المواضيع الأخيرة
» Sondos
الأربعاء 28 أغسطس 2024, 07:35
» Sondos
الأربعاء 28 أغسطس 2024, 01:17
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 23:02
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 04:44
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 01:06
» Sondos
الإثنين 26 أغسطس 2024, 20:57
» Sondos
الأحد 25 أغسطس 2024, 23:20
» Sondos
الأحد 25 أغسطس 2024, 19:57
» Sondos
الثلاثاء 20 أغسطس 2024, 22:17
» Sondos
الإثنين 19 أغسطس 2024, 17:59
المواضيع الأكثر نشاطاً
دور المرأة المسلمة في تنشئة الجيل الصالح
دور المرأة المسلمة في تنشئة الجيل الصالح
دور المرأة المسلمة في تنشئة الجيل الصالح
الأمة بأبنائها وبناتها، بأجيالها البناءة المهيأة لنشر راية الإسلام خفاقة ودحر عدوان ملل الكفر والطغيان...
إن بناء الأجيال هو الذخر الباقي لما بعد الـمـوت... وهو لذلك يستحق
التشجيع والاهتمام أكثر من بناء القصور والمنازل من الحجارة والطين.
وحيث إن التربية ليست مسؤولية البيت وحــــده؛ إذ هناك عوامل أخرى تساهم
في تربية الأجيال، فسوف نتناول الدور التربوي للمرأة المسلمة في تنشئة
الجيل الصالح.
إنه لحلمٌ يراود كل أم مسلمة تملّك الإيمان شـغـاف قلبها، وتربع حب الله ـ
تعالى ـ وحب رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم على حنايا نـفـسـهـــا، أن
تــــرى ابنها وقد سلك سبل الرشاد، بعيداً عن متاهات الانحراف، يراقب الله
في حـركـاتــــه وسكناته، أن تجد فلذة كبدها بطلاً يعيد أمجاد أمته، عالماً
متبحراً في أمور الدين، ومبتكراً كـــل مباح يسهّل شأن الدنيا.
إنـهـا أمنية كل أم مسلمة، أن يكون ابنها علماً من أعلام الإسلام، يتمثل
أمر الله ـ تعالى ـ في أمـــور حياته كلها، يتطلع إلى ما عنده ـ عز وجل ـ
من الأجر الجزيل، يعيش بالإسلام وللإسلام.
وسيـبـقـى ذلك مجرد حلم للأم التي تظن أن الأمومة تتمثل في الإنجاب، فتجعل
دورها لا يتعدى دور آلـــة التفريخ...! أو سيبقى رغبات وأماني لأم تجعل
همها إشباع معدة ابنها؛ فكأنها قد رضـيـت أن تجعل مهمتها أشبه بمهمة من
يقوم بتسمين العجول...! وتلك الأم التي تحيط أبناءها بالحب والحنان
والتدليل وتلبية كل ما يريدون من مطالب سواء الصالح منها أو الطالح، فـهـي
أول مــن يكتوي بنار الأهواء التي قد تلتهم ما في جعبتها من مال، وما في
قلبها من قيم، ومـــا في ضميرها من أواصر؛ فإذا بابنها يبعثر ثروتها، ويهزأ
بالمثل العليا والأخلاق النبيلة، ويقطع ما أمر الله به أن يوصل.
والأم المدلّلة أول من يتلقى طعنات الانحراف؛ وأقسى الطعنات تتمثل في عقوق ابنها.
ولنا أن نتساءل عن أهم ما يمكن للأم أن تقدمه لأبنائها.
أولاً: الإخلاص لله وحده:
إن عليها ـ قبل كل شيء ـ الإخلاص لله وحده؛ فقد قال ـ تعالى ـ: ((وَمَا
أُمِرُوا إلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ
وَيُـقِـيـمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ
القَيِّمَةِ)) [البينة: 5]، فاحتسبي أختي المؤمنة كل جهد تكدحينه لتربية
الأولاد، من سهر مضنٍ، أو معاناة في التوجيه المستمر، أو متابعة الدراسة،
أو قيام بأعمال منزلية... احتسبي ذلك كله عند الله وحده؛ فهو وحده لا يضيع
مثقال ذرة، فقد قال ـ جل شأنه ـ: ((وَإن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ
خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِـيـنَ)) [ الأنبياء: 47]
فــلا تجعلي للشيطان سلطاناً إن قال: أما آن لك أن ترتاحي..؟!
فـالرفاهية والراحة الموقوتة ليست هدفاً لمن تجعل هدفها الجنة ونعيمها المقيم.
والـمـسـلمة ذات رسالة تُؤجَر عليها إن أحسنت أداءها، وقد مدح الرسول صلى
الله عليه وسلم الـمـرأة بخـصـلـتـيـن بقوله: (خير نساء ركبن الإبل نساء
قريش: أحناه على ولد في صغره، وأدعاه على زوج في ذات يده).
ثانياً: العلم:
والأم المسلمة بعد أن تحيط بالحلال والحرام تتعرف على أصول التربية، وتنمي معلوماتها باستمرار.
قال ـ تعالى ـ: ((وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً)) [طه: 114] فهذا ديننا
دين يدعو إلى العلم، فلماذا نحمّل الإسلام قصور تفكيرنا وتخلفنا عن التعلم،
ليقال: إن الإسلام لا يريد تعليم المرأة... وإن الإسلام يكرس جهل المرأة؟!
لا... إن تـاريـخـنــا الإسلامي يزخر بالعالمات من مفسرات ومحدثات وفقيهات
وشاعرات وأديبات. كل ذلك حسب هدي الإسلام؛ فلا اختلاط ولا تبجح باسم العلم
والتحصيل!
فالعلم حصانة عن الـتـردي والانحراف وراء تيارات قد تبهر أضواؤها من لا
تعرف السبيل الحق، فتنجرف إلى الهاوية باسم التجديد والتحضر الزائف،
والتعليم اللازم للمرأة، تفقهاً وأساليب دعوية، مـبـثـوث في الكتاب والسنة.
ومما تحتاج إليه المرأة في أمور حياتها ليس مجاله التعلم في المدارس
فـحـسـب، وإنما يمكن تحصيله بكل الطرق المشروعة في المساجد، وفي البيوت،
وعن طريق الجيران، وفي الزيارات المختلفة... وقد قال النبي صلى الله عليه
وسلم: (ما بال أقوام لا يفقّهون جيرانهم ولا يعلّمونهم ولا يعظونهم ولا
يفهمونهم؟! ما بال أقوام لا يتعلمون من جيرانهم ولا يـتـفـقـهــون ولا
يـتـعـظـــون؟ والله لَيُعلّمن قوم جيرانهم ويفقهونهم ويعظونهم ويأمرونهم
وينهونهم، وَلَيتَعلّمنّ أقوام مـــن جـيـرانـهـم ويتعظون أو لأعاجلنهم
بالعقوبة)
فهيا ننهل من كل علم نافع حسب ما نستطيع، ولنجعل لنا في مكتبة البيت نصيباً؛ ولنا بذلك الأجر ـ إن شاء الله ـ.
ثالثاً: الشعور بالمسؤولية:
لا بد للمرأة من الشعور بالمسؤولية في تربية أولادها وعدم الغفلة والتساهــل فـي توجيههم كسلاً أو تسويفاً أو لا مبالاة.
قــال ـ تعالى ـ: ((يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ
وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)) [التحريم: 6]
فلنجنب أنفسنا وأهلينا ما يستوجب النار.
فالمحــاسبة عسيرة، والهول جسيم، وجهنم تقول: هل من مزيد؟! وما علينا إلا
كما قال عمر ـ رضي الله عنه ـ: (حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسَبوا، وزنوا
أعمالكم قبل أن توزنوا، وتجهزوا للعرض الأكبر).
ولن ينجي المرأة أنها ربت ابنها لكونها طاهية طعامه وغاسلة ثيابه؛ إذ لا
بد من إحسان الـتـنـشـئـة، ولا بــد من تربية أبنائها على عقيدة سليمة
وتوحيد صافٍ وعبادة مستقيمة وأخلاق سوية وعلم نافع.
ولتسأل الأم نفسها: كم مــــن الـوقــــت خصّصتْ لمتابعة أولادها؟ وكم حَبَتهم من جميل رعايتها، ورحابة صدرها، وحسن توجيهاتها؟!
علماً بأن النصائح لن تجدي إن لم تكن الأم قدوة حسنة!
فيجب أن لا يُدْعـى الابن لمكرمة، والأم تعمل بخلافها. وإلا فكيـف تطلب
منه لساناً عفيفاً وهـو لا يسمع إلا الشتائم والكلمات الـنـابـيـــة
تـنـهـال عليه؟! وكيف تطلب منه احترام الوقت، وهي ـ أي أمه ـ تمضي معظم
وقتها في ارتياد الأسواق والثرثرة في الهاتف أو خلال الزيارات؟! كيف..
وكيف؟
أختي المؤمنة: إن ابنك وديعة في يديك، فعليك رعايتها، وتقدير المسؤولية؛
فأنت صاحبة رسالة ستُسألين عنها، قال ـ تعالى ـ: ((يَا أَيُّهَا الَذِينَ
آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ
وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ
مَـــا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)) [التحريم: 6].
أما متى نبدأ بتوجيه الصغير؟! فذلك إذا أحس الطفل بالقبيح وتجنبه، وخاف أن
يظهر منه أو فيه، فهذا يعني أن نفسه أصبحت مستعدة للتأديب صالحة للعناية؛
ولهذا يجب أن لا تُـهـمـل أو تُترك؛ بل يكون التوجيه المناسب للحدث بلا
مبالغة، وإلا فقدَ التوجيهُ قيمته. وفي كـــل تصرف من تصرفات المربية وكل
كلمة من كلماتها عليها أن تراقب ربها وتحاسب نفـسـهــا لئلا تفوتها الحكمة
والموعظة الحسنة، وأن تراعي خصائص النمو في الفترة التي يمر فيها ابنها،
فلا تعامله وهو شاب كما كان يعامل في الطفولة لئلا يتعرض للانحراف، وحتى لا
تُـوقِـــع أخـطــاءُ التربية أبناءنا في متاهات المبادئ ـ في المستقبل ـ
يتخبطون بين اللهو والتفاهة، أو الشـطــط والغلو؛ وما ذاك إلا للبعد عن
التربية الرشيدة التي تسير على هدي تعاليم الإسلام الحنيف؛ لذلك كان
تأكيدنا على تنمية معلومات المرأة التربوية لتتمكن من معرفة: لماذا توجه
ابنها؟ ومتى توجهه؟ وما الطريقة المثلى لذلك؟
رابعاً: لا بد من التفاهم بين الأبوين:
فإن أخطأ أحدهما فليغضّ الآخر الطرف عــن هذا الخطأ، وليتعاونا على الخير
بعيداً عن الخصام والشجار، خاصة أمام الأبناء؛ لئلا يــؤدي ذلـك إلـى قـلـق
الأبناء، ومن ثم عدم استجابتهم لنصح الأبوين.
خامساً: إفشاء روح التدين داخل البيت:
إن الطفل الذي ينشأ في أسرة متدينة سيتفاعل مع الجو الروحي الذي يشيع في أرجائها.. والسلوك النظيف بين أفرادها.
والنزعات الدينية والخلقية إن أُرسيت قواعدها في الطفولة فسوف تستمر في
فترة المراهقة ثم مرحلة الرشد عند أكثر الشباب، وإذا قصّر البيت في التربية
الإيمانية، فسوف يتوجه الأبناء نحو فلسفات ترضي عواطفهم وتشبع نزواتهم ليس
إلا.
فالواجب زرع الوازع الديني في نفوس الأبناء، ومن ثَمّ مساعدتهم عـلـى
حـســــن اختيار الأصدقاء؛ وذلك بتهيئة الأجواء المناسبة لاختيار الصحبة
الصالحة من الجوار الـصـالح والمدرسة الصالحة، وإعطائهم مناعة تقيهم من
مصاحبة الأشرار.
سادساً: الدعاء للولد بالهداية وعدم الدعاء عليه بالسوء:
عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا
تدعوا عـلــى أنـفــسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكم، ولا
تدعوا على أموالكم؛ لا توافقوا من الله ساعة يُسأل فيها عطاء فيستجاب لكم)
وأولاً وأخـيـراً: يـنـبـغـي ربط قلب الولد بالله ـ عز وجل ـ لتكون غايته
مرضاة الله والفوز بثوابه ((فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ
مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ)) [الأنبياء: 94]. وهذا الربط يمكن أن
تبثه الأمهات بـالـقـــدوة الطيبة، والكلمة المسؤولة، والمتابعة الحكيمة،
والتوجيه الحسن، وتهيئة البيئة المعينة على الخير، حتى إذا كبر الشاب
المؤمن تعهد نفسه: فيتوب عن خطئه إن أخطأ ويلتزم جادة الصواب، ويبتعد عن
الدنايا، فتزكو نفسه ويرقى بها إلى مصافِّ نفوس المهتدين بعقـيـدة صلبة
وعبادة خاشعة ونفسية مستقرة وعقل متفتح واعٍ وجسم قوي البنية، فيحيا
بالإســــلام وللإسلام، يستسهل الصعاب، ويستعذب المر، ويتفلت من جواذب
الدنيا متطلعاً إلى ما أعده الله للمؤمنين المستقيمين على شريعته: ((إنَّ
الَذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ
عَـلَـيْـهِــمُ المَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا
وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ)) [ فصلت: 30].
- وقد حدد علماؤنا القدماء صفات الـمـعـلــــم المسلم في التعامل مع
طلابه، وذكروا أفضل الآداب لاتباعها، وعلى ضوء تلك الآداب؛ فعلى المعلم أو
المعلمة:
ـ إخلاص النية لله ـ تعالى ـ: وأن تقصد بتعليمها وجه الله وتحتسب الثواب
منه وحده، وتتطلع إلى الأجر الجزيل الذي ذكره الرسول -صلى الله عليه وسلم-
بقوله: من دل على خير فله مثل أجر فاعله
فلا تعمل لأجل المكانة ولا لمدح الناس ولا للــراتـب وحـــــده، وإنما
عملها في سبيل الله، وتكون قدوة للناشئات في ذلك، وإلا... فإن فاقد الشيء
لا يعطـيـه، وأنّى للأعمى أن يقود غيره ويرشده للطريق السليم؟!
ـ أن تقوم بعملها وتربي الأجيال على أدب الإسلام: فيتعلمن العلم ويتعلمن
الأدب في آن واحد؛ وقد قال ـ تعالى ـ: ((يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا
لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ)) [الصف:2].
أمّـا أن تأتـي الطالبة كل يـوم بقـصة جديـدة حدثتها بهـا معلمتها مما
ينبو عن الذوق السليم، أو بتقليعة جديدة جاءت بها إحدى المدرّسات مما
تتنافى مـع ديننا، فهـذا أسلوب مـن أساليب الهدم لا البناء!
على معلمتنا المسلمة أن تنضبط بتعاليم الشرع، ولا تستهين بمخالفته مهما
بدت المخالفة بسيطة؛ فإن ذلك السوء ينطبع في نفس الجيل ويصعب بعد ذلك
إزالته.
ـ أن تكون حسنة المظهر تهتم بحسن هندامها باعتدال؛ فالمظهر الأنيق يعطي
نتائج إيجابية في نفس الطالبة فتحترم معلمتها، ويعين ذلك على العمل
بنصائحها، والعكس صحيح... وأن تركز على أن يعتاد الجيل الاهتمام بالجوهر لا
المظهر، مع الابتعاد عن توافه الموضات المتجددة.
وليس من الإسلام أن تكون أحاديث طالبات المدارس مقتصرة على زي المعلمة
وتسريحة شعرها، وجمال فستانها، وهاتفها الجوال الظاهر للعيان. وللأسف؛ فإن
بعض المدرسات يتبادلن أشرطة الأفلام والمجلات الإباحية مع بعض الطالبات؟!
فيا لخيبة مسعاهن!
ـ أن تتحلى بمكارم الأخلاق التي يدعو لها الديـن ـ ولا سيما الصـبر ـ
فتحـسن التلطف فـي تعليم الطالبات مما يجعلهن بعيدات عن التجريح والتشهير؛
فتكون بحق داعية بالحكمة والموعظة الحسنة عملاً بقـوله ـ تعالى ـ: ((ادْعُ
إلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)) [النحل: 125].
والمدرّسة الحكيمة تنوّع في الطريقة التي تخاطب بها طالباتها حسب مقتضى
الحال، وحسب سن الطالبات، ولا يفوتها أن التعامل الطيب الحنون يجذب
الطالبات إليها وإلى المبادئ التي تنادي بها... وليس من الدين الجفاف في
المعاملة أبداً! فالمعلمة كالأم الرؤوم تتعاطف مع تلميذاتها وتشفق عليهن
وتشجع المجيدة منهن، ولتذكر أن نتائج التشجيع والمدح أفضل من التوبيخ
والتقريع؛ فتشحذ همة طالباتها نحو الخير ببث الثقة في أنفسهن، وتحبيبهن
بالفضائل دون أن تثبط عزيمتهن.
وإن احتاجت إلى عقوبتهن أو تنبيههن يوماً مّا فلتجعل الطالبات يشعرن أن
العقوبة إنما هي لأجل مصلحتهن، ولو كانت بشكل غير مباشر؛ فإن ذلك أشد
تأثيراً، ولتشعرهن أنها حريصة عليهن وعلى سمعتهن ومستقبلهن، ولتربط
توجيهاتها بالدين وسلوك السلف الصالح؛ ليصبح الدافع الأساس في أعمالهن هو
الدين لا المصلحة ولا المجتمع... وكل ذلك باعتدال من غير مبالغة لئلا يؤدي
إلى نتائج عكسية.
ولتكثر المعلمة من ذكر نماذج نساء السلف الصالح في الأجيال الخيّرة حتى تبتعد الأجيال الجديدة عن الانبهار بنساء الغرب المنحلّ.
ـ ومن صفات المعلمة المسلمة التواضع: فذلك من خلق الإسلام وقد قال ـ تعالى
ـ لنبيه الكريم: ((وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ
المُؤْمِنِينَ)) [الشعراء: 215]. فتبتعد عن المفاخرة والمباهاة، وإلا أصبحت
أضحوكة حتى أمام طالباتها اللاتي يزهدن فيها وفيما تدعو إليه. والمعلمة
التي تعامل طالباتها بصلف وكبرياء لن تجني غير كرههن لها، والمعلمة التي
تسخر من طالباتها ولو بالهمز واللمز تترك جرحاً غائراً في نفس أولئك
الطالبات. فأين هي من أدب الإسلام الذي حذر من تلك المثالب بقوله ـ تعالى
ـ: ((وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ)) [الهمزة: 1]. وأين القدوة
الواجبة عليها والمنتظرة منها؟!
ـ وأن تكون المعلمة يقظة في رسالتها: فهي يقظة لجزئيات المنهج المدرسي
لتستفيد منها كما يجب، وتوظفها لخدمة عقيدتها؛ فلا يُدرس العلم بمعزل عن
العقيدة.
ـ وينبغي أن تكون المعلمة يقظة لما يتجدد من أحداث يومية: فلا تدعها تمر
دون استفادة منها، بل بالطرْق والحديدُ ساخن ـ كما يقال ـ فتعلق على
الحادثة التعليق المناسب في حينه.
وعليها أن تلاحظ تصرفات طالباتها، فتزجرهن عن سيّئ الأخلاق، وترغّبهن في حسنها بطريقة سليمة ولا تلجأ للتصريح إذا نفع التلميح.
ـ تستفيد من النظريات التربوية: شريطة أن تتناسب مع قيمنا، فتستثير أذهان
طالباتها بالأسئلة الموجهة والمفيدة، مما ينمي شخصياتهن وينقل الحقائق
العلمية لعقولهن.
وعليها أن تشجع ذوات المواهب والكفاءات بالثناء على أعمالهن وتصرفاتهن، ولتذكر أن بدايات الابتكار على مقاعد الدراسة.
ـ تتعاون مع زميلاتها المدرسات: فالتفاهم والوئام بين أعضاء الأسرة
المدرسية يفسح للمديرة القيام بعملها ومتابعة العملية التعليمية، والارتفاع
بمستوى الأداء الوظيفي... بدلاً من أن يكون عملها حل المشكلات التي تعملها
المدرسات الفارغات...
ـ تتعاون مع أسر الطالبات: فهن شريكات في عمل واحد، وعلاقتها مع الأم
علاقة محبة وتقدير وتعاون لما فيه خير الطالبات، فتساعد على تثقيفهن؛ ويتم
ذلك من خلال حلقات إرشادية للأمهات؛ فتعقد المدرسة الندوات وتقيم المحاضرات
التي تُدعى لها الأمهات، سعياً لتضافر الجهود، لوضع الأجيال أمام رؤية
واضحة للحياة ألا وهي: العمل لمرضاة الله ـ تعالى ـ، وإلا فما تبنيه
المدرسة يمكن أن تهدمه الأسرة والعكس صحيح.
أخواتي المعلمات: إن رسالتكن جليلة وهي أمانة في أعناقكن وسيسألكن عنها رب
العباد. إنها رسالة إعداد الأجيال المؤمنة بربها وصد كل هجوم فكري يحاول
التسلل إلى حصوننا، وغرس الفضائل السامية في النفوس، والعلوم النيرة في
العقول.
والمعلمة الصالحة لن تنساها طالباتها، بل تبقى في ذاكرتهن يشدن بأمجادها
وفضائلها، ويأتسين بجميل خصالها ((وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ
لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ)) [الأنعام: 32].
صيد الفوائد
الأمة بأبنائها وبناتها، بأجيالها البناءة المهيأة لنشر راية الإسلام خفاقة ودحر عدوان ملل الكفر والطغيان...
إن بناء الأجيال هو الذخر الباقي لما بعد الـمـوت... وهو لذلك يستحق
التشجيع والاهتمام أكثر من بناء القصور والمنازل من الحجارة والطين.
وحيث إن التربية ليست مسؤولية البيت وحــــده؛ إذ هناك عوامل أخرى تساهم
في تربية الأجيال، فسوف نتناول الدور التربوي للمرأة المسلمة في تنشئة
الجيل الصالح.
إنه لحلمٌ يراود كل أم مسلمة تملّك الإيمان شـغـاف قلبها، وتربع حب الله ـ
تعالى ـ وحب رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم على حنايا نـفـسـهـــا، أن
تــــرى ابنها وقد سلك سبل الرشاد، بعيداً عن متاهات الانحراف، يراقب الله
في حـركـاتــــه وسكناته، أن تجد فلذة كبدها بطلاً يعيد أمجاد أمته، عالماً
متبحراً في أمور الدين، ومبتكراً كـــل مباح يسهّل شأن الدنيا.
إنـهـا أمنية كل أم مسلمة، أن يكون ابنها علماً من أعلام الإسلام، يتمثل
أمر الله ـ تعالى ـ في أمـــور حياته كلها، يتطلع إلى ما عنده ـ عز وجل ـ
من الأجر الجزيل، يعيش بالإسلام وللإسلام.
وسيـبـقـى ذلك مجرد حلم للأم التي تظن أن الأمومة تتمثل في الإنجاب، فتجعل
دورها لا يتعدى دور آلـــة التفريخ...! أو سيبقى رغبات وأماني لأم تجعل
همها إشباع معدة ابنها؛ فكأنها قد رضـيـت أن تجعل مهمتها أشبه بمهمة من
يقوم بتسمين العجول...! وتلك الأم التي تحيط أبناءها بالحب والحنان
والتدليل وتلبية كل ما يريدون من مطالب سواء الصالح منها أو الطالح، فـهـي
أول مــن يكتوي بنار الأهواء التي قد تلتهم ما في جعبتها من مال، وما في
قلبها من قيم، ومـــا في ضميرها من أواصر؛ فإذا بابنها يبعثر ثروتها، ويهزأ
بالمثل العليا والأخلاق النبيلة، ويقطع ما أمر الله به أن يوصل.
والأم المدلّلة أول من يتلقى طعنات الانحراف؛ وأقسى الطعنات تتمثل في عقوق ابنها.
ولنا أن نتساءل عن أهم ما يمكن للأم أن تقدمه لأبنائها.
أولاً: الإخلاص لله وحده:
إن عليها ـ قبل كل شيء ـ الإخلاص لله وحده؛ فقد قال ـ تعالى ـ: ((وَمَا
أُمِرُوا إلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ
وَيُـقِـيـمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ
القَيِّمَةِ)) [البينة: 5]، فاحتسبي أختي المؤمنة كل جهد تكدحينه لتربية
الأولاد، من سهر مضنٍ، أو معاناة في التوجيه المستمر، أو متابعة الدراسة،
أو قيام بأعمال منزلية... احتسبي ذلك كله عند الله وحده؛ فهو وحده لا يضيع
مثقال ذرة، فقد قال ـ جل شأنه ـ: ((وَإن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ
خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِـيـنَ)) [ الأنبياء: 47]
فــلا تجعلي للشيطان سلطاناً إن قال: أما آن لك أن ترتاحي..؟!
فـالرفاهية والراحة الموقوتة ليست هدفاً لمن تجعل هدفها الجنة ونعيمها المقيم.
والـمـسـلمة ذات رسالة تُؤجَر عليها إن أحسنت أداءها، وقد مدح الرسول صلى
الله عليه وسلم الـمـرأة بخـصـلـتـيـن بقوله: (خير نساء ركبن الإبل نساء
قريش: أحناه على ولد في صغره، وأدعاه على زوج في ذات يده).
ثانياً: العلم:
والأم المسلمة بعد أن تحيط بالحلال والحرام تتعرف على أصول التربية، وتنمي معلوماتها باستمرار.
قال ـ تعالى ـ: ((وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً)) [طه: 114] فهذا ديننا
دين يدعو إلى العلم، فلماذا نحمّل الإسلام قصور تفكيرنا وتخلفنا عن التعلم،
ليقال: إن الإسلام لا يريد تعليم المرأة... وإن الإسلام يكرس جهل المرأة؟!
لا... إن تـاريـخـنــا الإسلامي يزخر بالعالمات من مفسرات ومحدثات وفقيهات
وشاعرات وأديبات. كل ذلك حسب هدي الإسلام؛ فلا اختلاط ولا تبجح باسم العلم
والتحصيل!
فالعلم حصانة عن الـتـردي والانحراف وراء تيارات قد تبهر أضواؤها من لا
تعرف السبيل الحق، فتنجرف إلى الهاوية باسم التجديد والتحضر الزائف،
والتعليم اللازم للمرأة، تفقهاً وأساليب دعوية، مـبـثـوث في الكتاب والسنة.
ومما تحتاج إليه المرأة في أمور حياتها ليس مجاله التعلم في المدارس
فـحـسـب، وإنما يمكن تحصيله بكل الطرق المشروعة في المساجد، وفي البيوت،
وعن طريق الجيران، وفي الزيارات المختلفة... وقد قال النبي صلى الله عليه
وسلم: (ما بال أقوام لا يفقّهون جيرانهم ولا يعلّمونهم ولا يعظونهم ولا
يفهمونهم؟! ما بال أقوام لا يتعلمون من جيرانهم ولا يـتـفـقـهــون ولا
يـتـعـظـــون؟ والله لَيُعلّمن قوم جيرانهم ويفقهونهم ويعظونهم ويأمرونهم
وينهونهم، وَلَيتَعلّمنّ أقوام مـــن جـيـرانـهـم ويتعظون أو لأعاجلنهم
بالعقوبة)
فهيا ننهل من كل علم نافع حسب ما نستطيع، ولنجعل لنا في مكتبة البيت نصيباً؛ ولنا بذلك الأجر ـ إن شاء الله ـ.
ثالثاً: الشعور بالمسؤولية:
لا بد للمرأة من الشعور بالمسؤولية في تربية أولادها وعدم الغفلة والتساهــل فـي توجيههم كسلاً أو تسويفاً أو لا مبالاة.
قــال ـ تعالى ـ: ((يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ
وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)) [التحريم: 6]
فلنجنب أنفسنا وأهلينا ما يستوجب النار.
فالمحــاسبة عسيرة، والهول جسيم، وجهنم تقول: هل من مزيد؟! وما علينا إلا
كما قال عمر ـ رضي الله عنه ـ: (حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسَبوا، وزنوا
أعمالكم قبل أن توزنوا، وتجهزوا للعرض الأكبر).
ولن ينجي المرأة أنها ربت ابنها لكونها طاهية طعامه وغاسلة ثيابه؛ إذ لا
بد من إحسان الـتـنـشـئـة، ولا بــد من تربية أبنائها على عقيدة سليمة
وتوحيد صافٍ وعبادة مستقيمة وأخلاق سوية وعلم نافع.
ولتسأل الأم نفسها: كم مــــن الـوقــــت خصّصتْ لمتابعة أولادها؟ وكم حَبَتهم من جميل رعايتها، ورحابة صدرها، وحسن توجيهاتها؟!
علماً بأن النصائح لن تجدي إن لم تكن الأم قدوة حسنة!
فيجب أن لا يُدْعـى الابن لمكرمة، والأم تعمل بخلافها. وإلا فكيـف تطلب
منه لساناً عفيفاً وهـو لا يسمع إلا الشتائم والكلمات الـنـابـيـــة
تـنـهـال عليه؟! وكيف تطلب منه احترام الوقت، وهي ـ أي أمه ـ تمضي معظم
وقتها في ارتياد الأسواق والثرثرة في الهاتف أو خلال الزيارات؟! كيف..
وكيف؟
أختي المؤمنة: إن ابنك وديعة في يديك، فعليك رعايتها، وتقدير المسؤولية؛
فأنت صاحبة رسالة ستُسألين عنها، قال ـ تعالى ـ: ((يَا أَيُّهَا الَذِينَ
آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ
وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ
مَـــا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)) [التحريم: 6].
أما متى نبدأ بتوجيه الصغير؟! فذلك إذا أحس الطفل بالقبيح وتجنبه، وخاف أن
يظهر منه أو فيه، فهذا يعني أن نفسه أصبحت مستعدة للتأديب صالحة للعناية؛
ولهذا يجب أن لا تُـهـمـل أو تُترك؛ بل يكون التوجيه المناسب للحدث بلا
مبالغة، وإلا فقدَ التوجيهُ قيمته. وفي كـــل تصرف من تصرفات المربية وكل
كلمة من كلماتها عليها أن تراقب ربها وتحاسب نفـسـهــا لئلا تفوتها الحكمة
والموعظة الحسنة، وأن تراعي خصائص النمو في الفترة التي يمر فيها ابنها،
فلا تعامله وهو شاب كما كان يعامل في الطفولة لئلا يتعرض للانحراف، وحتى لا
تُـوقِـــع أخـطــاءُ التربية أبناءنا في متاهات المبادئ ـ في المستقبل ـ
يتخبطون بين اللهو والتفاهة، أو الشـطــط والغلو؛ وما ذاك إلا للبعد عن
التربية الرشيدة التي تسير على هدي تعاليم الإسلام الحنيف؛ لذلك كان
تأكيدنا على تنمية معلومات المرأة التربوية لتتمكن من معرفة: لماذا توجه
ابنها؟ ومتى توجهه؟ وما الطريقة المثلى لذلك؟
رابعاً: لا بد من التفاهم بين الأبوين:
فإن أخطأ أحدهما فليغضّ الآخر الطرف عــن هذا الخطأ، وليتعاونا على الخير
بعيداً عن الخصام والشجار، خاصة أمام الأبناء؛ لئلا يــؤدي ذلـك إلـى قـلـق
الأبناء، ومن ثم عدم استجابتهم لنصح الأبوين.
خامساً: إفشاء روح التدين داخل البيت:
إن الطفل الذي ينشأ في أسرة متدينة سيتفاعل مع الجو الروحي الذي يشيع في أرجائها.. والسلوك النظيف بين أفرادها.
والنزعات الدينية والخلقية إن أُرسيت قواعدها في الطفولة فسوف تستمر في
فترة المراهقة ثم مرحلة الرشد عند أكثر الشباب، وإذا قصّر البيت في التربية
الإيمانية، فسوف يتوجه الأبناء نحو فلسفات ترضي عواطفهم وتشبع نزواتهم ليس
إلا.
فالواجب زرع الوازع الديني في نفوس الأبناء، ومن ثَمّ مساعدتهم عـلـى
حـســــن اختيار الأصدقاء؛ وذلك بتهيئة الأجواء المناسبة لاختيار الصحبة
الصالحة من الجوار الـصـالح والمدرسة الصالحة، وإعطائهم مناعة تقيهم من
مصاحبة الأشرار.
سادساً: الدعاء للولد بالهداية وعدم الدعاء عليه بالسوء:
عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا
تدعوا عـلــى أنـفــسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكم، ولا
تدعوا على أموالكم؛ لا توافقوا من الله ساعة يُسأل فيها عطاء فيستجاب لكم)
وأولاً وأخـيـراً: يـنـبـغـي ربط قلب الولد بالله ـ عز وجل ـ لتكون غايته
مرضاة الله والفوز بثوابه ((فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ
مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ)) [الأنبياء: 94]. وهذا الربط يمكن أن
تبثه الأمهات بـالـقـــدوة الطيبة، والكلمة المسؤولة، والمتابعة الحكيمة،
والتوجيه الحسن، وتهيئة البيئة المعينة على الخير، حتى إذا كبر الشاب
المؤمن تعهد نفسه: فيتوب عن خطئه إن أخطأ ويلتزم جادة الصواب، ويبتعد عن
الدنايا، فتزكو نفسه ويرقى بها إلى مصافِّ نفوس المهتدين بعقـيـدة صلبة
وعبادة خاشعة ونفسية مستقرة وعقل متفتح واعٍ وجسم قوي البنية، فيحيا
بالإســــلام وللإسلام، يستسهل الصعاب، ويستعذب المر، ويتفلت من جواذب
الدنيا متطلعاً إلى ما أعده الله للمؤمنين المستقيمين على شريعته: ((إنَّ
الَذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ
عَـلَـيْـهِــمُ المَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا
وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ)) [ فصلت: 30].
- وقد حدد علماؤنا القدماء صفات الـمـعـلــــم المسلم في التعامل مع
طلابه، وذكروا أفضل الآداب لاتباعها، وعلى ضوء تلك الآداب؛ فعلى المعلم أو
المعلمة:
ـ إخلاص النية لله ـ تعالى ـ: وأن تقصد بتعليمها وجه الله وتحتسب الثواب
منه وحده، وتتطلع إلى الأجر الجزيل الذي ذكره الرسول -صلى الله عليه وسلم-
بقوله: من دل على خير فله مثل أجر فاعله
فلا تعمل لأجل المكانة ولا لمدح الناس ولا للــراتـب وحـــــده، وإنما
عملها في سبيل الله، وتكون قدوة للناشئات في ذلك، وإلا... فإن فاقد الشيء
لا يعطـيـه، وأنّى للأعمى أن يقود غيره ويرشده للطريق السليم؟!
ـ أن تقوم بعملها وتربي الأجيال على أدب الإسلام: فيتعلمن العلم ويتعلمن
الأدب في آن واحد؛ وقد قال ـ تعالى ـ: ((يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا
لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ)) [الصف:2].
أمّـا أن تأتـي الطالبة كل يـوم بقـصة جديـدة حدثتها بهـا معلمتها مما
ينبو عن الذوق السليم، أو بتقليعة جديدة جاءت بها إحدى المدرّسات مما
تتنافى مـع ديننا، فهـذا أسلوب مـن أساليب الهدم لا البناء!
على معلمتنا المسلمة أن تنضبط بتعاليم الشرع، ولا تستهين بمخالفته مهما
بدت المخالفة بسيطة؛ فإن ذلك السوء ينطبع في نفس الجيل ويصعب بعد ذلك
إزالته.
ـ أن تكون حسنة المظهر تهتم بحسن هندامها باعتدال؛ فالمظهر الأنيق يعطي
نتائج إيجابية في نفس الطالبة فتحترم معلمتها، ويعين ذلك على العمل
بنصائحها، والعكس صحيح... وأن تركز على أن يعتاد الجيل الاهتمام بالجوهر لا
المظهر، مع الابتعاد عن توافه الموضات المتجددة.
وليس من الإسلام أن تكون أحاديث طالبات المدارس مقتصرة على زي المعلمة
وتسريحة شعرها، وجمال فستانها، وهاتفها الجوال الظاهر للعيان. وللأسف؛ فإن
بعض المدرسات يتبادلن أشرطة الأفلام والمجلات الإباحية مع بعض الطالبات؟!
فيا لخيبة مسعاهن!
ـ أن تتحلى بمكارم الأخلاق التي يدعو لها الديـن ـ ولا سيما الصـبر ـ
فتحـسن التلطف فـي تعليم الطالبات مما يجعلهن بعيدات عن التجريح والتشهير؛
فتكون بحق داعية بالحكمة والموعظة الحسنة عملاً بقـوله ـ تعالى ـ: ((ادْعُ
إلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)) [النحل: 125].
والمدرّسة الحكيمة تنوّع في الطريقة التي تخاطب بها طالباتها حسب مقتضى
الحال، وحسب سن الطالبات، ولا يفوتها أن التعامل الطيب الحنون يجذب
الطالبات إليها وإلى المبادئ التي تنادي بها... وليس من الدين الجفاف في
المعاملة أبداً! فالمعلمة كالأم الرؤوم تتعاطف مع تلميذاتها وتشفق عليهن
وتشجع المجيدة منهن، ولتذكر أن نتائج التشجيع والمدح أفضل من التوبيخ
والتقريع؛ فتشحذ همة طالباتها نحو الخير ببث الثقة في أنفسهن، وتحبيبهن
بالفضائل دون أن تثبط عزيمتهن.
وإن احتاجت إلى عقوبتهن أو تنبيههن يوماً مّا فلتجعل الطالبات يشعرن أن
العقوبة إنما هي لأجل مصلحتهن، ولو كانت بشكل غير مباشر؛ فإن ذلك أشد
تأثيراً، ولتشعرهن أنها حريصة عليهن وعلى سمعتهن ومستقبلهن، ولتربط
توجيهاتها بالدين وسلوك السلف الصالح؛ ليصبح الدافع الأساس في أعمالهن هو
الدين لا المصلحة ولا المجتمع... وكل ذلك باعتدال من غير مبالغة لئلا يؤدي
إلى نتائج عكسية.
ولتكثر المعلمة من ذكر نماذج نساء السلف الصالح في الأجيال الخيّرة حتى تبتعد الأجيال الجديدة عن الانبهار بنساء الغرب المنحلّ.
ـ ومن صفات المعلمة المسلمة التواضع: فذلك من خلق الإسلام وقد قال ـ تعالى
ـ لنبيه الكريم: ((وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ
المُؤْمِنِينَ)) [الشعراء: 215]. فتبتعد عن المفاخرة والمباهاة، وإلا أصبحت
أضحوكة حتى أمام طالباتها اللاتي يزهدن فيها وفيما تدعو إليه. والمعلمة
التي تعامل طالباتها بصلف وكبرياء لن تجني غير كرههن لها، والمعلمة التي
تسخر من طالباتها ولو بالهمز واللمز تترك جرحاً غائراً في نفس أولئك
الطالبات. فأين هي من أدب الإسلام الذي حذر من تلك المثالب بقوله ـ تعالى
ـ: ((وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ)) [الهمزة: 1]. وأين القدوة
الواجبة عليها والمنتظرة منها؟!
ـ وأن تكون المعلمة يقظة في رسالتها: فهي يقظة لجزئيات المنهج المدرسي
لتستفيد منها كما يجب، وتوظفها لخدمة عقيدتها؛ فلا يُدرس العلم بمعزل عن
العقيدة.
ـ وينبغي أن تكون المعلمة يقظة لما يتجدد من أحداث يومية: فلا تدعها تمر
دون استفادة منها، بل بالطرْق والحديدُ ساخن ـ كما يقال ـ فتعلق على
الحادثة التعليق المناسب في حينه.
وعليها أن تلاحظ تصرفات طالباتها، فتزجرهن عن سيّئ الأخلاق، وترغّبهن في حسنها بطريقة سليمة ولا تلجأ للتصريح إذا نفع التلميح.
ـ تستفيد من النظريات التربوية: شريطة أن تتناسب مع قيمنا، فتستثير أذهان
طالباتها بالأسئلة الموجهة والمفيدة، مما ينمي شخصياتهن وينقل الحقائق
العلمية لعقولهن.
وعليها أن تشجع ذوات المواهب والكفاءات بالثناء على أعمالهن وتصرفاتهن، ولتذكر أن بدايات الابتكار على مقاعد الدراسة.
ـ تتعاون مع زميلاتها المدرسات: فالتفاهم والوئام بين أعضاء الأسرة
المدرسية يفسح للمديرة القيام بعملها ومتابعة العملية التعليمية، والارتفاع
بمستوى الأداء الوظيفي... بدلاً من أن يكون عملها حل المشكلات التي تعملها
المدرسات الفارغات...
ـ تتعاون مع أسر الطالبات: فهن شريكات في عمل واحد، وعلاقتها مع الأم
علاقة محبة وتقدير وتعاون لما فيه خير الطالبات، فتساعد على تثقيفهن؛ ويتم
ذلك من خلال حلقات إرشادية للأمهات؛ فتعقد المدرسة الندوات وتقيم المحاضرات
التي تُدعى لها الأمهات، سعياً لتضافر الجهود، لوضع الأجيال أمام رؤية
واضحة للحياة ألا وهي: العمل لمرضاة الله ـ تعالى ـ، وإلا فما تبنيه
المدرسة يمكن أن تهدمه الأسرة والعكس صحيح.
أخواتي المعلمات: إن رسالتكن جليلة وهي أمانة في أعناقكن وسيسألكن عنها رب
العباد. إنها رسالة إعداد الأجيال المؤمنة بربها وصد كل هجوم فكري يحاول
التسلل إلى حصوننا، وغرس الفضائل السامية في النفوس، والعلوم النيرة في
العقول.
والمعلمة الصالحة لن تنساها طالباتها، بل تبقى في ذاكرتهن يشدن بأمجادها
وفضائلها، ويأتسين بجميل خصالها ((وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ
لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ)) [الأنعام: 32].
صيد الفوائد
|
عاشق البحر- مراقب
- تاريخ التسجيل : 17/05/2009
رد: دور المرأة المسلمة في تنشئة الجيل الصالح
جزاك الله كل خير على هذا الابداع والتميز الملفت
بهذا الموضوع القيم والمفيد الذي قدمته لنا وللمنتدى
واصل و لا تفاصل في انتظار جديدك دائما
تقبل مروري المتواضع
تحياتي العطرة
بهذا الموضوع القيم والمفيد الذي قدمته لنا وللمنتدى
واصل و لا تفاصل في انتظار جديدك دائما
تقبل مروري المتواضع
تحياتي العطرة
|
حارس المنتدى- المراقب العام
- تاريخ التسجيل : 30/05/2009
رد: دور المرأة المسلمة في تنشئة الجيل الصالح
شكـر جزيلا على المـــوضوع الــرائع و المميز
موضوع جميل يستحق منا كل المشاركة و التفاعل
واصل تميزك و تألقك في منتدانا الرائع
***********
***********
بارك الله فيك ووفقك الله
وفي إنتظا ر ما ستجود لنا به من مواضيع
ننتظـر منك الكثيـر ان شـاء الله
لك منــ أجمل تحية ــي
|
فرح العيون- عضو فعال
- تاريخ التسجيل : 17/01/2012
رد: دور المرأة المسلمة في تنشئة الجيل الصالح
• بسم الله الرحمن الرحيم♥ •
♥ • السلام عليكم♥ •
♥ • الله يعطيك العافيه♥ •
♥ • موضوع قيم ومعلومه تسترعي الانتباه ♥ •
♥ • الله لا يحرمنا من بحور عطائك العلميه
♥ • السلام عليكم♥ •
♥ • الله يعطيك العافيه♥ •
♥ • موضوع قيم ومعلومه تسترعي الانتباه ♥ •
♥ • الله لا يحرمنا من بحور عطائك العلميه
|
ابو المجد- المدير العام
- تاريخ التسجيل : 20/04/2009
العمل/الترفيه : تقني
الموقع : المغرب
رد: دور المرأة المسلمة في تنشئة الجيل الصالح
جَزَاكـٍ الله خَيَرآ
بَارَـكـ الله فيَكَـ وَنفـ ـع ـبَك
وَجعَلهَا فـيـ ميَزاَن حَسَناَتكـ
|
meriem- مديرة منتدى
- تاريخ التسجيل : 22/11/2010
رد: دور المرأة المسلمة في تنشئة الجيل الصالح
شكرا للموضوع الجميل فعلا المراه عليها دور كبير فى تنشئه الجيل القادم
|
نداوى- مديرة منتدى
- تاريخ التسجيل : 03/06/2010
رد: دور المرأة المسلمة في تنشئة الجيل الصالح
جزاك الله كل خير على هذا الابداع والتميز الملفت
بهذا الموضوع القيم والمفيد الذي قدمته لنا وللمنتدى
واصل و لا تفاصل في انتظار جديدك دائما
تقبل مروري المتواضع
تحياتي العطرة
بهذا الموضوع القيم والمفيد الذي قدمته لنا وللمنتدى
واصل و لا تفاصل في انتظار جديدك دائما
تقبل مروري المتواضع
تحياتي العطرة
|
حارس المنتدى- المراقب العام
- تاريخ التسجيل : 30/05/2009
مواضيع مماثلة
» دور المرأة المسلمة في تنشئة الجيل الصالح
» شخصية المرأة المسلمة 1- علاقة المرأة المسلمة بربها
» المرأة المسلمة
» المرأة المسلمة
» المرأة المسلمة وزينتها
» شخصية المرأة المسلمة 1- علاقة المرأة المسلمة بربها
» المرأة المسلمة
» المرأة المسلمة
» المرأة المسلمة وزينتها
إنشاء حساب أو تسجيل الدخول لتستطيع الرد
تحتاج إلى أن يكون عضوا لتستطيع الرد.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى