المواضيع الأخيرة
» Sondos
الأربعاء 28 أغسطس 2024, 07:35
» Sondos
الأربعاء 28 أغسطس 2024, 01:17
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 23:02
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 04:44
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 01:06
» Sondos
الإثنين 26 أغسطس 2024, 20:57
» Sondos
الأحد 25 أغسطس 2024, 23:20
» Sondos
الأحد 25 أغسطس 2024, 19:57
» Sondos
الثلاثاء 20 أغسطس 2024, 22:17
» Sondos
الإثنين 19 أغسطس 2024, 17:59
المواضيع الأكثر نشاطاً
عام مضى من عمرك.. ماذا قدمت فيه؟
عام مضى من عمرك.. ماذا قدمت فيه؟
عام مضى من عمرك.. ماذا قدمت فيه؟
الحمد
لله رب العالمين، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور
أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له من
دون الله وليا مرشدا.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله،
وصفيه من خلقه وحبيبه، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو
كره المشركون.
أما بعد:
فيقول الحق تبارك وتعالى في محكم التنزيل {قُلِ
اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ
الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ
بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. تُولِجُ اللَّيْلَ
فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ
مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ
تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [آل عمران: 26: 27]
ويقول تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ
ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ
السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ
يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [يونس: 5]
ويقول تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ
آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ
مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ
السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا} [الإسراء: 12]
ويقول تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} [الفرقان: 62]
فالله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وأوجده في هذه الحياة، وهو وحده سبحانه
وتعالى الذي يصرف الأمور ويقلب الليل والنهار، ليعتبر الناس بمرور الليل
والنهار.
وعلًّم الإنسان عدد السنين والحساب لتكون له ذكرى وعبرة أن يجتهد في هذه الحياة المحدودة وأن يغتنم أيامه المعدودة.
عام مضى:
ها
نحن في هذه الأيام نودع عاما من أعمارنا وجزءا من حياتنا، يغفل كثير من
الناس عن حقيقة الأمر, حينما يمر بهم العام فيفرحون ويمرحون, بل يتمادون في
معصيتهم لربهم وإعراضهم عن طريق الله تعالى.
وهم ويعلمون أن جزءا من أعمارهم انتهى، وقدرا من آجالهم انقضى، وأن الكل عما قريب سيلقى الله تعالى بما كسبت يداه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ" [المعجم الكبير:ج10/ص322 ح10786].
قال الحسن البصري رحمه الله: يا ابن آدم، إنما أنت أيام، فإذا ذهب يومٌ ذهب بعضك.
حينما ننظر في العام الماضي نجد أن فيه أكثرَ من ثلاثمائة وستين يوما، أكثرَ من ثمانيةِ آلافِ ساعة، ما يزيد على خمسمائة ألف دقيقة
وقت كثير وزمن كبير فكيف قضيناه وفي أي شيء أمضيناه؟
تقلبت فيه كثير من الأحوال وتبدلت فيه كثير من الأمور
فكم من مولود ولد، وكم من ميت دفن، وكم من صحيح مرض، وكم من مريض عوفي.
وكم من أحداث مرت علينا خلال هذا العام كانت أدعى لنا أن نعتبر ونتعظ
ونقترب من الله تعالى ونكثر من عبادته ونعود ونتوب إليه جل في علاه.
قال تعالى {أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ}[التوبة: 126]
هكذا ستمضي الدنيا
وكما
مضى العام سيمضي العمر كله لا محالة، فمع بداية العام نظن أن أمامنا وقتا
كبيرا، وأياما طويلة حتى نقطع هذا العام ونصل لنهايته، لكنه سرعان ما ينتهي
كأنه طيف مر سريعا.
وهكذا تنقضي الأعوام عاما بعد عام حتى ينقضي العمر كله وتنتهي الحياة بأسرها.
وقد بين الله تعالى لنا ذلك أن الحياة الدنيا سريعا ما تنتهي، قال الله تعالى{وَاضْرِبْ
لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ
السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا
تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا} [الكهف: 45].
وقال الله تعالى {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ
نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا
أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ
قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا
فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ
نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [يونس: 24].
قال أحد السلف: "كيف يفرح في هذه الدنيا .. من يومُه يهدم شهرَه, وشهرُه
يهدم سنتَه, وسنتُه تهدم عُمُرَه، كيف يفرح مَن عمرُه يقوده إلى أجله,
وحياتُه تقوده إلى مماته".
في مثلِ غمضةِ عين, أو لمحةِ بصر, أو ومضةِ برق, يُطوَى سجلُّ الإنسان في
الحياة, من الحمل إلى الولادة, إلى الطفولة, إلى الشباب, إلى الشيخوخة
والهرم, إلى الموت، فواعجباً لهذه الدنيا كيف خُدِع بها الإنسان وغره طولُ
الأمل فيها, وهي كما أخبر الله سبحانه {اعْلَمُوا
أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ
بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ
أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ
يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ
اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ
الْغُرُورِ} [الحديد: 20].
فينبغي للإنسان أن ينتبه لذلك ويستعد وقد حذرنا الله تعالى وأنذرنا قال الله تعالى {يَا
أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ
الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} [فاطر: 5].
وأن يحسن في دنياه قبل اللقاء والوقوف بين يدي الله جل في علاه قال الله تعالى {يَا
أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي
وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا
إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا
وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} [لقمان : 33]
إنا لنـفرح بالأيام نقطـعها *** وكلُّ يـومٍ مضى يدنـي من الأجـل
فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهداً *** فإنما الربح والخسران في العمل
وقفة للمحاسبة:
مع
نهاية عام وبداية عام ينبغي أن تكون لنا وقفة لمحاسبة النفس ومساءلتها عما
قدمت في العام الماضي، وماذا كسبت قبل السؤال والحساب بين يدي الله تعالى
يوم القيامة.
قال الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا
اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر: 18].
فالعبد يجب أن يحاسب نفسه ويسألها ويستعد للحساب بين يدي الله تعالى فقد
انقضى جزء من عمره سيحاسبه الله تعالى عليه وعلى عمره كله يوم القيامة.
روى الإمام مسلم عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا
مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ, لَيْسَ بَيْنَهُ
وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ, فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا
مَا قَدَّم،َ وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ،
وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ
وَجْهِه، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ". [مسند أحمد:ج4/ص256 ح18272]
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى
يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه وعن جسده فيما أبلاه وعن ماله فيما أنفقه
ومن أين اكتسبه" [أخرجه الطبراني 11/102, رقم 11177]
أسئلة هامة مع نهاية عام وبداية عام:
بعض الأسئلة الهامة التي ينبغي أن يقف معها الإنسان وهو مع بداية عام ونهاية عام.
أولا: ماذا قدمت لدينك:
فليسأل كل واحد منا نفسه ماذا قدم في هذا العام لدين الله تعالى؟
أ-
على مستوى الطاعات والعبادات التي تعبدنا الله تعالى بها: كيف كان حالنا
مع الصلاة عماد الدين؟ هل صليناها في وقتها؟ في المسجد؟ في جماعة؟ هل
أتممنا ركوعها وسجودها؟ هل أدينا حقها من الأركان والواجبات والسنن؟ هل
خشعنا لله تعالى فيها؟ وازددنا خشية منها؟ هل شعرنا أنها غيرت سلوكنا وأثرت
في أخلاقنا وتعاملنا مع الخلق؟
والصيام، والزكاة، والحج,وقراءة القرآن، وقيام الليل، والذكر، والأمر
بالمعروف، والنهي عن المنكر، وسائر العبادات التي أمرنا الله تعالى بها
وسنها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "ما ندمتُ على شيء ندمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي".
يقول الحسن البصري: ما من يوم ينشق فجره إلا ونادى مناد من السماء يا ابن
ادم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد فاغتنمني بعمل صالح فاني لا أعود إلى يوم
القيامة.
ب- هل نصرنا دين الله تعالى كما ينبغي؟
إن
الإسلام يتعرض لهجمة شرسة داخل بلاد المسلمين وخارجها تريد أن تمحو اسمه
وتزيل رسمه، وتجعل الناس ينحرفون عن طريقه المستقيم، ومنهجه القويم، والأمة
في مجموعها أفرادا وجماعات مطالبة أن تنصر دين الله تعالى بالنفس والنفيس
والروح والمال والوقت وبكل ما يملكه المسلم من جهد وفكر {إِنَّ اللَّهَ
اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ
الْجَنَّةَ} [التوبة: 111].
كما نصره الصحابة رضوان الله تعالى فنشر الله بهم الدين وأعزهم الله في دنياهم وكتب لهم عظيم الأجر في أخراهم.
فلنسأل أنفسنا ما ذا قدمنا لدين الله تعالى وماذا ننتظر؟.
ج- هل كنت داعية بحق إلى دين الله تعالى؟:
إن مسألة الدعوة إلى دين الله تعالى وبيانه للخلق مسئولية الأمة بأسرها، مسئولية أتباع محمد صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى {قُلْ
هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ
اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108].
فكل مسلم من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم مطالب أن يكون له دور في الدعوة
إلى الله تعالى بقدر ما يمكنه على هدى وبصيرة وحكمة، خاصة المسلمون الذين
يعيشون في أوربا وفي بلاد غير المسلمين.
وعلى كل مسلم أن يتفنن في الوسائل المشروعة التي يعرف الناس بها بدين الله
تعالى بشكل صحيح يزيل الشبهات ويدرأ الأباطيل ويبين حقيقة هذا الدين
للعالمين.
لا شك أن كل واحد منا لو جعل ذلك نصب عينيه لتغيرت نظرة الناس للإسلام والمسلمين.
إن أمة الإسلام خرجت للبشرية من قبل لتقدم لها منهج الحياة الأقوم وسبيل السعادة الأمثل، وطريق النجاة في الدنيا والآخرة.
وها هي البشرية تترنح بين مبادئ ونظم لم تشف عليلها، ولم ترو غليلها، ولم تذهب البأس والشقاء عنها.
ومع المسلمين العلاج الناجع والدواء النافع لكنهم لم يحسنوا العمل به ولا دعوة الناس إليه.
ثانيا: ماذا قدمت لدنياك؟:إن محاسبة النفس على عملها في نهاية العام تقتضي من كل مسلم أن يسأل نفسه أيضا ماذا قدم لدنياه؟
وهل أتقن عمله الذي يعمل فيه؟
في أي ميدان من ميادين الحياة يمكن أن يقدم لنفسه أو لأمته أو للبشرية كلها خيرا.
إن محاسبة النفس عن عمرها الذي مضى ليست عملية سلبية تعني الانسحاب من
المجتمع وترك ميدان الحياة يستعلي فيه أهل الشر بشرهم، ويتحكم فيها أهل
الباطل بباطلهم.
إنما كل مسلم مطالب أن يسأل نفسه ماذا قدم من نفع في هذه الحياة؟.
إن ميادين العلوم المختلفة ومجالات الصناعات المتعددة انسحب منها المسلمون
انسحابا مخزيا وصاروا عالة على غيرهم في شتى الأمور كما يقال من الإبرة إلى
الصاروخ .
فصار عدوهم يتحكم في غذائهم ودوائهم وكسائهم وسلاحهم وسائر أمور حياتهم وهذا من الإثم العظيم والمنكر الكبير.
إن أمما كانت لوقت قريب أقل من أمة الإسلام لكنها صممت أن تلحق بمن سبقها
في مضمار العلم والتكنولوجيا ومستجدات العصر فاستطاعت أن تلحق بل أن تسبق
أيضا ولننظر إلى الصين واليابان والهند.
أما أمتنا فلا زالت تراوح مكانها.
الله تعالى خلقنا وجعل من حكم وجودنا إعمار الحياة قال الله تعالى {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ} [هود: 61].
فلنسأل أنفسنا ماذا قدمنا لدنيانا؟
ومتى نتحرك أفرادا وجماعات لنصلح الدنيا على منهاج صحيح؟
ثالثا: ما حال الأمة مع بداية عام ونهاية عام؟
مع نهاية عام وبداية عام ما هو حال أمة الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها؟ ما هو حصاد هذا العام الهجري في تاريخ أمة الإسلام؟
إن نظرة سريعة على خريطة العالم لتنظر أي البقاع أكثر حروبا وسفكا للدماء واعتداءا على المقدسات.
ستجد أنك تنظر إلى سوريا وفلسطين، إلى العراق، إلى الشيشان، إلى أفغانستان، إلى الصومال، وغيرها من بلاد الإسلام.
حتى البلاد التي تخلصت من الاستبداد والديكتاتورية وحكم الجبابرة مازالت
تعاني من الفرقة والتشرذم، وتذب المعادين للإسلام وتطاولهم، والكيد
والتآمر، ومحاولة الانحراف بهذه البلاد عن الحياة المستقرة.
فبلادنا أكثر البلاد التي تنهب ثرواتها، وتستنزف خيراتها، وتبدد طاقاتها، وتحارب وتشرد عقولها وإمكاناتها.
بل وتضطهد في دينها وتحارب في قرآنها وسنة نبيها وتغير دساتيرها ومناهجها بما يتمشي مع نزوات المفسدين في الأرض.
أهذه أمة الإسلام التي أراد الله لها أن تكون الأمة الوسط؟ أن تكون خير أمة أخرجت للناس؟
فليسأل كل واحد منا نفسه ماذا قدمت لأمة الإسلام؟
عام مضى فيه من الآلام والجراح الكثير والكثير.
ولو تحرك كل مسلم حركة إيجابية لنصرة دينه وأمته على مدار عام كامل لحققت
الأمة نهوضا ورقيا وذهبت آلامها، وتحققت آمالها، وتحولت الجراح إلى أفراح.
ماذا أنت فاعل في عامك القادم؟
إن
كنا قد ودعنا عاما بأيامه ولياليه، فقد أقبل علينا عام آخر، مد الله لنا
في العمر، وأطال لنا في الأجل، وأمهلنا في الحياة حتى نستدرك ما فات, ونعوض
ما قد قصرنا فيه وفرطنا.
فهل نعتبر ونأخذ من أنفسنا لأنفسنا، ونعاهد الله تعالى أن نستغفره فيما فات
من أعمارنا من تقصير وإساءة، ونحسن فيما بقى من أعمارنا فيما بيننا وبين
الله تعالى.
والنبي صلى الله عليه وسلم حثنا على اغتنام الأعمار والاستفادة من الحياة
فقال: "اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك
وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك" [المستدرك على الصحيحين:ج4/ص341 ح7846]
وقال صلى الله عليه وسلم: "بادروا بالأعمال سبعاً" أي أسرعوا إلى فعل
الخيرات والقربات قبل أن تأتيكم سبع، يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم :
"بادروا بالأعمال سبعاً هل تنتظرون إلا فقراً منسياً، أو غنى مطغياً، أو
مرضاً مفسداً، أو هرما مفنداً، أو موتاً مجهزاً، أو الدجال فشر غائب ينتظر،
أو الساعة، فالساعة أدهى وأمر" [أخرجه الترمذي كتاب الزهد رقم 23 7 وقال
حسن غريب]
وسئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الناس خير؟ قال : "من طال عمره وحسن عمله"، قال: فأي الناس شر؟ قال: "من طال عمره وساء عمله".
فهنا ينبغي أن تكون لنا وقفات أخرى بالتوبة عما قصرنا فيه مما مضي من عمرنا. وبالاستعداد الصحيح لما بقى من أعمارنا
كيف سيكون حالنا مع الله تعالى في معرفته وطاعته ومرضاته ومحبته وتنفيذ أمره، واجتناب نهيه؟.
كيف سيكون حالنا مع ديننا في معرفته وتعلمه وفهمه فهما صحيحا والعمل به والدفاع عنه ونشره بين العالمين؟.
كيف سيكون حالنا مع أمتنا في نصرتها والعمل على عزتها ورفعتها، ورفع الضر والبأساء عنها في كل مكان؟.
كيف سيكون حالنا مع كافة الناس بحسن معاملتهم والتخلق معهم بأخلاق الإسلام
وإرشادهم إلى دين الله القويم الذي فيه سعادتهم في دنياهم وأخراهم؟.
كيف سيكون حالنا مع أمورنا الدنيوية وكيف سنحقق فيها إتقانا وتقدما ونفعا لأنفسنا ولأمتنا وللناس جميعا؟.
وحتى لا تكون هذه مجرد أمنيات وأحلام حبذا لو وضع كل واحد منا له أهدافا
واضحة محددة ستكون برنامجه العملي للعام القادم بل لحياته بأسرها، حتى يكون
للحياة قيمة حقيقية ومعنى سام.
ويصبر المسلم على ذلك ويجتهد ويعيش في كنف قول الله تعالى {قُلْ
إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ
الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 162، 163]
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
د. علاء محمد سعيد
منقول
الحمد
لله رب العالمين، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور
أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له من
دون الله وليا مرشدا.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله،
وصفيه من خلقه وحبيبه، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو
كره المشركون.
أما بعد:
فيقول الحق تبارك وتعالى في محكم التنزيل {قُلِ
اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ
الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ
بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. تُولِجُ اللَّيْلَ
فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ
مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ
تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [آل عمران: 26: 27]
ويقول تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ
ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ
السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ
يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [يونس: 5]
ويقول تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ
آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ
مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ
السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا} [الإسراء: 12]
ويقول تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} [الفرقان: 62]
فالله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وأوجده في هذه الحياة، وهو وحده سبحانه
وتعالى الذي يصرف الأمور ويقلب الليل والنهار، ليعتبر الناس بمرور الليل
والنهار.
وعلًّم الإنسان عدد السنين والحساب لتكون له ذكرى وعبرة أن يجتهد في هذه الحياة المحدودة وأن يغتنم أيامه المعدودة.
عام مضى:
ها
نحن في هذه الأيام نودع عاما من أعمارنا وجزءا من حياتنا، يغفل كثير من
الناس عن حقيقة الأمر, حينما يمر بهم العام فيفرحون ويمرحون, بل يتمادون في
معصيتهم لربهم وإعراضهم عن طريق الله تعالى.
وهم ويعلمون أن جزءا من أعمارهم انتهى، وقدرا من آجالهم انقضى، وأن الكل عما قريب سيلقى الله تعالى بما كسبت يداه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ" [المعجم الكبير:ج10/ص322 ح10786].
قال الحسن البصري رحمه الله: يا ابن آدم، إنما أنت أيام، فإذا ذهب يومٌ ذهب بعضك.
حينما ننظر في العام الماضي نجد أن فيه أكثرَ من ثلاثمائة وستين يوما، أكثرَ من ثمانيةِ آلافِ ساعة، ما يزيد على خمسمائة ألف دقيقة
وقت كثير وزمن كبير فكيف قضيناه وفي أي شيء أمضيناه؟
تقلبت فيه كثير من الأحوال وتبدلت فيه كثير من الأمور
فكم من مولود ولد، وكم من ميت دفن، وكم من صحيح مرض، وكم من مريض عوفي.
وكم من أحداث مرت علينا خلال هذا العام كانت أدعى لنا أن نعتبر ونتعظ
ونقترب من الله تعالى ونكثر من عبادته ونعود ونتوب إليه جل في علاه.
قال تعالى {أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ}[التوبة: 126]
هكذا ستمضي الدنيا
وكما
مضى العام سيمضي العمر كله لا محالة، فمع بداية العام نظن أن أمامنا وقتا
كبيرا، وأياما طويلة حتى نقطع هذا العام ونصل لنهايته، لكنه سرعان ما ينتهي
كأنه طيف مر سريعا.
وهكذا تنقضي الأعوام عاما بعد عام حتى ينقضي العمر كله وتنتهي الحياة بأسرها.
وقد بين الله تعالى لنا ذلك أن الحياة الدنيا سريعا ما تنتهي، قال الله تعالى{وَاضْرِبْ
لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ
السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا
تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا} [الكهف: 45].
وقال الله تعالى {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ
نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا
أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ
قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا
فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ
نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [يونس: 24].
قال أحد السلف: "كيف يفرح في هذه الدنيا .. من يومُه يهدم شهرَه, وشهرُه
يهدم سنتَه, وسنتُه تهدم عُمُرَه، كيف يفرح مَن عمرُه يقوده إلى أجله,
وحياتُه تقوده إلى مماته".
في مثلِ غمضةِ عين, أو لمحةِ بصر, أو ومضةِ برق, يُطوَى سجلُّ الإنسان في
الحياة, من الحمل إلى الولادة, إلى الطفولة, إلى الشباب, إلى الشيخوخة
والهرم, إلى الموت، فواعجباً لهذه الدنيا كيف خُدِع بها الإنسان وغره طولُ
الأمل فيها, وهي كما أخبر الله سبحانه {اعْلَمُوا
أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ
بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ
أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ
يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ
اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ
الْغُرُورِ} [الحديد: 20].
فينبغي للإنسان أن ينتبه لذلك ويستعد وقد حذرنا الله تعالى وأنذرنا قال الله تعالى {يَا
أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ
الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} [فاطر: 5].
وأن يحسن في دنياه قبل اللقاء والوقوف بين يدي الله جل في علاه قال الله تعالى {يَا
أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي
وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا
إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا
وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} [لقمان : 33]
إنا لنـفرح بالأيام نقطـعها *** وكلُّ يـومٍ مضى يدنـي من الأجـل
فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهداً *** فإنما الربح والخسران في العمل
وقفة للمحاسبة:
مع
نهاية عام وبداية عام ينبغي أن تكون لنا وقفة لمحاسبة النفس ومساءلتها عما
قدمت في العام الماضي، وماذا كسبت قبل السؤال والحساب بين يدي الله تعالى
يوم القيامة.
قال الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا
اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر: 18].
فالعبد يجب أن يحاسب نفسه ويسألها ويستعد للحساب بين يدي الله تعالى فقد
انقضى جزء من عمره سيحاسبه الله تعالى عليه وعلى عمره كله يوم القيامة.
روى الإمام مسلم عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا
مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ, لَيْسَ بَيْنَهُ
وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ, فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا
مَا قَدَّم،َ وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ،
وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ
وَجْهِه، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ". [مسند أحمد:ج4/ص256 ح18272]
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى
يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه وعن جسده فيما أبلاه وعن ماله فيما أنفقه
ومن أين اكتسبه" [أخرجه الطبراني 11/102, رقم 11177]
أسئلة هامة مع نهاية عام وبداية عام:
بعض الأسئلة الهامة التي ينبغي أن يقف معها الإنسان وهو مع بداية عام ونهاية عام.
أولا: ماذا قدمت لدينك:
فليسأل كل واحد منا نفسه ماذا قدم في هذا العام لدين الله تعالى؟
أ-
على مستوى الطاعات والعبادات التي تعبدنا الله تعالى بها: كيف كان حالنا
مع الصلاة عماد الدين؟ هل صليناها في وقتها؟ في المسجد؟ في جماعة؟ هل
أتممنا ركوعها وسجودها؟ هل أدينا حقها من الأركان والواجبات والسنن؟ هل
خشعنا لله تعالى فيها؟ وازددنا خشية منها؟ هل شعرنا أنها غيرت سلوكنا وأثرت
في أخلاقنا وتعاملنا مع الخلق؟
والصيام، والزكاة، والحج,وقراءة القرآن، وقيام الليل، والذكر، والأمر
بالمعروف، والنهي عن المنكر، وسائر العبادات التي أمرنا الله تعالى بها
وسنها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "ما ندمتُ على شيء ندمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي".
يقول الحسن البصري: ما من يوم ينشق فجره إلا ونادى مناد من السماء يا ابن
ادم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد فاغتنمني بعمل صالح فاني لا أعود إلى يوم
القيامة.
ب- هل نصرنا دين الله تعالى كما ينبغي؟
إن
الإسلام يتعرض لهجمة شرسة داخل بلاد المسلمين وخارجها تريد أن تمحو اسمه
وتزيل رسمه، وتجعل الناس ينحرفون عن طريقه المستقيم، ومنهجه القويم، والأمة
في مجموعها أفرادا وجماعات مطالبة أن تنصر دين الله تعالى بالنفس والنفيس
والروح والمال والوقت وبكل ما يملكه المسلم من جهد وفكر {إِنَّ اللَّهَ
اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ
الْجَنَّةَ} [التوبة: 111].
كما نصره الصحابة رضوان الله تعالى فنشر الله بهم الدين وأعزهم الله في دنياهم وكتب لهم عظيم الأجر في أخراهم.
فلنسأل أنفسنا ما ذا قدمنا لدين الله تعالى وماذا ننتظر؟.
ج- هل كنت داعية بحق إلى دين الله تعالى؟:
إن مسألة الدعوة إلى دين الله تعالى وبيانه للخلق مسئولية الأمة بأسرها، مسئولية أتباع محمد صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى {قُلْ
هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ
اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108].
فكل مسلم من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم مطالب أن يكون له دور في الدعوة
إلى الله تعالى بقدر ما يمكنه على هدى وبصيرة وحكمة، خاصة المسلمون الذين
يعيشون في أوربا وفي بلاد غير المسلمين.
وعلى كل مسلم أن يتفنن في الوسائل المشروعة التي يعرف الناس بها بدين الله
تعالى بشكل صحيح يزيل الشبهات ويدرأ الأباطيل ويبين حقيقة هذا الدين
للعالمين.
لا شك أن كل واحد منا لو جعل ذلك نصب عينيه لتغيرت نظرة الناس للإسلام والمسلمين.
إن أمة الإسلام خرجت للبشرية من قبل لتقدم لها منهج الحياة الأقوم وسبيل السعادة الأمثل، وطريق النجاة في الدنيا والآخرة.
وها هي البشرية تترنح بين مبادئ ونظم لم تشف عليلها، ولم ترو غليلها، ولم تذهب البأس والشقاء عنها.
ومع المسلمين العلاج الناجع والدواء النافع لكنهم لم يحسنوا العمل به ولا دعوة الناس إليه.
ثانيا: ماذا قدمت لدنياك؟:إن محاسبة النفس على عملها في نهاية العام تقتضي من كل مسلم أن يسأل نفسه أيضا ماذا قدم لدنياه؟
وهل أتقن عمله الذي يعمل فيه؟
في أي ميدان من ميادين الحياة يمكن أن يقدم لنفسه أو لأمته أو للبشرية كلها خيرا.
إن محاسبة النفس عن عمرها الذي مضى ليست عملية سلبية تعني الانسحاب من
المجتمع وترك ميدان الحياة يستعلي فيه أهل الشر بشرهم، ويتحكم فيها أهل
الباطل بباطلهم.
إنما كل مسلم مطالب أن يسأل نفسه ماذا قدم من نفع في هذه الحياة؟.
إن ميادين العلوم المختلفة ومجالات الصناعات المتعددة انسحب منها المسلمون
انسحابا مخزيا وصاروا عالة على غيرهم في شتى الأمور كما يقال من الإبرة إلى
الصاروخ .
فصار عدوهم يتحكم في غذائهم ودوائهم وكسائهم وسلاحهم وسائر أمور حياتهم وهذا من الإثم العظيم والمنكر الكبير.
إن أمما كانت لوقت قريب أقل من أمة الإسلام لكنها صممت أن تلحق بمن سبقها
في مضمار العلم والتكنولوجيا ومستجدات العصر فاستطاعت أن تلحق بل أن تسبق
أيضا ولننظر إلى الصين واليابان والهند.
أما أمتنا فلا زالت تراوح مكانها.
الله تعالى خلقنا وجعل من حكم وجودنا إعمار الحياة قال الله تعالى {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ} [هود: 61].
فلنسأل أنفسنا ماذا قدمنا لدنيانا؟
ومتى نتحرك أفرادا وجماعات لنصلح الدنيا على منهاج صحيح؟
ثالثا: ما حال الأمة مع بداية عام ونهاية عام؟
مع نهاية عام وبداية عام ما هو حال أمة الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها؟ ما هو حصاد هذا العام الهجري في تاريخ أمة الإسلام؟
إن نظرة سريعة على خريطة العالم لتنظر أي البقاع أكثر حروبا وسفكا للدماء واعتداءا على المقدسات.
ستجد أنك تنظر إلى سوريا وفلسطين، إلى العراق، إلى الشيشان، إلى أفغانستان، إلى الصومال، وغيرها من بلاد الإسلام.
حتى البلاد التي تخلصت من الاستبداد والديكتاتورية وحكم الجبابرة مازالت
تعاني من الفرقة والتشرذم، وتذب المعادين للإسلام وتطاولهم، والكيد
والتآمر، ومحاولة الانحراف بهذه البلاد عن الحياة المستقرة.
فبلادنا أكثر البلاد التي تنهب ثرواتها، وتستنزف خيراتها، وتبدد طاقاتها، وتحارب وتشرد عقولها وإمكاناتها.
بل وتضطهد في دينها وتحارب في قرآنها وسنة نبيها وتغير دساتيرها ومناهجها بما يتمشي مع نزوات المفسدين في الأرض.
أهذه أمة الإسلام التي أراد الله لها أن تكون الأمة الوسط؟ أن تكون خير أمة أخرجت للناس؟
فليسأل كل واحد منا نفسه ماذا قدمت لأمة الإسلام؟
عام مضى فيه من الآلام والجراح الكثير والكثير.
ولو تحرك كل مسلم حركة إيجابية لنصرة دينه وأمته على مدار عام كامل لحققت
الأمة نهوضا ورقيا وذهبت آلامها، وتحققت آمالها، وتحولت الجراح إلى أفراح.
ماذا أنت فاعل في عامك القادم؟
إن
كنا قد ودعنا عاما بأيامه ولياليه، فقد أقبل علينا عام آخر، مد الله لنا
في العمر، وأطال لنا في الأجل، وأمهلنا في الحياة حتى نستدرك ما فات, ونعوض
ما قد قصرنا فيه وفرطنا.
فهل نعتبر ونأخذ من أنفسنا لأنفسنا، ونعاهد الله تعالى أن نستغفره فيما فات
من أعمارنا من تقصير وإساءة، ونحسن فيما بقى من أعمارنا فيما بيننا وبين
الله تعالى.
والنبي صلى الله عليه وسلم حثنا على اغتنام الأعمار والاستفادة من الحياة
فقال: "اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك
وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك" [المستدرك على الصحيحين:ج4/ص341 ح7846]
وقال صلى الله عليه وسلم: "بادروا بالأعمال سبعاً" أي أسرعوا إلى فعل
الخيرات والقربات قبل أن تأتيكم سبع، يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم :
"بادروا بالأعمال سبعاً هل تنتظرون إلا فقراً منسياً، أو غنى مطغياً، أو
مرضاً مفسداً، أو هرما مفنداً، أو موتاً مجهزاً، أو الدجال فشر غائب ينتظر،
أو الساعة، فالساعة أدهى وأمر" [أخرجه الترمذي كتاب الزهد رقم 23 7 وقال
حسن غريب]
وسئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الناس خير؟ قال : "من طال عمره وحسن عمله"، قال: فأي الناس شر؟ قال: "من طال عمره وساء عمله".
فهنا ينبغي أن تكون لنا وقفات أخرى بالتوبة عما قصرنا فيه مما مضي من عمرنا. وبالاستعداد الصحيح لما بقى من أعمارنا
كيف سيكون حالنا مع الله تعالى في معرفته وطاعته ومرضاته ومحبته وتنفيذ أمره، واجتناب نهيه؟.
كيف سيكون حالنا مع ديننا في معرفته وتعلمه وفهمه فهما صحيحا والعمل به والدفاع عنه ونشره بين العالمين؟.
كيف سيكون حالنا مع أمتنا في نصرتها والعمل على عزتها ورفعتها، ورفع الضر والبأساء عنها في كل مكان؟.
كيف سيكون حالنا مع كافة الناس بحسن معاملتهم والتخلق معهم بأخلاق الإسلام
وإرشادهم إلى دين الله القويم الذي فيه سعادتهم في دنياهم وأخراهم؟.
كيف سيكون حالنا مع أمورنا الدنيوية وكيف سنحقق فيها إتقانا وتقدما ونفعا لأنفسنا ولأمتنا وللناس جميعا؟.
وحتى لا تكون هذه مجرد أمنيات وأحلام حبذا لو وضع كل واحد منا له أهدافا
واضحة محددة ستكون برنامجه العملي للعام القادم بل لحياته بأسرها، حتى يكون
للحياة قيمة حقيقية ومعنى سام.
ويصبر المسلم على ذلك ويجتهد ويعيش في كنف قول الله تعالى {قُلْ
إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ
الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 162، 163]
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
د. علاء محمد سعيد
منقول
عدل سابقا من قبل Admin في الأحد 30 ديسمبر 2012, 15:44 عدل 1 مرات
|
Admin- المدير العام
- تاريخ التسجيل : 19/04/2009
العمل/الترفيه : مهندس
الموقع : www.ahladalil.net
رد: عام مضى من عمرك.. ماذا قدمت فيه؟
جزاك الله كل خير
يعطيك العافيه وتسلم يمناك على الطرح
ربي يسعدكـــ
يعطيك العافيه وتسلم يمناك على الطرح
ربي يسعدكـــ
|
عاجبني غروري- نائبة المدير
- تاريخ التسجيل : 15/05/2009
مواضيع مماثلة
» ماذا قدمت لدين الله؟
» سوف تقف بين يدي الله عزوجل ماذا قدمت لهذا اليوم
» انتصف رمضان .. فماذا قدمت
» اجمل لحظات عمرك
» اعرف شخصيتك من عمرك
» سوف تقف بين يدي الله عزوجل ماذا قدمت لهذا اليوم
» انتصف رمضان .. فماذا قدمت
» اجمل لحظات عمرك
» اعرف شخصيتك من عمرك
إنشاء حساب أو تسجيل الدخول لتستطيع الرد
تحتاج إلى أن يكون عضوا لتستطيع الرد.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى