المواضيع الأخيرة
» Sondos
الأربعاء 28 أغسطس 2024, 07:35
» Sondos
الأربعاء 28 أغسطس 2024, 01:17
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 23:02
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 04:44
» Sondos
الثلاثاء 27 أغسطس 2024, 01:06
» Sondos
الإثنين 26 أغسطس 2024, 20:57
» Sondos
الأحد 25 أغسطس 2024, 23:20
» Sondos
الأحد 25 أغسطس 2024, 19:57
» Sondos
الثلاثاء 20 أغسطس 2024, 22:17
» Sondos
الإثنين 19 أغسطس 2024, 17:59
المواضيع الأكثر نشاطاً
هيا ناخد عبرة من المواقف النبوية
هيا ناخد عبرة من المواقف النبوية
مواقف نبوية
أفلا أكون عبدا شكوراً؟
قال البخاري
حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى ،قال حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ ،قال حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عِلَاقَةَ ، قَالَ
سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ يَقُولُ
كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي حَتَّى تَرِمَ أَوْ تَنْتَفِخَ قَدَمَاهُ فَيُقَالُ لَهُ
فَيَقُولُ أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا
صحيح البخاري / كتاب الرقاق / باب الصبر عن محارم الله وقوله عز وجل/ رقم5990
هنا
وفي رواية أخرى
قال البخاري
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ،قال حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى ،
أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ ، سَمِعَ عُرْوَةَ عَنْ : عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
أَنَّ
نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُومُ
مِنْ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ
قَدَمَاهُ فَقَالَتْ عَائِشَةُ لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ
اللَّهِ وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا
تَأَخَّرَ قَالَ :
أَفَلَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا فَلَمَّا كَثُرَ
لَحْمُهُ صَلَّى جَالِسًا
فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ فَقَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ
صحيح البخاري /كتاب تفسير القرآن
باب ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته
/ رقم4460
هنا
معاني المفردات
تورّمت : انتفخت.
تفاصيل الموقف النبي
– صلى الله عليه وسلم –
كما نعرفه:
خاتم الأنبياء، وصفوة الأولياء
وخير البريّة، وهادي البشريّة، شفيع الخلق يوم القيامة
وأوّل من يفتح له باب الجنّة
الموعود بالمقام المحمود الذي لا يبلغه أحد
والمغفور له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر
أفمن كان بتلك المنازل العالية
والمقامات السامية
والوعود الإلهيّة في دنياه وآخرته
أليس الحريّ به أن يركن إلى ذلك كلّه؟
بدلاً من إجهاد النفس بالعبادة وإدخال المشقّة
عليها بالقيام؟
وحرمانها من نصيب أكبر من الدنيا
والإكثار عليها بألوان الذكر والصلوات،
على نحو يفوق تحمّل الصحابة رضوان الله عليهم
– وهم من هم –
فضلاً عن غيرهم؟
ولكنّه الدرس العظيم، والحكمة الرائعة
والرؤية الثاقبة
والمنطق الرزين، لحقيقة العبوديّة وأسرارها
ومقتضيات النعمة ومتطلّباتها،
في لوحة نبويّة مشرقة الجنبات، متلألئة الأنوار
تسرّ الناظرين، وتهدي الحائرين.
ولباب القصّة أن النبي
– صلى الله عليه وسلم –
ومنذ أن نزل عليه قول الحقّ جلّ وعلا
{ إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا }
( المزمّل : 5 )
صار ديدنه إذا ادلهمّ الليل واشتدّت ظلمته،
أن يُلقي بالدنيا وراء ظهره
ويغلق بابها خلفه، بكلّ أحداثها ومواقفها
وشخصيّاتها وعلاقاتها، قاصداً ركن بيته
مُقبلاً على ربّه وخالقه، وسيّده ومولاه
بكل جارحة من جوارحه
يُعمل فكره في آلاء الله عليه
ويتدبّر آيات أُنزلت عليه، متبتّلاً في محرابه ساجداًوقائماً
ويظل على حاله ذلك حتى يتصرّم الليل
ولا يبقى منه إلا شطره الأخير
ثم يدعو بما فتح الله عليه
وتلحظ عائشة رضي الله عنها طول قيام النبي
– صلى الله عليه وسلم -
وتُبصر آثار ذلك واضحةً جليّة
فالشقوق وجدت طريقها في القدمين الشريفتين،
علاوةً على الانتفاخ الحاصل فيهما جرّاء الوقوف الطويل.
وهنا تُشفق عائشة رضي الله عنها
على زوجها
ويُؤلم قلبها ما تراه من إجهاد النبي
– صلى الله عليه وسلم –
لنفسه في سبل العبادة وطرائقها
لتخاطبه خطاب المحبّ العطوف
" لِمَ تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك
ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ "
وكأنها رضي الله عنها تترجّاه أن يخفّف على نفسه
ويعطيها مساحة أكبر من الراحة
ما دامت البُشرى الإلهيّة بغفران الذنوب متحقّقة.
ويأتي جواب النبي
– صلى الله عليه وسلم –
ناطقاً بالحكمة، في كلمات معدودة،
تُخاطب في المرء أوّل ما تُخاطب وجدانه،
وتُرشده إلى أُفُق أرحب
وتصوّر أشمل
( أفلا أحب أن أكون عبدا شكورا؟ )
فعبادة الله سبحانه وتعالى
لا تكون خوفاً من عواقب الذنوب فحسب
ولا طلباً للرحمة وكفى
بل تكون كذلك صورةً من صور الشكر
للمنعم على إنعامه
والاعتراف له على توفيقه وامتنانه
والأنبياء هم أولى الناس طرْقاً لهذا الباب
حيث اصطفاهم الله بالرسالة
وزيّنهم بالعصمة والجلالة، وأعظِم بها من نعمة
إضاءات حول الموقف
الشكر من شعب الإيمان الجامعة
يملأ النفس رضاً بالخالق
والقلبَ سلامةً من الغلّ
ويورث الأخلاق شعوراً بالقناعة
لينعم صاحبها بالراحة والسعادة
ولعظم فضل هذه العبادة وعلوّ منزلتها
تضافرت النصوص الشرعيّة في ذكرها
وامتداح أهلها
وفي الثناء عليها والدعوة إليها
والآيات والأحاديث في ذلك ليست بالقليلة
وحسبنا أن نقرأ دليلاً لما سبق
قوله تعالى
{ وسنجزي الشاكرين }
(آل عمران : 145 )
وقوله تعالى
{ ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله }
( لقمان : 12 )
وقوله
{ بل الله فاعبد وكن من الشاكرين }
( الزمر : 66 )
وغيرها من الآيات
وكم حملت السنّة في جنباتها من الأذكار
والمحامد التي تنطق بالاعتراف بما أحدثه الله للناس
من الفضائل
وما كاثره عليهم من الخيرات
وما أسبغه عليهم من النعم
تربيةً للمؤمن كي يكون شكره لربّه وخالقه ديدينه
وعادته في أحواله كلّها
وأوقاته جميعها
من مبدأ يومه إلى منتهاه
ومن خلال
تتبع ما ورد بخصوص الشكر في القرآن والسنّة
يتبيّن أنّه يكون بالقول كحال الأذكار المشروعة
ويدخل في هذا الباب
نسبة النعمة إلى المنعم سبحانه
قال تعالى
{ وما بكم من نعمة فمن الله }
( النحل : 53 )
ويكون كذلك بالفعل
ويُستدلّ لهذا المعنى
بقوله تعالى
{ اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور }
( سبأ : 13 )
ومن هذا الشكر ما كان يصنعه النبي
– صلى الله عليه وسلم –
من إطالة الصلاة والقيام على النحو الذي ورد في الحديث السابق.
ومهما أنفق العبد من الأوقات اجتهاداً
منه لأداء شكر نعمة واحدة فلن يؤدّي حقّها
بل لو قضى عمره كلّه في إحصائها وتتبّعها
فلن يطيق ذلك
فالحمد لله الذي رضي من عباده اليسير من العمل
وعاملنا بإحسانه وفضله
منقول بتصريف
رجل بألف رجل؟؟؟
يتـــــــــبع
|
بسمة العلوي- المديرة العامة النائبة الاولى
- تاريخ التسجيل : 05/10/2011
الموقع : /sirajinour.forummaroc.net
رد: هيا ناخد عبرة من المواقف النبوية
بسم الله الرحمن الرحيم
رجل بألف رجل؟؟؟
قال البخاري
حدثنا إسماعيل ، قال حدثني عبد العزيز بن أبي حازم
، عن أبيه ، عن سهل بن سعد الساعدي
أنه قال
" مرّ رجل على رسول الله
- صلى الله عليه وسلم -
فقال لرجل عنده جالس
( ما رأيك في هذا ؟)
فقال: رجلٌ من أشراف الناس
هذا والله حريٌّ إن خطب أن يُنكح
وإن شفع أن يُشفّع
فسكت رسول الله
- صلى الله عليه وسلم -
ثم مرّ رجل فقال له رسول الله
- صلى الله عليه وسلم -
(ما رأيك في هذا ؟)
فقال: يا رسول الله، هذا رجل من فقراء المسلمين
هذا حريُّ إن خطب أن لا ينكح
وإن شفع أن لا يشفّع
وإن قال أن لا يسمع لقوله
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
( هذا خير من ملء الأرض مثل هذا) "(1)
معاني المفردات
حريّ : جدير
إن خطب أن ينكح : أي يزوّج
تفاصيل الموقف
لأغلب لناس مقاييسهم الخاصّة في تقييم الآخرين وتصنيفهم
مبناها
الوقوف عند ظاهر القالب الاجتماعيّ
والأخذ بعين الاعتبار لأصول الشخص وجذوره
وحسبه ونسبه، وأمواله ومدّخراته
وأملاكه وأراضيه، وسطوته وقوّته
فمن كان يملك من هذه الصفات حظّاً كبيرا
ونصيباً موفوراً
حاز على رضا من حوله واحترامهم
فتراهم يصدّرونه مجالسهم
ويولونه اهتمامهم
حتى تراه يقول المقولة التي لا عمق في مبناها
ولا جديد في معناها
فإذا بعبارات المدح تنطلق من حوله تمدح في عمق تفكيره
وفصاحة لسانه، ورجاحة عقله
ولكن هل الأمور تؤخذ بهذا الشكل؟
وهل هذه المقاييس التي يتعامل بها الناس صحيحة؟
الجواب نقتبسه من مشكاة النبوّة وأنوار الرسالة
فهي التي تضيء لنا حقيقة الموازنة وضوابط التقييم
فبينما كان النبي – صلى الله عليه وسلم –
يحادث أحد أصحابه في شأن من شؤونه
إذ مرّ عليهم رجلٌ شريف النسب
عظيم المقام، تبدو عليه آثار النعمة وبوادر القوّة
فنظر إليه النبي عليه الصلاة والسلام
ثم نظر إلى سهل رضي الله عنه
ليستشفّ عن ميزانه الذي يُفاضل فيه بين الأنام
إن كان صحيحاً فيعزّزه
أو خاطئاً فيقوّمه، فقال له
( رأيك في هذا ؟)
نظر الصحابي إلى ذلك الرجل
فوجده من أشراف الناس وأعيانهم
ومن خلال هذا الانطباع الشخصيّ الأوّلي
أصدر حكمه عليه
فذكر للنبي – صلى الله عليه وسلم –
من مكانته وكونه محطّ أنظار الناس
ما يجعله جديراً بقبول شافعته، والحرص على مصاهرته
سكت النبي – صلى الله عليه وسلم –
سكوت مربّ يرى أن وقت التوجيه لم يحن بعد
وأن الدرس الذي يريد أن يرسم ملامحه يستدعي
اكتمال الصورة بمثل آخر مغاير لحال الرّجل الأوّل
وجاءت الفرصة سريعاً عندما مرّ رجلٌ آخر من فقراء المسلمين
رثّ الثياب، مهضوم الجانب
معدوم الحيلة
تلمح في قسمات وجهه آثار الإجهاد والمشقّة
وفي تصرّفاته البساطة والتواضع
فيعيد النبي – صلى الله عليه وسلم –
سؤاله للصحابي عن رأيه
فيجيب بأنه لا مكانة له عند الخلق
وأنه لن يجد لقوله آذاناً تسمع
ولا لشفاعته نفساً تقبل
ولا مطمع في مناسبته ومصاهرته
وهنا يقف النبي
– صلى الله عليه وسلم –
موقفاً يعيد الأمور إلى نصابها
ويهدف به أن يوسّع المدارك
حتى تتجاوز النظر إلى قشور المظهر أو المكانة
لتنفذ إلى لبّ الرجال ومعادنهم
( هذا خير من ملء الأرض مثل هذا)
إضاءات حول الموقف
يؤصّل النبي – صلى الله عليه وسلم –
من خلال هذا الموقف المشرق
المقياس الحقيقي في القرب والبعد من الله عزّ وجل
ألا وهو التقوى والالتزام بحدود الشرع أمراً ونهياً
مستمدّاً ذلك من قوله تعالى
{ إن أكرمكم عند الله أتقاكم } (2)
وهذا هو الميزان الحق الذي يتفاضل به الناس
والميزان السماوي الذي يُسقط كلّ المقوّمات الأرضيّة
ولا يجعل لها اعتباراً
ومحلّ النظر الإلهيّ يكون للجوهر لا للصوره
قال عليه الصلاة والسلام
قال مسلم
حدثنا عمرو الناقد ،قال حدثنا كثير بن هشام
قال حدثنا جعفر بن برقان ، عن يزيد بن الأصم
عن أبي هريرة قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم
ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم"(3)
فلا قيمة للنسب
ولا قيمة للجاه ولا للقوّة أو الصحّة ولا لغيرها
إذا تعرّى الإنسان من إيمانه وأخلاقه
وفضائله ومبادئه
وباستيعابنا لهذا الميزان الدقيق
نُدرك حقيقة التقييم الوارد في نصوص الشرع
لنماذج بشريّة
سقط اعتبارها في الميزان السماوي
كمثل ذلك الرجل الذي أخبر عنه النبي
– صلى الله عليه وسلم –
قال البخاي
حدثنا محمد بن عبد الله ،قال حدثنا سعيد بن أبي مريم
أخبرنا المغيرة بن عبد الرحمن
قال حدثني أبو الزناد ، عن الأعرج
عن أبي هريرة رضي الله عنه
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
( إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة
لا يزن عند الله جناح بعوضة، اقرؤوا إن شئتم
{ فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا }
( الكهف : 105 )(4)
وقريبٌ منه
النموذج النفاقي، الذي جاء وصفه في القرآن الكريم
{ وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم }
( المنافقون : 4)
فهم من القوّة والفصاحة ما يُعجب الناظرين
ويُبهر السامعين
ومع ذلك فمآلهم الدرك الأسفل من النار
ونستلهم مما سبق
أن الأكرم عند الله تعالى والأقرب إليه والأتقى له
هو الذي يستحقّ منّا الرعاية والاهتمام
والإعجاب والحفاوة
وإن قلّ نصيبه من الدنيا
ولرُبّ رجل أشعث أغبر
لا يُعدل به ألف رجل
لو أقسم على الله أبرّه
ألا أخبركم بأهل الجنة ؟
كل ضعيف متضعف ، لو أقسم علي الله لأبره
ألا أخبركم بأهل النار ؟
كل عتل ، جواظ ، جعظري ، مستكبر
الراوي: حارثة بن وهب الخزاعي المحدث: الألباني
المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 2598
خلاصة حكم المحدث: صحيح
هنا
ترى الرجل الخفيف فتزدريه وفي أثوابه أسد هصور
ويعجبك الطرير
فتبتليه فيخلف ظنك الرجل الطرير
لقد عظم البعير بغير لب فلم يستغن بالعظم البعير
منقول بتصريف
من غشنا فليس منا
يتــــــــــــــبع
____
(1)صحيح البخاري كتاب الرقاق / باب فضل الفقر / رقم5966
....
(2) ( الحجرات : 13)
...
(3) صحيح مسلم / كتابالبر والصلة والآداب
/ بابتحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وعرضه وماله / رقم4651...
(4) صحيح البخاري/كتاب تفسير القرآن/ باب أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم /
رقم4360
رجل بألف رجل؟؟؟
قال البخاري
حدثنا إسماعيل ، قال حدثني عبد العزيز بن أبي حازم
، عن أبيه ، عن سهل بن سعد الساعدي
أنه قال
" مرّ رجل على رسول الله
- صلى الله عليه وسلم -
فقال لرجل عنده جالس
( ما رأيك في هذا ؟)
فقال: رجلٌ من أشراف الناس
هذا والله حريٌّ إن خطب أن يُنكح
وإن شفع أن يُشفّع
فسكت رسول الله
- صلى الله عليه وسلم -
ثم مرّ رجل فقال له رسول الله
- صلى الله عليه وسلم -
(ما رأيك في هذا ؟)
فقال: يا رسول الله، هذا رجل من فقراء المسلمين
هذا حريُّ إن خطب أن لا ينكح
وإن شفع أن لا يشفّع
وإن قال أن لا يسمع لقوله
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
( هذا خير من ملء الأرض مثل هذا) "(1)
معاني المفردات
حريّ : جدير
إن خطب أن ينكح : أي يزوّج
تفاصيل الموقف
لأغلب لناس مقاييسهم الخاصّة في تقييم الآخرين وتصنيفهم
مبناها
الوقوف عند ظاهر القالب الاجتماعيّ
والأخذ بعين الاعتبار لأصول الشخص وجذوره
وحسبه ونسبه، وأمواله ومدّخراته
وأملاكه وأراضيه، وسطوته وقوّته
فمن كان يملك من هذه الصفات حظّاً كبيرا
ونصيباً موفوراً
حاز على رضا من حوله واحترامهم
فتراهم يصدّرونه مجالسهم
ويولونه اهتمامهم
حتى تراه يقول المقولة التي لا عمق في مبناها
ولا جديد في معناها
فإذا بعبارات المدح تنطلق من حوله تمدح في عمق تفكيره
وفصاحة لسانه، ورجاحة عقله
ولكن هل الأمور تؤخذ بهذا الشكل؟
وهل هذه المقاييس التي يتعامل بها الناس صحيحة؟
الجواب نقتبسه من مشكاة النبوّة وأنوار الرسالة
فهي التي تضيء لنا حقيقة الموازنة وضوابط التقييم
فبينما كان النبي – صلى الله عليه وسلم –
يحادث أحد أصحابه في شأن من شؤونه
إذ مرّ عليهم رجلٌ شريف النسب
عظيم المقام، تبدو عليه آثار النعمة وبوادر القوّة
فنظر إليه النبي عليه الصلاة والسلام
ثم نظر إلى سهل رضي الله عنه
ليستشفّ عن ميزانه الذي يُفاضل فيه بين الأنام
إن كان صحيحاً فيعزّزه
أو خاطئاً فيقوّمه، فقال له
( رأيك في هذا ؟)
نظر الصحابي إلى ذلك الرجل
فوجده من أشراف الناس وأعيانهم
ومن خلال هذا الانطباع الشخصيّ الأوّلي
أصدر حكمه عليه
فذكر للنبي – صلى الله عليه وسلم –
من مكانته وكونه محطّ أنظار الناس
ما يجعله جديراً بقبول شافعته، والحرص على مصاهرته
سكت النبي – صلى الله عليه وسلم –
سكوت مربّ يرى أن وقت التوجيه لم يحن بعد
وأن الدرس الذي يريد أن يرسم ملامحه يستدعي
اكتمال الصورة بمثل آخر مغاير لحال الرّجل الأوّل
وجاءت الفرصة سريعاً عندما مرّ رجلٌ آخر من فقراء المسلمين
رثّ الثياب، مهضوم الجانب
معدوم الحيلة
تلمح في قسمات وجهه آثار الإجهاد والمشقّة
وفي تصرّفاته البساطة والتواضع
فيعيد النبي – صلى الله عليه وسلم –
سؤاله للصحابي عن رأيه
فيجيب بأنه لا مكانة له عند الخلق
وأنه لن يجد لقوله آذاناً تسمع
ولا لشفاعته نفساً تقبل
ولا مطمع في مناسبته ومصاهرته
وهنا يقف النبي
– صلى الله عليه وسلم –
موقفاً يعيد الأمور إلى نصابها
ويهدف به أن يوسّع المدارك
حتى تتجاوز النظر إلى قشور المظهر أو المكانة
لتنفذ إلى لبّ الرجال ومعادنهم
( هذا خير من ملء الأرض مثل هذا)
إضاءات حول الموقف
يؤصّل النبي – صلى الله عليه وسلم –
من خلال هذا الموقف المشرق
المقياس الحقيقي في القرب والبعد من الله عزّ وجل
ألا وهو التقوى والالتزام بحدود الشرع أمراً ونهياً
مستمدّاً ذلك من قوله تعالى
{ إن أكرمكم عند الله أتقاكم } (2)
وهذا هو الميزان الحق الذي يتفاضل به الناس
والميزان السماوي الذي يُسقط كلّ المقوّمات الأرضيّة
ولا يجعل لها اعتباراً
ومحلّ النظر الإلهيّ يكون للجوهر لا للصوره
قال عليه الصلاة والسلام
قال مسلم
حدثنا عمرو الناقد ،قال حدثنا كثير بن هشام
قال حدثنا جعفر بن برقان ، عن يزيد بن الأصم
عن أبي هريرة قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم
ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم"(3)
فلا قيمة للنسب
ولا قيمة للجاه ولا للقوّة أو الصحّة ولا لغيرها
إذا تعرّى الإنسان من إيمانه وأخلاقه
وفضائله ومبادئه
وباستيعابنا لهذا الميزان الدقيق
نُدرك حقيقة التقييم الوارد في نصوص الشرع
لنماذج بشريّة
سقط اعتبارها في الميزان السماوي
كمثل ذلك الرجل الذي أخبر عنه النبي
– صلى الله عليه وسلم –
قال البخاي
حدثنا محمد بن عبد الله ،قال حدثنا سعيد بن أبي مريم
أخبرنا المغيرة بن عبد الرحمن
قال حدثني أبو الزناد ، عن الأعرج
عن أبي هريرة رضي الله عنه
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
( إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة
لا يزن عند الله جناح بعوضة، اقرؤوا إن شئتم
{ فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا }
( الكهف : 105 )(4)
وقريبٌ منه
النموذج النفاقي، الذي جاء وصفه في القرآن الكريم
{ وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم }
( المنافقون : 4)
فهم من القوّة والفصاحة ما يُعجب الناظرين
ويُبهر السامعين
ومع ذلك فمآلهم الدرك الأسفل من النار
ونستلهم مما سبق
أن الأكرم عند الله تعالى والأقرب إليه والأتقى له
هو الذي يستحقّ منّا الرعاية والاهتمام
والإعجاب والحفاوة
وإن قلّ نصيبه من الدنيا
ولرُبّ رجل أشعث أغبر
لا يُعدل به ألف رجل
لو أقسم على الله أبرّه
ألا أخبركم بأهل الجنة ؟
كل ضعيف متضعف ، لو أقسم علي الله لأبره
ألا أخبركم بأهل النار ؟
كل عتل ، جواظ ، جعظري ، مستكبر
الراوي: حارثة بن وهب الخزاعي المحدث: الألباني
المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 2598
خلاصة حكم المحدث: صحيح
هنا
ترى الرجل الخفيف فتزدريه وفي أثوابه أسد هصور
ويعجبك الطرير
فتبتليه فيخلف ظنك الرجل الطرير
لقد عظم البعير بغير لب فلم يستغن بالعظم البعير
منقول بتصريف
من غشنا فليس منا
يتــــــــــــــبع
____
(1)صحيح البخاري كتاب الرقاق / باب فضل الفقر / رقم5966
....
(2) ( الحجرات : 13)
...
(3) صحيح مسلم / كتابالبر والصلة والآداب
/ بابتحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وعرضه وماله / رقم4651...
(4) صحيح البخاري/كتاب تفسير القرآن/ باب أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم /
رقم4360
|
بسمة العلوي- المديرة العامة النائبة الاولى
- تاريخ التسجيل : 05/10/2011
الموقع : /sirajinour.forummaroc.net
رد: هيا ناخد عبرة من المواقف النبوية
من غشنا فليس منا
قال الإمام مسلم في صحيحه
وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْر جَمِيعًا
عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ جَعْفَر، قَالَ ابْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ
قَالَ أَخْبَرَنِي الْعَلَاءُ ،عَنْ أَبِيهِ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ
" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَام فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا
فَقَالَ مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ
قَالَ أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ
قَالَ أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ
مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي) (1)
معاني المفردات
السماء : المطر
الصُبْرة : الكومة المجموعة بلا كيل ولا وزن
تفاصيل الموقف
الغشّ ظاهرةٌ اجتماعيّة خطيرة
يقوم فيها الكذب مكان الصدق، والخيانة مكان الأمانة
والهوى مقام الرّشد، نظراً لحرص صاحبها على إخفاء الحقيقة
، وتزيين الباطل
ومثل هذا السلوك لا يصدر إلا من قلب غلب عليه الهوى
والانحراف عن المنهج الرّباني
ومظاهر الغش والخداع كثيرةٌ
جاء أحدها في موقف سجّله لنا التاريخ
وفيه أنه النبي –صلى الله عليه وسلم
كانت له زيارةٌ إلى السوق ليشتري ما يحتاجه
فاستوقفه منظر كومة من طعام
جاء في المستدرك أنها من الحنطة
وقد عرضها صاحبها للبيع
ومن النظرة الأولى أُعجب النبي –صلى الله عليه وسلم
بالطعام فهو يبدو فائق الجودة والنضارة
لكن الفحص الدقيق يُظهر ما كان خافياً
فقد أدخل النبي عليه الصلاة والسلام يده الشريفة
إلى تلك الكومة فإذا بها مبتلّةٌ على نحو يوحي بقرب فسادها
استدار النبي –صلى الله عليه وسلم
إلى الرجل، وألقى إليه بنظرةِ لائم
وأتبعها بسؤال المعاتب: ( ما هذا يا صاحب الطعام؟ )
فأطرق الرجل رأسه في خجل
وقال: ": أصابته السماء يا رسول الله"
وكأنه يريد أن يعتذر عن فعلته ولكن بما لا يُعتذر به
وأن يُبرّر موقفه ولو بأقبح التبريرات
كل ذلك محاولةً منه
في تخفيف غضب النبي عليه الصلاة والسلام وعتابه
لكنّه رسول الله، ومعلّم البشريّة، ومتمّم الأخلاق
ما كان له أن يتغاضى عن موقف كهذا
وليس الموقف موقف مجاملات أو صفح عن خطأ فردي
ولكنّه أوان ترسيخ مبدأ عظيم يحفظ حقوق الناس
ويصونها من العبث والتدليس
( أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غش فليس مني)
إضاءات على الموقف
حقيقة الغش هو تقديم الباطل في ثوب الحق
الأمر الذي ينُافي الصدق المأمور به والنصح المندوب إليه
وقد صحّ الحديث عن النبي –صلى الله عليه وسلم
أنه قال
( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) (2)
ومن هذا المنطلق جاء تحريم الغشّ حتى يُعامل كل فرد
من أفراد المجتمع غيره بما يُحبّ أن يُعاملوه به
فكما لا يرضى الخديعة والاحتيال على نفسه
فكيف يرضاه على الآخرين؟
ومن العار على الشرفاء
أن يرضوا على أنفسهم بمثل هذه الدناءة الخُلُقيّة
فعلاوةً على كونها معصيةً صريحة لله ورسوله
وأكلاً لأموال الناس بغير حق
فهي كذلك سببٌ في ضياع الذمم وانعدام الثقة وإشاعة البغضاء
وقد أوضح النبي –صلى الله عليه وسلم
ذلك بقوله: (بيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما مُحقت بركة
بيعهما ) (3)
وإذا جئنا إلى صور الغشّ في البيع فهي كثيرة جداً
ومن ذلك: التطفيف في المكيال وعدم إيفاء الوزن
حقه بما يتنافى مع
قوله تعالى: {وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ}(4)
ومن ذلك بيع التصرية
وهو ترك حلب الناقة مدّة قبل بيعها لإيهام المشتري بكثرة لبنها
ومن صورها: إطعام النحل للسكّر حتى تُكثر نتاجها
وخلط الماء باللبن حتى يكثر
وبيع البضائع المقلّدة على أنها أصليّة
ومنع المشتري من فحص السلعة أو تجريبها قبل شرائها
وقريحة من لا خلاق لهم لا تنضب من ابتكار صور جديدة له
في كلّ عصر وبلد
ولا حول ولا قوّة إلا بالله.
على أن مفهوم الحديث أوسع من دلالته على تحريم الغش
في مجال المعاملات المالية فحسب
فقد خرج مخرج القاعدة الشموليّة التي تخاطب جميع أنواع الحياة
فيكون الغشّ في الزواج بإخفاء عيوب الزوجة
أو منافاة الأمانة في عدم بيان حال من تقدّم للخطوبة
وأخلاقه ودينه
ويكون الغشّ في النطاق
الوظيفيّ في العمل بما يحقّق المصالح الشخصيّة
ولو كان على حساب الآخرين
ويكون الغش مع العلماء في كتم النصيحة عنهم
فضلاً عن أشهر أنواع الغشّ وأكثرها خطورة
غش الطلاّب في الامتحانات
ولن يكون علاج مثل هذا الداء العضال
إلا بإيقاظ الضمائر وإحياء جانب المراقبة عند الأفراد
فيعلم كل فرد أن الله مطّلع على أعماله وسوف يحاسبه
ويتزامن ذلك مع إيجاد عقوبات رادعة تُعاقب
كل من سوّلت له نفسه خيانة الأمانة
وبذلك يتحقّق الأمن وتنتشر الأمانة
ويسود الإخاء في أرجاء الأمّة
هنا
لا تعينوا عليه الشيطان
يتــــــبع
|
بسمة العلوي- المديرة العامة النائبة الاولى
- تاريخ التسجيل : 05/10/2011
الموقع : /sirajinour.forummaroc.net
رد: هيا ناخد عبرة من المواقف النبوية
بسم الله الرحمن الرحيم
لا تعينوا عليه الشيطان
قال الإمام البخاري في صحيحه
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ , قال حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ أَنَسٌ ،عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِرَجُل قَدْ شَرِبَ قَالَ اضْرِبُوهُ
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَمِنَّا الضَّارِبُ بِيَدِهِ وَالضَّارِبُ بِنَعْلِهِ وَالضَّارِبُ بِثَوْبِهِ
فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ أَخْزَاكَ اللَّهُ
قَالَ لَا تَقُولُوا هَكَذَا لَا تُعِينُوا عَلَيْهِ الشَّيْطَانَ " (1)
وفي رواية أخرى" ثم أمرهم فبكَّتوه
فقالوا: ألا تستحي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تصنع هذا؟
ثم أرسله، فلما أدبر وقع القوم يدعون عليه ويسبونه
يقول القائل: اللهم أخزه اللهم العنه
فقال رسول الله -صلى الله عليه و سلم
(لا تقولوا هكذا، ولكن قولوا: اللهم اغفر له اللهم ارحمه)
رواه أبو داوود والبيهقي
معاني المفردات
قد شرب: أي شرب الخمر التي حرّمها الله
أخزاك: دعاء بالخزي، وهو الذل والهوان
لا تعينوا عليه الشيطان
أي بدعائكم عليه بالخزي فيتوهم أنه مستحق لذلك
فيغتنم الشيطان هذا ليوقع في نفسه الوساوس
فبكَّتوه: التَّبكيت : التَّقْرِيع والتَّوبيخ
تفاصيل الموقف
"حرمت الخمر، ولم يكن للعرب عيش أعجب منها
وما حُرم عليهم شيء أشد من الخمر"
هكذا يصف أنس بن مالك رضي الله عنه
ولع العرب بشرب الخمر أيّام الجاهليّة وشدّة تعلّقهم بها
فقد كان تعاطيها أكثر من مجرّد عادة فرديّة
بل كانت ظاهرةً اجتماعيّة تربّى عليها الصغير قبل الكبير
والفقير قبل صاحب المال الوفير
وعُقدت لها المجالس، وصُرفت عليها النفقات
وأُنشدت فيها الأشعار
ويوضّح حقيقة ذلك التعلّق المذموم
قول أحدهم في جاهليّته
إذا مت فادفني إلى جنب كرمة ... تروي عظامي بعد موتي عروقها
ولا تدفنــني بالفــلاة فإنني ... أخاف إذا ما مت أن لا أذوقها
ثم جاء الإسلام بمنهجه العملي والواقعي لعلاج هذا الواقع المعقّد
فاستطاع وبكلّ جدارة أن يقتلع جذور هذه الآفة من نفوس العرب
فلما أُعلن في المدينة تحريم الخمر والتحذير من مقاربته
فضلاً عن مقارفته
رأينا الامتثال الفوري من الصحابة رضوان الله عليهم
وتروي كتب السيرة في هذا الصدد كيف سالت
أزقّة المدينة من الخمور التي أُريقت وتم التخلّص منها
ثم بقي بعد ذلك تفاوت الصحابة رضوان الله عليهم
في قدرتهم على امتثال الأوامر الإلهيّة
فأما عامّة الناس فقد امتنعوا عن شراب المسكرات
وتجاوزوا هذه المرحلة
وبقي منهم أفرادٌ قلائل لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة
فيما نعلم من مرويّات السيرة
لم يقدروا على كسر دائرة الإدمان
فكانت تعتريهم لحظات ضعف بين الفينة والأخرى
كان منهم صاحب القصّة التي بين أيدينا
وما نحسب هذا الصحابي رضي الله عنه
إلا رجلاً قد طرق من أبواب الخير ما نرجو أن تكون شفيعاً
له عند ربّه
إلا أن صراعه مع شهوة الخمر كان مريراً
فينجح مرَّات في الابتعاد عنها
وأحياناً تغلبه نفسه وتضعف مقاومته
حتى إذا انتهى من المعصية ساوره الندم وخالجته المرارة
وعزم على عدم العودة
وأحدث من الصالحات ما عسى أن يمحو سيّئاته.
وفي إحدى "هفواته"
ظهر للعيان كونه شارباً للخمر، واقعاً في الذنب
فاقتاده الصحابة الكرام إلى النبي –صلى الله عليه وسلم
مُتلبّساً بفعلته
فأصدر النبي عليه الصلاة والسلام الأمر بمعاقبته
وقال: (اضربوه)
ولكن هل هو ضربٌ ينكأ جرحاً أو يكسر عظماً أو يُدمي جسداً؟
كلا، ذلك لأنه تعبيرٌ عن الاستياء والاستنكار
ويُراد منه العلاجُ والتأديب والزجر لا غير؛
ولذلك كان الضرب مرّة باليد، وأخرى بالنعال، وثالثة بالثوب
وما عسى الثوب أن يضرّ؟
كان المقصود إذن هو العقوبة التأديبيّة
سواءٌ منه ما كان بالضرب أو بالعتاب و"التبكيت"
لكن بعض الصحابة رضوان الله عليهم
تجاوز تلك اللفتة التربويّة وزاد على المطلوب
وتعدّى بالسبّ والشتم المجرّد
بل والدعاء عليه بالخزي والطرد من رحمة الله!!
كان لابد من الحزم مع هذا التصرّف
الذي دعت إليه الغيرة على حرمات الله
مع عدم إدراك عواقب الأمور ونتائجها
فنهى النبي –صلى الله عليه وسلم
عن الدعاء على أخيهم المذنب
بقوله: ( لا تقولوا هكذا لا تعينوا عليه الشيطان)
إضاءات حول الموقف
صدق الله القائل في كتابه: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}
(الأنبياء:107)
فقد تجلّت في هذا الموقف النبوي الكريم
مدى الشفقة البالغة التي طُبع عليها خير الأنام عليه الصلاة والسلام
تجاه فئة المذنبين
ومدى حرصه على هدايتهم ورغبته في تطهيرهم
من دنس الآثام والمعاصي
ثم محاولته إصلاحهم وتنقية نفوسهم وتغيير دواخلهم لينالوا الجنّة التي وُعد المتقون، فصلوات الله وسلامه عليه
وفي معنى قول النبي –صلى الله عليه وسلم
( لا تعينوا عليه الشيطان)
ذكر العلماء عدّة معان
منها أن الدعاء على العاصي بالخزي يوافق مقصود الشيطان؛
فإنه بتزيينه للمعصية يريد أن يوقعه فيما يُخزيه في دنياه وآخرته
وقالوا: إن الدعاء على المذنب بالخزي يعين استحواذ الشيطان عليه
لأنه إذا سمع إخوانه يدعون عليه بمثل ذلك ازداد في عتوّه ونفوره
وأخذته العزّة بالإثم
ولربما أيس من رحمة الله فانهمك في المعاصي والموبقات
ولذلك جاء التوجيه النبوي
بأن يقولوا: (اللهم اغفر له، اللهم ارحمه)
ويقيم الموقف النبوي منهجاً متوازناً في التعامل مع الأشخاص
فليس ثمّة حبٌّ كاملٌ أو بغضٌ كامل
ولسنا أمام بياض كامل أو سواد حالك لا يتخلّلهما درجات
ولكن قد نُحبّ رجلاً من وجه ونُبغضه من وجه آخر
وحتى هذا البغض لا يمنعنا من بخس الناس حقوقهم أو إهدار مكانتهم
من هنا نجد أن النبي –صلى الله عليه وسلم وصف الرجل بأنه "
أخٌ لهم على الرغم من شربه للخمر
هنا
لا تعينوا عليه الشيطان
قال الإمام البخاري في صحيحه
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ , قال حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ أَنَسٌ ،عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِرَجُل قَدْ شَرِبَ قَالَ اضْرِبُوهُ
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَمِنَّا الضَّارِبُ بِيَدِهِ وَالضَّارِبُ بِنَعْلِهِ وَالضَّارِبُ بِثَوْبِهِ
فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ أَخْزَاكَ اللَّهُ
قَالَ لَا تَقُولُوا هَكَذَا لَا تُعِينُوا عَلَيْهِ الشَّيْطَانَ " (1)
وفي رواية أخرى" ثم أمرهم فبكَّتوه
فقالوا: ألا تستحي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تصنع هذا؟
ثم أرسله، فلما أدبر وقع القوم يدعون عليه ويسبونه
يقول القائل: اللهم أخزه اللهم العنه
فقال رسول الله -صلى الله عليه و سلم
(لا تقولوا هكذا، ولكن قولوا: اللهم اغفر له اللهم ارحمه)
رواه أبو داوود والبيهقي
معاني المفردات
قد شرب: أي شرب الخمر التي حرّمها الله
أخزاك: دعاء بالخزي، وهو الذل والهوان
لا تعينوا عليه الشيطان
أي بدعائكم عليه بالخزي فيتوهم أنه مستحق لذلك
فيغتنم الشيطان هذا ليوقع في نفسه الوساوس
فبكَّتوه: التَّبكيت : التَّقْرِيع والتَّوبيخ
تفاصيل الموقف
"حرمت الخمر، ولم يكن للعرب عيش أعجب منها
وما حُرم عليهم شيء أشد من الخمر"
هكذا يصف أنس بن مالك رضي الله عنه
ولع العرب بشرب الخمر أيّام الجاهليّة وشدّة تعلّقهم بها
فقد كان تعاطيها أكثر من مجرّد عادة فرديّة
بل كانت ظاهرةً اجتماعيّة تربّى عليها الصغير قبل الكبير
والفقير قبل صاحب المال الوفير
وعُقدت لها المجالس، وصُرفت عليها النفقات
وأُنشدت فيها الأشعار
ويوضّح حقيقة ذلك التعلّق المذموم
قول أحدهم في جاهليّته
إذا مت فادفني إلى جنب كرمة ... تروي عظامي بعد موتي عروقها
ولا تدفنــني بالفــلاة فإنني ... أخاف إذا ما مت أن لا أذوقها
ثم جاء الإسلام بمنهجه العملي والواقعي لعلاج هذا الواقع المعقّد
فاستطاع وبكلّ جدارة أن يقتلع جذور هذه الآفة من نفوس العرب
فلما أُعلن في المدينة تحريم الخمر والتحذير من مقاربته
فضلاً عن مقارفته
رأينا الامتثال الفوري من الصحابة رضوان الله عليهم
وتروي كتب السيرة في هذا الصدد كيف سالت
أزقّة المدينة من الخمور التي أُريقت وتم التخلّص منها
ثم بقي بعد ذلك تفاوت الصحابة رضوان الله عليهم
في قدرتهم على امتثال الأوامر الإلهيّة
فأما عامّة الناس فقد امتنعوا عن شراب المسكرات
وتجاوزوا هذه المرحلة
وبقي منهم أفرادٌ قلائل لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة
فيما نعلم من مرويّات السيرة
لم يقدروا على كسر دائرة الإدمان
فكانت تعتريهم لحظات ضعف بين الفينة والأخرى
كان منهم صاحب القصّة التي بين أيدينا
وما نحسب هذا الصحابي رضي الله عنه
إلا رجلاً قد طرق من أبواب الخير ما نرجو أن تكون شفيعاً
له عند ربّه
إلا أن صراعه مع شهوة الخمر كان مريراً
فينجح مرَّات في الابتعاد عنها
وأحياناً تغلبه نفسه وتضعف مقاومته
حتى إذا انتهى من المعصية ساوره الندم وخالجته المرارة
وعزم على عدم العودة
وأحدث من الصالحات ما عسى أن يمحو سيّئاته.
وفي إحدى "هفواته"
ظهر للعيان كونه شارباً للخمر، واقعاً في الذنب
فاقتاده الصحابة الكرام إلى النبي –صلى الله عليه وسلم
مُتلبّساً بفعلته
فأصدر النبي عليه الصلاة والسلام الأمر بمعاقبته
وقال: (اضربوه)
ولكن هل هو ضربٌ ينكأ جرحاً أو يكسر عظماً أو يُدمي جسداً؟
كلا، ذلك لأنه تعبيرٌ عن الاستياء والاستنكار
ويُراد منه العلاجُ والتأديب والزجر لا غير؛
ولذلك كان الضرب مرّة باليد، وأخرى بالنعال، وثالثة بالثوب
وما عسى الثوب أن يضرّ؟
كان المقصود إذن هو العقوبة التأديبيّة
سواءٌ منه ما كان بالضرب أو بالعتاب و"التبكيت"
لكن بعض الصحابة رضوان الله عليهم
تجاوز تلك اللفتة التربويّة وزاد على المطلوب
وتعدّى بالسبّ والشتم المجرّد
بل والدعاء عليه بالخزي والطرد من رحمة الله!!
كان لابد من الحزم مع هذا التصرّف
الذي دعت إليه الغيرة على حرمات الله
مع عدم إدراك عواقب الأمور ونتائجها
فنهى النبي –صلى الله عليه وسلم
عن الدعاء على أخيهم المذنب
بقوله: ( لا تقولوا هكذا لا تعينوا عليه الشيطان)
إضاءات حول الموقف
صدق الله القائل في كتابه: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}
(الأنبياء:107)
فقد تجلّت في هذا الموقف النبوي الكريم
مدى الشفقة البالغة التي طُبع عليها خير الأنام عليه الصلاة والسلام
تجاه فئة المذنبين
ومدى حرصه على هدايتهم ورغبته في تطهيرهم
من دنس الآثام والمعاصي
ثم محاولته إصلاحهم وتنقية نفوسهم وتغيير دواخلهم لينالوا الجنّة التي وُعد المتقون، فصلوات الله وسلامه عليه
وفي معنى قول النبي –صلى الله عليه وسلم
( لا تعينوا عليه الشيطان)
ذكر العلماء عدّة معان
منها أن الدعاء على العاصي بالخزي يوافق مقصود الشيطان؛
فإنه بتزيينه للمعصية يريد أن يوقعه فيما يُخزيه في دنياه وآخرته
وقالوا: إن الدعاء على المذنب بالخزي يعين استحواذ الشيطان عليه
لأنه إذا سمع إخوانه يدعون عليه بمثل ذلك ازداد في عتوّه ونفوره
وأخذته العزّة بالإثم
ولربما أيس من رحمة الله فانهمك في المعاصي والموبقات
ولذلك جاء التوجيه النبوي
بأن يقولوا: (اللهم اغفر له، اللهم ارحمه)
ويقيم الموقف النبوي منهجاً متوازناً في التعامل مع الأشخاص
فليس ثمّة حبٌّ كاملٌ أو بغضٌ كامل
ولسنا أمام بياض كامل أو سواد حالك لا يتخلّلهما درجات
ولكن قد نُحبّ رجلاً من وجه ونُبغضه من وجه آخر
وحتى هذا البغض لا يمنعنا من بخس الناس حقوقهم أو إهدار مكانتهم
من هنا نجد أن النبي –صلى الله عليه وسلم وصف الرجل بأنه "
أخٌ لهم على الرغم من شربه للخمر
هنا
|
بسمة العلوي- المديرة العامة النائبة الاولى
- تاريخ التسجيل : 05/10/2011
الموقع : /sirajinour.forummaroc.net
رد: هيا ناخد عبرة من المواقف النبوية
المزاد العجيب
قال الإمام مسلم في صحيحه
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَب
، قال حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ يَعْنِي ابْنَ بِلَال، عَنْ جَعْفَر، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ : "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مَرَّ بِالسُّوقِ دَاخِلًا مِنْ بَعْضِ الْعَالِيَةِ وَالنَّاسُ كَنَفَتَهُ
فَمَرَّ بِجَدْي أَسَكَّ مَيِّت فَتَنَاوَلَهُ فَأَخَذَ بِأُذُنِهِ
ثُمَّ قَالَ أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنَّ هَذَا لَهُ بِدِرْهَم
فَقَالُوا مَا نُحِبُّ أَنَّهُ لَنَا بِشَيْء وَمَا نَصْنَعُ بِهِ
قَالَ أَتُحِبُّونَ أَنَّهُ لَكُمْ قَالُوا وَاللَّهِ لَوْ كَانَ حَيًّا
كَانَ عَيْبًا فِيهِ لِأَنَّهُ أَسَكُّ
فَكَيْفَ وَهُوَ مَيِّتٌ
فَقَالَ فَوَاللَّهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ هَذَا عَلَيْكُمْ " (1)
معاني المفردات
داخلا من بعض العالية: ناحية من نواحي المدينة
والناس كنفته: أي أحاطت به
بجدي أسك: (الجَدْي) : ولد الماعز
و(الأسكّ) : الذي ذهبَ أذنه
سواء من أصل الخلقة أو مقطوعها
تفاصيل الموقف
لا يكاد سوق يخلو من ( مزاد ) تُباع فيه السِلَع التجاريّة
وصورته لا تكاد تختلف من واحد لآخر
عناصره : رجلٌ يقف وسط جموع الناس يسوّق السلعة
من خلال ذكر خصائصها وميّزاتها
وسلعةٌ بين يديه تنتظر مشترياً لها
وتجّار يحيطون به يتبارون في الحصول على تلك السلعة
من خلال المزايدة في سعرها
ليستقرّ الأمر أخيراً على صاحب الرّقم الأعلى
هذا هو ما نعرفه عن هذا النشاط التجاري الذي بدأ منذ فجر التاريخ
لكنّ ما بين أيدينا (مزاد ) لا كغيره من المزادات
فالاختلاف يبدأ بالماثل بين يدي السلعة المعروضة
وهو سيد العالمين وأفضل الخلق أجمعين
ويمرّ بالجموع الذين يقفون من حوله
وهم صحابته رضوان الله عليهم
وينتهي بالسلعة التي كانت (وياللغرابة!)
جدي ميّت ناقص الخلقة، لا يُرتجى نفعه ولا يُنتظر خيره
في مشهد تلفّه الدهشة وتكتنفه الحيرة
فما هي قصّة هذا المزاد وما حقيقته؟
سيزول العجب وتنقضي الغرابة عندما نعود
إلى الحديث الشريف الذي تناول هذا الموقف
والذي يبيّن أن النبي – صلى الله عليه وسلم
دخل السوق كعادته بين الحين والآخر
ليقضي الوقت في مقابلة الناس ومخالطتهم
والوقوف على أحوالهم المختلفة
يتخلّل ذلك تصحيح معاملاتهم وإرشادهم
وضبط سلوكهم التجاري
ولا تخلو زيارات النبي – صلى الله عليه وسلم
تلك من صحابة يلزمونه كظلّه، ويطوفون معه أينما دار
ليقتبسوا منه علماً جديداً، ورُشداً قويماً، وخلقاً كريما.
وبينما كانت هذه الكوكبة المباركة تسير وسط أحياء المدينة
إذ رأى النبي – صلى الله عليه وسلم
على قارعة الطريق "جدْياً" ميتاً ، نتن الرائحة
معيباً في أذنيه
فتهيّأ الصحابة رضي الله عنهم لمجاوزة هذه الجيفة
لكنّهم تفاجؤوا بوقوف النبي عليه الصلاة والسلام أمامها
وسرعان ما تحلّق الصحابة حول نبيّهم متسائلين في قرارة نفوسهم
عن السرّ في الوقوف أمام هذا الجسد الخاوي من الروح
والذي تشمئزّ النفوس من منظره والأنوف من رائحته
ولم يَطُل تساؤلهم كثيراً
فقد رأوا النبي – صلى الله عليه وسلم
يأخذ بأذن هذا الجَدْي
ثم يقول: ( أيكم يحب أن هذا له بدرهم؟ )
نظر الصحابة رضوان الله عليهم إلى بعضهم
ثم قالوا : "ما نحب أنه لنا بشيء، وما نصنع به؟"
ويكرّر النبي – صلى الله عليه وسلم
عرضه الغريب بألفاظ اختلفت قليلاً : ( أتحبون أنه لكم؟ )
فذكروا له من عيوب هذا الجدي
ما لو رأوه حيّاً لزهدوا فيه، فكيف وهو ميت؟
وهنا يكشف النبي – صلى الله عليه وسلّم
عن الغموض في لفتة تربويّة عظيمة، تجسّد المعاني، وتُبرز الحقائق
وتعمّق في النفس معاني الزهد والتقليل
من شأن الدنيا : ( فوالله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم )
إضاءات حول الموقف
يبيّن هذا الموقف العظيم مدى حرص
النبي – صلى الله عليه وسلم – على تحذير أصحابه
من خطر الدنيا والافتتان بها
وهو – فوق ذلك –
يُغذّي عقول الناس أن الحياة الصحيحة المستحقّة لألوان البذل
والتضحيّة إنما هي وراء هذه الحياة لا فيها
وأما ما كان قبل ذلك فهو غرور ووهم كما وصفها
الله تعالى في محكم كتابه :{وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلامَتَاعُ الْغُرُورِ }(2)
ولقد تنوّعت أساليب النبي – صلى الله عليه وسلّم
في تصوير حقيقة الدنيا والتحذير من زخرفها
فتارةً نراه يطرق حال الفقراء والأغنياء
في عرصات القيامة وما بعدها
يقول النبي – صلى الله عليه وسلم
(إِنَّ الْأَكْثَرِينَ هُمْ الْأَقَلُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
إِلَّا مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا
عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ)(3)
وقال عليه الصلاة والسلام
( اطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ)
وقال عليه الصلاة والسلام
قال الإمام الترمذي
حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ ، قالحَدَّثَنَا قَبِيصَةُ
قالحَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَدْخُلُ الْفُقَرَاءُ الْجَنَّةَ قَبْلَ الْأَغْنِيَاءِ بِخَمْسِ مِائَةِ عَام نِصْفِ يَوْم " (5) وصحّ عنه – صلى الله عليه وسلم قوله
قال الإمام البخاري في صحيحه
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قال حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ
عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ: " عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ
قَالَ قُمْتُ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ
فَكَانَ عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا الْمَسَاكِينَ
وَأَصْحَابُ الْجَدِّ مَحْبُوسُونَ غَيْرَ أَنَّ أَصْحَابَ النَّارِ
قَدْ أُمِرَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ00"(6)
وتارة يمثّل النبي – صلى الله عليه وسلم
الدنيا لأصحابه بالأمثلة المعنويّة والحسّيّة التي ترسّخ في نفوسهم
حقارة الدنيا ودنوّها
وأنّها لا تساوي شيئا عند الله تعالى
ومن قبيل المعنوي: تشبيه النبي عليه الصلاة والسلام
للدنيا بالزهرة التي سرعان ما تذبل
وبالأرض اليانعة التي لا تلبث أن تفقد جمالها وألوانها
ومن جملة الشواهد على ذلك
قوله تعالى : { زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}(7)
وقوله تعالى : {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
كَمَاء أَنْـزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ
فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ
وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْء مُقْتَدِرًا } (
وما صحّ عن النبي عليه الصلاة والسلام
من قوله : " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لَوْ كَانَتْ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَة
مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاء " (9)
ومن التمثيل الحسّي لحقيقة الدنيا الموقف الذي بين يدينا
ومن نسمات عبير هذا الموقف النبوي
أن نلحظ كيف كان النبي – صلى الله عليه وسلّم
ينوّع في أساليبه الوعظيّة والتربويّة فلا يقف فيها عند نمط واحد
بل هو تجديد يُراد به إشعار النفس بالفكرة المطلوبة
بطريقة عمليّة واضحة
وهو الأمر الذي يحتاجه الدعاة والمصلحون
لإيصال رسالتهم وتحقيق أهدافهم
هنا
أفتان يا معاذ؟
يتــــــبع
|
بسمة العلوي- المديرة العامة النائبة الاولى
- تاريخ التسجيل : 05/10/2011
الموقع : /sirajinour.forummaroc.net
مواضيع مماثلة
» الاحترام سيد المواقف
» اي من المواقف هاتــــه تختــارين
» كيف أتعلم ضبط النفس في المواقف الصعبة؟
» كيف تتعامل مع المواقف السخيفة و ترد عليها
» اصعب المواقف الذى يقع فيها الانسان
» اي من المواقف هاتــــه تختــارين
» كيف أتعلم ضبط النفس في المواقف الصعبة؟
» كيف تتعامل مع المواقف السخيفة و ترد عليها
» اصعب المواقف الذى يقع فيها الانسان
إنشاء حساب أو تسجيل الدخول لتستطيع الرد
تحتاج إلى أن يكون عضوا لتستطيع الرد.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى