المواضيع الأخيرة
» Sondos
الأربعاء 28 أغسطس 2024, 07:35
» Sondos
الأربعاء 28 أغسطس 2024, 01:17
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 23:02
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 04:44
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 01:06
» Sondos
الإثنين 26 أغسطس 2024, 20:57
» Sondos
الأحد 25 أغسطس 2024, 23:20
» Sondos
الأحد 25 أغسطس 2024, 19:57
» Sondos
الثلاثاء 20 أغسطس 2024, 22:17
» Sondos
الإثنين 19 أغسطس 2024, 17:59
المواضيع الأكثر نشاطاً
والله خير الرازقين
والله خير الرازقين
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الْحَـــــــمْدَ لِلهِ تَعَالَى، نَحْمَدُهُ وَ نَسْتَعِينُ بِهِ وَ نَسْتَهْدِيهِ وَ نَسْــتَنْصِرُه
وَ نَــــعُوذُ بِالْلهِ تَعَالَى مِنْ شُــــرُورِ أَنْفُسِنَا وَ مِنْ سَيِّئَــــاتِ أَعْمَالِنَا
مَنْ يَـــهْدِهِ الْلهُ تَعَالَى فَلَا مُضِــــلَّ لَهُ، وَ مَنْ يُـضْلِلْ فَلَا هَــــادِىَ لَه
وَ أَشْــــــــــهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا الْلهُ وَحْــــــدَهُ لَا شَــــــرِيكَ لَه
وَ أَشْـــهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، صَلَّى الْلهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَا
أَمَّـــا بَعْــــد
[rtl]
{{ والله خير الرازقين }} [/rtl]
[rtl]
[/rtl]
[rtl]
أولاً: الرزق في القرآن الكريم:
جاءت آيات كثيرة في كتاب ربنا - سبحانه وتعالى - تبين لنا أنه - سبحانه - تكفل للناس كلهم بالرزق، وأنه - سبحانه - هو الرازق - جل وعلا -،
يرزق المسلم والكافر، يرزق الجن والإنس، يرزق الحيوانات والطيور والجمادات منها: قال - تعالى -:
(وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ)
(سورة الذاريات: الآيتان: 22، 23).
عن الحسن البصري قال: بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (( قاتل الله أقوامًا أقسم لهم ربهم ثم لم يصدقوا)).
قال الإمام ابن كثير - رحمه الله -: قوله - تعالى -: (فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ) " يقسم - تعالى -بنفسه الكريمة
أن ما وعدهم به من أمر القيامة والبعث والجزاء، كائن لا محالة، وهو حق لا مرية فيه، فلا تشكوا فيه كما لا تشكوا في نطقكم حين تنطقون.
وكان معاذ، - رضي الله عنه -، إذا حدث بالشيء يقول لصاحبه: إن هذا لحق كما أنك هاهنا". (تفسير ابن كثيرجـ7صـ420).
وقال - تعالى -: (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ) (سورة هود: الآية: 6).
قال الإمام ابن كثير - رحمه الله - عند تفسيره لهذه الآية: أخبر - تعالى- أنه متكفل بأرزاق المخلوقات، من سائر دواب الأرض،
صغيرها وكبيرها، بحريها، وبريها، وأنه (يَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا) أي: يعلم أين مُنتهى سيرها في الأرض،
وأين تأوي إليه من وكرها، وهو مستودعها. (تفسير ابن كثير جـ4صـ305). قيل لحاتم الأصم: من أين تأكل؟
فقال: من عند الله، فقيل له: الله ينزل لك دنانير ودراهم من السماء؟ فقال: كأن ما له إلا السماء يا هذا الأرض له والسماء له،
فإن لم يؤتني رزقي من السماء ساقه لي من الأرض وأنشد قائلاً: وكيف أخاف الفقر والله رازقي ورازق
هذا الخلق في العسر واليسر تكفل بالأرزاق للخلق كلهم وللضب في البيداء والحوت في البحر وقال - سبحانه وتعالى -:
(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ)
(سورة الذاريات: الآيات: 56-58).
قال الإمام ابن كثير - رحمه الله -: ومعنى الآية: أنه - تعالى -خلق العباد ليعبدوه وحده لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء،
ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ورازقهم.
(تفسير ابن كثيرجـ7صـ420). وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قال الله:
(( يا ابن آدم، تَفَرَّغ لعبادتي أملأ صدرك غِنًى، وأسدّ فقرك، وإلا تفعل ملأت صدرك شغلا ولم أسد فقرك)).
وقال - تعالى -: (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)
(سورة الجمعة: الآية: 11).
الله- تبارك وتعالى -هو الرزاق، الذي خلق الأرزاق، وأعطى الخلائق أرزاقها، وأوصلها إليهم، وتكفل بأقوات المخلوقات كلها،
والذي وسع الخلق كلهم برزقه ورحمته، فلم يخص بذلك مؤمناً دون كافر، ولا ولياً دون عدو، بل يسوق رزقه - عز وجل -
إلى الضعيف الذي لا حيلة له، كما يسوقه إلى الجلد القوي ذي المرة السوي:
(كُلاًّ نُّمِدُّ هَؤُلاء وَهَؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُورًا). (سورة الإسراء: الآية: 20)
(موسوعة فقه القلوب: محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري جـ ا صـ 175). وقال - تعالى -:
(قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ
وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ) (سورة يونس: 31).
ثانياً: الرزق في السنة النبوية:
جاءت أحاديث كثيرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
تبين لنا أن الرزق بيد الله - سبحانه وتعالى -، وأنه - تعالى -المتكفل برزق الخلق جميعاً ومنها:
1- الرزق مكتوب والإنسان في رحم أمه: عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ:
حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ:
(( إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ،
ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ)). (رواه البخاري ومسلم).
فالعبد مأمور بالسعي والاكتساب مع اليقين بأن الله هو الرازق وأن رزقه مكتوب،
وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
(( إن الله - عز وجل - وكل بالرحم ملكا، يقول: يا رب نطفة، يا رب علقة، يا رب مضغة، فإذا أراد أن يقضي خلقه قال:
أذكر أم أنثى، شقي أم سعيد، فما الرزق والأجل، فيكتب في بطن أمه)).
2- الرزق يطلبك كما يطلبك أجلك: عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
(( إن الرزق ليطلب العبد كما يطلبه أجله)). (أخرجه ابن حبان وصححه الألباني في صحيح الترغيب حديث رقم 1703).
وعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال:
(( لا تستبطئوا الرزق، فإنه لن يموت العبد حتى يبلغه آخر رزق هو له، فأجملوا في الطلب: أخذ الحلال، وترك الحرام)).
(أخرجه ابن حبان وصححه الألباني في صحيح الترغيب حديث رقم 1697).
أنواع الرزق: ورِزق الله لعباده نوعان:
الأول: رزق عام، ينتفع به البَرُّ والفاجر، ويشمل الإنسان والحيوان والجان، وهو رزق الأبدان،
وقد قسم الله وتكفل برزق كل واحد من هؤلاء كما قال - سبحانه -:
(وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ)
(سورة هود: الآية: 6).
فلتطمئن هذه النفوس إلى كفاية من تكفل بأرزاقها، وأحاط علماً بذواتها وصفاتها وأسرارها، ورزقها يطلبها كأجلها أينما كانت.
الثاني: رزق رزقه الله من يشاء من عباده، على يد أنبيائه ورسله، وهو الإيمان والتوحيد، الذي يرزقه الله من يستحقه ويشكره،
والله واسع الفضل، كثير الإحسان، يؤتيه من أتى بأسبابه، وهو - سبحانه - العليم بمن يصلح للإحسان فيعطيه،
ومن لا يستحقه فيحرمه إياه قال - تعالى -:
(قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)
(سورة آل عمران: الآيتان: 73، 74)
(موسوعة فقه القلوب: جـ 1صـ 175 177). قال عيسى - عليه السلام -:
لا تهتموا بالرزق فإن الذرة على صغرها تؤتى كل يوم برزقها0 وقال أيضاً - عليه السلام -: عجبت لمن يعمل للدنيا
وهو يرزق فيها بلا عمل ولا يعلم للآخرة وهو لا يرزق فيها إلا بالعمل. وكان يحيى بن معاذ: يقسم أنه لا تسكن الحكمة
قلباً فيه ثلاث خصال هم الرزق وحسد الخلق وحب الجاه. (إيقاظ الهمم شرح الحكم: لابن عجبية جـ1صـ197).
ثالثاً: مفاتيح الرزق في القرآن والسنة:
أولاً: الاستغفار والتوبة: قال الله - تعالى -:
(فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا)(سورة نوح: الآيات: 10- 12). قال الإمام القرطبي - رحمه الله -: "هذه الآية دليل على أن الاستغفار يُستنزل به الرزق والأمطار".
وقال الإمام ابن كثير - رحمه الله -: "أي إذا تبتم واستغفرتموه وأطعتموه كثر الرزق عليكم".
وجاء رجل إلى الحسن فشكا إليه الجَدْب، فقال: استغفر الله، وجاء آخر فشكا الفقر، فقال له: استغفر الله، وجاء آخر فقال:
ادع الله أن يرزقني ولداً، فقال: استغفر الله، فقال أصحاب الحسن: سألوك مسائل شتى وأجبتهم بجواب واحد وهو الاستغفار،
فقال - رحمه الله -: ما قلت من عندي شيئاً، إن الله يقول:
(فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا).
ثانياً: التوكل على الله: أخرج الإمام أحمد والترمذي وغيره، بسند صحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
((لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً وتروح بطاناً)).
قال الإمام المناوي - رحمه الله -: قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لو أنكم توكلون على الله حق توكله))
بأن تعلموا يقينا أن لا فاعل إلا الله وأن كل موجود من خلق ورزق وعطاء ومنع من الله - تعالى -ثم تسعون في الطلب على الوجه الجميل
والتوكل إظهار العجز والاعتماد على المتوكل عليه ((لرزقكم كما ترزق)) بمثناة فوقية مضمومة أوله بضبط المصنف ((الطير))
زاد في رواية في جو السماء ((تغدو خماصاً)) أي ضامرة البطون من الجوع جمع خميص أي جائع ((وتروح))
أي ترجع آخر النهار ((بطانا)) أي ممتلئة البطون جمع بطين أي شبعان أي تفدو بكرة وهي جياع وتروح عشاءا
وهي ممتلئة الأجواف أرشد بها إلى ترك الأسباب الدنيوية والاشتغال بالأعمال الأخروية ثقة بالله وبكفايته
فإن احتج من غلب عليه الشغف بالأسباب بأن طيران الطائر سبب في رزقه فجوابه أن الهواء لا حب فيه يلقط ولا جهة تقصد
ألا ترى أنه ينزل في مواضع شتى لا شيء فيها فلا عقل له يدرك به فدل على أن طيرانه في الهواء ليس من باب طلب الرزق
بل هو من باب حركة يد المرتعش لا حكم لها فيتردد في الهواء حتى يؤتى برزقه أو يؤتى به إلى رزقه هذا الذي يتعين حمل طيران
الطائر عليه أعني أنه لا حكم له في الرزق ولا ينسب إليه لأن المصطفى - صلى الله عليه وآله وسلم - سماه متوكلا مع طيرانه
ولذلك مثل به والمكلف العاقل أولى بالتوكل منه سيما من دخل إلى باب الاشتغال بأفضل الأعمال بعد الإيمان وهو طلب العلم.
(فيض القدير: جـ5صـ396). وقال - تعالى -: (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا)
(سورة الطلاق: الآية: 3).
ثالثاً: عبادة الله - عز وجل -، والتفرغ لها، والاعتناء بها: أخرج الترمذي وابن ماجه وابن حبان بسند صحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
((إن الله يقول: يا ابن آدم تفرَّغ لعبادتي أملأ صدرك غنى، وأَسُد فقرك، وإن لا تفعل ملأت يديك شغلاً، ولم أَسُد فقرك)).
قال الإمام المناوي - رحمه الله -: قوله: ((يا ابن آدم تفرَّغ)) أي تفرغ عن مهماتك لطاعتي ((أملأ صدرك)) أي قلبك ((غنى))
والغنى إنما هو غنى القلب ((وأسدّ فقرك)) أي تفرغ عن مهماتك لعبادتي أقض مهماتك وأغنك عن خلقي ((وألا تفعل ذلك ملأت يديك شغلاً))
بضم الشين وبضم الغين وتسكن للتخفيف ((ولم أسد فقرك)) أي وإن لم تتفرّغ لذلك واشتغلت
بغيري لم أسدّ فقرك لأن الخلق فقراء على الإطلاق فتزيد فقرا على فقرك. (التيسير بشرح الجامع الصغير: جـ1صـ556).
رابعاً: المتابعة بين الحج والعمرة: عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
((تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد)) رواه النسائي وغيره بسند صحيح.
قال أهل العلم: إزالة المتابعة بين الحج والعمرة للفقر، كزيادة الصدقة للمال.
خامساً: صلة الرحم: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
((من أحب أن يبسط له في رزقه ويُنْسَأ له في أثره، فليصل رحمه)) (رواه البخاري). وفي رواية:
((من سره أن يُعظم الله رزقه وأن يمد في أجله فليصل رحمه))(رواه أحمد).
سادساً: الإنفاق في سبيل الله: قال الله - تعالى -: (وَمَا أَنفَقْتُمْ مّن شَىْء فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) [سبأ: 39].
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((أنفقْ يا بلال ولا تخشَ من ذي العرش إقلالاً)) صححه الألباني.
وأخرج الإمام مسلم في صحيحه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: يقول الله - تعالى -: ((يا ابن آدم أنفِقْ أُنفِقُ عليك)).
سابعاً: الإحسان إلى الضعفاء والفقراء وبذل العون لهم: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
((هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم)) رواه البخاري.
فمن رغب في رزق الله له، وبسطه عليه، فلا ينسَ الضعفاء والمساكين، فإنما بهم ترزق ويُعطى لك، ولهذا كان - عليه الصلاة والسلام - يقول:
((أبغوني في ضعفائكم فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم)) (رواه النسائي وأبو داود والترمذي).
ثامناً: المهاجرة في سبيل الله، والسعي في أرض الله الواسعة: قال - تعالى -:
(وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ
ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا). (سورة النساء: الآية: 100).
كم من الناس تركوا بلاداً، هي أحب البلاد لقلوبهم ولو خيروا لاختاروها على غيرها ـ لكنه الرزق ـ فتح الله عليهم في غير أرضهم، وفي غير بلادهم.
قال الإمام ابن العربي - رحمه الله -: سم العلماء - رضي الله عنهم - الذهاب في الأرض قسمين:
هرباً وطلباً؛ فالأول ينقسم إلى ستة أقسام:
الأول: الهجرة وهي الخروج من دار الحرب إلى دار الإسلام، وكانت فرضا في أيام النبي - صلى الله عليه وسلم -،
وهذه الهجرة باقية مفروضة إلى يوم القيامة، والتي انقطعت بالفتح هي القصد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث كان؛
فإن بقي في دار الحرب عصى؛ ويختلف في حاله.
الثاني: الخروج من أرض البدعة؛ قال ابن القاسم: سمعت مالكا يقول لا يحل لأحد أن يقيم بأرض يسب فيها السلف.
قال ابن العربي: وهذا صحيح؛ فإن المنكر إذا لم تقدر أن تغيره فزل عنه، قال الله - تعالى -:
(وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) إلى قوله (الظَّالِمِينَ).
الثالث: الخروج من أرض غلب عليها الحرام: فإن طلب الحلال فرض على كل مسلم.
الرابع: الفرار من الأذية في البدن؛ وذلك فضل من الله أرخص فيه، فإذا خشي على نفسه فقد أذن الله في الخروج عنه والفرار بنفسه ليخلصها من ذلك المحذور.
وأول من فعله إبراهيم - عليه السلام -؛ فإنه لما خاف من قومه قال: (إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي)،
وقال: (إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ)، وقال مخبرا عن موسى: (فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ).
الخامس: خوف المرض في البلاد الوخمة والخروج منها إلى الأرض النزهة. وقد أذن - صلى الله عليه وسلم -
للرعاة حين استوخموا المدينة أن يخرجوا إلى المسرح فيكونوا فيه حتى يصحوا.
وقد استثنى من ذلك الخروج من الطاعون؛ فمنع الله - سبحانه - منه بالحديث الصحيح عن نبيه - صلى الله عليه وسلم -،
وقد تقدم بيانه في "البقرة".
بيد أن علماءنا قالوا: هو مكروه.
السادس: الفرار خوف الأذية في المال؛ فإن حرمة مال المسلم كحرمة دمه، والأهل مثله وأوكد.
وأما قسم الطلب فينقسم قسمين: طلب دين وطلب دنيا.
فأما طلب الدين فيتعدد بتعدد أنواعه إلى تسعة أقسام:
الأول: سفر العبرة؛ قال الله - تعالى -: (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ)
وهو كثير. ويقال: إن ذا القرنين إنما طاف الأرض ليرى عجائبها. وقيل: لينفذ الحق فيها.
الثاني: سفر الحج. والأول وإن كان ندبا فهذا فرض.
الثالث: سفر الجهاد وله أحكامه.
الرابع: سفر المعاش؛ فقد يتعذر على الرجل معاشه مع الإقامة فيخرج في طلبه لا يزيد عليه.
من صيد أو احتطاب أو احتشاش؛ فهو فرض عليه.
الخامس: سفر التجارة والكسب الزائد على القوت، وذلك جائز بفضل الله - سبحانه وتعالى -،
قال الله - تعالى -: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) يعني التجارة، وهي نعمة من الله بها في سفر الحج، فكيف إذا انفردت.
السادس: في طلب العلم وهو مشهور. السابع: قصد البقاع؛ قال - صلى الله عليه وسلم -:
(( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد)).
الثامن: الثغور للرباط بها وتكثير سوادها للذب عنها.
التاسع: زيارة الإخوان في الله - تعالى -: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
(( زار رجل أخاً له في قرية فأرصد الله له ملكاً على مدرجته فقال أين تريد فقال أريد أخا لي في هذه القرية قال:
هل لك من نعمة تربها عليه قال لا غير أني أحببته في الله - عز وجل - قال فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه)).
(تفسير القرطبي: جـ5صـ351).
تاسعاً: الصلاة أعظم أسباب مفاتيح الرزق: قال - تعالى -: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى)
(سورة طه: الآية: 132). قال الإمام القرطبي - رحمه الله -: في هذه الآية دليل على أن تعلق القلب بالأسباب في الرزق جائز
وليس ذلك بمناف للتوكل وإن كان الرزق مقدرا وأمر الله وقسمه مفعولا ولكنه علقه بالأسباب حكمة ليعلم القلوب التي تتعلق بالأسباب
من القلوب التي تتوكل على رب الأرباب. وقد تقدم أن السبب لا ينافي التوكل قال - صلى الله عليه وسلم -:
(( لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا)). أخرجه البخاري.
فأخبر أن التوكل الحقيقي لا يضاده الغدو والرواح في طلب الرزق. (تفسير القرطبي: جـ8صـ108).
وقال الإمام الطبري - رحمه الله - عند تفسيره لقوله - تعالى -:
(وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى) يقول - تعالى -ذكره لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -:
(وأمُرْ) يا محمد(أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا) يقول: واصطبر على القيام بها، وأدائها بحدودها أنت(لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا) يقول:
لا نسألك مالا بل نكلفك عملا ببدنك، نؤتيك عليه أجرا عظيما وثوابا جزيلا يقول(نَحْنُ نَرْزُقُكَ)
نحن نعطيك المال ونكسبكه، ولا نسألكه، وقوله: (وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى) يقول:
والعاقبة الصالحة من عمل كلّ عامل لأهل التقوى والخشية من الله دون من لا يخاف له عقابا، ولا يرجو له ثوابا.
(تفسير الطبري: جـ18صـ405).
اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين، اللهم اشف مرضانا ومرضى المسلمين،
وارحم موتانا وموتى المسلمين، اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين وأذل الشرك والمشركين، اللهم انصر عبادك المجاهدين
فى كل مكان، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، ربنا آتنا فى الدنيا
وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
شبكة الألوكة
|
Admin- المدير العام
- تاريخ التسجيل : 19/04/2009
العمل/الترفيه : مهندس
الموقع : www.ahladalil.net
رد: والله خير الرازقين
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لك على الموضوع القيم و المفيد
جزاك الله خيراا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لك على الموضوع القيم و المفيد
جزاك الله خيراا
|
ابو المجد- المدير العام
- تاريخ التسجيل : 20/04/2009
العمل/الترفيه : تقني
الموقع : المغرب
إنشاء حساب أو تسجيل الدخول لتستطيع الرد
تحتاج إلى أن يكون عضوا لتستطيع الرد.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى