همسة من القلب إلى القلب

بسم الله الرحمن الرحيم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قدمتْ لي قهوةً يوم أن جئتها زائراً في قدح جميل....
و انتظرتْ واقفةً أمامي و كأني بها تريد مني أن ارتشف رشفة منها حتى ترى رأيي بها ..
و لم أطلْ وقفتَها، إذ رفعتُه مباشرة حتى قبلتْ شفتاي فم القدح و يا لدهشتي ...بل أقول يا لمصيبتي....

إذ كان طعمها المر أحال ابتسامتي
الصفراء إلى معاناة مع كل رشفة أرتشفها ، و مع هذا كنتُ أحاول جاهداً أن
أخفي امتعاضي الشديد من مرارتها و تعابير وجهي تتلون و كأني حرباء على غصن.
و لما أن عيل صبري و نفد احتيالي ، و أصبح استيائي منها فوق احتمالي ............
سمعتُ منها قهقهة فوق رأسي، فوجدتها فرصة كي ألتقط أنفاسي و أضع قدح القهوة من يدي و على الفور بادرتها بالسؤال: لمَ تضحكين ؟؟
فقالت: عليك.
فقلت: و هل بي ما يضحك ؟
قالت: نعم.
فقلت: ما هو؟
قالت: تصنعك، و احتمالك الذي لا مبرر له، إذ كان يمكنك أن تطلب مني أن أضع لك فيها ملعقة سكر و كفى بدلاً مما كنت تعانيه مع مرها.
فقلت: إنما فعلت ذلك حتى لا أبدي استيائي منها ؟
فقالت: و هل وجدت فيما فعلت فائدة؟ و
هل استطعتَ أن تخفي استياءك عني ،ثم و لم تزعجني؟ فإنما أحضرتها لك كي
تستمتع برشفها، لا أن تعذبك مرارتها.
فعجبت من قولها ذاك و قلت في نفسي غريب أمرنا نحن بني البشر..
نظن بتصنعنا أننا نرضي غيرنا بينما نحن نؤذي أنفسنا.
و نظن به أننا نخفي مشاعرنا عن غيرنا في الوقت الذي تفضحنا تلك المشاعر.

مهما تكن عند امرئ من خليقة ×× و خالها تخفى على الناس تعلمِ

فمن ظن أنه يخدع غيره بتصنعه، فإنما هو يخدع نفسه أولاً.
و من ظن أنه و حده فقط من يستطيع أن يرى غيره و يقرأ مشاعرهم فهو واهم.

و لكم أخلص التحايا و أرقها