https://www.ahladalil.org
سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم 613623عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم 829894
ادارة المنتدي سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم 103798
https://www.ahladalil.org
سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم 613623عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم 829894
ادارة المنتدي سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم 103798
لقد نسيت كلمة السر
منتديات تقنيات
1 / 4
تقنيات حصرية
2 / 4
اطلب استايلك مجانا
3 / 4
استايلات تومبلايت جديدة
4 / 4
دروس اشهار الموقع

المواضيع الأخيرة
»   Sondos
الثلاثاء 03 أكتوبر 2023, 17:03
»   Sondos
الأربعاء 08 فبراير 2023, 16:19
»   Sondos
الثلاثاء 07 فبراير 2023, 15:50
»   Sondos
الخميس 02 فبراير 2023, 15:44
»   Sondos
الثلاثاء 31 يناير 2023, 13:40
»   Sondos
الإثنين 30 يناير 2023, 13:04

سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل

سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم Empty سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم

مُساهمة من طرف باندة الاسكندرية الجمعة 11 يونيو 2010, 09:43

سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم 450603ss06xdzo9slm7

سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم
قال الله عز وجل :﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ
لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ * فِي
كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ * تَنْزِيلٌ
مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾(الواقعة: 75 – 80) ، فأدخل ﴿ لَا ﴾ النافية على
الفعل ﴿ أُقْسِمُ ﴾ ، والظاهر يقتضي أن يقال :﴿ فَأُقْسِمُ ﴾ ، بإسقاط (
لا ) ؛ كما قال تعالى :﴿ وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ
لَئِن جَاءتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا ﴾(الأنعام: 109) .. فما دلالة
﴿ لَا ﴾ هذه ، وما سر دخولها على فعل القسم ؟ وفي الإجابة عن ذلك نقول
بعون الله وتعليمه :
أولاً- اختلف أهل التأويل في قوله :﴿ فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ
﴾ : أقسم هو أو غير قسم ، على قولين . والذي عليه الجمهور أنه قسم من الله
عز وجل ، يقسم بما شاء من خلقه ، وهو دليل على عظمته . ثم اختلفوا في
تأويله على أقوال :
القول الأول : أن ( لا ) هاهنا زائدة ، أو : صلة ، وتقدير الكلام سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم Frown فأقسم بمواقع النجوم ) ، رواه
ابن جرير الطبري عن سعيد بن جُبَيْر . وعليه جمهور البصريين والكوفيين ،
وعلل البصريون لزيادتها بأنها زيدت لتوكيد القسم . والدليل عليه قراءة
الحسن وحميد وعيسى بن عمر سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم Frown فلأقسم ) ، بغير ألف بعد
اللام . قال الزركشي في البرهان : وهي قراءة قويمة لا يضعفها عدم نون
التوكيد مع اللام ؛ لأن المراد بـ( أقسم ) فعل الحال ، ولا تلزم النون مع
اللام . ومن منع منهم دخول لام التوكيد على فعل الحال خرج هذه القراءة على
أن المراد سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم Frown فلأنا أقسم ) ، فقدر
مبتدأ محذوفًا بين اللام ، وفعل القسم .
القول الثاني : أنها ليست بزائدة لا معنى لها ؛ بل يؤتى بها في أول القسم ،
إذا كان مقسمًا به على منفي ؛ كقول عائشة رضي الله عنها :« لا ، والله ما
مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط » ، وهكذا هاهنا تقدير
الكلام سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم Frown فلا . أي : فليس الأمر
كما زعمتم في القرآن أنه سحر أو كهانة ، أو شعر ) ، ثم استؤنف القسم ،
فقيل سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم Frown أقسم بمواقع النجوم ) . رواه
الطبري عن بعض أهل العربية ، ورواه القرطبي عن الفراء ، ثم قال :« وقد يقول
الرجل سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم Frown لا ، والله ما كان كذا
) ، فلا يريد به نفي اليمين ؛ بل يريد به نفي كلام تقدم . أي : ليس الأمر ،
كما ذكرت ، بل هو كذا » .
فـ( لا )- على هذا- نافية لما حكي عن المشركين من إنكارهم البعث . قالوا :
وإنما صح ذلك ؛ لأن القرآن كله يجري مجرى السورة الواحدة ، فيجوز أن يكون
الادعاء في سورة ، والرد عليهم في أخرى . قال أبو حيان :« لا يجوز ؛ لأن في
ذلك حذف اسم ( لا ) ، وخبرها ، وليس جوابًا لسائل سأل ، فيحتمل ذلك » .
أما الزركشي فقال :« وهذا أولى من دعوى الزيادة ؛ لأنها تقتضي الإلغاء .
وكونها صدر الكلام يقتضي الاعتناء بها ، وهما متنافيان » .
القول الثالث : أنها نافية للقسم ، على أن ( أقسم ) إخبار لا إنشاء .
واختاره الزمخشري في الكشاف . قال :« والمعنى في ذلك : أنه لا يقسم بالشيء
إلا إعظامًا له بدليل :﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ *
وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾ ؛ فكأنه قيل : إن إعظامه
بالإقسام به ، كلا إعظام . أي : إنه يستحق إعظامًا فوق ذلك » .
القول الرابع والخامس : قال القرطبي :« وقيل : ( لا ) بمعنى : ( ألا ) ،
للتنبيه .. ونبَّه بهذا على فضيلة القرآن ؛ ليتدبروه ، وأنه ليس بشعر ولا
سحر ولا كهانة ، كما زعموا » . وقال الزركشي في البرهان :« وأجاز الخارزجي
في ﴿ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ﴾ كون ( لا ) فيه بمعنى الاستثناء
، فحذفت الهمزة ، وبقيت ( لا ) » . فعلى الأول يكون أصلها سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم Frown ألا ) ، بفتح الهمزة ، وعلى
الثاني يكون أصلها سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم Frown إلا ) ، بكسر الهمزة .
القول السادس : قال أبو حيان في البحر :« والأولى عندي أنها لام أشبعت
حركتها ، فتولدت منها ألف ؛ كقوله : أعوذ بالله من العَقْرَاب » . فعلى هذا
يكون أصلها : ( فلأقسم )- كما في قراءة من قرأ ذلك- ثم أصبحت ( لا ) بعد
إشباع فتحة اللام ؛ كما أشبعت فتحة الراء ألفًا في ( العقرب ) ، فأصبح :
العقراب .
ثانيًا- هذه هي أشهر الأقوال في تأويل ﴿ فَلَا أُقْسِمُ ﴾ ، والمعتمد منها
عند جمهور المتقدمين والمتأخرين والمعاصرين هو القول الأول الذي ينصُّ على
أنه قسم صريح ، وأن ( لا ) فيه مزيدة لتوكيد القسم ، والتقدير سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم Frown فأقسم ) . والدليل عليه قراءة
سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم Frown فلأقسم ) ، بغير ألف بعد
اللام ، واحتج القائلون به بأن الله تعالى سمَّاه قسمًا في قوله معترضًا
بين القسم وجوابه :﴿ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾ .
وأورد الزركشي في البرهان قصة طريفة حكاها عن الخطابي ، فقال :« قال
الخطابي : سمعت ابن أبي هريرة يحكي عن أبي العباس بن سريج ، قال : سأل رجل
بعض العلماء عن قوله :﴿ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ ﴾(البلد: 1) ،
فأخبر أنه لا يقسم به ، ثم أقسم به في قوله :﴿ وَهَذَا الْبَلَدِ
الْأَمِينِ ﴾(التين: 3) ، فقال : أي الأمرين أحب إليك : أجيبك ثم أقطعك ؟
أو أقطعك ثم أجيبك ؟ فقال : بل اقطعني ، ثم أجبني ، فقال له : اعلم أن هذا
القرآن نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بحضرة رجال وبين ظهراني قوم ،
وكانوا أحرص الخلق على أن يجدوا فيهم غمزًا وعليه مطعنًا . فلو كان هذا
عندهم مناقضة ، لتعلقوا به ، وأسرعوا بالرد عليه ؛ ولكن القوم علموا وجهلت ،
ولم ينكروا منه ما أنكرت . ثم قال له : إن العرب قد تدخل ( لا ) في كلامها
، وتلغي معناها ، وأنشد فيه أبياتًا » .
وقد أصاب هذا العالم في قوله موجهًا كلامه إلى السائل :« ولكن القوم علموا
وجهلت ، ولم ينكروا منه ما أنكرت » ؛ ولكنه بعد عن الصواب ؛ بل جانب الصواب
حين زعم :« أن العرب قد تدخل ( لا ) في كلامها ، وتلغي معناها » ، وهو زعم
باطل ، لما فيه من افتراء على العرب ، وبالتالي على كلام الباري عز وجل
الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، فكيف يقال فيه مثل هذا
الكلام ؟ فكلام الباري عز وجل لا يوجد فيه لفظ ، إلا وله معنى . وإن كان قد
خفي معناه على الكثيرين ، فهذا لا يعني أن الله سبحانه أدخله في كلامه
وألغى معناه ، تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا .
ولو كان الأمر كما قال هذا العالم وغيره ، لما اختلفوا في ( لا ) هذه على
الأقوال التي ذكرناها ، حتى القائلون بزيادتها اختلفوا فيها . حكى الزركشي
في البرهان عن ابن الشجري أنه قال :« وليست ( لا ) في قوله :﴿ فَلَا
أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ﴾ ، وقوله :﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ
الْمَشَارِقِ ﴾(المعارج: 40) ونحوه ، بمنزلتها في قوله :﴿ لَا أُقْسِمُ
بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ﴾(القيامة: 1)- كما زعم بعضهم- لأنها ليست في أول
السورة ، لمجيئها بعد الفاء ، والفاء عاطفة كلمة على كلمة تخرجها عن كونها
بمنزلتها في :﴿ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ﴾(القيامة: 1) » . وهذا
يعني : أن ( لا ) في :﴿ فَلَا أُقْسِمُ ﴾ زائدة ، لوقوعها بين الفاء
العاطفة والفعل ، وأما في :﴿ لَا أُقْسِمُ ﴾ فالقول بزيادتها ضعيف ؛ لأن
الزيادة ، لا تأتي في صدر الكلام .
وذهب بعض القائلين بزيادتها في ( آية القيامة ) ، ونحوها مما أتى فيها
المقسم عليه منفيًّا- إلى أن فائدتها مع التوكيد التوطئة . أي : التمهيد
لنفي الجواب ، وقدروه بقولهم : لا أقسم بيوم القيامة ، لا يتركون سدى .
ورده بعضهم الآخر بقوله تعالى :﴿ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ *
وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ ﴾(البلد: 1- 3)
؛ فإن جوابه مثبت ، وهو قوله تعالى :﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي
كَبَدٍ ﴾(البلد: 4) .. وهكذا تجدهم يشرقون ويغربون ، وفي خضم تأويلاتهم
المتكلفة يَغرَقون ، ويُغرِقون غيرهم معهم ، لا لسبب إلا لأنهم لم يدركوا
المراد من إدخال ( لا ) على فعل القسم .
ثالثًا- نعود بعد هذا إلى الإجابة عن هذه المسألة الخلافية التي مازال أهل
العلم فيها يختلفون ولا يزالون ، فنقول بعون الله وتعليمه :
القسم أسلوب من أساليب الكلام ، الغرض منه تأكيد الخبر لدى المخاطب ، وهو
أسلوب شائع الاستعمال في كلام العرب ، وكلام الله عز وجل ، ولا يكون إلا
باسم الله ، إذا كان المقسِم هو العبد ، وفي حديث ابن عمرَ أنه أتاه رجل ،
فقال : يا أبا عبد الرحمن ! أَعليَّ جُناحٌ أن أحلِف بالكعبة ؟ قال : ولِمَ
تحلِفُ بالكعبة ؟ إذا حلفت بالكعبة ، فاحلِفْ بربِّ الكعبة ، فإن عمرَ كان
إذا حلَف ، قال :« كلَّا ، وأبي » ، فحلَف بها يومًا عند رسول الله صلى
الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« لا تحلِفْ بأبيك ،
ولا بغير الله ؛ فإنه مَنْ حلَف بغير الله ، فقد أشرك » . هذا ، وقد أخبر
الله تعالى عن المشركين ، فقال سبحانه :﴿ وَيَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنَّهُمْ
لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ وَلَـكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ
﴾(التوبة: 56) ، وقال :﴿ وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ
لَئِن جَاءتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا ﴾(الأنعام: 109) .
وأما الله عز وجل فيقسم بنفسه المقدسة ، ويقسم بما شاء من مخلوقاته تعظيمًا
لها . ولقائل أن يقول : ما معنى القسم من الله سبحانه ؛ فإنه إن كان لأجل
المؤمن فالمؤمن يصدق مجرد الأخبار ، وإن كان لأجل الكافر فلا يفيده القسم
شيئًا ؟ قال أبو القاسم القشيري :« فالجواب : أن الله ذكر القسم لكمال
الحجة وتأكيدها ؛ وذلك أن الحُكْمَ يُفصَلُ باثنين : إما بالشهادة . وإما
بالقسم ، فذكر تعالى النوعين ، حتى لا يبقى للناس على الله سبحانه من حجة »
. ومن هنا قالوا : إن الشهادة قد تجري في بعض المواضع مجرى القسم ؛ كقول
القائل سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم Frown أشهد بالله إنك لصادق )
. أي : أقسم بالله . ومنهم من يقول : إن قال سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم Frown أشهد ) ، ولم يقل سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم Frown بالله ) ، يكون قسمًا أيضًا ،
والدليل عليه قوله تعالى :﴿ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا
نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ﴾(المنافقون:1) . فقولهم :﴿ نَشْهَدُ ﴾
يجري مجرى القسم ؛ ولذلك تُلُقِّيََ بما يُتلقَّى به القسم بقولهم :﴿
إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ﴾ . ثم قال تعالى معقِّبًا عليه :﴿ اتَّخَذُوا
أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾(المنافقون: 2) ،
فسَمَّى قولهم ذلك يمينًا .
إذا عرفت هذا ، فاعلم أن القسم في القرآن ينقسم ، بحسب المقسَم عليه ،
وبحسب الحاجة إليه إلى قسمين :
القسم الأول : قَسَمٌ مثبت ، وهو الذي يكون فيه المقسَم عليه من الأمور
التي تكون مَظنةً للشك من قبل المخاطب . وأمثلته في القرآن كثيرة ؛ منها
قوله تعالى :
﴿ وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ
وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ ﴾(يونس: 53) .
﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى
وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ ﴾(سبأ: 3) .
﴿ زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي
لَتُبْعَثُنَّ ﴾ (التغابن: 7) .
﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ﴾(النجم:
1- 2) .
﴿ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ
الْأَمِينِ * لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ
﴾(التين: 1) ، ونحو ذلك كثير .
فالمقسَم عليه في هذه الآيات كلها هو من الأمور التي تكون مَظنَّةً للشك من
قبل المخاطب ، فيأتي القسم بما أقسم به عليه ، لتأكيده وتثبيته في ذهن
المخاطبين ؛ لأن المخاطب بين مصدِّق به ومكذِّب ، فيأتي القسم عليه ، دفعًا
لمظنة اتهام ، أو إزاحة لشك . تأمل قوله تعالى :﴿ وَيَسْتَنْبِئُونَكَ
أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ ﴾(يونس: 53) ، كيف حكى
استِنْباء الكافرين لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، إن كان الوعيد بالعذاب
الذي توعدهم الله تعالى به في الآخرة حقًّا ! فهم مزلزلون من الداخل تجاه
هذا اليوم- أعني : يوم البعث وما يصحبه من أهوال- يريدون أن يستوثقوا ،
وليس بهم ذرَّة من يقين ، فيأتي الجواب من الله عز وجل بالإيجاب حاسمًا ،
مؤكَّدًا بهذا القسم :﴿ قُلْ إِي وَرَبِّي ﴾ . أيْ : نعم ! وربي الذي أعرف
قيمة ربوبيته ، فلا أقسم به حانثًا ، ولا أقسم به إلا في جد وفي يقين :﴿
إِنَّهُ لَحَقٌّ ، وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ ﴾ ! ومثل ذلك يقال في
بقيَّة الآيات .
والقسم الثاني : قسَم مسبوق بـ( لا ) النافية ، وهو نوعان :
أولهما : نوع يختص المُقسِم فيه بالعبد ؛ ومثاله : أن يقال لزيد من الناس :
أَقسمْ بالله على أن فلانًا هو قاتل ، فيقول سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم Frown لا أقسم ) ؛ إما لخوفه من بطش
القاتل ، أو لخوفه عليه من أن يصاب بمكروه ، أو لخشيته من سوء عاقبة الكذب
في القسم . فـ( لا ) في هذه الحالة هي النافية للقسم. و( أقسم ) فعل منفي
بها . وهذا واضح : تقول سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم Frown أقسم ) ، و( لا أقسم ) ،
والأول مثبت ، والثاني منفي .. وقد يكون الأمر المطلوب القسم عليه من
الأمور التي لا تحتاج إلى القسم ؛ لأنه واضح الثبوت ، فحينئذ تكون ( لا )
في نحو قولك سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم Frown لا أقسم ) لنفي الحاجة
إلى القسم ، خلافًا لمن زعم زيادتها في الموضعين ؛ إذ لو كانت مزيدة ، لما
عرف النفي من الإثبات ، ولما مُيِّز بين الحاجة إلى القسم ، وعدم الحاجة
إليه .
وثانيهما : يختص المقسِم فيه بالله عز وجل ؛ ومنه ما وقع في القرآن الكريم
من أقسام مسبوقة بـ( لا ) ؛ كما في قوله تعالى :
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ
تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ ﴾( الواقعة : 75- 77 ) .

﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ
* عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ ﴾(المعارج: 40- 41) .
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لَا تُبْصِرُونَ * إِنَّهُ
لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ﴾(الحاقة: 38- 40) .
﴿ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ
اللَّوَّامَةِ * أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ
﴾(القيامة: 1- 3) .
﴿ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ *
وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ * لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ
﴾(البلد: 1- 4) .
فهذا ليس بقسم صريح ، ولا قسم منفيٍّ ؛ وإنما هو تلويح بالقسم ، و( لا )
فيه على أصلها الذي وضعت له من الدلالة على النفي ، وأدخلت على الفعل (
أقسم ) لسر بديع من أسرار القرآن ، وهو نفي الحاجة إلى القسم على أمور
يقينية ثابتة ، لا يتطرق إليها الشك أبدًا ؛ كالقرآن الكريم في آية الواقعة
، وقدرة الله تعالى على تبديل الكافرين بخير منهم في آية المعارج ،
والقرآن على أنه قول رسول كريم في آية الحاقة ، وخلق الله تعالى الإنسان في
نصَب وشدة . فهذه الأمور اليقينية الثابتة لا تحتاج إلى أن تؤكد بالقسم ،
فضلاً عن أن المتكلِم هو الله جل وعلا ، شاء من شاء ، وأبى من أبى .
تأمل قوله تعالى :﴿ إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ *
لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ * تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ
الْعَالَمِينَ ﴾(الواقعة: 77- 80) ، تجد فيه أن ( كون القرآن كريمًا موجود
في كتاب مصون ، لا يمسُّه إلا الملائكة المطهَّرون ، وأنه تنزيل من رب
العالمين ) حقيقةٌ ثابتةٌ لا تحتاج إلى قسم يؤكِّدها ؛ لأنها أوضح من أن
تؤكَّد بقسم .
وقد كان المشركون يزعمون أن القرآن الذي أتى به محمد صلى الله عليه وسلم هو
قول كاهن ، وقول مجنون ، وأنه مفترى على الله سبحانه من أساطير الأولين ،
وأنه متقوَّل على الله جل وعلا ، تنزَّلت به الشياطين عليه ، إلى آخر ذلك
من الأقاويل الباطلة ، فجاء الجواب من الله تعالى حاسمًا بأنه ليس كما
يزعمون ويدَّعون ويفترون ؛ وإنما هو نسخة من القرآن الكريم الموجود في
الكتاب المكنون ، والذي لا يمسه إلا الملائكة المطهَّرون ، وأنه تنزيل من
رب العالمين ، لا تنزيل من الشياطين . وهذا ما قرره سبحانه وتعالى في آية
آيات أخرَ ؛ كقوله :﴿ وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ * وَمَا
يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ * إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ
لَمَعْزُولُونَ ﴾(الشعراء: 210- 212) .
وقد مهَّد الله تعالى لهذا الجواب بقوله :﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ
النُّجُومِ ﴾ ، ﴿ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾ ملوِّحًا
بالقسم بمواقع النجوم التي أخبر عن عظمة القسم بها . قال سيد قطب :« وهذا
التلويح بالقسم والعدول عنه أسلوب ذو تأثير في تقرير الحقيقة التي لا تحتاج
إلى القسم ؛ لأنها ثابتة واضحة » ؛ وكأنه سبحانه يقول : لست بحاجة إلى
القسم بمواقع النجوم- على عظمتها- أن هذا القرآن كريمٌ ؛ لأن كونه كريمًا ،
في ذاته وفي مصدره ، من الحقائق الثابتة التي لا يتطرق إليها الشك أبدًا ،
وبالتالي فهو لا يحتاج إلى قسم يؤكده ؛ لأنه أوضح وأجلى من أن يحتاج إلى
قسم .
ثم تأمل قوله تعالى :﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لَا
تُبْصِرُونَ ﴾(الحاقة: 38- 43) ، نجد كيف نفى سبحانه حاجته إلى القسم بما
نبصر وما لا نبصر ، على قوله سبحانه :﴿ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ *
وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ * وَلَا بِقَوْلِ
كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ * تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾
. وتعقيبًا على هذه الآيات قال سيد قطب رحمه الله :« إن الأمر لا يحتاج
إلى قسم ، وهو واضح هذا الوضوح ، ثابت هذا الثبوت ، واقع هذا الوقوع . لا
يحتاج إلى قسم أنه حق ، صادر عن الحق ، وليس شعر شاعر ، ولا كهانة كاهن ،
ولا افتراه مفتر . لا ، فما هو بحاجة إلى توكيد بيمين » .
ثم تأمل قوله تعالى :﴿ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلَا
أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ﴾(القيامة: 1- 2) تجد كيف بدأ الله
سبحانه السورة ملوحًا بالقسم بيوم القيامة وبالنفس اللوَّامة ، على أن
البعث حقٌّ لا ريب فيه ، وهو ما دل عليه قوله تعالى :﴿ أَيَحْسَبُ
الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ ﴾(القيامة: 3) .
ثم تأمل قوله تعالى :﴿ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَأَنْتَ حِلٌّ
بِهَذَا الْبَلَدِ * وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ ﴾(البلد: 1- 4) ، كيف بدأ الله
سبحانه السورة بالتلويح بهذا القسم العظيم ، على حقيقة هي في حياة الإنسان
ثابتة ، لا يتطرق إليها الشك أبدًا ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي
كَبَدٍ ﴾ .
فالمقام- إذًا- لا يحتاج إلى قسم وتوكيد بيمين ، فضلاً عن أن المتكلم هو
الله جل وعلا ؛ ولهذا لمَّا سمع أعرابيٌ قول الله تعالى :﴿ وَفِي
السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ
وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ﴾(الذاريات:
22- 23) ، صاح قائلاً :« يا سبحان الله ! من ذا الذي أغضب الجليل حتى حلف ؟
لم يصدقوه بقوله ، حتى ألجئوه إلى اليمين » . فتأمل قول هذا الأعرابي الذي
أدرك بفطرته السليمة أن الأمر لا يحتاج إلى القسم على صحة وقوعه ؛ لأنه
أظهر وأوضح من أن يُقسَم عليه ، مع أن المقسم عليه في هذه الآيات من الأمور
التي هي موضع شك من المخاطبين !
رابعًا- وأما عن تسمية قوله تعالى :﴿ فَلَا أُقْسِمُ ﴾ قسمًا في قوله تعالى
:﴿ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾ فالجواب عنه : أن قوله
تعالى :﴿ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾ لا يدل على أن ﴿
فَلَا أُقْسِمُ ﴾ قسم- كما يوحي بذلك ظاهر اللفظ- وإنما يدل على أن مواقع
النجوم شيء عظيم يستحق أن يقسم به المقسمون ، لو كانوا يعلمون عظمتها . ولو
أن الله جل وعلا كان بحاجة إلى القسم على أن هذا القرآن كريم ، لأقسم بها ؛
ولكنه سبحانه ليس بحاجة إلى هذا القسم . فثبت أن قوله تعالى :﴿ فَلَا
أُقْسِمُ ﴾ ليس بقسم ؛ وإنما هو تلويح بالقسم ، وأنه بمنزلة القسم الصريح .
ولتوضيح ذلك نقول :
إن قوله تعالى :﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ﴾ يحتمل أن يفهم
منه المخاطب أن الله سبحانه لم يقسم بمواقع النجوم ، لتفاهتها وحقارتها- في
نظره- أو لقلة شأنها ، فجاء قوله تعالى :﴿ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ
تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾ معترضًا بين التلويح بالقسم والمقسَم عليه ، صَوْنًا
للمعنى من هذا الاحتمال . ويؤكد ذلك أن المخاطبين بهذه الآيات لم يكونوا
يعلمون وقت نزول القرآن عن مواقع النجوم إلا القليل القليلَ الذي يدركونه
بعيونهم المجردة ؛ ولهذا لم يقل سبحانه :﴿ كَمَا تَعْلَمُونَ ﴾ ؛ لأنه لو
قيل ذلك ، لأفاد علمهم بعظمة هذا القسم . وكذلك لو قيل :﴿ إِنْ تَعْلَمُونَ
﴾ ، لأفاد إمكان علمهم بذلك ، ومن ثمَّ جاء التعبير بقوله تعالى :﴿ لَوْ
تَعْلَمُونَ ﴾ ؛ ليفيد نفْيَ علمهم بعظمة هذا القسم ، مع تمني حصوله .
ويبيِّن لك ذلك أن الأصل في ﴿ لَوْ ﴾ أنها أداة تَمنٍّ ، ثم استعملت كأداة
للشرط ؛ وذلك من باب تعدُّد المعنى الوظيفي للمبنى الواحد . ومن خواصِّها
فرْضُ ما ليس بواقع واقعًا ، وتستعمل فيما لا يُتَوقَّع حدوثُه ، وفيما
يمتنع حدوثه ، أو فيما هو محال ، أو من قبيل المحال .
ولو سلمنا جدلاً أن قوله تعالى :﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ﴾
قسم- كما يقولون ، بدليل أن الله تعالى سماه قسمًا ، فكيف يقسم ربنا جل
وعلا على قرآن أعلن هو نفسه سبحانه عجز الإنس والجن على الإتيان بمثله ،
ولو اجتمعوا على ذلك وتظاهروا ؛ وذلك قوله تعالى :﴿ قُلْ لَئِنِ
اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا
الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ
ظَهِيرًا ﴾(الإسراء: 88) ؟ ألا ترى أن في القسم عليه وضعه موضع المشكوك فيه
؟ وممَّن ؟ من الله تعالى قائل هذا القرآن الكريم . والشك في القرآن هو شك
في قائله ، تعالى القرآن وقائله عز وجل عن ذلك ، وعلا علوًّا كبيرًا .
ومن يعرف هذا ، يدرك خطورة القول بأن قوله تعالى :﴿ فَلَا أُقْسِمُ ﴾ قسم ،
و إن ( لا ) فيه مزيدة للتوكيد . ومن أصرَّ على القول بذلك بعد هذا البيان
المفصل ، فإنه ملحد بآيات الله جل وعلا ، علم أو لم يعلم ، فليتنبه إلى
ذلك من يفسر القرآن ، وليكن على حذر من أمره . فالله جل شأنه عندما يقول :﴿
لَا أُقْسِمُ ﴾ فهذا لا يعني إلا شيئًا واحدًا فقط ، وهو أنه تعالى ليس
بحاجة إلى أن يقسم بشيء من مخلوقاته- مهما عظم ذلك الشيء- على أن المقسَم
عليه حقٌّ لا ريب فيه ؛ لأن كونه حقًّا لا يحتاج إلى يمين يؤكد حقِّيَّتَه
وثبوته .
والفرق واضح كل الوضوح بين أن يقول الله عز وجل سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم Frown أقسمُ ) ، وأن يقول سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم Frown لا أقسمُ ) ؛ فالأول يجعل
المقسم عليه أمرًا مشكوكًا في حقِّيَّته وثبوته عند المخاطب ، بخلاف الثاني
. وإذا علمنا الفرق بين القولين ، أدركنا سرَّ دخول ﴿ لَا ﴾ النافية على
فعل القسم الذي يكون فيه ضمير الفعل عائدًا على الله جل وعلا ، ويكون
المقسَم عليه من الأمور اليقينيَّة الثابتة .
وبهذا يظهر لنا الفرق بين القسم المثبت ، والقسم المسبوق بـ﴿ لَا ﴾ النافية
، كما يظهر لنا أن القول بزيادة ﴿ لَا ﴾ هو قول بعيد جدًّا ؛ بل هو في
بعده عن الصواب أبعد من النجوم في مواقعها من الأرض ؛ إذ يستحيل أن يؤكَّد
الشيء بنفيه ، ولا يمكن لأعجمي ، فضلاً عن عربي ، أن يتصور أن ﴿ لَا
أُقْسِمُ ﴾ معناه :﴿ أُقْسِمُ ﴾ ! وكيف ينسب ذلك إلى القرآن الكريم ، وهو
كتاب بيان ، وهدى للناس !
وأما القول بأن ﴿ لَا ﴾ نافية للقسم فهو أبعد من القول بزيادتها ؛ وذلك لما
بين نفي الحاجة إلى القسم ، وبين نفي القسم من فرق كبير . وفي بيان هذا
الفرق قالت الدكتورة عائشة عبد الرحمن :« وفرق بعيد أقصى البعد بين أن تكون
﴿ لَا ﴾ لنفي القسم كما قال بعضهم ، وبين أن تكون لنفي الحاجة إلى القسم
كما يهدي إليه البيان القرآني » .
وأضافت قائلة :« ومن نفي الحاجة إلى القسم يأتي التأكيد والتقرير؛ لأنه
يجعل المقام في غنًى بالثقة واليقين عن الإقسام ، والسر البياني لهذا
الأسلوب يعتمد في قوة اللفت- على ما يبدو- بين النفي ، والقسم من مفارقة
مثيرة لأقصى الانتباه . وما زلنا بسليقتنا اللغوية نؤكد الثقة بنفي الحاجة
معها إلى القسم ، فنقول لمن نثق فيه : لا تقسم . أو : من غير يمين ، مقررين
بذلك أنه موضع ثقتنا ، فليس بحاجة إلى أن يقسم لنا » .
وقد يأتي النهي عن القسم من المتكلم لعلمه بأن المقسِم كاذب في قسمه ؛ ونحو
ذلك قوله تعالى :﴿ وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ
أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ ﴾ ؛ ولهذا أمر الله تعالى نبيه محمدًا صلى الله
عليه وسلم أن ينهاهم عن هذا القسم ، لعلمه سبحانه بنفاقهم ، فقال جل شأنه
:﴿ قُلْ لَا تُقْسِمُوا ﴾(النور: 53) .
نخلص من ذلك كله إلى أن قوله تعالى ﴿ أُقْسِمُ ﴾ قسم مباشر . وأما قوله ﴿
لَا أُقْسِمُ ﴾ فهو تلويح بالقسم وعدول عنه ؛ لعدم الحاجة إليه ، خلافًا
للأول . وهذا التلويح بالقسم مع العدول عنه- كما قال سيد قطب رحمه الله-
أوقع في الحس والنفس من القسم المباشر ، وهو أسلوب ذو تأثير في تقرير
الحقيقة التي لا تحتاج إلى القسم ؛ لأنها ثابتة واضحة . فإذا كان كذلك ،
فهو في قوة القسم من حيث إفادته معنى التوكيد والتقرير والتأثير .
وأما ما ذهب إليه بعضهم من أن ﴿ لَا ﴾ هذه نفيٌ لكلام تقدم ذكره فمدفوع
بإجماع القرَّاء على أن ﴿ لَا ﴾ موصولة بالفعل ﴿ أُقْسِمُ ﴾ . وجعلها ردًّا
لكلام سبق ، يقتضي القراءة على وجوب الفصل بينها ، وبين الفعل ، فضلاً عما
يبدو فيه من غرابة . ولو كانت ( لا ) نفيًا لكلام سابق ، لوجب الفصل
بينهما بـ( واو ) القسم ، ولوجب أيضًا أن يكون جواب القسم منفيًّا ، يدلك
على ذلك قول الله تعالى :﴿ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ
يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ﴾(النساء: 65) ، ونحو ذلك قول عائشة
رضي الله عنها :« لا ، والله ، ما مسَّت يدُ رسول الله صلى الله عليه
وسلم يدَ امرأة قطُّ » .
وأما ما ذهب إليه بعضهم من أن ﴿ لَا ﴾ هذه أداة تنبيه ، وأن أصلها سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم Frown أَلَا ) فهو قول غريب عجيب ،
ولا يقل عنه غرابة وعجبًا قول من زعم أنها أداة استثناء ، وأن أصلها سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم Frown إلا ) ، ثم حذفت همزتها ،
وأغرب منهما وأعجب قول من قال : إنها لام أُشبِعت حركتها ، فتولَّدت عنها
ألفٌ . والأعجب من ذلك كله أن يتبنَّى هذا القول عالم جليل كأبي حيان
الأندلسي ، على أنه أولى الأقوال عنده بالصواب .
خامسًا- بقي أن تعلم أن الدكتور فاضل السامرَّائي ، وهو أشهر من أن يعرَّف
به ، كان قد أجاب في كتابه الغنيِّ عن التعريف ( لمسات بيانية في نصوص من
التنزيل ) عن السؤال الآتي : ما دلالة ( لا ) في القسم ، في قوله تعالى في
سورة البلد :﴿ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ ﴾(البلد: 1) ؟ فقال ما نصُّه
:« اختلف النحاة في دلالة ( لا ) : كلام عام من ( لا أقسم ) عمومًا ،
يقولون سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم Frown لا ) زائدة لتوكيد
القسم بمعنى : أقسم ؛ مثال : قولنا : والله لا أفعل ، معناها : لا أفعل .
ولو قلنا : لا والله لا أفعل ، معناها : لا أفعل . لا يختلف المعنى ،
والقسم دلالة واحدة .. وقسم يقولون : هي للنفي . أي : نفي القسم . والغرض
منه أن الأمر لا يحتاج للقسم لوضوحه ، فلا داعي للقسم . وقسم قال : إنها
تنفي لغرض الاهتمام ؛ كأن تقول : لا أوصيك بفلان ، بمعنى : لا أحتاج لأن
أوصيك . وفي السورة ( لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ ) تدور ( لا ) في كل
هذه الأمور ، على أنها توكيد للقسم ، بمعنى سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم Frown أقسم بهذا البلد ) . إذن
الغرض للتوكيد ؛ لأن الأمر فيه عناية واهتمام » .
هذا ما قاله فضيلته بنصِّه ، وهو مدوَّن في كتاب ، وليس جوابًا مرتجلاً على
الهواء ، ولا يخفى على العامَّة ما في ذلك من قلق واضطراب ، وهو كلام
يحتاج من القارىء إلى كثير من التدبر والتأمل ؛ كي يستطيع استيعابه وفهمه ؛
لأنه أشبه بالألغاز ، وإلا فكيف يمكن أن يفهم قوله :« والله لا أفعل ،
معناها : لا أفعل . ولو قلنا : لا والله لا أفعل ، معناها : لا أفعل . لا
يختلف المعنى ، والقسم دلالة واحدة » ؟ أو كيف يمكن أن يفهم قوله :« وفي
السورة ( لا أقسم بهذا البلد ) تدور ( لا ) في كل هذه الأمور ، على أنها
توكيد للقسم ، بمعنى سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم Frown أقسم بهذا البلد ) . إذن
الغرض للتوكيد ؛ لأن الأمر فيه عناية واهتمام » ؟
ومثل هذا الاضطراب والخلط نجده عند ابن عاشور ؛ وذلك عند تفسيره لآية
الواقعة :﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ﴾ (الواقعة: 75) ، حيث
قال :« و( لا أقسم ) بمعنى سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم Frown أقسم ) ، و ( لا ) مزيدة
للتوكيد ، وأصلها : نافية تدل على أن القائل لا يقدم على القسم بما أقسم به
، خشية سوء عاقبة الكذب في القسم ، وبمعنى : أنه غير محتاج إلى القسم ؛
لأن الأمر واضح الثبوت . ثم كثر هذا الاستعمال ، فصار مرادًا تأكيد الخبر ،
فساوى القسم ، بدليل قوله عقبه :﴿ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ
عَظِيمٌ ﴾(الواقعة: 76) » .
ثم قال عند تفسير قوله تعالى :﴿ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ ﴾ من سورة
البلد ، قال « و( لا أقسم ) صيغة تحقيق قَسَم ، وأصلها : أنها امتناع من
القسَم امتناع تحرُّج ، من أن يحلف بالمُقْسمِ به ، خشية الحنث ، فشاع
استعمال ذلك في كل قَسَم يراد تحقيقه ، واعتبر حرف ( لا ) كالمزيد ؛ كما
تقدم عند قوله تعالى :﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ﴾ » .
لاحظ قوله :« و( لا أقسم ) بمعنى سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم Frown أقسم ) ، و ( لا ) مزيدة
للتوكيد » . ثم تأمل قوله :« وأصلها : نافية تدل على أن القائل لا يقدم على
القسم بما أقسم به ،
خشية سوء عاقبة الكذب في القسم » . وقوله :« وأصلها : أنها امتناع من
القسَم امتناع تحرُّج ، من أن يحلف بالمُقْسمِ به ، خشية الحنث » . وتذكر
أن المُقسِم هو الله عز وجل ! نسأله سبحانه أن يرزقنا نعمة الفهم لكلامه ،
والإدراك لأسرار بيانه ، وألا نقول فيه إلا صوابًا ، له الحمد وله المنَّة .
باندة الاسكندرية
باندة الاسكندرية
مديرة منتدى

تاريخ التسجيل : 03/02/2010
العمل/الترفيه : مهندسة
الموقع : منتدى ليلتي

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم Empty رد: سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم

مُساهمة من طرف Admin الجمعة 11 يونيو 2010, 10:05

بارك الله فيك
جزاكي الله كل خير
وشكرا لكي اميرة على الشرح المفيد
دائما متميزة
تقبلي مروري
Admin
Admin
المدير العام
المدير العام

تاريخ التسجيل : 19/04/2009
العمل/الترفيه : مهندس
الموقع : www.ahladalil.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم Empty رد: سر دخول ( لا ) النافية على فعل القسم

مُساهمة من طرف باندة الاسكندرية السبت 12 يونيو 2010, 00:49

اشكرك امين على الطلة الحلوة

وعلى ردك الاكثر من رائع
باندة الاسكندرية
باندة الاسكندرية
مديرة منتدى

تاريخ التسجيل : 03/02/2010
العمل/الترفيه : مهندسة
الموقع : منتدى ليلتي

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

إنشاء حساب أو تسجيل الدخول لتستطيع الرد

تحتاج إلى أن يكون عضوا لتستطيع الرد.

انشئ حساب

يمكنك الانضمام لمنتديات تقنيات فعملية التسجيل سهله !


انشاء حساب جديد

تسجيل الدخول

اذا كنت مسجل معنا فيمكنك الدخول بالضغط هنا


تسجيل الدخول

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى