الرياء الخفي

بسم الله الرحمن الرحيم

روى أحمد عن محمود بن لبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر. قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: الرياء.."

الرياء من أمراض القلوب واشدها فتكا على المسلم وهو الشرك الخفي الذي يهلك صاحبه.والرياء من مصدر رآى يرائي رياء وهو مرائى والمعنى انه يفعل العمل ليراه الناس و هو طلب منزلة في قلوب الناس بآرائهم خصال الخير،أو من اجل أن يقال هذا رجل صالح..أو من اجل إرضاء الناس وعدم الإهتمام بإرضاء الله عز وجل. فالرياء ضد الإخلاص...وذالك بإظهار أمر ماعلناعلى غير حقيقته لموافقة رغبة المرائى في نيل مبتغاه من المشاهد او السامع....ونضرب مثالا بسيطا يشرح هذا الفعل....شخص يصلي كعادته ولما علم أو شعر بوجود شخص ما يراه،احسن صلاته واطال في سجودها وركوعها على غير عادته ليعجب هذا الشخص.. اي لم تكن صلاته خالصة لوجه الله.وقد حذرنا الرسول صلى الله عليه وسلم من الرياء بقوله(إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر،قالوا وما الشرك الأصغر يارسول الله؟قال الرياء.....)فالعبد يعمل اعمالا كثيرة وصالحة في نظر الناس،لكنها لا تنفعه عند لقاء ربه فالله لا يقبل العمل إلا إذا كان خالصا لوجهه الكريم،فالرياء ينسف الأعمال ويجعلها هباءا منثورا.ونستخلص من هذا الكلام ان الرياء الجلي يحث على العمل ويحمل عليه..إذا ما هو الرياء الخفي.

الرياء الخفي"قيل ان الرياء الخفي هو الشعور برغبة إطلاع الناس وعلمهم بالطاعة التى يقوم بها في خلوته،واستحبابه نيل ثناء الناس عليه...وبشكل ادق..ان الرياء الخفي لايبعث على العمل لمجرده..لكن يخفف العمل الذي أريد به وجه الله تعالى،كالذي يعتاد التهجد كل ليلة ويثقل عليه فإذا نزل عنده ضيف نشط له وسهل عليه..وأجلى علاماته انه يسر بإطلاع الناس على طاعته وهذا السرور يدل على رياء خفي(فالأحرى بالعبد المخلص ان يكره إطلاع الناس على عبادته)وقد تكلم الشيخ أبو احمد الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين بهذا الشأن فقالواخفى من ذالك ان يختفي العامل بطاعته بحيث لايريدالإطلاع ولا يسر بظهور طاعته،ولكنه مع ذالك إذارأى الناس أحب أن يبدأوه بالسلام وان يقابلوه بالبشاشةوالتوقير،وان يثنوا عليه،وان ينشطوا في قضاء حوائجه،وان يسامحوه في البيع والشراء،وان يوسعوا له في المكان فإن قصر فيه مقصر،ثقل ذالك علي قلبه ووجد لذالك إستبعادا في نفسه كأنه يتقاض الإحترام على الطاعة التى يعملها....اخفاها عن الناس ولكنه أراد ثوابها توقيرا وإحتراما من الناس.

إذا كان الرياء الجلي لا يعلم خطورته الكثير من الناس ...و الواقعين فيه الكثير وإذا كانت إمكانية ردع صاحبه موجودة وممكنة (من الأهل ...المقربون...) فما مدى خطورة الرياء الخفي الذي يصعب تشخيصه وممكن ان يشمل حتى الفئة الصالحة من الناس وإمكانية معالجته صعبة.