تمدد الكون

أصبح للكون بطاقة تسارع جديدة !

إن أدق قياس على الإطلاق تم أجراءه على سرعة تمدد الكون, والذي يعتبر شئ مهم, أصبح موجوداً الآن, بفضل تلسكوب سبيتزر التابع لوكالة ناسا الفضائية.

الكون بحد ذاته يتباعد ويتوسع بمعدل 74.3 زائد أو ناقص 2.1 كيلومتر (46.2 زائد أو ناقص 1.3 ميل ) في كل ثانية لكل ميجابارسيك ( ميجا فرسخ فلكي ) حيث أن الواحد ميجابارسيك يساوي تقريباً 3 مليون سنة ضوئية.

إذا كانت هذه الأرقام تبدو صغيرة, فيجب أن تعلم أنها بحق تمثل سرعة عالية جدا ً لتباعد الكون وهي تزداد بشكل مطرد. عالم الفلك الأمريكي ‘إيدوين هابل’ اكتشف عام 1920 أن الكون ليس ساكنا ً . في الواقع, ‘هابل’ وجد أن الفضاء في حالة توسع منذ وجوده أثناء الإنفجار العظيم قبل 13.7 بليون سنة.

تمدد الكون Spitzer-universe-expansion.-300x225

تمدد الكون Spitzer-universe-expansion.-300x225

سلم المسافة الفلكية: يظهر رمزيا ً هنا في هذا المفهوم الفني سلسة من النجوم وأجرام أخرى داخل المجرات ذات المسافات المعلومة. تلسكوب سبيتزر الفضائي استخدم هذا السلم لإيجاد أفضل قياسات ممكنة لمعدل تمدد الكون والتي نشرت في أكتوبر 2012.

في عام 1990 صعق بعض علماء الفلك العالم مرة أخرى حينما كشفوا أن هذا التوسع يتسارع ( فاز مكتشفي هذا الإكتشاف بجائزة نوبل للفيزياء في عام 2011).

منذ اكتشاف ‘هابل’ الأولي, استمر العلماء في تنقيح قياساتهم لمعدل التوسع الكوني وأطلقوا عليه ‘ ثابت هابل’ والذي يعتبر قياس صعب التحقيق.

القياس الجديد قلل نسبة الشك في ‘ ثابت هابل’ بمقدار 3% وعزز من دقة القياس بمعدل 3% مقارنة ً بالتقديرات السابقة من تلسكوب هابل الفضائي.

” فقط منذ عقد مضى, فإن استخدام كلمتي ‘الدقة’ و ‘علم الكونيات’ في جملة واحدة لم يكن ممكناً. كذلك حجم وعمر الكون لم يكن معروفا ً على نحو أفضل كعامل من إثنين. الآن بإمكاننا التحدث عن الدقة وبنسب ضئيلة. إنه لشئ رائع! ". قال ‘ويندي فريدمان’ من مراصد معهد كارنيجي للعلوم في باسادينا بكاليفورنيا.

القياسات الجديدة لا تنبّئ العلماء بمقدار تمدد الكون فحسب, بل تساعد أيضا ً على تسليط الضوءعلى سر تسارع هذا التوسع. الطاقة المظلمة هو اسم أطلق على مسبب تسارع تمدد الكون ولكن العلماء لديهم معلومات محدودة عن هذه الطاقة المظلمة.

بواسطة تجميع القيمة الجديدة لثابت ‘هابل’ مع الملاحظات المأخوذة عن الكون بواسطة مجس ويلكينسون التابع لناسا, فإن العلماء أصبحوا قادرين على إيجاد حسابات مستقلة لقوة المادة المظلمة والتي تقاتل ضد الجاذبية وتعمل على توسيع الكون.

"هذه أحجية كبيرة. إنه من المثير أننا أصبحنا قادرين استخدام تليسكوب سبيتزر لحل مشاكل جوهرية في علم الفلك مثل: المعدل الدقيق الذي يتمدد فيه الكون وكذلك قياس كمية الطاقة المظلمة الموجودة في الكون من زاوية أخرى” يقول فريدمان.

تيليسكوب سبيتزر يعاين الكون باستخدام الأشعة تحت الحمراء بطول موجي طويل غير مرئي للإنسان يجعلها تظهر خلال الغبار غير المرئي في جنبات الكون البعيدة. التليسكوب ركّز على نجوم متغيرة اسمها "سيفيد” تشكل مؤشرات لمسافات يمكن الإعتماد عليها وذلك لان لمعانها الذاتي يمكن حسابه بناء ً على ضوءها المنبعث. إذا كان لمعانها الذاتي معروف, فإن بعد هذه النجوم يمكن حسابه عن طريق مقارنة لمعانها الظاهر وذلك لأنه كلما بعدت النجوم خفت ضوءها ولمعانها.

” هذه النجوم النابضة تعتبر دلائل حيوية فيما يسميه علماء الفلك ‘سلم المسافة الفلكية’ : وهي عبارة عن مجموعة من الأجرام ذات بعد معروف حيث أنه عند اشتراك هذا البعد مع ابتعاد هذا الجرم عنّا, فإن معدل توسع الكون يكون أكتر وضوحا ً ” قال ‘جلين والجرين’ العالم في برنامج سبيتزر في مقر ناسا في واشنطن.

التليسكوب سبيتزر رصد 90 نجم سيفيدي وكان قادرا ً على قياس لمعانها الظاهر بدقة أكبر مما أظهرته الدراسات السابقة مفسحا ًً المجال لمزيد من تنقيح القياسات لبعد هذه النجوم وكذلك معدل توسع الكون.

تيليسكوب سبيتزر أطلق في أغسطس-2003 ونفذ منه محلول التبريد الذي يبرد أجزائه في مايو-2009. بدون هذا المبرد فإن التيليسكوب لا يمكنه أن يرى كل الأطول الموجية التي صمم لكي يلتقطها. منذ ذلك الحين فان سبيتزر تم استخدامه لمهمة ” دافئة ” أخرى والتي أظهرت نتائج مثمرة أيضا ً