المواضيع الأخيرة
» Sondos
الأربعاء 28 أغسطس 2024, 07:35
» Sondos
الأربعاء 28 أغسطس 2024, 01:17
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 23:02
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 04:44
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 01:06
» Sondos
الإثنين 26 أغسطس 2024, 20:57
» Sondos
الأحد 25 أغسطس 2024, 23:20
» Sondos
الأحد 25 أغسطس 2024, 19:57
» Sondos
الثلاثاء 20 أغسطس 2024, 22:17
» Sondos
الإثنين 19 أغسطس 2024, 17:59
المواضيع الأكثر نشاطاً
الخير والشر
الخير والشر
صيد الخاطر لابن الجوزي - الشر و الخير
تأملت الأرض و من عليها بعين فكري ، فرأيت خرابها أكثر من عمرانها .
ثم نظرت في المعمور منها فوجدت الكفار مستولين على أكثره ،
و وجدت أهل الإسلام في الأرض قليلاً بالإضافة إلى الكفار .
ثم تأملت المسلمين فرأيت المكاسب قد شغلت جمهورهم عن الرازق ،
و أعرضت بهم عن العلم الدال عليه .
فالسلطان مشغول بالأمر و النهي و اللذات العارضة له ،
و مياه أغراضه جارية لا شكر لها .
و لا يتلقاه أحد بموعظة بل بالمدحة التي تقوي عنده هوى النفس .
و إنما ينبغي أن تقاوم الأمراض بأضدادها .
كما قال عمر بن المهاجر : قال لي عمر بن عبد العزيز :
[ إذا رأيتني قد حدت عن الحق فخذ بثيابي و هزني ،
و قل : مالك يا عمر ] ؟ .
و قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
[ رحم الله من أهدى إلينا عيوبنا ] .
فأحوج الخلق إلى النصائح و المواعظ ، السلطان .
و أما جنوده فجمهورهم في سكر الهوى ، و زينة الدنيا ،
و قد انضاف إلى ذلك الجهل ، و عدم العلم ، فلا يؤلمهم ذنب ،
و لا ينزعجون من لبس حرير ، أو شرب خمر ،
حتى ربما قال بعضهم :
[ إيش يعمل الجندي ، أيلبس القطن ] ؟ .
ثم أخذهم للأشياء من غير وجهها ، فالظلم معهم كالطبع .
و أرباب البوادي قد غمرهم الجهل ، و كذلك أهل القرى .
ما أكثر تقلبهم في الأنجاس و تهوينهم لأمر الصلوات ،
و ربما صلت المرأة منهن قاعدة .
ثم نظرت في التجار ، فرأيتهم قد غلب عليهم الحرص ،
حتى لا يرون سوى وجوه الكسب كيف كانت ،
و صار الربا في معاملتهم فاشياً ، فلا يبالي أحدهم من أي تحصل له الدنيا ؟
و هم في باب الزكاة مفرطون ، و لا يستوحشون من تركها ،
إلا من عصم الله .
ثم نظرت في أرباب المعاش ، فوجدت الغش في معاملاتهم عاماً ،
و التطفيف و البخس ، و هم مع هذا مغمورون بالجهل .
و رأيت عامة من له ولد يشغله ببعض هذه الأشغال طلباً للكسب
قبل أن يعرف ما يجب عليه و ما يتأدب به .
ثم نظرت في أحوال النساء ، فرأيتهن قليلات الدين ، عظيمات الجهل ،
ما عندهم من الآخرة خبر إلا من عصم الله .
فقلت : واعجباً فمن بقي لخدمة الله عز وجل و معرفته ؟
فنظرت فإذا العلماء ، و المتعلمون ، و العباد ، و المتزهدون .
فتأملت العباد ، و المتزهدين فرأيت جمهورهم يتعبد بغير علم ،
و يأنس إلى تعظيمه ، و تقبيل يده و كثرة أتباعه ،
حتى إن أحدهم لو اضطر إلى أن يشتري حاجة من السوق لم يفعل لئلا ينكسر جاهه .
ثم تترقى بهم رتبة الناموس إلى ألا يعودوا مريضاً ، و لا يشهدوا جنازة ،
إلا أن يكون عظيم القدر عندهم . و لا يتزاورون ،
بل ربما ضن بعضهم على بعض بلقاء ،
فقد صارت النواميس كلأوثان يعبدونها و لا يعلمون .
و فيهم من يقدم على الفتوى و هو جاهل لئلا يخل بناموس التصدر ثم
يعيبون العلماء لحرصهم على الدنيا و لا يعلمون أن المذموم من الدنيا ما
هم فيه ، إلا تناول المباحات .
ثم تأملت العلماء المتعلمين ، فرأيت القليل من المتعلمين عليه أمارة
النجابة ، لأن أمارة النجابة طلب العلم للعمل به . و جمهورهم يطلب منه
ما يصيره شبكة للكسب ، إما ليأخذ به قضاء مكان أو ليصير به قاضي بلد
، أو قدر ما يتميز به عن عن أبناء جنسه لم يكتفي .
ثم تأملت العلماء فرأيت أكثرهم يتلاعب به الهوى و يستخدمه ،
فهو يؤثر ما يصده العلم عنه ، و يقبل على ما ينهاه ،
و لا يكاد يجد ذوق معاملة الله سبحانه ، و إنما همته أن يحدث و حسب .
إلا أن الله لا يخلي الأرض من قائم له بالحجة ، جامع بين العلم و العمل .
غارف بحقوق الله تعالى ، خائف منه . فذلك قطب الدنيا ،
و متى مات أخلف الله عوضه .
و ربما لم يمت حتى يرى من يصلح للنيابة عنه في كل نائبة .
و مثل هذا لا تخلو الأرض منه ، فهو بمقام النبي في الأمة .
و هذا الذي أصفه يكون قائماً بالأصول ، حافظاً للحدود ،
و ربما قل علمه أو قلت معاملته .
فأما الكاملون في جميع الأدوات فيندر وجودهم ،
فيكون في الزمان البعيد منهم واحد .
و لقد سبرت السلف كلهم فأردت أن أستخرج منهم من جمع بين العلم
حتى صار من المجتهدين ، و بين العمل حتى صار قدوة للعابدين ،
فلم أر أكثر من ثلاثة : أولهم الحسن البصري ، و ثانيهم سفيان الثوري ،
و ثالثهم أحمد بن حنبل .
و قد أفردت لأخبار كل واحد منهم كتاباً ،
و ما أنكر على من ربعهم بسعيد بن المسيب .
و إن كان في السلف سادات إلا أن أكثرهم غلب عليه فن ،
فنقص من الآخر ، فمنهم من غلب عليه العلم ، و منهم من غلب عليه العمل ،
و كل هؤلاء كان هؤلاء كان له الحظ الوافر من العلم ،
و النصيب الأوفى من المعاملة و المعرفة .
و لا يأس من و جود من يحذو حذوهم ، و إن كان الفضل بالسبق لهم .
فقد أطلع الله عز وجل الخضر على ما خفى من موسى عليهما السلام .
فخزائن الله مملوءة ، و عطاؤه لا يقتصر على شخص .
و قد حكي لي عن ابن عقيل أنه كان يقول عن نفسه :
[ أنا عملت في قارب ثم كسر ] .
و هذا غلط فمن أين له ؟ فكم معجب بنفسه كشف له من غيره ما عاد
يحقر نفسه على ذلك و كم من متأخر سبق متقدماً ، و قد قيل :
إن الليالي و الأيام حاملة و ليس يعلم غير الله ما تلد
تأملت الأرض و من عليها بعين فكري ، فرأيت خرابها أكثر من عمرانها .
ثم نظرت في المعمور منها فوجدت الكفار مستولين على أكثره ،
و وجدت أهل الإسلام في الأرض قليلاً بالإضافة إلى الكفار .
ثم تأملت المسلمين فرأيت المكاسب قد شغلت جمهورهم عن الرازق ،
و أعرضت بهم عن العلم الدال عليه .
فالسلطان مشغول بالأمر و النهي و اللذات العارضة له ،
و مياه أغراضه جارية لا شكر لها .
و لا يتلقاه أحد بموعظة بل بالمدحة التي تقوي عنده هوى النفس .
و إنما ينبغي أن تقاوم الأمراض بأضدادها .
كما قال عمر بن المهاجر : قال لي عمر بن عبد العزيز :
[ إذا رأيتني قد حدت عن الحق فخذ بثيابي و هزني ،
و قل : مالك يا عمر ] ؟ .
و قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
[ رحم الله من أهدى إلينا عيوبنا ] .
فأحوج الخلق إلى النصائح و المواعظ ، السلطان .
و أما جنوده فجمهورهم في سكر الهوى ، و زينة الدنيا ،
و قد انضاف إلى ذلك الجهل ، و عدم العلم ، فلا يؤلمهم ذنب ،
و لا ينزعجون من لبس حرير ، أو شرب خمر ،
حتى ربما قال بعضهم :
[ إيش يعمل الجندي ، أيلبس القطن ] ؟ .
ثم أخذهم للأشياء من غير وجهها ، فالظلم معهم كالطبع .
و أرباب البوادي قد غمرهم الجهل ، و كذلك أهل القرى .
ما أكثر تقلبهم في الأنجاس و تهوينهم لأمر الصلوات ،
و ربما صلت المرأة منهن قاعدة .
ثم نظرت في التجار ، فرأيتهم قد غلب عليهم الحرص ،
حتى لا يرون سوى وجوه الكسب كيف كانت ،
و صار الربا في معاملتهم فاشياً ، فلا يبالي أحدهم من أي تحصل له الدنيا ؟
و هم في باب الزكاة مفرطون ، و لا يستوحشون من تركها ،
إلا من عصم الله .
ثم نظرت في أرباب المعاش ، فوجدت الغش في معاملاتهم عاماً ،
و التطفيف و البخس ، و هم مع هذا مغمورون بالجهل .
و رأيت عامة من له ولد يشغله ببعض هذه الأشغال طلباً للكسب
قبل أن يعرف ما يجب عليه و ما يتأدب به .
ثم نظرت في أحوال النساء ، فرأيتهن قليلات الدين ، عظيمات الجهل ،
ما عندهم من الآخرة خبر إلا من عصم الله .
فقلت : واعجباً فمن بقي لخدمة الله عز وجل و معرفته ؟
فنظرت فإذا العلماء ، و المتعلمون ، و العباد ، و المتزهدون .
فتأملت العباد ، و المتزهدين فرأيت جمهورهم يتعبد بغير علم ،
و يأنس إلى تعظيمه ، و تقبيل يده و كثرة أتباعه ،
حتى إن أحدهم لو اضطر إلى أن يشتري حاجة من السوق لم يفعل لئلا ينكسر جاهه .
ثم تترقى بهم رتبة الناموس إلى ألا يعودوا مريضاً ، و لا يشهدوا جنازة ،
إلا أن يكون عظيم القدر عندهم . و لا يتزاورون ،
بل ربما ضن بعضهم على بعض بلقاء ،
فقد صارت النواميس كلأوثان يعبدونها و لا يعلمون .
و فيهم من يقدم على الفتوى و هو جاهل لئلا يخل بناموس التصدر ثم
يعيبون العلماء لحرصهم على الدنيا و لا يعلمون أن المذموم من الدنيا ما
هم فيه ، إلا تناول المباحات .
ثم تأملت العلماء المتعلمين ، فرأيت القليل من المتعلمين عليه أمارة
النجابة ، لأن أمارة النجابة طلب العلم للعمل به . و جمهورهم يطلب منه
ما يصيره شبكة للكسب ، إما ليأخذ به قضاء مكان أو ليصير به قاضي بلد
، أو قدر ما يتميز به عن عن أبناء جنسه لم يكتفي .
ثم تأملت العلماء فرأيت أكثرهم يتلاعب به الهوى و يستخدمه ،
فهو يؤثر ما يصده العلم عنه ، و يقبل على ما ينهاه ،
و لا يكاد يجد ذوق معاملة الله سبحانه ، و إنما همته أن يحدث و حسب .
إلا أن الله لا يخلي الأرض من قائم له بالحجة ، جامع بين العلم و العمل .
غارف بحقوق الله تعالى ، خائف منه . فذلك قطب الدنيا ،
و متى مات أخلف الله عوضه .
و ربما لم يمت حتى يرى من يصلح للنيابة عنه في كل نائبة .
و مثل هذا لا تخلو الأرض منه ، فهو بمقام النبي في الأمة .
و هذا الذي أصفه يكون قائماً بالأصول ، حافظاً للحدود ،
و ربما قل علمه أو قلت معاملته .
فأما الكاملون في جميع الأدوات فيندر وجودهم ،
فيكون في الزمان البعيد منهم واحد .
و لقد سبرت السلف كلهم فأردت أن أستخرج منهم من جمع بين العلم
حتى صار من المجتهدين ، و بين العمل حتى صار قدوة للعابدين ،
فلم أر أكثر من ثلاثة : أولهم الحسن البصري ، و ثانيهم سفيان الثوري ،
و ثالثهم أحمد بن حنبل .
و قد أفردت لأخبار كل واحد منهم كتاباً ،
و ما أنكر على من ربعهم بسعيد بن المسيب .
و إن كان في السلف سادات إلا أن أكثرهم غلب عليه فن ،
فنقص من الآخر ، فمنهم من غلب عليه العلم ، و منهم من غلب عليه العمل ،
و كل هؤلاء كان هؤلاء كان له الحظ الوافر من العلم ،
و النصيب الأوفى من المعاملة و المعرفة .
و لا يأس من و جود من يحذو حذوهم ، و إن كان الفضل بالسبق لهم .
فقد أطلع الله عز وجل الخضر على ما خفى من موسى عليهما السلام .
فخزائن الله مملوءة ، و عطاؤه لا يقتصر على شخص .
و قد حكي لي عن ابن عقيل أنه كان يقول عن نفسه :
[ أنا عملت في قارب ثم كسر ] .
و هذا غلط فمن أين له ؟ فكم معجب بنفسه كشف له من غيره ما عاد
يحقر نفسه على ذلك و كم من متأخر سبق متقدماً ، و قد قيل :
إن الليالي و الأيام حاملة و ليس يعلم غير الله ما تلد
|
ممدوح السروى- مدير عام
- تاريخ التسجيل : 09/10/2009
إنشاء حساب أو تسجيل الدخول لتستطيع الرد
تحتاج إلى أن يكون عضوا لتستطيع الرد.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى