البيئة والتنمية

ان كثيرا من المشكلات البيئية التي يعاني منها عالمنا المعاصر ترتبط  الى حد كبير بتنفيذ مشروعات التنمية الصناعية دون تخطيط سليم ودراسة مسبقة للاثار البيئية لهذه المشروعات. واصبح من الضروري مراعاة التوازن بين طرفي هذه المعادلة الصعبة .. وفي هذا الاطار فان المفهوم العام للتنمية يجب ان يتمحور حول استغلال الموارد الطبيعية استغلالا سليما آمنا بما يحقق حاجات وطموحات السكان مع المحافظة على موارد البيئة وصيانتها وفق خطة معينة مبرمجة زمنيا وتخضع للمتابعة والمراقبة المستمرة. وفي سبيل تحقيق ذلك فلا بد من مراعاة عدة ابعاد متداخلة ومترابطة حيث يؤثر كل منها في الاخر ، ومنها البعد الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والبيئي ، بحيث يتم تنفيذ مشروعات التنمية بشكل سليم لتحقيق اهدافها دون الاضرار بالبيئة. ولذلك فقد اصبحت صيانة الموارد البيئية وحمايتها تعتبر من المطالب الاساسية لانجاح مسيرة التنمية واستمرارها دو اثار سلبية على البيئة. وهذا يتطلب اجراء دراسات عن "الجدوى البيئية" في نفس الوقت الذي تتم فيه دراسة الجدوى الاقتصادية لمشروعات التنمية ، وهذا ما يعرف الان بمبدأ "التنمية المتوازنة".




لقد ساهمت البحوث العلمية التي تمت خلال العشرين عاما الاخيرة مساهمة كبيرة في تحقيق تقدم كبير لفهم العلاقات الكتشابكة بين البيئة والتنمية-خاصة من النواحي الاقتصادية، وظهرت اهمية"التنمية المستدامة" اي التنمية التي تفي بالاحتياجات الحالية دون الاخلال بقدرة الاجيال القادمة على توفير احتياجاتها وهذا لايمكن تحقيقه الا بان تراعى الجوانب الاقتصادية والبيئية معا على قدم المساواة. وبالتالي فلقد اصبح من الضروري عند التخطيط لاي مشروع تنموي حساب تكلفة مايصيب البيئة من تلوث او تدهور وما تحتاجه عمليات الاصلاح والصيانة وذلك حتى يمكن اختيار افضل الطرق للتعامل مع المشكلات البيئية لتحقيق التنمية المستدامة. وقد اوضحت بعض الدراسات ان التكلفة الاقتصادية لتلوث البيئة في الدول المتقدمة يتراوح بين 3-5% من اجمالي الناتج القومي ، وبالرغم من ان هذا التحليل الاقتصادي للتدهور البيئي قد يكون جزئيا الا ان اهميته ترجع الى رفع الوعي بضرورة الماحفظة على الموارد البيئية لعائدها الاقتصادي الكبير ، بالاضافة الى الاثارالبيئية الاخرى التي لا يمكن تقييمها ماديا مثل الاضرار التي قد تلحق بالاثار التاريخية او الامراض التي قد تصيب الانسان .




ولما كان الانسان هو محور عمليات التنمية وعمودها الفقري ، فانه يتوقف عليه مدى نجاح التمية وتحقيقادافها دون الاضرار بالانسان وبيئته ، فبقدر ما ينجح الانسان في تحقيق التوازن بين ابعاد التنمية المختلفة مع المحافظة على البيئة بقدر ما تنجح مشروعات التنمية وتحقق رفاهية البشرية . فعلى سبيل المثال قدرت قيمة المنافع السنوية الناتجة عن السيطرة على تلوث الهواء والماء في الولايات المتحدة الامريكية بحوالي 26 مليار دولار ، كما ادى امداد مدينة بالهند بمياه الشرب القية الى خفض نسبة الوفايات والاصابات بالامراض المعوية بين سكانها وقد حقق هذا عائدا ماديا يقدر بحوالي 27 مليون دولار سنويا . وتشير الاحصائيات الى ان انخفاض نسبة الرصاص في البنزين بالولابات المتحدة الامريكية قد ادى الى تحقيق فائدة بلغت قيمتها 5.8 مليار دولار في عام 1992 وذلك نتيجة للتحس في صحة الاطفال لعم تعرضهم لعادم السيارات المحتوي على الرصاص الضار .




من ذلك يتضح لنا ان الانفاق على حماية البيئة ليس ترفا كما يدعي البعض ، انما هو استثمار له فوائد كبيرة ، وان صيانة البيئة وحمايتها والمحافظة عليها قضية رئيسية تمس مشروعات التنمية وتشكل دعامة لتحقيق رفاهية الانسان ومستقبله على سطح الارض بايجاد التوازن بين البيئة و التنمية لان اي خلل في هذا التوازن .. يحدث نتيجة سلوكيات غير مسئولة قد يسبب تدهور البيئة على يد الانسان .

يسلموووعلى الموضوع
لك منى كل الشكر والتقدير
لمجهودك المتميز والمبدع
يعطيك العافية ولاحرمنا جديدك