خير الكلام ما قلَ ودلَ

إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهبب...طبعا ليس سكوت الأخرس الذي من ذهب ولا كلام الحكيم الذي من فضة ولكن كثرة الكلام في غير ذي فائدة هي المنقصة والسكوت في مواطن الجهل هو عين الحكمة..

ذلك أن الكلام الكثير ينتج الأخطاء الكثيرة والصمت الحكيم يجعل صاحبه أكثر روية وزنة لكلماته وقديما قال أحدهم تمنيت لو أن لي عنقا كعنق الزرافة وحين سئل عن المغزى قال كي لا تصل الكلمة من صدري الى لساني إلا بعد أن تمر على عديد الحواجز فتزنها..وفي الأثر إن المرء ليلقي بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا فتهوي به في الدرك الأسفل من النار ولما سئل الرسول صلوات ربي عليه من الصحابة في معنى الحديث أبكلماتنا يا رسول الله نكب في النار؟أجاب وهل يكب الناس في جهنم إلا حصائد ألسنتهم...

حصائد الألسنة إذا هي التي تجر الوبال أو الخير وفي المثل الشعبي بعد التقنين الكلمة كالرصاصة متى انطلقت لم يعد في وسعك استرجاعها..وفي الأثر-قل خيرا أو أصمت-وفي قصة سيدنا موسى عليه السلام مع الخضر من سورة الكهف خير ترجمان على صمت الحكمة أمام ما لا ندركه بحواسنا ومعرفتنا مع أن الغرض من التساؤلات فيها كان لحب المعرفة وغرض التعلم

لكي لا نطيل فالمقدمة وحدها بوسعها أن تكون موضوعا منفردا بذاته ..نحط الرحال عند أقوال بعض الشعراء

يقول الفضل بن حباب

قالوا نراك تطيل الصمت قلت لهـمما طول صمتي من عي ومن خرس

لكنـه أحمـد الأمريـن عاقـبـةعندي وأبعده من منطـق شكـس

أأنشر البـز فيمـن ليـس يعرفـهأو أنثر الدر للعميـان فـي غلـس

ولعلي رضي الله عنه بيتان في المعنى كما أن كتب الأدب تنسبهم في بعض مصادرها الى ابن السكيت

يموت الفتى من عثرة في لسانـهوليس يموت المرء من عثرة الرجل

فعثرتـه من-فيه-ترمـي برأسـهوعثرته بالرجل تبرا علـى مهـل

ومعناهما أن عثرة الرجل يشفى صاحبها بالتقادم أو التطبب ولكن عثرة اللسان قد تقطع العنق

وفي الأثر ابتعد عن القيل والقال وكثرة السؤال وإضاعة المال ..قال أبو عثمان التجيبي

نزه لسانك عن قـول تعـاب بـهوارغب بسمعك عن قيل وعن قال

لا تبغ غير الـذي يعنيـك واطـرح الفضول تحي قرير العين والبال

ولعلي بن أبي طالب رضي الله عنه