ميزانية البيت في العيد

ا

دائماً
ما يبرز الموضوع «الأزلي» الشائك وهو ميزانية البيت وخصوصا في المواسم،
فالأسرة المصرية الآن تعاني من غلاء المعيشة وكثرة المتطلبات، رمضان
والمشتروات والعزومات ثم العيد ولبس العيد والكحك والخروجات، ثم المصيف ثم
مستلزمات المدارس.. وإن كان «ضربتين علي الرأس توجع»، فكيف الحال بأربع
ضربات!

لماذا تحتاج أسرتي أن تضع ميزانية للشهر؟

للأسف نحن تعودنا أن ننفق حسب احتياجتنا اليومية وبطريقة عشوائية، علي أمل
أن يصل راتب الشهر المقبل قبل أن ينتهي راتب هذا الشهر! وهذا خطأ كبير
يجعلنا نسرف دون وعي ولا شعور بما نفعل، ثم نتسائل في نهاية الشهر: «أين
ذهب المرتب؟». ميزانية البيت في العيد 051

الحل هو أن نتعود تدريجياً علي فكرة وضع ميزانية مكتوبة للشهر، ندّون فيها
بشكل منتظم مصادر الدخل ومصادر الإنفاق، لنكون علي وعي حقيقي بنمط الإنفاق
الذي نتبعه، ونضع أيدينا علي الإيجابيات والسلبيات لنتمكن من معالجتها.

من المسئول عن الميزانية؟

الجميع مسئول.. فوضع تفاصيل الميزانية بالتأكيد سيكون مسئولية الأب أو
الأم، لكن اشتراك الأبناء في بعض التفاصيل والقواعد التي ستتبعها الأسرة
لترشيد الإنفاق أو تغيير سلوكيات الإنفاق سيكون أمراً ضرورياً، كي بتفهموا
أن الأموال لا تسقط علينا من السماء مثلاً!

ما هي فكرة الميزانية ببساطة؟

الميزانية هي شيء بسيط وغير معقد بالمرة، وهي تنقسم إلي قسمين.. قسم الدخل
الشهري سواء كان دخل الزوج فقط أو الزوج والزوجة معا، والقسم الثاني هو
المصاريف الشهرية لكل فرد من أفراد الأسرة، وهي تنقسم إلي مصاريف ثابتة
ومتغيرة.

المصاريف الثابتة.. كالكهرباء والهاتف والإيجار مثلاً، والمتغيرة.. كمصاريف
المدرسة أو المصيف أو ملابس العيد. اجمعي المصاريف الثابتة والمتغيرة
وقارنيها مع الدخل الشهري، وقرري إذا كنتِ في مأمن أم تحتاجين لتقليل
الإنفاق والقيام ببعض التضحيات والموازنات.

كيف أكتب الميزانية وألتزم بها؟

أولاً لا داعي لجعل الأمر مملاً، بل يمكنك تخيل الأمر علي أنه لعبة أو تحدي
تقومين به، اكتبي الميزانية علي ورقة ملونة بل وزينيها بالألوان
والستيكرز، فما تقومين به هو تدريب نفسك وأسرتك علي السلوكيات الصحيحة
للإنفاق، وهو شيء مثمر لكل أفراد الأسرة علي المدي البعيد.

الهدف:

اكتبي الشهر وضعي هدفاً لكل شهر أو حتي لكل 6 أشهر.. وليكن هدفك في شهر
أغسطس مثلاً هو التقليل من الإنفاق علي الطعام وشراء كمية أقل من الكحك،
مقابل توفير بعض المال لمستلزمات المدارس، في نهاية الشهر حددي مدي التزامك
بهذا الهدف، وتقبلي فكرة أنكِ أحياناً قد تلتزمين بتحقيق الهدف بنسبة
معينة، وليس بالضرورة أن تنجحي بنسبة 100% من أول مرة، لكن ثقي أن تلك
الأهداف الصغيرة ستحفزك نوعاً ما علي التغيير الإيجابي.

قسمي الأهداف بشكل أوضح:

احضري عدد من المظاريف واكتبي علي كل مظروف شيء تريدين التوفير من أجله،
أنا شخصياً لدي مظروف بعنوان فواتير الكهرباء وأخر لللابتوب الذي أتمني
شراءه، وأخر لتلك اللوحة الزيتية التي أحتاجها علي حائط الريسبشن.. وكلما
توفر لكِ بعض الفائض من المال أو استطعتي توفير بعض المال، ضعيه في أحد تلك
المظاريف، وستتفاجئين أنكِ قد أتممتي ادخار المبلغ الذي تحتاجينه في فترة
وجيزة بلا جمعيات وبدون تنازلات كبيرة.

بنود الميزانية:

قسمي الميزانية إلي خانات، خانة للدخل وخانة للمصاريف الثابتة كفواتير
الكهرباء والماء والغاز وإيجار الشقة وفاتورة التلفون والموبايلات والأقساط
أو الديون والبنزين أو المواصلات والطعام «خضروات وفواكة وبقالة»، ثم خانة
أخري للمصاريف المتغيرة، التي تختلف بحسب الظروف كمصاريف العلاج والترفية
«سفر أو خروجات أو أكل برا»، ومصاريف المدارس أو الحضانة والنشاط الصيفي،
وبند أخر للهدايا والمجاملات للأهل والأقارب وبند للطوارئ، حاولي تدوين
بنود الإنفاق شهرياً لتتعرفي علي نمط أسرتك، وما هي أكثر البنود التي
تنفقون عليها.

ثم في أخر الورقة اكتبي ملحوظاتك ونصائح عامة لكل فرد من أفراد الأسرة،
للتقليل من الإنفاق وترتيب الأولويات لأبنائك، وماذا تعلمتي هذا الشهر عن
نمط الإنفاق في بيتك، وكيف تحسنين من التجربة في الشهر الذي يليه، ضعي بعض
الحوافز لكل فرد إذا ألتزم بالفعل بتلك النصائح.

ما هي أهم النصائح التي تساعد الأسرة علي الإنفاق الذكي؟

أحذفي مصطلح الاستدانة أو السلف أو الاقتراض من قاموسك، فكم من تجارب رأيتي
ممن حولك في مسألة الاقتراض، والتي كانت سبباً في معاناة الأسرة كلها
لفترة طويلة، بل الأفضل أن تعيشي بمبدأ «علي قد لحافك مد رجليك»!
حاولي أن تشتري احتياجات أسرتك من الملابس في نهاية الموسم وقت
الأوكازيونات، ستجدين الكثير من الصفقات الرابحة، فتتمكني من شراء الماركات
التي تفضلينها بسعر أقل بكثير، وبذلك تشترين عدة قطع بدلاً من قطعة واحدة
باهظة الثمن في أول الموسم.
تابعي عروض السوبر ماركت وقارني بينها واشتري دوماً خزين المطبخ من المحال
التي تبيع بسعر الجملة، لكن تذكري أن العروض كثيراً ما تكون خادعة، فلا
تشتري عروض الجملة أو تلك التي تعطي 3 بسعر اثنين، إلا إذا كانت تلك السلعة
سريعة الاستهلاك في منزلك وستحتاجينها بالفعل خلال الشهر وليس للشهور
المقبلة.
ادخري مبكراً قبل المواسم أو قبل مواعيد أي مجاملات اجتماعية، كي لا ترهقي ميزانيتك فتؤثر علي المتطلبات الأساسية لأسرتك.
اصري علي أن توفري مبلغ من ميزانية الشهر ولو جنيهات قليلة، وعودي أولادك
علي مفهوم الادخار، فهو مفهوم ضروري لمواجهة غلاء المعيشة، ولكي يتعلم
الإنسان أن ليس كل ما يتمناه يشتريه.
لا تبالغي في الأمر، فالمبالغة في كل شيء مرفوضة.. عيشي حياتك وتمتعي بها أنتِ وأسرتك، لكن بحكمة وذكاء ووسطية بلا بخل ولا إسراف.