جَامِعُ القَيْرَوَان بتونس

جَامِعُ القَيْرَوَان

بَدأَ عُقبةُ بن نافِع -رحمه الله- بناءَ هذا الجَامِعِ سنة 50 هـ (670م) وهو تاريخُ بناءِ مدينةِ القَيْرَوَان (في تُونس)، وفُرِغَ مِنه ومِن القَيْرَوانِ سنةَ 55 هـ.

وقد جُدِّدِ الجامِعُ وزِيدَ فيهِ مَرَّاتٍ عديدةٍ. وحَرِصَ الذين جَدَّدُوهُ على أنْ يُحافِظوا على هيئتِه الأولى. فَزَادَ فيه بِشْرُ بن صَفوَان الكَلْبِيّ -في عَهْدِ هِشَام بن عبد الملك- زيادةً كبيرةً، وذلك في سنة 105هـ (723م).

ثُمَّ هَدَمَه يَزيدُ بن حاتم في عَهْدِ الخَليفَةِ العَبَّاسِيِّ المنصورِ إلا المِئْذَنَةَ والمِحْرَابَ، وأعادَ بناءَهُ سنةَ 157هـ.

ثُمَّ هَدَمَهُ زِيادةُ اللهِ بن الأغلب سنة 221هـ، ولمْ يَدَعْ إلا المِحْرَابَ، ثُمَّ أَعادَ بناءَهُ مِن جَديدٍ، وأَضافَ جِدَارَ قِبلةٍ ومحرابًا جديدًا، وكِلاهما مَكْسُوٌّ بالرُّخَامِ الأبيضِ المُغَطَّى بالزَّخَارِفِ والكِتَابَاتِ.

أمَّا تَجديدُ الجامعِ عَلَى يَدِ إبراهيمِ بن أحمد الأَغْلَبي وزيادَتُه فيه، فقد تَمَّ سنة 248هـ (862م). وفي هذا التعميرِ الجديدِ أُضِيفَتْ للمِحرابِ كِسْوَةَ مِن الرُّخَامِ المُلوَّنِ، وأضيفتْ قُبَّةُ الجامعِ الكبيرةُ. وما يزالُ الجامعُ يَحتفظُ بمقاييسِهِ الأُولى التي كانَ عليها أيامَ إِبراهيمَ بن أحمد.

ويَمتازُ هذا الجامعُ بميزَتينِ،
هُما في كُلِّ مساجدِ المغربِ الإسلامي:
الأولى:
أنَّ بَيتَ الصَّلاةِ عميقٌ، يُغطِّي نصفَ مساحَةِ الجامعِ تقريبًا.
والثانية:
أنَّ المِئْذَنَةَ بناءٌ مُستقِلٌّ شَبِيْهٌ بالبُرْجِ، يَقومُ في الجدارِ المُواجِهِ لجدارِ القِبْلَةِ. وهذهِ المِئْذَنَةُ تُعتبرُ مِن نَوادِرِ المَآذِنِ وأَجمَلِها مع قِدَمِها.

والجامعُ كُلُّهُ يَكادُ -مِن الخارج- أنْ يَكونَ حِصْنًا. فالجُدْرَانُ عَاليةٌ سَمِيكةٌ مَشدُودَةٌ بدِعَامَاتٍ، والمِئْذَنَةُ بُرْجٌ حَقِيقيٌّ