المواضيع الأخيرة
» Sondos
الأربعاء 28 أغسطس 2024, 07:35
» Sondos
الأربعاء 28 أغسطس 2024, 01:17
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 23:02
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 04:44
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 01:06
» Sondos
الإثنين 26 أغسطس 2024, 20:57
» Sondos
الأحد 25 أغسطس 2024, 23:20
» Sondos
الأحد 25 أغسطس 2024, 19:57
» Sondos
الثلاثاء 20 أغسطس 2024, 22:17
» Sondos
الإثنين 19 أغسطس 2024, 17:59
المواضيع الأكثر نشاطاً
العمل التطوعي والنهوض بالمجتمع
العمل التطوعي والنهوض بالمجتمع
العمل التطوعي والنهوض بالمجتمع
بعد أن قل عددها وضَعُفَ تأثيرُها في مجتمعاتنا
عدد المنظمات التطوعية بالكيان الصهيوني أكثر من كل الدول العربية!
على الرغم مِن أن دينَنا الحنيف يَدعونا إلى العمل التطوعي ومساعَدة إخواننا مِن المسلمين أو حتى مِن غير المسلمين، فإن العمل التطوعي في العالم الإسلامي الآن في حالة يُرثى لها، خاصة في الوطن العربي، فلنا أن نتخيَّل أن كل المنظَّمات الخيرية الموجودة في الوطن العربي لا يتعدَّى عددَ المنظَّمات الخيرية الموجودة في ولايتين فقط من الولايات المتحدة الأمريكية، وبصرف النظر عن الملابسات والأسباب التي بُنيت من أجلها تلك المنظَّمات، فيتَّضح لنا أن دول الغرب أدرى مِنَّا بضرورة العمل الخيري، وبدورها في تنمية المجتمع؛ فقد بلغ عدد المنظَّمات الخيرية في فرنسا أكثر من 650 ألف منظمة، كما بلغَت عدد الجمعيات الخيرية في بريطانيا أكثر من 400 ألف جمعية، وفي الولايات المتَّحدة الأمريكية أكثر من مليون ونصف جمعية، وبعيدًا عن المنظَّمات فقد بلغ عدد الأشخاص ممَّن يقومون بالأعمال التطوعية في المملكة المتَّحدة أكثر من 24 مليون شخص، كل هذه نَماذج تُوضِّح لنا اهتمام تلك المُجتمعات بأهمية العمل الخيري، والأدهى مِن ذلك أن عدد الجمعيات والمنظَّمات الخيرية الموجودة في الكيان الصهيوني تفوق عدد الجمعيات الخيرية الموجودة في العالم العربي كله؛ حيث بلغَت عدد المنظمات الخيرية هناك أكثر من 500 ألف منظَّمة، في حين أن العالم العربي كله به 400 ألف منظمة!
تعريف التطوُّع ودوافعه:
يقول الدكتور أسامة عبدالفتاح - أستاذ علم الاجتماع بجامعة بني سويف -: بداية نودُّ إلقاء الضوء على تعريف العمل التطوعي، والعمل التطوعي هو عمل اجتماعي من الدرجة الأولى، يقوم به فرد واحد أو مجموعة من الأفراد، وهو عمل لا يَهدف إلى الرِّبح المادي، ويقوم به الأفراد بهدف مُساعَدة الآخرين، وتَحسين المستوى المعيشي لهم، ويتمُّ القيام بهذا العمل على مستوى المجتمع الذي يعيش فيه الفرد - من الجيران وما إلى ذلك - أو على المستوى المُطلَق؛ أي: على مستوى المجتمعات كلها، وهذا العمل يتمثَّل في شكل جهد بدني، أو جهد نفسي، أو مالي، والعمل التطوعي يؤثِّر - بشكل شامل - على العلاقات الإنسانية بين الأفراد في المجتمع الواحد، ويُظهر روح التعاون والتفاني بين أفراده، فضلاً عن أنه يبرز الوجه الإنساني والحضاري في العلاقات بين الأفراد، ويجب على كل فرد في المُجتمع - مهما كان قدر أشغاله ومتاعبه - أن يترك بعضًا مِن جُهده لأسرته وأفراد مجتمعه؛ فالعمل التطوعي ليس فرضًا على أحد، ولكنه من أهمِّ واجبات الفرد تجاه بيئته ومجتمعه، ويجب أن يبذُل الفرد هذه الجهود عن اقتناع في سبيل إدخال السرور والفرحة على الآخَرين، أو إضفاء شكل جمالي على الشارع الذي يَقطُن فيه مثلاً، فكلها أعمال تدخُل تحت باب الأعمال الخيرية التي تَهدف إلى مساعدة الآخرين، كما أن العمل التطوعي يعدُّ انعِكاسًا لمدى دراية الفرد ومعرفته بحقوق مجتمعه عليه وواجباته تجاه بيئته.
ويُضيف: هناك عدة دوافع تدفَع بالفرد إلى القيام بالعمل التطوعي، ومِن أهمِّ هذه الدوافع الوازع الديني؛ حيث إن جميع الشرائع تدعو إلى التكافل الاجتماعي، وإلى مساعدة أفراد المجتمع بعضهم بعضًا، وأن يسعى الفرد لقضاء حاجة إخوانه، إلى جانب الدعوة إلى النظافة، وتطوير البيئة وتجميلها، كما أن الشخص المتطوع له تركيبة معينة مبنيَّة على حب الناس وحب مساعدتهم، وتمنِّي الخير لكل الناس، وحب مساعدة المحتاجين، وكثير ممَّن يَسعون إلى مساعدة الآخرين يكون لديهم نوعٌ من أنواع الإيثار، وحبِّ الغَير، وحب تحسين مستوى معيشة الغير، وخاصة الفقراء منهم، وغالبًا ما يساعد الناس حتى ولو لم تكن تربطه بهم أي صلة، كما أن هناك دوافعَ من نوع آخر، تدفع الفرد للقيام بالتطوع والأعمال الخيرية، وهي مبنية على حبِّ المعرفة والتعلم، وحب الاختلاط بالناس، والتعرف على أفراد المجتمع، ومَن يقوم بهذا فهو شخص اجتماعي بحْت، يَبحث عن توسيع دائرة علاقاته ومعارِفه، وهناك نوع أخير، وهو شَغْل وقت الفراغ بأي شيء، حتى وإن لم يكن هذا العمل يُسهم في مساعدة الأفراد بشكل مُباشِر، فهناك بعض الأعمال التطوعية تكون مرتبطة بمُمارسة رياضة معيَّنة أو نشاط معيَّن.
العمل التطوعي والنهوض بالمُجتمَع:
يقول الدكتور محسن عبدربِّه - أستاذ الاجتماع -: للعمل التطوعي دورٌ مهمٌّ في النهوض بالمُجتمع إذا كانت العلاقات بين أفراد هذا المجتمع علاقاتٍ مُترابطة قائمة على حبِّ مساعدة الغير، والوقوف بجانب المُحتاجين، كما أنه يلعَب دورًا هامًّا في تقوية العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع الواحد، ويعمل على بثِّ روح التعاون والإخاء بين أفرادِه، والعمل التطوعي له دور بارز في تَنمية المُجتمَعات إذا تشارَكَ فيه كل أفراد المجتمع، وكان بشكل نَشِط وكبير، وأكثر وجودًا في المناطق والأحياء التي يَغلب عليها طابع الانعزال والفقر، وغياب الدولة وعدم قيامها بدورها نحو أفراد هذه المُجتمعات، وعدم تقديم الخدمات التي من المُفترَض أن تقدم لتلك المُجتمعات مثلاً، وهو أيضًا له دور هام في المناطق الراقية التي تعمل فيها الدولة، ولكن يظهَر في أوقات الأزمات، وفي الأوضاع غير الطبيعية التي من المُمكن أن يمرَّ بها المجتمع، والعمل التطوعي الحرُّ ظهر قديمًا قبل مؤسَّسات ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية، وحتى بعد أن تمَّ إنشاء تلك الجمعيات ما زال العمل التطوعي الحرُّ يلعَب دورًا بارزًا في نمو المجتمعات، وفي حلِّ المُشكلات، فهناك بعض الحالات التي لا تَحتاج إلى منظَّمات أو جمعيات، مثل: إسعاف الجرحى في حادث معيَّن، أو إنقاذ الغرقى، أو زيارة مريض، والوقوف بجانب أفراد المجتمع في الأزمات المالية والصحية والكوارث.
مُعوِّقات العمل التطوُّعي:
يقول الدكتور أحمد عبدالرؤوف - أستاذ الاجتماع بجامعة حلوان -: للعمل التطوعي بعض المعوِّقات التي من المُمكن أن تعطِّل مسيرة التطوع، أو تقلل من حماسة القيام بالعمل التطوعي لدى الأفراد، تتلخَّص تلك المعوقات في عدم وجود الدراية الكافية لدى المجتمع بأهمية العمل التطوعي، وبضرورياته ومُتطلباته، وقيام بعض الأفراد باستغلال العمل التطوعي، واستغلال حماسة الشباب المتطوعين لخدمة مصالحهم الشخصية، وعدم وجود اليقين الكامل لدى كثيرٍ من الأسر أن العمل التطوعي ليس مضْيَعَة للوقت، وأنه يُمكن أن يقوم الشباب بهذه الأعمال في أوقات الفراغ فقط، وهناك بعض العوامل الخاصة بالماديات التي لها دور كبير، إما في تعويق أو تسهيل العمل التطوعي، ومِن ضِمن هذه المُشكلات التي قد يُسبِّبها عدمُ توفر المادة: عدمُ توافُر التجهيزات والمباني والأدوات التي تسهِّل العمل؛ وذلك بسبب عدم وجود ثقافة التبرُّع للمُنظَّمات الصغيرة، أو الجمعيات الأهلية البسيطة، وتفضيل رجال الأعمال والأثرياء التبرُّع للمُنظَّمات المعروفة التي يقَع كثير منها في منطقة الشُّبهة المالية والإدارية، فضلاً عن قيام بعض الحكومات بفرض الضرائب على المنظَّمات الأهلية التطوعية التي تقوم أساسًا على التبرُّع والجهود الشخصيَّة للأفراد.
ويُضيف: وبعيدًا عن المُشكلات المادية، فهناك بعض المُشكلات النفسية التي تجعل عددًا كبيرًا مِن الشباب مُحبَطًا وغير مُستعدٍّ لبذْل جهد في العمل التطوعي، وتتلخَّص أسباب ذلك في غياب رُوح الفريق أثناء القيام بالعمل، وعدم توزيع المهامِّ على حسب الميول الشخصية للفرد، كما أن هناك بعض الجماعات التي تقوم بالعمل التطوعي تقود الشباب المتطوِّعين بنظام القطيع، ولا تُتيح لهم الفرصة في إبداء الرأي أو أخذ رأيهم فيما يقومون به، هل هو مناسب لهم أم لا؟ أو هل هو مُهمٌّ أم لا؟ وهكذا، وأخيرًا: من أهمِّ أسباب فشل العمل التطوعي عدمُ وجود خطة واضحة لِما يقوم به الفريق التطوعي من أعمال، وعدم إلحاق المتطوع بدورات تأهيلية لِما سيقوم به من أعمال حتى تكونَ لديه الدِّراية الكافية لأهمية ما يقوم به.
التطوع في القرآن والسنَّة:
يقول الدكتور جمال قطب - أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر -: العمل التطوعي يُعدُّ من أهم الركائز التي يَرتكِز عليها الإسلام في العلاقات بين المسلمين بعضهم بعضًا، وقد أمَرَنا الله تعالى في أكثرَ من موضع في القرآن الكريم بالتوادِّ والتراحم فيما بيننا كمسلمين، وكذلك أمرنا ببر غير المسلمين؛ فقد قال تعالى: ? وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ? [المائدة: 2]، وهي دعوة إلى تعاون المسلمين فيما يُرضي اللهَ تعالى، وفيما يأتي بالنفع على المسلمين، وقد قال تعالى في سورة المزمل: ? وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ? [المزمل: 20]، وهي تدلُّ على عِظم أجر فاعل الخير في الدنيا والآخرة؛ كما قال تعالى في سورة الأنبياء: ? وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ? [الأنبياء: 73]، ويتبيَّن لنا في هذه الآية أن الله تعالى قد قدَّم فعل الخيرات على إقامة الصلاة، وهذا إن دلَّ فإنما يدلُّ على مكانة فعل الخير في دينِنا الحنيف.
ويُضيف: كما أن هناك عددًا كبيرًا من الأحاديث النبوية الشريفة التي تدعو إلى فعل الخير، وإلى التطوُّع ومُساعدة الغَير، ومِن أهمِّ هذه الأحاديث قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ولأنْ أمشيَ مع أخ في حاجة أحب إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد - يعني مسجد المدينة - شهرًا))؛ الصحيحة: (2/ 574)، وهذا الحديث الشريف يدلُّ على تفضيل رسول الله صلى الله عليه وسلم لفعل الخير ومساعدة المسلمين على الصلاة في مسجدِه صلى الله عليه وسلم؛ كما قال الصادق الأمين في حديث آخر: ((خير الناس أنفعُهم للناس))، وهذا الحديث يدلُّ على علوِّ مكانة فاعل الخير، ومَن يَنفع ويقضي حاجة الناس جميعًا وليس المسلمين فقط، كل هذه الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة تدلُّ على ضرورة قيام الشخص المسلم بمعاونة الناس جميعًا، وأن يتخذ العون كل أشكاله، ولعل من أشهر الأحاديث النبوية الشريفة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه)).
بعد أن قل عددها وضَعُفَ تأثيرُها في مجتمعاتنا
عدد المنظمات التطوعية بالكيان الصهيوني أكثر من كل الدول العربية!
على الرغم مِن أن دينَنا الحنيف يَدعونا إلى العمل التطوعي ومساعَدة إخواننا مِن المسلمين أو حتى مِن غير المسلمين، فإن العمل التطوعي في العالم الإسلامي الآن في حالة يُرثى لها، خاصة في الوطن العربي، فلنا أن نتخيَّل أن كل المنظَّمات الخيرية الموجودة في الوطن العربي لا يتعدَّى عددَ المنظَّمات الخيرية الموجودة في ولايتين فقط من الولايات المتحدة الأمريكية، وبصرف النظر عن الملابسات والأسباب التي بُنيت من أجلها تلك المنظَّمات، فيتَّضح لنا أن دول الغرب أدرى مِنَّا بضرورة العمل الخيري، وبدورها في تنمية المجتمع؛ فقد بلغ عدد المنظَّمات الخيرية في فرنسا أكثر من 650 ألف منظمة، كما بلغَت عدد الجمعيات الخيرية في بريطانيا أكثر من 400 ألف جمعية، وفي الولايات المتَّحدة الأمريكية أكثر من مليون ونصف جمعية، وبعيدًا عن المنظَّمات فقد بلغ عدد الأشخاص ممَّن يقومون بالأعمال التطوعية في المملكة المتَّحدة أكثر من 24 مليون شخص، كل هذه نَماذج تُوضِّح لنا اهتمام تلك المُجتمعات بأهمية العمل الخيري، والأدهى مِن ذلك أن عدد الجمعيات والمنظَّمات الخيرية الموجودة في الكيان الصهيوني تفوق عدد الجمعيات الخيرية الموجودة في العالم العربي كله؛ حيث بلغَت عدد المنظمات الخيرية هناك أكثر من 500 ألف منظَّمة، في حين أن العالم العربي كله به 400 ألف منظمة!
تعريف التطوُّع ودوافعه:
يقول الدكتور أسامة عبدالفتاح - أستاذ علم الاجتماع بجامعة بني سويف -: بداية نودُّ إلقاء الضوء على تعريف العمل التطوعي، والعمل التطوعي هو عمل اجتماعي من الدرجة الأولى، يقوم به فرد واحد أو مجموعة من الأفراد، وهو عمل لا يَهدف إلى الرِّبح المادي، ويقوم به الأفراد بهدف مُساعَدة الآخرين، وتَحسين المستوى المعيشي لهم، ويتمُّ القيام بهذا العمل على مستوى المجتمع الذي يعيش فيه الفرد - من الجيران وما إلى ذلك - أو على المستوى المُطلَق؛ أي: على مستوى المجتمعات كلها، وهذا العمل يتمثَّل في شكل جهد بدني، أو جهد نفسي، أو مالي، والعمل التطوعي يؤثِّر - بشكل شامل - على العلاقات الإنسانية بين الأفراد في المجتمع الواحد، ويُظهر روح التعاون والتفاني بين أفراده، فضلاً عن أنه يبرز الوجه الإنساني والحضاري في العلاقات بين الأفراد، ويجب على كل فرد في المُجتمع - مهما كان قدر أشغاله ومتاعبه - أن يترك بعضًا مِن جُهده لأسرته وأفراد مجتمعه؛ فالعمل التطوعي ليس فرضًا على أحد، ولكنه من أهمِّ واجبات الفرد تجاه بيئته ومجتمعه، ويجب أن يبذُل الفرد هذه الجهود عن اقتناع في سبيل إدخال السرور والفرحة على الآخَرين، أو إضفاء شكل جمالي على الشارع الذي يَقطُن فيه مثلاً، فكلها أعمال تدخُل تحت باب الأعمال الخيرية التي تَهدف إلى مساعدة الآخرين، كما أن العمل التطوعي يعدُّ انعِكاسًا لمدى دراية الفرد ومعرفته بحقوق مجتمعه عليه وواجباته تجاه بيئته.
ويُضيف: هناك عدة دوافع تدفَع بالفرد إلى القيام بالعمل التطوعي، ومِن أهمِّ هذه الدوافع الوازع الديني؛ حيث إن جميع الشرائع تدعو إلى التكافل الاجتماعي، وإلى مساعدة أفراد المجتمع بعضهم بعضًا، وأن يسعى الفرد لقضاء حاجة إخوانه، إلى جانب الدعوة إلى النظافة، وتطوير البيئة وتجميلها، كما أن الشخص المتطوع له تركيبة معينة مبنيَّة على حب الناس وحب مساعدتهم، وتمنِّي الخير لكل الناس، وحب مساعدة المحتاجين، وكثير ممَّن يَسعون إلى مساعدة الآخرين يكون لديهم نوعٌ من أنواع الإيثار، وحبِّ الغَير، وحب تحسين مستوى معيشة الغير، وخاصة الفقراء منهم، وغالبًا ما يساعد الناس حتى ولو لم تكن تربطه بهم أي صلة، كما أن هناك دوافعَ من نوع آخر، تدفع الفرد للقيام بالتطوع والأعمال الخيرية، وهي مبنية على حبِّ المعرفة والتعلم، وحب الاختلاط بالناس، والتعرف على أفراد المجتمع، ومَن يقوم بهذا فهو شخص اجتماعي بحْت، يَبحث عن توسيع دائرة علاقاته ومعارِفه، وهناك نوع أخير، وهو شَغْل وقت الفراغ بأي شيء، حتى وإن لم يكن هذا العمل يُسهم في مساعدة الأفراد بشكل مُباشِر، فهناك بعض الأعمال التطوعية تكون مرتبطة بمُمارسة رياضة معيَّنة أو نشاط معيَّن.
العمل التطوعي والنهوض بالمُجتمَع:
يقول الدكتور محسن عبدربِّه - أستاذ الاجتماع -: للعمل التطوعي دورٌ مهمٌّ في النهوض بالمُجتمع إذا كانت العلاقات بين أفراد هذا المجتمع علاقاتٍ مُترابطة قائمة على حبِّ مساعدة الغير، والوقوف بجانب المُحتاجين، كما أنه يلعَب دورًا هامًّا في تقوية العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع الواحد، ويعمل على بثِّ روح التعاون والإخاء بين أفرادِه، والعمل التطوعي له دور بارز في تَنمية المُجتمَعات إذا تشارَكَ فيه كل أفراد المجتمع، وكان بشكل نَشِط وكبير، وأكثر وجودًا في المناطق والأحياء التي يَغلب عليها طابع الانعزال والفقر، وغياب الدولة وعدم قيامها بدورها نحو أفراد هذه المُجتمعات، وعدم تقديم الخدمات التي من المُفترَض أن تقدم لتلك المُجتمعات مثلاً، وهو أيضًا له دور هام في المناطق الراقية التي تعمل فيها الدولة، ولكن يظهَر في أوقات الأزمات، وفي الأوضاع غير الطبيعية التي من المُمكن أن يمرَّ بها المجتمع، والعمل التطوعي الحرُّ ظهر قديمًا قبل مؤسَّسات ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية، وحتى بعد أن تمَّ إنشاء تلك الجمعيات ما زال العمل التطوعي الحرُّ يلعَب دورًا بارزًا في نمو المجتمعات، وفي حلِّ المُشكلات، فهناك بعض الحالات التي لا تَحتاج إلى منظَّمات أو جمعيات، مثل: إسعاف الجرحى في حادث معيَّن، أو إنقاذ الغرقى، أو زيارة مريض، والوقوف بجانب أفراد المجتمع في الأزمات المالية والصحية والكوارث.
مُعوِّقات العمل التطوُّعي:
يقول الدكتور أحمد عبدالرؤوف - أستاذ الاجتماع بجامعة حلوان -: للعمل التطوعي بعض المعوِّقات التي من المُمكن أن تعطِّل مسيرة التطوع، أو تقلل من حماسة القيام بالعمل التطوعي لدى الأفراد، تتلخَّص تلك المعوقات في عدم وجود الدراية الكافية لدى المجتمع بأهمية العمل التطوعي، وبضرورياته ومُتطلباته، وقيام بعض الأفراد باستغلال العمل التطوعي، واستغلال حماسة الشباب المتطوعين لخدمة مصالحهم الشخصية، وعدم وجود اليقين الكامل لدى كثيرٍ من الأسر أن العمل التطوعي ليس مضْيَعَة للوقت، وأنه يُمكن أن يقوم الشباب بهذه الأعمال في أوقات الفراغ فقط، وهناك بعض العوامل الخاصة بالماديات التي لها دور كبير، إما في تعويق أو تسهيل العمل التطوعي، ومِن ضِمن هذه المُشكلات التي قد يُسبِّبها عدمُ توفر المادة: عدمُ توافُر التجهيزات والمباني والأدوات التي تسهِّل العمل؛ وذلك بسبب عدم وجود ثقافة التبرُّع للمُنظَّمات الصغيرة، أو الجمعيات الأهلية البسيطة، وتفضيل رجال الأعمال والأثرياء التبرُّع للمُنظَّمات المعروفة التي يقَع كثير منها في منطقة الشُّبهة المالية والإدارية، فضلاً عن قيام بعض الحكومات بفرض الضرائب على المنظَّمات الأهلية التطوعية التي تقوم أساسًا على التبرُّع والجهود الشخصيَّة للأفراد.
ويُضيف: وبعيدًا عن المُشكلات المادية، فهناك بعض المُشكلات النفسية التي تجعل عددًا كبيرًا مِن الشباب مُحبَطًا وغير مُستعدٍّ لبذْل جهد في العمل التطوعي، وتتلخَّص أسباب ذلك في غياب رُوح الفريق أثناء القيام بالعمل، وعدم توزيع المهامِّ على حسب الميول الشخصية للفرد، كما أن هناك بعض الجماعات التي تقوم بالعمل التطوعي تقود الشباب المتطوِّعين بنظام القطيع، ولا تُتيح لهم الفرصة في إبداء الرأي أو أخذ رأيهم فيما يقومون به، هل هو مناسب لهم أم لا؟ أو هل هو مُهمٌّ أم لا؟ وهكذا، وأخيرًا: من أهمِّ أسباب فشل العمل التطوعي عدمُ وجود خطة واضحة لِما يقوم به الفريق التطوعي من أعمال، وعدم إلحاق المتطوع بدورات تأهيلية لِما سيقوم به من أعمال حتى تكونَ لديه الدِّراية الكافية لأهمية ما يقوم به.
التطوع في القرآن والسنَّة:
يقول الدكتور جمال قطب - أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر -: العمل التطوعي يُعدُّ من أهم الركائز التي يَرتكِز عليها الإسلام في العلاقات بين المسلمين بعضهم بعضًا، وقد أمَرَنا الله تعالى في أكثرَ من موضع في القرآن الكريم بالتوادِّ والتراحم فيما بيننا كمسلمين، وكذلك أمرنا ببر غير المسلمين؛ فقد قال تعالى: ? وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ? [المائدة: 2]، وهي دعوة إلى تعاون المسلمين فيما يُرضي اللهَ تعالى، وفيما يأتي بالنفع على المسلمين، وقد قال تعالى في سورة المزمل: ? وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ? [المزمل: 20]، وهي تدلُّ على عِظم أجر فاعل الخير في الدنيا والآخرة؛ كما قال تعالى في سورة الأنبياء: ? وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ? [الأنبياء: 73]، ويتبيَّن لنا في هذه الآية أن الله تعالى قد قدَّم فعل الخيرات على إقامة الصلاة، وهذا إن دلَّ فإنما يدلُّ على مكانة فعل الخير في دينِنا الحنيف.
ويُضيف: كما أن هناك عددًا كبيرًا من الأحاديث النبوية الشريفة التي تدعو إلى فعل الخير، وإلى التطوُّع ومُساعدة الغَير، ومِن أهمِّ هذه الأحاديث قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ولأنْ أمشيَ مع أخ في حاجة أحب إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد - يعني مسجد المدينة - شهرًا))؛ الصحيحة: (2/ 574)، وهذا الحديث الشريف يدلُّ على تفضيل رسول الله صلى الله عليه وسلم لفعل الخير ومساعدة المسلمين على الصلاة في مسجدِه صلى الله عليه وسلم؛ كما قال الصادق الأمين في حديث آخر: ((خير الناس أنفعُهم للناس))، وهذا الحديث يدلُّ على علوِّ مكانة فاعل الخير، ومَن يَنفع ويقضي حاجة الناس جميعًا وليس المسلمين فقط، كل هذه الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة تدلُّ على ضرورة قيام الشخص المسلم بمعاونة الناس جميعًا، وأن يتخذ العون كل أشكاله، ولعل من أشهر الأحاديث النبوية الشريفة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه)).
|
عابرة سبيل- مديرة منتدى
- تاريخ التسجيل : 01/12/2016
الموقع : مصر
رد: العمل التطوعي والنهوض بالمجتمع
يعطيك العافيه اختي عابرة سبيل
على الطرح القيم والرائع
تسلم الايادى
دمتي بحفظ الرحمن
على الطرح القيم والرائع
تسلم الايادى
دمتي بحفظ الرحمن
|
منصورة- المديرة العامة النائبة الاولى
- تاريخ التسجيل : 05/09/2010
العمل/الترفيه : تقنية سامية بالصحة بشهادة دولة(متقاعدة)
الموقع : منتدى منصورة والجميع
رد: العمل التطوعي والنهوض بالمجتمع
مَشِكَـــًَــــًٍــًَوًَرًه وَالله يًَعِطٍِيًَكًى ألَفًً عَاَفَيِة’ يًَسًَـٍـٍـٍـٍـِـِـِلَمًوِ عَلَىِ ألَمَوَضَوَعَ ألِرِاأئٍِعِِ
|
علا المصرى- مستشارة عامة
- تاريخ التسجيل : 25/07/2014
مواضيع مماثلة
» آيات من القرآن عن العمل التطوعي
» شحن الهاتف الجوال في العمل قد ينهي عقد العمل!
» علاقة المعوق بالمجتمع
» العمل الصالح
» العمل الصالح
» شحن الهاتف الجوال في العمل قد ينهي عقد العمل!
» علاقة المعوق بالمجتمع
» العمل الصالح
» العمل الصالح
إنشاء حساب أو تسجيل الدخول لتستطيع الرد
تحتاج إلى أن يكون عضوا لتستطيع الرد.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى