المواضيع الأخيرة
» Sondos
الأربعاء 28 أغسطس 2024, 07:35
» Sondos
الأربعاء 28 أغسطس 2024, 01:17
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 23:02
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 04:44
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 01:06
» Sondos
الإثنين 26 أغسطس 2024, 20:57
» Sondos
الأحد 25 أغسطس 2024, 23:20
» Sondos
الأحد 25 أغسطس 2024, 19:57
» Sondos
الثلاثاء 20 أغسطس 2024, 22:17
» Sondos
الإثنين 19 أغسطس 2024, 17:59
المواضيع الأكثر نشاطاً
أدب التعامل مع الوالدين في الاسلام
أدب التعامل مع الوالدين في الاسلام
أدب التعامل مع الوالدين في الاسلام
كتبته عبير يس
* أدب تعامل الولد مع والديه
- أولاً: في السنة:
وهي آداب حثنا عليها الرسول الكريموأمور نهانا عنها لكي نفوز برضى الله في الدنيا والآخرة " فعن عائشة رضي الله عنها قالت : " أتي رسول الله رجل ومعه شيخ فقال له:يا فلان من هذا معك ؟ قال: أبى قال: فلا تمش أمامه ولا تجلس قبله ولا تدعه باسمه ولا تستسب له ([1]) (أي طلب الشتم)
واقتداءً بالرسول نصح أبو هريرة رجلاً من الصحابة بأن يلتزم بهذه الآداب مع والديه " فعن أبي غسان الضبي قال: خرجت أمشي مع أبي بظهر الحرة فلقيني أبو هريرة رضي الله عنه، فقال لي: من هذا ؟ قلت: أبى قال: لا تمش بين يدي أبيك ولكن امش خلفه أو إلى جانبه ولا تدع أحداً يحول بينك وبينه ولا تمش فوق إجار أبيك تخْفِه ولا تأكل عرقاً قد نظر أبوك إليه لعله قد اشتهاه " ([2])
* التعامل مع الوالدين عند علماء الإسلام :
* التعامل مع الوالدين عند الغزالي :
لقد وضع الغزالي أسسا أخلاقية دعائمها الرحمة والتبجيل والطاعة والذل والخضوع التام لإرادة الوالدين فيقول :"إن كان لك والدان فأدب الولد مع الوالدين:
1- أن يسمع كلامهما ولا يعص لهما أمراً فيمتثل لأمرهما ويلبى دعوتهما .
2- يقوم لقيامهما ولا يمشي أمامهما .
3- يخفض لهما جناح الذل من الرحمة ويحرص علي مرضاتهما .
إضافة لما سبق فإنه حث علي النهي عن ارتكاب أمور في التعامل معهما ذكرها بقوله:
1- ولا يبرمهما بالإلحاح ولا يرفع صوته فوق أصواتهما .
2- ولا يمن عليهما بالبر لهما ولا بالقيام بأمرهما .
3- ولا ينظر إليهما شزراً ولا يقطب وجهه في وجههما .
4- ولا يسافر إلاّ بإذنهما .([3])
*التعامل مع الوالدين عند ابن الجوزي
لقد خصص ابن الجوزي لهذا الموضوع كتاباً أسماه"بر الوالدين"ومما ذكره من أدب تعامل الابن مع والديه أن يحسن تعاملهما ويتم ذلك عن طريق :
1- باحترام الأبناء للآباء والتحدث معهم بلطف وأسلوب حسن فقد جعل الله تعالي بعد عبادته مباشرة الإحسان والبر بالوالدين مما يدل على عظم قدرهما ، قال تعالى:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً}الإسراء:23
فالقواعد التي يجب علي الأبناء اتباعها في تخاطبهما اللفظي يقترب من قوله سبحانه(ولاتنهرهما)وكذلك قوله تعالي:{وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً}الإسراء:23 أما التخاطب غير اللفظي فيقترب من قوله تعالي:{فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ}
الإسراء:23
2- يجب ألا تمشي بين يدي الأب ولكن خلفه أو عن يمينه .
3- طاعة الوالدين فيما يأمران به ما لم يكن محظوراً وتقديم أمرهما علي فعل النافلة والاجتناب لما نهيا عنه
4- شكر الوالدين فقد قرن سبحانه شكره بشكرهما في قوله:{أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ ُ}لقمان:14
5- الإنفاق عليهما .
6- المبالغة في خدمتهما .
7- استعمال الأدب والهيبة لهما فلا يرفع صوته ولا يحدق فيهما .
8- يصبر علي ما يكره مما يصدر منهما .
9- ولا يدعوهما باسمهما .
10- وتقديم الأم في البر كما أشار إلي ذلك حديث الرسول"فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله أي الناس أحق بحسن الصحبة؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك ، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك"([4])
وكان البر بالأم آخر كلام الله سبحانه لموسي عليه السلام كما ذكر الأبشيهي ذلك بقوله:" بلغنا أن الله تعالى كلم موسي عليه السلام ثلاثة آلاف وخمسمائة كلمة،فكان آخر كلامه:يا رب أوصني . قال: أوصيك بأمك حسنا قال له سبع مرات قال: حسبي ثم قال: يا موسي إن رضاها رضاي وسخطها سخطي ،وقيل إن رضا الرب في رضا الوالدين وسخط الرب في سخط الوالدين"([5])
ومن الصور العملية لبر الوالدين خاصة الأم:
الحرص علي راحة الوالدين وبذل الجهد في سبيل ذلك فيُذكر أن المأمون قال :لم أر أحداً أبر من الفضل بن يحيي بأبيه بلغ من بره له أنه كان لا يتوضأ إلاّ بماء سخن فمنعهم السجان من الوقود في ليلة باردة فلما أخذ يحيي مضجعه قام الفضل إلي قمقم من نحاس فملأه ماء وأدناه من المصباح فلم يزل قائماً وهو في يده إلي الصباح حتى استيقظ من منامه"
وقال رجل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : إن لي أماً بلغ منها الكبر إنها لا تقضي حاجتها إلاّ وظهري لها مطية فهل أديت حقها قال:لا لأنها كانت تصنع بك ذلك وهي تتمني بقاءك وأنت تصنعه وتتمني فراقها"
بل إن بعضهم جعل القيام علي راحتهما وإسعادهما لا يقل في الفضل عن قيام الليل فمما يُروى في ذلك أن ابن المنكدر قال: بت أكبس رجل أبي وبات آخر يصلي ولا يسرني ليلته بليلتي"
وكان محمد بن سيرين التابعي الجليل يعظم أمه عند حديثه معها فقيل
"أنه كان يكلم أمه كما يكلم الأمير الذي لا ينتصف منه"
ومن البر بهما عند الطعام ما ذكر من أنه قيل لعلي بن الحسين رضي الله عنه :إنك من أبر الناس ولا تأكل مع أمك في صحفة فقال : أخاف أن تسبق يدي يدها إلي ما تسبق عيناها إليه فأكون قد عققتها"([6]) ولقد ذكر ابن الجوزي من الأحاديث والأقوال التي تؤكد الحرص علي معاملة الوالدين بأرق وأفضل ما يمكن سواء عند الحديث معهما أو تناول الطعام أو المشي معهما أو عند النوم أو عند التحية..الخ
وإنه علي الرغم من كل ذلك فلا يستطيع الابن أن يكافئ والديه علي فضلهما نحوه وهذا قد أشار إليه قول الرسول:"لا يجزي ولد والديه إلا أن يجدهما مملوكين فيشتريهما فيعتقهما"([7])
* ثواب بر الوالدين في الدنيا والآخرة :
1- يزيد العمر
هذا ما ذكره الإمام أحمد عن وهب ابن منبه
"أن موسي سأل ربه عز وجل فقال:يارب بما تأمرني؟
قال: بأن لا تشرك بي شيئاً قال:وبما؟
قال: وبر والدتك قال:وبما؟
قال: وبر والدتك"
قال وهب: إن البر بالوالد يزيد في العمر والبر بالوالدة يثبت الأجل "([8])
2- زيادة الرزق إضافة إلي طول العمر
كما قال :" من أحب أن يمد الله في عمره ويزيد في رزقه فليبر والديه وليصل رحمه"([9])
3- دخول الجنة والاستمتاع بنعيمها
وقد ذكر ابن الجوزي في كتابه"بر الوالدين"الكثير من الأحاديث النبوية التي تؤكد ذلك . منها قوله"من بر والديه طوبى له وزاد الله في عمره"وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول"رغم أنفه ثم رغم أنفه ثم رغم أنفه" قيل من يا رسول الله؟
قال : من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة" ([10])
ولقد علق الألباني علي الزيادة في الرزق والعمر بقوله إن ذلك"لا ينافيه أن الرزق والعمر مقدران فإنهما مقدران بأسبابهما ألا تري أن دخول الجنة أو النار مقدراً أيضاً ومع ذلك فدخولهما مربوط بالسبب من الإيمان أو الكفر فمن كان طويل العمر عند الله فسييسر للأخذ بأسباب طول العمر والعكس بالعكس فإذا قلنا طال عمره حقيقة بصلته للرحم فهو كما لو قلنا :دخل الجنه بإيمانه "([11])
4- إجابة الدعاء لمن يبر والديه
وخير شاهد علي ذلك ما ذكره الرسول عن أويس القرني الذي كان شديد البر بأمه بأنه مستجاب الدعوة ويشفع لرجال كثر يوم القيامة والروايات التي تؤكد ذلك رواها الإمام أحمد ومنها"عن ابن زيد قال :إنما منع أويس أن يقدم علي النبي بره بأمه"([12])
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا أتت عليه أمداد من أهل اليمن سألهم فقال هل فيكم أويس بن عامر القرني حتى أتي على أويس فقال : أنت أويس ابن عامر قال نعم :قال : أنت من مراد ثم من قرن قال : نعم قال : كان بك برص فبرأت منه إلاّ موضع درهم قال : نعم قال : ألك والدة قال نعم قال : سمعت رسول يقول :" يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم له والدة هو بها بر لو أقسم على الله لأبره فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل "([13])
5- برهما يعدل الجهاد في سبيل الله وهو مقدم علي العبادة كما ذكر ذلك مسلم في صحيحه .
وكم تعددت الروايات عن الرسول في اعتبار بر الوالدين لا يقل عن منزلة الجهاد في سبيل الله بل هو جهاد في سبيل الله أيضاً بل إن الرسول منع رجالاً الجهاد وأمرهم ببر أبويهما من تلك الروايات " عن معاوية بن جاهمة عن أبيه رضي الله عنه قال : أتيت رسول الله أستشيره في الجهاد فقال النبي ألك والدان؟
قال: نعم قال: الزمهما فإن الجنة تحت أقدامهما"([14])
بل إن في صحيح مسلم باب أسماه"ترك الجهاد لبر الوالدين وصحبتهما"
ذكر فيه:"عن عبد الله ابن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: أقبل رجل إلي نبي الله فقال: أبايعك علي الهجرة والجهاد أبتغي الأجر من الله عز وجل قال : فهل من والديك أحد حي؟
قال نعم بل كلاهما قال : فتبتغي الأجر من الله عز وجل؟
قال : نعم قال : فارجع إلي والديك فأحسن صحبتهما"([15])
- بر الوالدين بعد وفاتهما كيف يتم؟
تشير الأحاديث النبوية المتعددة في هذا الشأن إلي أنه من الضروري:
1- أن يدعو الابن لوالديه بعد موتهما فقد نصح الرسول بالدعاء والاستغفار لهما، فقد قال:"هدية الأحياء إلى الأموات الاستغفار وإن الله يُدخِل على أهل القبور من أهل الدور مثل الجبال"([16])
2- إنفاذ عهدهما .
ولقد كان الصالحون يوصي أحدهما الآخر باستمرار صلة البر بالوالدين بعد وفاتهما علي نحو ما سبق ذكره فمن دلائل ذلك ما ذكره الإمام أحمد"عن سهل بن أسلم العدويّ قال : عزاني عوف الأعرابي في أبي قال : فقال لي : اعلم أن بعد هذا التفريق اجتماع فإن استطعت أن تلق أباك وأنت لا تستحي منه فافعل إن كان له وصية فأنفذها أو أمانة فأدها أو دين فاقضه أو رحم فصلها واعلم أن بعد ذلك الاجتماع تفرقاً ثم اجتماع لا تفرق بعده أو تفرق لا اجتماع بعده" ([17])
3- إكرام صديقيهما وصلة رحميهما .
وفي صحيح مسلم باب أسماه " من أبر البر صلة الرجل أهل ودَّ أبيه "
ومما روي في ذلك : عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : أنه كان إذا خرج إلي مكة كان له حمار يتروَّح عليه إذا ملَّ ركوب الراحلة وعمامة يشد بها رأسه فبينا هو يوماً علي ذلك الحمار إذ مر به أعرابي فقال: ألست ابن فلان ابن فلان؟ قال: بلي فأعطاه الحمار وقال: اركب هذا والعمامة قال: اشدد بها رأسك فقال له بعض أصحابه: غفر الله لك أعطيت هذا الأعرابي حماراً كنت تَرَوَّح عليه وعمامة كنت تشد بها رأسك؟ فقال: إني سمعت رسول الله يقول:" إن من أبر البر صلة الرجل أهل ودّ أبيه بعد أن يُوليّ" وإن أباه كان صديقاً لعمر رضي الله عنهم " ([18])
4- زيارة قبور الوالدين بعد موتهما وقراءة القرآن لهما .
5- أن تحرص على أن تكون إنساناً صالحاً ناجحاً كما كانوا يتمنون لك ذلك قبل وفاتهما فمما ذكره الإمام أحمد في ذلك:"قال صالح المرّي وأتى عبد الله ابن الحسن يعزيه علي أمه قال:إن كانت هذه المصيبة قد أحدثت لك عظة في نفسك فهي نعمة عليك وإلا فاعلم أن مصيبتك في نفسك أعظم" ([19])
6- جواز الحج لهما بعد وفاتهما: عن عطاء بن أبي مسلم: أن رسول الله قال : من حج عن والده بعد وفاته كتب الله لوالده حجة وكتب له براءة من النار"([20])
* عقوق الوالدين كيف يتم؟ وعقوبة العاق .
- أما ما يُعد عقوقا للوالدين فعلاماته أو دلائله هي:
1- بإظهار الغضب منهما وقول أف لهما .
مما لاشك فيه أن عقوق الوالدين لا يجزئ عنه فضائل الأعمال فصاحبه جزاؤه النار مهما فعل " عن علي رضي الله تعالي عنه قال : لو علم الله شيئاً في العقوق أدنى من أف لحرمه فليعمل العاق ما شاء أن يعمل فلن يدخل الجنة وليعمل البار ما شاء أن يعمل فلن يدخل النار " ([21])
2- هجرهما وحرمانهما من ضرورات أو متع الحياة المباحة .
ذكر الإمام أحمد عن عمار قال : قلت للحسن يا أبا معبد ما البر قال:البذل واللطف قلت فما العقوق قال: أن تحرمهما وتهجرهما قال أما علمت أن نظرك في وجه والديك أو والدتك عبادة" ([22])
وفي هذا الصدد يقول د.مصطفي السباعي من أقبح مظاهر العقوق أن يتبرأ الولد من أبويه حين يرتفع مستواه الاجتماعي عنهما كأن يكونا فلاحين وهو يعيش في المدن ويصل إلى بعض الوظائف الكبيرة فيخجل من وجودهما ...وهذا بلا ريب دليل علي حطة نفس وصغر عقل وحقارة شأن والنفس العظيمة تعتز بمنبتها وأصلها وتفخر بأبيها وأمها مهما كانت حياتهما وبيئتهما وحسبك أن القرآن الكريم مع تشديده علي الشرك والمشركين أوصي الولد بأن يعاشر والديه المشركين بالمعروف{وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً}لقمان:15 ([23])
كما أنه ذكر مظاهر أخرى للعقوق منها :
3- انشغال الولد بنفسه وعائلته عن النظر في شئون والديه وإعالتهما حين يحتاجان إلي إعانته وإنفاقه.
4- الغلظةفي خطابهما والتعدي عليهما بالضرب أو الإهانة ويرد د. مصطفي السباعي علي بعض الأبناء الذين يبررون عقوقهم لآبائهم وأمهاتهم بقسوة هؤلاء الآباء والأمهات وظلمهما له وتعديهما عليه بأن ذلك لا يكون مبرراً أبداً للعقوق علي الرغم من رفض قسوة الآباء وظلمهم فإنها قد تكون بدافع الرحمة والشفقة والتي لا نعيها في الصغر فنتهمهم يومئذ بالظلم والقسوة ثم ما نلبث حين نعي الحياة أن نتبين فضلهما علينا في ذلك المنع والحرمان وما أصدق الشاعر حين يقول :
فقسا ليزدجروا ومن بك راحماً فليقس أحياناً علي مـن يرحم ([24])
5- كما أن العقوق أن تجعل والديك عرضة لسب الآخرين حين تثيرهم بسبك لهم فيسبوا والديك في المقابل ومما ذكره الإمام أحمد في هذا الصدد أن موسي عليه السلام رأي رجلاً عند العرش فغبطه بمكانه فسأل عنه فقالوا نخبرك بعمله لايحسد الناس علي ما آتاهم الله من فضله ولا يمشي بالنميمة ولا يعق والديه قال : أي رب ومن يعق والديه قال يستسب لهما حتى يُسبان " ([25])
وعد ابن الجوزي إثم من تسبب في شتم الأبوين من أكبر الكبائر بل إن العقوق هو الوقوع في الحرام يؤكد ذلك حديث الرسول r الذي رواه المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن رسول الله r قال: إن الله عز وجل حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنعاً وهات وكره لكم ثلاثاً قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال " ([26])
6- ومن علامات العقوق التي ذكرها ابن الجوزي منها : المشي بين يدي الأبدفع يد الأب عند ضرب الابن ، وشدة النظر إليهما ،وإيجاب الحجة علي الوالدين عقوق وعدم طاعتهما ([27])
*عقوبة العاق لوالديه
لقد كتب أحد المتخصصين في الدراسات النفسية معلقا على فصل عقوق الوالدين الذي ذكره السمرقندي في كتابه فقال: "إن عقوق الوالدين من أشد الذنوب وأعظم الجرائم لما فيه من استهانة بالوالدين وعدم الوفاء لهما وإنكار لأفضالهما ورغم كل ما قدماه وما لقياه من المشقة والاحتمال وإذا كان لعلماء النفس أن ينفذوا لهذا الميدان فعليهم تناوله باعتباره يدل علي اضطراب في السلوك واضطراب في الخلق ويبحثوا أسبابه ويبحثوا عملية التنشئة الاجتماعية ودورها في ذلك " ([28])
عقوبة العاق لوالديه في الآخرة :
1- لا يشم رائحة الجنة :
قال علي رضي الله عنه :" إياكم وعقوق الوالدين فإن ريح الجنة يوجد من مسيرة خمسمائة عام ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم ولا شيخ زان ولا جار إزاره خيلاء"وهذا الحديث ذكره الأبشهيي عن الرسول قال:"إياكم وعقوق الوالدين فإن ريح الجنة يوجد من مسيرة خمسمائة عام ولا يجد ريحها عاق"([29])
2- من عق والدية لا يكلمه الله يوم القيامة أو ينظر إليه .
" وتشير مضامين الأحاديث النبوية الشريفة والتي ساقها ابن الجوزي إلي أن من تبرأ من والديه لا يكلمه الله يوم القيامة ولا ينظر إليه"([30])
عقوبة العاق لوالديه في الدنيا :
- من عق والديه عقه ولده :هذه حكمة لأحد الفلاسفة أشار إليها ابن الجوزي حين ذكر حديث رسول الله" ثلاث دعوات مستجابات لاشك فيهن: دعوة المظلوم ودعوة المسافر ودعوة الوالدين علي ولدهما"([31]) وقال" بروا آباءكم تبركم أبناؤكم"([32])
فمن الطبيعي أنه حين يسيء معاملتهما ألا يدعوان له بالخير بل قد يدعوان عليه ويظهر أثر تلك الدعوة في سوء معاملة أولاده له فيما بعد وهذا المعنى أكده صراحة د.مصطفى السباعي: فمن عقَّ منكم أبويه عُوقب بأولاد يعقونه وينكرونه ويسيئون إليه وهذه تجربة رأيناها بأعيننا في كثير من الآباء والأمهات فانظروا كيف تريدون أن تكونوا حين تكبرون وتحتاجون غلي عون الولد ونصرته وبره ومساعدته "([33])
3- النهي عن صحبة العاق لوالديه
وهذه من العقوبات الدنيوية التي نصح بها الصالحون وذلك لكي يرتدع الابن ويعرف مدي جرمه في حق والديه وفي هذا يقول عمر بن عبد العزيز : لا تصحبن عاقا فإنه لن يصلك وقد عق والده "([34]) أي صداقته لن يكون فيها إخلاص وإنما غدر وخيانة لأنه فعل ذلك بمن سهروا الليالي علي راحته وتعذبوا من أجل تربيته وهما والداه أقرب الناس إليه فكيف يتسنى لنا أن نثق في صحبته ؟
أو نجده خير معين عند الشدائد .
([1]) أخرجه الطبراني والهيثمي ج8/137 .
([2]) أخرجه الطبراني والهيثمي ج8/137 .
([3]) كتاب آداب الصحبة، للغزالي،كتاب الآداب في الدين للغزالي في مجموعة الرسائل للغزالي صـ424، 444.
([4]) بنظر إلي بر الوالدين، لابن الجوزي صـ29-30 ،علم النفس في التراث الإسلامي ج2/320-321 عرض د.الحسين محمد عبد المنعم لكتاب بر الوالدين لابن الجوزي .
([5]) المرجع السابق، صـ321،المستطرف في كل فن مستظرف :للأبشيهي ج2/421 .
([6]) المستطرف في كل فن مستظرف، ج1/421-422 .
([7]) علم النفس في التراث الإسلامي: كتاب بر الوالدين ج2/321 .
([8]) الزهد: للإمام أحمد صـ84 .
([9]) بر الوالدين: ابن الجوزي من كتاب علم النفس في التراث الإسلامي ج2/321 مختصر صحيح مسلم للألباني صـ464
([10]) المرجع السابق، ونفس الصفحة
([11]) مختصر صحيح مسلم، صـ465 -466 الهامشي .
([12]) الزهد، صـ414.
([13]) الزهد، صـ416.
([14]) أخرجه بن سعد ج4/17 وقال الهيثمي ج8/138 رجاله ثقات .
([15]) مختصر صحيح مسلم صـ464،وينظر إلي صـ463 وفيها وضع مسلم باب أسماه تقديم بر الوالدين علي العبادة وفيه قصة جريج الذي أقبل علي عبادته وصلاته رافضاً كلام أمه فدعت عليه أن ينظر إلي وجوه المومسات فعوقب بذلك بأن ادعت بغي أنها حملت منه بالزنى حتى تكلم ابنها وهو رضيع مبرئاً له وعلم أن ذلك كان بسبب دعوة أمه عليه حيث لبي الله دعاءها وأنه أخطأ في تعامله معها.
([16]) يُنظر إلى بر الوالدين:لابن الجوزي
([17]) الزهد، صـ376.
([18]) مختصر صحيح مسلم : للحافظ المنذرى تحقيق محمد ناصر الدين الألباني صـ464-465 وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية .
([19]) الزهد، صـ376 .
([20]) المستطرف في كل فن مستظرف : للأبشيهي ج1/صـ421 .
([21]) المرجع السابق، ج1/421 .
([22]) الزهد، صـ322 .
([23]) أخلاقنا الاجتماعية، مصطفي السباعي صـ123 .
([24]) المرجع السابق، صـ125 .
([25]) الزهد، صـ85
([26]) مختصر صحيح مسلم، صـ464 وبر الوالدين من كتاب علم النفس في التراث ج2/322
([27]) علم النفس في التراث الإسلامي، كتاب بر الوالدين ج2/322
([28]) قرة العيون ومفرح القلب المحزون، للسمرقندي عرض د.جمعه سيد يوسف من كتاب علم النفس في التراث الإسلامي ج1/340 .
([29]) الحكم والأمثال: لأبي هلال العسكري صـ393 المستطرف في كل فن مستظرف صـ421
([30]) بر الوالدين، لابن الجوزي من علم النفس في التراث الإسلامي ج2/322 .
([31]) المرجع السابق، ج2/322 .
([32]) أخرجه الحاكم والطبراني.
([33]) أخلاقنا الاجتماعية: مصطفي السباعي صـ126.
([34]) الحكم والأمثال، للعسكري صـ393.
كتبته عبير يس
* أدب تعامل الولد مع والديه
- أولاً: في السنة:
وهي آداب حثنا عليها الرسول الكريموأمور نهانا عنها لكي نفوز برضى الله في الدنيا والآخرة " فعن عائشة رضي الله عنها قالت : " أتي رسول الله رجل ومعه شيخ فقال له:يا فلان من هذا معك ؟ قال: أبى قال: فلا تمش أمامه ولا تجلس قبله ولا تدعه باسمه ولا تستسب له ([1]) (أي طلب الشتم)
واقتداءً بالرسول نصح أبو هريرة رجلاً من الصحابة بأن يلتزم بهذه الآداب مع والديه " فعن أبي غسان الضبي قال: خرجت أمشي مع أبي بظهر الحرة فلقيني أبو هريرة رضي الله عنه، فقال لي: من هذا ؟ قلت: أبى قال: لا تمش بين يدي أبيك ولكن امش خلفه أو إلى جانبه ولا تدع أحداً يحول بينك وبينه ولا تمش فوق إجار أبيك تخْفِه ولا تأكل عرقاً قد نظر أبوك إليه لعله قد اشتهاه " ([2])
* التعامل مع الوالدين عند علماء الإسلام :
* التعامل مع الوالدين عند الغزالي :
لقد وضع الغزالي أسسا أخلاقية دعائمها الرحمة والتبجيل والطاعة والذل والخضوع التام لإرادة الوالدين فيقول :"إن كان لك والدان فأدب الولد مع الوالدين:
1- أن يسمع كلامهما ولا يعص لهما أمراً فيمتثل لأمرهما ويلبى دعوتهما .
2- يقوم لقيامهما ولا يمشي أمامهما .
3- يخفض لهما جناح الذل من الرحمة ويحرص علي مرضاتهما .
إضافة لما سبق فإنه حث علي النهي عن ارتكاب أمور في التعامل معهما ذكرها بقوله:
1- ولا يبرمهما بالإلحاح ولا يرفع صوته فوق أصواتهما .
2- ولا يمن عليهما بالبر لهما ولا بالقيام بأمرهما .
3- ولا ينظر إليهما شزراً ولا يقطب وجهه في وجههما .
4- ولا يسافر إلاّ بإذنهما .([3])
*التعامل مع الوالدين عند ابن الجوزي
لقد خصص ابن الجوزي لهذا الموضوع كتاباً أسماه"بر الوالدين"ومما ذكره من أدب تعامل الابن مع والديه أن يحسن تعاملهما ويتم ذلك عن طريق :
1- باحترام الأبناء للآباء والتحدث معهم بلطف وأسلوب حسن فقد جعل الله تعالي بعد عبادته مباشرة الإحسان والبر بالوالدين مما يدل على عظم قدرهما ، قال تعالى:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً}الإسراء:23
فالقواعد التي يجب علي الأبناء اتباعها في تخاطبهما اللفظي يقترب من قوله سبحانه(ولاتنهرهما)وكذلك قوله تعالي:{وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً}الإسراء:23 أما التخاطب غير اللفظي فيقترب من قوله تعالي:{فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ}
الإسراء:23
2- يجب ألا تمشي بين يدي الأب ولكن خلفه أو عن يمينه .
3- طاعة الوالدين فيما يأمران به ما لم يكن محظوراً وتقديم أمرهما علي فعل النافلة والاجتناب لما نهيا عنه
4- شكر الوالدين فقد قرن سبحانه شكره بشكرهما في قوله:{أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ ُ}لقمان:14
5- الإنفاق عليهما .
6- المبالغة في خدمتهما .
7- استعمال الأدب والهيبة لهما فلا يرفع صوته ولا يحدق فيهما .
8- يصبر علي ما يكره مما يصدر منهما .
9- ولا يدعوهما باسمهما .
10- وتقديم الأم في البر كما أشار إلي ذلك حديث الرسول"فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله أي الناس أحق بحسن الصحبة؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك ، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك"([4])
وكان البر بالأم آخر كلام الله سبحانه لموسي عليه السلام كما ذكر الأبشيهي ذلك بقوله:" بلغنا أن الله تعالى كلم موسي عليه السلام ثلاثة آلاف وخمسمائة كلمة،فكان آخر كلامه:يا رب أوصني . قال: أوصيك بأمك حسنا قال له سبع مرات قال: حسبي ثم قال: يا موسي إن رضاها رضاي وسخطها سخطي ،وقيل إن رضا الرب في رضا الوالدين وسخط الرب في سخط الوالدين"([5])
ومن الصور العملية لبر الوالدين خاصة الأم:
الحرص علي راحة الوالدين وبذل الجهد في سبيل ذلك فيُذكر أن المأمون قال :لم أر أحداً أبر من الفضل بن يحيي بأبيه بلغ من بره له أنه كان لا يتوضأ إلاّ بماء سخن فمنعهم السجان من الوقود في ليلة باردة فلما أخذ يحيي مضجعه قام الفضل إلي قمقم من نحاس فملأه ماء وأدناه من المصباح فلم يزل قائماً وهو في يده إلي الصباح حتى استيقظ من منامه"
وقال رجل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : إن لي أماً بلغ منها الكبر إنها لا تقضي حاجتها إلاّ وظهري لها مطية فهل أديت حقها قال:لا لأنها كانت تصنع بك ذلك وهي تتمني بقاءك وأنت تصنعه وتتمني فراقها"
بل إن بعضهم جعل القيام علي راحتهما وإسعادهما لا يقل في الفضل عن قيام الليل فمما يُروى في ذلك أن ابن المنكدر قال: بت أكبس رجل أبي وبات آخر يصلي ولا يسرني ليلته بليلتي"
وكان محمد بن سيرين التابعي الجليل يعظم أمه عند حديثه معها فقيل
"أنه كان يكلم أمه كما يكلم الأمير الذي لا ينتصف منه"
ومن البر بهما عند الطعام ما ذكر من أنه قيل لعلي بن الحسين رضي الله عنه :إنك من أبر الناس ولا تأكل مع أمك في صحفة فقال : أخاف أن تسبق يدي يدها إلي ما تسبق عيناها إليه فأكون قد عققتها"([6]) ولقد ذكر ابن الجوزي من الأحاديث والأقوال التي تؤكد الحرص علي معاملة الوالدين بأرق وأفضل ما يمكن سواء عند الحديث معهما أو تناول الطعام أو المشي معهما أو عند النوم أو عند التحية..الخ
وإنه علي الرغم من كل ذلك فلا يستطيع الابن أن يكافئ والديه علي فضلهما نحوه وهذا قد أشار إليه قول الرسول:"لا يجزي ولد والديه إلا أن يجدهما مملوكين فيشتريهما فيعتقهما"([7])
* ثواب بر الوالدين في الدنيا والآخرة :
1- يزيد العمر
هذا ما ذكره الإمام أحمد عن وهب ابن منبه
"أن موسي سأل ربه عز وجل فقال:يارب بما تأمرني؟
قال: بأن لا تشرك بي شيئاً قال:وبما؟
قال: وبر والدتك قال:وبما؟
قال: وبر والدتك"
قال وهب: إن البر بالوالد يزيد في العمر والبر بالوالدة يثبت الأجل "([8])
2- زيادة الرزق إضافة إلي طول العمر
كما قال :" من أحب أن يمد الله في عمره ويزيد في رزقه فليبر والديه وليصل رحمه"([9])
3- دخول الجنة والاستمتاع بنعيمها
وقد ذكر ابن الجوزي في كتابه"بر الوالدين"الكثير من الأحاديث النبوية التي تؤكد ذلك . منها قوله"من بر والديه طوبى له وزاد الله في عمره"وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول"رغم أنفه ثم رغم أنفه ثم رغم أنفه" قيل من يا رسول الله؟
قال : من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة" ([10])
ولقد علق الألباني علي الزيادة في الرزق والعمر بقوله إن ذلك"لا ينافيه أن الرزق والعمر مقدران فإنهما مقدران بأسبابهما ألا تري أن دخول الجنة أو النار مقدراً أيضاً ومع ذلك فدخولهما مربوط بالسبب من الإيمان أو الكفر فمن كان طويل العمر عند الله فسييسر للأخذ بأسباب طول العمر والعكس بالعكس فإذا قلنا طال عمره حقيقة بصلته للرحم فهو كما لو قلنا :دخل الجنه بإيمانه "([11])
4- إجابة الدعاء لمن يبر والديه
وخير شاهد علي ذلك ما ذكره الرسول عن أويس القرني الذي كان شديد البر بأمه بأنه مستجاب الدعوة ويشفع لرجال كثر يوم القيامة والروايات التي تؤكد ذلك رواها الإمام أحمد ومنها"عن ابن زيد قال :إنما منع أويس أن يقدم علي النبي بره بأمه"([12])
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا أتت عليه أمداد من أهل اليمن سألهم فقال هل فيكم أويس بن عامر القرني حتى أتي على أويس فقال : أنت أويس ابن عامر قال نعم :قال : أنت من مراد ثم من قرن قال : نعم قال : كان بك برص فبرأت منه إلاّ موضع درهم قال : نعم قال : ألك والدة قال نعم قال : سمعت رسول يقول :" يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم له والدة هو بها بر لو أقسم على الله لأبره فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل "([13])
5- برهما يعدل الجهاد في سبيل الله وهو مقدم علي العبادة كما ذكر ذلك مسلم في صحيحه .
وكم تعددت الروايات عن الرسول في اعتبار بر الوالدين لا يقل عن منزلة الجهاد في سبيل الله بل هو جهاد في سبيل الله أيضاً بل إن الرسول منع رجالاً الجهاد وأمرهم ببر أبويهما من تلك الروايات " عن معاوية بن جاهمة عن أبيه رضي الله عنه قال : أتيت رسول الله أستشيره في الجهاد فقال النبي ألك والدان؟
قال: نعم قال: الزمهما فإن الجنة تحت أقدامهما"([14])
بل إن في صحيح مسلم باب أسماه"ترك الجهاد لبر الوالدين وصحبتهما"
ذكر فيه:"عن عبد الله ابن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: أقبل رجل إلي نبي الله فقال: أبايعك علي الهجرة والجهاد أبتغي الأجر من الله عز وجل قال : فهل من والديك أحد حي؟
قال نعم بل كلاهما قال : فتبتغي الأجر من الله عز وجل؟
قال : نعم قال : فارجع إلي والديك فأحسن صحبتهما"([15])
- بر الوالدين بعد وفاتهما كيف يتم؟
تشير الأحاديث النبوية المتعددة في هذا الشأن إلي أنه من الضروري:
1- أن يدعو الابن لوالديه بعد موتهما فقد نصح الرسول بالدعاء والاستغفار لهما، فقد قال:"هدية الأحياء إلى الأموات الاستغفار وإن الله يُدخِل على أهل القبور من أهل الدور مثل الجبال"([16])
2- إنفاذ عهدهما .
ولقد كان الصالحون يوصي أحدهما الآخر باستمرار صلة البر بالوالدين بعد وفاتهما علي نحو ما سبق ذكره فمن دلائل ذلك ما ذكره الإمام أحمد"عن سهل بن أسلم العدويّ قال : عزاني عوف الأعرابي في أبي قال : فقال لي : اعلم أن بعد هذا التفريق اجتماع فإن استطعت أن تلق أباك وأنت لا تستحي منه فافعل إن كان له وصية فأنفذها أو أمانة فأدها أو دين فاقضه أو رحم فصلها واعلم أن بعد ذلك الاجتماع تفرقاً ثم اجتماع لا تفرق بعده أو تفرق لا اجتماع بعده" ([17])
3- إكرام صديقيهما وصلة رحميهما .
وفي صحيح مسلم باب أسماه " من أبر البر صلة الرجل أهل ودَّ أبيه "
ومما روي في ذلك : عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : أنه كان إذا خرج إلي مكة كان له حمار يتروَّح عليه إذا ملَّ ركوب الراحلة وعمامة يشد بها رأسه فبينا هو يوماً علي ذلك الحمار إذ مر به أعرابي فقال: ألست ابن فلان ابن فلان؟ قال: بلي فأعطاه الحمار وقال: اركب هذا والعمامة قال: اشدد بها رأسك فقال له بعض أصحابه: غفر الله لك أعطيت هذا الأعرابي حماراً كنت تَرَوَّح عليه وعمامة كنت تشد بها رأسك؟ فقال: إني سمعت رسول الله يقول:" إن من أبر البر صلة الرجل أهل ودّ أبيه بعد أن يُوليّ" وإن أباه كان صديقاً لعمر رضي الله عنهم " ([18])
4- زيارة قبور الوالدين بعد موتهما وقراءة القرآن لهما .
5- أن تحرص على أن تكون إنساناً صالحاً ناجحاً كما كانوا يتمنون لك ذلك قبل وفاتهما فمما ذكره الإمام أحمد في ذلك:"قال صالح المرّي وأتى عبد الله ابن الحسن يعزيه علي أمه قال:إن كانت هذه المصيبة قد أحدثت لك عظة في نفسك فهي نعمة عليك وإلا فاعلم أن مصيبتك في نفسك أعظم" ([19])
6- جواز الحج لهما بعد وفاتهما: عن عطاء بن أبي مسلم: أن رسول الله قال : من حج عن والده بعد وفاته كتب الله لوالده حجة وكتب له براءة من النار"([20])
* عقوق الوالدين كيف يتم؟ وعقوبة العاق .
- أما ما يُعد عقوقا للوالدين فعلاماته أو دلائله هي:
1- بإظهار الغضب منهما وقول أف لهما .
مما لاشك فيه أن عقوق الوالدين لا يجزئ عنه فضائل الأعمال فصاحبه جزاؤه النار مهما فعل " عن علي رضي الله تعالي عنه قال : لو علم الله شيئاً في العقوق أدنى من أف لحرمه فليعمل العاق ما شاء أن يعمل فلن يدخل الجنة وليعمل البار ما شاء أن يعمل فلن يدخل النار " ([21])
2- هجرهما وحرمانهما من ضرورات أو متع الحياة المباحة .
ذكر الإمام أحمد عن عمار قال : قلت للحسن يا أبا معبد ما البر قال:البذل واللطف قلت فما العقوق قال: أن تحرمهما وتهجرهما قال أما علمت أن نظرك في وجه والديك أو والدتك عبادة" ([22])
وفي هذا الصدد يقول د.مصطفي السباعي من أقبح مظاهر العقوق أن يتبرأ الولد من أبويه حين يرتفع مستواه الاجتماعي عنهما كأن يكونا فلاحين وهو يعيش في المدن ويصل إلى بعض الوظائف الكبيرة فيخجل من وجودهما ...وهذا بلا ريب دليل علي حطة نفس وصغر عقل وحقارة شأن والنفس العظيمة تعتز بمنبتها وأصلها وتفخر بأبيها وأمها مهما كانت حياتهما وبيئتهما وحسبك أن القرآن الكريم مع تشديده علي الشرك والمشركين أوصي الولد بأن يعاشر والديه المشركين بالمعروف{وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً}لقمان:15 ([23])
كما أنه ذكر مظاهر أخرى للعقوق منها :
3- انشغال الولد بنفسه وعائلته عن النظر في شئون والديه وإعالتهما حين يحتاجان إلي إعانته وإنفاقه.
4- الغلظةفي خطابهما والتعدي عليهما بالضرب أو الإهانة ويرد د. مصطفي السباعي علي بعض الأبناء الذين يبررون عقوقهم لآبائهم وأمهاتهم بقسوة هؤلاء الآباء والأمهات وظلمهما له وتعديهما عليه بأن ذلك لا يكون مبرراً أبداً للعقوق علي الرغم من رفض قسوة الآباء وظلمهم فإنها قد تكون بدافع الرحمة والشفقة والتي لا نعيها في الصغر فنتهمهم يومئذ بالظلم والقسوة ثم ما نلبث حين نعي الحياة أن نتبين فضلهما علينا في ذلك المنع والحرمان وما أصدق الشاعر حين يقول :
فقسا ليزدجروا ومن بك راحماً فليقس أحياناً علي مـن يرحم ([24])
5- كما أن العقوق أن تجعل والديك عرضة لسب الآخرين حين تثيرهم بسبك لهم فيسبوا والديك في المقابل ومما ذكره الإمام أحمد في هذا الصدد أن موسي عليه السلام رأي رجلاً عند العرش فغبطه بمكانه فسأل عنه فقالوا نخبرك بعمله لايحسد الناس علي ما آتاهم الله من فضله ولا يمشي بالنميمة ولا يعق والديه قال : أي رب ومن يعق والديه قال يستسب لهما حتى يُسبان " ([25])
وعد ابن الجوزي إثم من تسبب في شتم الأبوين من أكبر الكبائر بل إن العقوق هو الوقوع في الحرام يؤكد ذلك حديث الرسول r الذي رواه المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن رسول الله r قال: إن الله عز وجل حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنعاً وهات وكره لكم ثلاثاً قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال " ([26])
6- ومن علامات العقوق التي ذكرها ابن الجوزي منها : المشي بين يدي الأبدفع يد الأب عند ضرب الابن ، وشدة النظر إليهما ،وإيجاب الحجة علي الوالدين عقوق وعدم طاعتهما ([27])
*عقوبة العاق لوالديه
لقد كتب أحد المتخصصين في الدراسات النفسية معلقا على فصل عقوق الوالدين الذي ذكره السمرقندي في كتابه فقال: "إن عقوق الوالدين من أشد الذنوب وأعظم الجرائم لما فيه من استهانة بالوالدين وعدم الوفاء لهما وإنكار لأفضالهما ورغم كل ما قدماه وما لقياه من المشقة والاحتمال وإذا كان لعلماء النفس أن ينفذوا لهذا الميدان فعليهم تناوله باعتباره يدل علي اضطراب في السلوك واضطراب في الخلق ويبحثوا أسبابه ويبحثوا عملية التنشئة الاجتماعية ودورها في ذلك " ([28])
عقوبة العاق لوالديه في الآخرة :
1- لا يشم رائحة الجنة :
قال علي رضي الله عنه :" إياكم وعقوق الوالدين فإن ريح الجنة يوجد من مسيرة خمسمائة عام ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم ولا شيخ زان ولا جار إزاره خيلاء"وهذا الحديث ذكره الأبشهيي عن الرسول قال:"إياكم وعقوق الوالدين فإن ريح الجنة يوجد من مسيرة خمسمائة عام ولا يجد ريحها عاق"([29])
2- من عق والدية لا يكلمه الله يوم القيامة أو ينظر إليه .
" وتشير مضامين الأحاديث النبوية الشريفة والتي ساقها ابن الجوزي إلي أن من تبرأ من والديه لا يكلمه الله يوم القيامة ولا ينظر إليه"([30])
عقوبة العاق لوالديه في الدنيا :
- من عق والديه عقه ولده :هذه حكمة لأحد الفلاسفة أشار إليها ابن الجوزي حين ذكر حديث رسول الله" ثلاث دعوات مستجابات لاشك فيهن: دعوة المظلوم ودعوة المسافر ودعوة الوالدين علي ولدهما"([31]) وقال" بروا آباءكم تبركم أبناؤكم"([32])
فمن الطبيعي أنه حين يسيء معاملتهما ألا يدعوان له بالخير بل قد يدعوان عليه ويظهر أثر تلك الدعوة في سوء معاملة أولاده له فيما بعد وهذا المعنى أكده صراحة د.مصطفى السباعي: فمن عقَّ منكم أبويه عُوقب بأولاد يعقونه وينكرونه ويسيئون إليه وهذه تجربة رأيناها بأعيننا في كثير من الآباء والأمهات فانظروا كيف تريدون أن تكونوا حين تكبرون وتحتاجون غلي عون الولد ونصرته وبره ومساعدته "([33])
3- النهي عن صحبة العاق لوالديه
وهذه من العقوبات الدنيوية التي نصح بها الصالحون وذلك لكي يرتدع الابن ويعرف مدي جرمه في حق والديه وفي هذا يقول عمر بن عبد العزيز : لا تصحبن عاقا فإنه لن يصلك وقد عق والده "([34]) أي صداقته لن يكون فيها إخلاص وإنما غدر وخيانة لأنه فعل ذلك بمن سهروا الليالي علي راحته وتعذبوا من أجل تربيته وهما والداه أقرب الناس إليه فكيف يتسنى لنا أن نثق في صحبته ؟
أو نجده خير معين عند الشدائد .
([1]) أخرجه الطبراني والهيثمي ج8/137 .
([2]) أخرجه الطبراني والهيثمي ج8/137 .
([3]) كتاب آداب الصحبة، للغزالي،كتاب الآداب في الدين للغزالي في مجموعة الرسائل للغزالي صـ424، 444.
([4]) بنظر إلي بر الوالدين، لابن الجوزي صـ29-30 ،علم النفس في التراث الإسلامي ج2/320-321 عرض د.الحسين محمد عبد المنعم لكتاب بر الوالدين لابن الجوزي .
([5]) المرجع السابق، صـ321،المستطرف في كل فن مستظرف :للأبشيهي ج2/421 .
([6]) المستطرف في كل فن مستظرف، ج1/421-422 .
([7]) علم النفس في التراث الإسلامي: كتاب بر الوالدين ج2/321 .
([8]) الزهد: للإمام أحمد صـ84 .
([9]) بر الوالدين: ابن الجوزي من كتاب علم النفس في التراث الإسلامي ج2/321 مختصر صحيح مسلم للألباني صـ464
([10]) المرجع السابق، ونفس الصفحة
([11]) مختصر صحيح مسلم، صـ465 -466 الهامشي .
([12]) الزهد، صـ414.
([13]) الزهد، صـ416.
([14]) أخرجه بن سعد ج4/17 وقال الهيثمي ج8/138 رجاله ثقات .
([15]) مختصر صحيح مسلم صـ464،وينظر إلي صـ463 وفيها وضع مسلم باب أسماه تقديم بر الوالدين علي العبادة وفيه قصة جريج الذي أقبل علي عبادته وصلاته رافضاً كلام أمه فدعت عليه أن ينظر إلي وجوه المومسات فعوقب بذلك بأن ادعت بغي أنها حملت منه بالزنى حتى تكلم ابنها وهو رضيع مبرئاً له وعلم أن ذلك كان بسبب دعوة أمه عليه حيث لبي الله دعاءها وأنه أخطأ في تعامله معها.
([16]) يُنظر إلى بر الوالدين:لابن الجوزي
([17]) الزهد، صـ376.
([18]) مختصر صحيح مسلم : للحافظ المنذرى تحقيق محمد ناصر الدين الألباني صـ464-465 وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية .
([19]) الزهد، صـ376 .
([20]) المستطرف في كل فن مستظرف : للأبشيهي ج1/صـ421 .
([21]) المرجع السابق، ج1/421 .
([22]) الزهد، صـ322 .
([23]) أخلاقنا الاجتماعية، مصطفي السباعي صـ123 .
([24]) المرجع السابق، صـ125 .
([25]) الزهد، صـ85
([26]) مختصر صحيح مسلم، صـ464 وبر الوالدين من كتاب علم النفس في التراث ج2/322
([27]) علم النفس في التراث الإسلامي، كتاب بر الوالدين ج2/322
([28]) قرة العيون ومفرح القلب المحزون، للسمرقندي عرض د.جمعه سيد يوسف من كتاب علم النفس في التراث الإسلامي ج1/340 .
([29]) الحكم والأمثال: لأبي هلال العسكري صـ393 المستطرف في كل فن مستظرف صـ421
([30]) بر الوالدين، لابن الجوزي من علم النفس في التراث الإسلامي ج2/322 .
([31]) المرجع السابق، ج2/322 .
([32]) أخرجه الحاكم والطبراني.
([33]) أخلاقنا الاجتماعية: مصطفي السباعي صـ126.
([34]) الحكم والأمثال، للعسكري صـ393.
|
منصورة- المديرة العامة النائبة الاولى
- تاريخ التسجيل : 05/09/2010
العمل/الترفيه : تقنية سامية بالصحة بشهادة دولة(متقاعدة)
الموقع : منتدى منصورة والجميع
رد: أدب التعامل مع الوالدين في الاسلام
بارك الله فيك على المجهود القيم في إعداد الموضوع
وإن شاء الله نتمنى أن تكون الإستفادة عامة
تقبل تحياتي
وإن شاء الله نتمنى أن تكون الإستفادة عامة
تقبل تحياتي
|
najmi- مشرف
- تاريخ التسجيل : 07/07/2009
مواضيع مماثلة
» التعامل مع الوالدين
» كيفية التعامل مع الوالدين
» قصة عن بر الوالدين
» بر الوالدين
» !!! الوالدين !!!
» كيفية التعامل مع الوالدين
» قصة عن بر الوالدين
» بر الوالدين
» !!! الوالدين !!!
إنشاء حساب أو تسجيل الدخول لتستطيع الرد
تحتاج إلى أن يكون عضوا لتستطيع الرد.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى