــروتــهــا الطبيعيّة التي تتمثل بأشجار ممتدة على طول الــســاحــل والــتــي تنشر عبيرها في كل مكان.

وقد زادت شهرة هذه الجزيرة السياحيّة في السنوات الماضية نــظــراً لاختيار عـــــدد مــــن الــمــشــاهــيــر والفنانين والسياسيين هــــذه الــوجــهــة مــكــانــاً لإقامتهم.

تــقــع ســرديــنــيــا (بــالإيــطــالــيــة) Sardegna غــربــي شــبــه الــجــزيــرة الإيطاليّة بين البحر التيراني والبحر الأبيض المتوسط، على الجهة الغربيّة من السواحل الإيطاليّة، أي جغرافيّاً بين فرنسا، إسبانيا، تونس وجزيرة كــورســيــكــا شــمــالاً.

هــي ثــانــي أكبر جزيرة في البحر الأبيض المتوسط بعد صقلية وهــي تابعة لإيطاليا، تُشكل أحــد الأقاليم العشرين في إيطاليا التي تتمتع بالحكم الذاتي.

تشتهر الجزيرة بإنتاج الفلّين إلى جانب الحرف اليدويّة من السجاد وحتى الحُليّ المزركشة.
أمــا أهالي سردينيا فيُعرفون بطبعيتهم الودودة والكريمة ولا تتعجبي سيّدتي إذا رأيت بعض نسائهم بالزيّ الإيطالي التقليدي.

نوراغي
تـــطـــورت عــلــى أرض ســرديــنــيــا حضارات قديمة جداً وتحفظ الجزيرة آثاراً كثيرة للحقبة المعروفة بما قبل النوراغيّة، وخــلال العصر البرونزيّ كانت حضارة النوراغي سائدة في سردينيا وقد تمّ بناﺀ ما لا يقل عن 35 ألـــف بـــرج عــرفــت بــاســم بيوت نــوراغــي "" Nuraghe وهــي عبارة عن أحجار بازلتيّة وبركانيّة متكدّسة فوق بعضها البعض وتنتشر هذه الأبــراج في أرجــاﺀ الجزيرة حيث نجد آثار 9 آلاف منها.



وكانت هذه الأبراج المبنيّة من دون أساس والمنتشرة فــي كــلّ مكان تستخدم للطقوس الدينيّة والاجتماعات والعيش بشكل عام.
وهي من المعالم السياحيّة في الجزيرة منذ القدم.
وتعتبرها منظمة اليونيسكو أحد المواقع التي تعود إلى التراث الإنساني الذي يفترض حمايته.

برية أم بحرية

تعتبر سردينيا وجهة سياحيّة مــهــمّــة جـــــداً بــفــضــل تــقــالــيــدهــا وشواطئها الرائعة والجميلة والشفافة وأفخم المناطق في هذه الجزيرة هي شواطئ شمال شرق الجزيرة بسبب انتشار المنتجعات الراقيّة فيها.

إلا أن جنوب الجزيرة لا يقل جمالاً عن شماله فهو يتمتع بطبيعة عــذراﺀ ومعظم شواطئه تعامل على أنها محميّات فتحظر فيها كلّ النشاطات التي تضرّ بالثروة المائيّة.

وبالإضافة إلى المنتجعات البحريّة المتعددة والمشهورة المنتشرة على طول سواحل الجزيرة، تملك سردينيا طبيعة جميلة قد تكون أقل شهرة من بحر هذه الجزيرة، لكنها ساحرة وغنيّة بالعناصر التي تستحق الاكتشاف، فهي معروفة بأشجار السرو والصنوبر والشربين.

ويمكن لمحبّي الطبيعة التمتع بمشاهدة قطعان الماعز البريّة، إذ أنّها تشتهر بتربية الماشية لا سيّما الغنم والماعز والاستمتاع بمذاق سردينيا الحقيقي عبر زيـــارة أحد الأماكن الأقل شهرة بسلسلة جبال "ألــبــو" فــي "" لـــولا، فعلى أرض هذه البقعة الساحرة من سردينيا تمتد أكثر غابات الجزيرة كثافة، أو حتى زيارة الحديقة الوطنيّة.

أول ما يمكن أن تفعله في الجزيرة هو ركوب القطار الأخضر وهو عبارة عن قاطرة بمحرك بخاري يعبر ببطﺀ وسط سردينيا رابطاً بين الضفة الجنوبيّة والضفة الشرقيّة للجزيرة.




ولا بدّ من التمتع بشواطئ الجزيرة وينصح بزيارة شاطئ "سانتا تيريسا" Santa Teresa وشاطئ "فالي ديلا لونا" VALLE DELLA .LUNA ومن "سانتا تيريسا" يمكن أخــذ الــقــوارب إلــى بعض الشواطئ مقابل أجر رخيص للتمتع بشواطئ "ماديلينا" Maddalena و "سبارغي" Spargi و "بــوديــلــي" Budelli ويمكن أيضاً التمتع بشواطئ منطقة فيلاسميوس في الجنوب وخصوصاً شواطئ بلدة تانكا الرمليّة البيضاﺀ العذراﺀ والمجانيّة.

كالياري

تعتبر كالياري عاصمة سردينيا وأكبر مدنها وهي تقع جنوب الجزيرة، على الساحل المطلّ على البحر الأبيض المتوسط.

ومن أشهر معالمها القلعة القديمة "كاستيلو" التي ورثها الرومان عن الفينيقيين وهي من أقدم أحياﺀ المدينة وهي تطل على خليج المدينة الذي يعرف باسم "خليج الملائكة"، وتشتهر كالياري بأنها مدينة وقفت شاهدة على حضارات عدّة، ويوجد في "كالياري" مرفأ يزيّن وسط المدينة، تنتظر عنده اليخوت والبواخر الجميلة أصحابها، ومقابل المرفأ تجد شارع روما الأطول في "كالياري" وتغطيه قناطر جميلة التصميم، ومنه تنطلق في رحلات المشي التي لا تنتهي في أزقة أثريّة.





ولمحبّي البحار، يمكنهم التوجه إلى مرفأ فيلاسيميوس
" Villasimius " الــســيــاحــي، ومــنــه تستطيع تأجير قارب يأخذك في رحلة بحرية حيث تستمتع بصوت الأمواج وبمنظر المياه "الفيروزيّة" التي تدعوك للسباحة، ومــن خــلال الرحلة على متن القارب يمكنك اكــتــشــاف معالم شواطئ "فيلاسيميوس" التي تعتبر محميّة طبيعيّة، وتستمر الرحلة لتشاهد خلالها قمة "كابو كاربونارا".

البيكورينو

تعتبر جزيرة سردينيا روعة لا يمكن تفويتها، وهناك أيضاً عامل جذب قد يكون الأهم بالنسبة لزوّارها، وهو الأكل إذ أن المطبخ السرديني يتميّز بتزاوج النكهات المتوسطيّة بحكم موقع الــجــزيــرة.
فمن المعروف عن المطبخ الإيطالي ثراؤه بالنكهات إلا أنّ ما يميّزه هو التأثير الواضح لتعاقب الحضارات عليها منذ قديم الزمان.





وتسمى سردينيا بجزيرة الأجبان لتفرّدها بتقديم أفضل أنواع أجبان الغنم التي تعرف بأجبان "بيكورينو" السردينيّة أو Pecorino Sardo وهي أجبان غنيّة بالنكهة وميزتها أنها تحضّر من حليب الغنم وليس من حليب البقر كما هي الحال مع أجبان "البارميزان" التي تشتهر بتصنيعها مدينة "بــارمــا" الإيطاليّة.

وللمرأة السردينيّة دور مهم فــي تصنيع هــذه الأجــبــان في مختلف مراحلها لأنّ غالبيّة مراحل التصنيع تعتمد على الحرفيّة اليدويّة وليس على الماكينات.

ويصنع جبن "البيكورينو" من حليب الغنم الصافي وتعتمد حدّة نكهته على الفترة الزمنيّة للتخمير والنضج فكلما عتّق الجبن كلما أصبح طعمه أكثر حدّة وأكثر ملوحة وتكون رائــحــتــه أقـــوى بكثير مــن الأجــبــان حديثة التصنيع ويــكــون ملمسه قاسياً.

ونجد أجبان "البيكورينو" بنوعين:
"البيكورينو دولتشي" الحلوة و "بيكورينو ماتشور" وتعني الناضجة، فعندما تجد حبيبات صغيرة داخل الجبن وتكون رائحته قــويّــة، فهذا دليل على نضوج الجبن وغالباً ما يكون عمر قالب الجبن حوالى 6 أشهر.

المدّة الأدنــى لتصنيع "البيكورينو" هي 60 يوماً وأقصاها سنة على عكس أنـــواع أخــرى مــن الأجــبــان، تستغرق عمليّة نضوجها حوالى السنتين.

أجبان "البيكورينو" السردينيّة تكون جاهزة بعد فترة 60 يوماً إلا أنه يتم تخميرها لمدة 5 أشهر لتكون جاهزة للأكل، ويوضع الجبن في أول مراحل التصنيع في البرادات ومن ثم تنقل إلــى القبو، فهناك بعض المصانع التي تضع الأجبان في البرادات طيلة فترة التخمير أو النضوج ولكن من الأفضل تغيير مكان الحفظ لأن هذه الطريقة هي أكثر تقليديّة وتساهم في إعطاﺀ المزيد من النكهة للجبن.

وكلما كان الجبن قديماً كلما احتوى على مــذاق أفضل وهــذا يعود إلى الذوق الشخصي.

الخبز والقمح
ومــن أشــهــر مــا تقدمه سردينيا أيضاً هو الخبز، فزراعة القمح بدأت منذ آلاف السنين ولا تــزال منتشرة في الجزيرة حتى اليوم.



وإذا نظرنا إلى تاريخ تصنيع الخبز في الجزيرة، لوجدنا بأنّه لا يــزال قائماً، وحافظ السردينيّون على التراث والعادات نفسها، فأكل الخبز في سردينيا نوع من أنواع التقاليد والعادات، ويعتبر خبز "سو بيستوشو"
su pistoccu النوع الأقدم وهو معروف بخبز الرعاة وميزته أنّــه يــدوم وقتاً طويلاً وهو مصنّع من الماﺀ والدقيق فقط.





ومن أشــهــر أنــــواع الــخــبــز الــمــعــروف في سردينيا هناك "كــارتــا دا موزيكا" فهو رقــيــق جـــداً ومقرمش وشكله مدوّر، ويعرف هذا الخبز أيضاً باسم "باني كوراساو". ويتمّ تناوله مع زيت الزيتون.



أما "سيافراكسو" Civraxiu فهو الأكثر شهرة وهو كبير الحجم، يتمتع بجوانب مقرمشة وسميكة غير أن وسطه طريّ وأبيض اللون







ويعتبر خبز "كوكوي" أمير الخبز الأبيض الذي تطوّر مع الزمن وأصبح خبز المناسبات الخاصة.
من دون ان ننسى ان البيتزا نشأت في سردينيا قبل ان تصبح من اهم الأطباق الإيطالبة شهرة.