تتغير معدلات النوم في حياة الإنسان كلما تقدم في العمر، فيصبح نوم المسن أقل قدراً، وعمقاً، ومتقطعاً بصورة ملحوظة ويلاحظ أن نصف المسنين يعانون من اضطرابات النوم بصورة مزعجة نظراً لتغير طبيعة وعادات ومواعيد نومهم كلما تقدموا في العمر، وأحياناً يضطرون إلى دخول دور رعاية المسنين كما هو الحال في الغرب .
واضطرابات النوم تعني زيادة الأرق وتقطع ساعات النوم بصورة مضطردة مع تقدم العمر، الأمر الذي يجعلهم عرضة للاكتئاب، وهو المرض النفسي الشائع عند غالبية المسنين!
وقبل أن نتطرق إلى أسباب الاضطراب اسمحوا لنا أن نتوقف قليلاً عند مفهوم النوم الطبيعي ومراحله عند الإنسان حيث يقول الدكتور يحيى الرخاوي أستاذ الطب النفسي بالقصر العيني: أثبت العلم أننا نقضى ثلث أعمارنا تقريباً في النوم، لهذا فإن النوم الهادئ والعميق يشكل أهمية خاصة في حياتنا، ويعطي دلالة على العلاقة القوية بين اضطرابات النوم عند كبار السن وبين ما يصيبهم من اضطرابات نفسية وعصبية وعضوية وأثر ذلك من الناحية العضوية أو النفسية أو السلوكية.
وعادة ما ينام الإنسان في الليل ويستيقظ بالنهار حتى تصبح عادة وهنا تقوم الساعة البيولوجية أو «الإيقاع اليومي» بتنظيم عادات النوم في جسم الإنسان، والتي يلعب فيها الضوء وإفراز هرمون النوم «الميلاتونين» الدور الأساسي في عمل هذه الساعة ومدى كفاءتها.
مراحل النوم
والنوم الطبيعي كما ذكرنا من قبل يتكون من جزأين، الجزء الأول والذي تحدث فيه الأحلام ويسمى «مرحلة حركة العينين السريعة» والجزء الثاني لا تحدث فيه حركة للعينين ويشمل أربع مراحل، حيث يبدأ النوم في المرحلة الأولى، ومن ثم يتقدم للمراحل العميقة، وتعرف الثالثة والرابعة بالنوم العميق، وخلالهما يستعيد الجسم نشاطه.
ومع تقدم العمر تقل ساعات النوم في مرحلتي النوم العميق ويظل هذا الوقت يتناقص كلما تقدم العمر، وأحيانا يصل عند البعض إلى الصفر، والحقيقة أن هذا النوم المتقطع أو الأرق قد يكون لأسباب عضوية أو لأسباب يصعب التعرف عليها، وهنا يحدث خلل كبير في أداء ساعاتهم البيولوجية، فأكثرهم ينام مبكراً ويصحو مبكراً جداً، كما يتسم نومهم "إذا ناموا" بالسطحية! ويستيقظ كبير السن من أية حركة ويصعب عليه العودة مرة أخرى للنوم، وبمقارنة الشباب والمسنين في نومهم يتضح أن الشباب ينامون بصورة جيدة ولفترات طويلة، وينامون أسرع من المسنين، فالإصابة بالأرق لديهم أقل بكثير من كبار السن الذين يستغرقون وقتاً كي يناموا ثم يستيقظوا بعد وقت قصير ويصعب نومهم بعد ذلك ويظل متقطعاً وسطحياً معظم الوقت.
أسباب التغيرات
ذلك الخلل يحدث نتيجة لعدة تغيرات في الجسم توصل العلم لمعرفة بعض منها، فإفراز هرمون الميلاتونين أو ما يعرف بهرمون النوم يقل عادة عند كبار السن، كما أن أسلوب الحياة الذي يتبعه البعض من كبار السن من قلة الحركة والخمول خلال النهار وعدم التعرض للضوء الخارجي يؤثر على جودة النوم سلبياً.
إن هذه التغيرات التي تطرأ على نوم المسنين ربما تحدث بسبب استخدامهم أدوية لعلاج أمراضهم العضوية والتي يسبب بعضها القلق إضافة إلى اضطراب النوم الطبيعي
من المشاكل الصحية التي تؤثر على جودة النوم عند كبار السن بصورة مباشرة أو غير مباشرة:
• تصلب الشرايين الطرفية.
• حموضة المعدة، وارتجاع الحمض من المعدة إلى المريء.
• الاضطرابات التي تصيب الجهاز البولي.
• أمراض القلب والجهاز التنفسي.
• آلام المفاصل وهشاشة العظام.
الأمراض التي تصيب الجهاز العصبي عند كبار السن "كمرض الرعاش" الباركنسون ومرض «الزهايمر» فتلك المشاكل السابقة تؤثر على الدم وتجعله متقطعاً وتسبب الأرق.
معنى الأرق
يعتبر الأرق من أكثر اضطرابات النوم انتشاراً بشكل عام وعند كبار السن بشكل خاص.
وهو يعني «صعوبة الدخول في النوم» والبقاء مستيقظاً أو هو النوم لفترة قصيرة ثم الاستيقاظ وعدم القدرة على العودة له مرة أخرى، وهذا الاضطراب في النوم يؤثر بدرجة كبيرة على نشاط الغدد في اليوم التالي بحيث يبدو الشخص خاملاً طوال اليوم.
ومما يؤسف له أن الأرق واضطرابات النوم الأخرى عند المسنين لا يتم تشخيصها وعلاجها في أكثر الأوقات، خاصة في دول العالم الثالث، حيث لا يوجد متخصصون في اضطرابات النوم وفي أماكن كثيرة يعتبر الأرق أمراً عادياً جداً، كما يعتبر مجرد المناقشة في مثل هذه الاضطرابات نوع من أنواع الترف الصحي.
للأرق علاج
يحتاج كبير السن الذي يعاني من الأرق أو زيادة النعاس خلال النهار إلى تقييم من قبل طبيب مختص لتحديد ما إذا كان اضطراب النوم ناتجاً من نقص في النوم أم ناتجاً من الإصابة بمرض عضوي أو مرض نفسي (كالاكتئاب) أو من أحد اضطرابات النوم الأخرى، حيث يوصف العلاج لكل مريض بناءً على التشخيص الاكلينيكي للحالة.
اضطرابات نفسية، فالمرضى النفسيين يعانون من الأرق والاضطرابات التي تخص النوم بصورة مزعجة، لذا يجب عدم إهمال مثل هذه الاضطرابات دون تشخيص أو علاج، الأدوية المنوم
يجب على الأطباء المختصون في علاج اضطرابات النوم عدم التسرع والقفز مباشرة إلى إعطاء أدوية منومة أو مهدئة تساعد على النوم، بل يجب الاهتمام بدراسة التاريخ المرضى كاملاً، فربما كان الأرق نتيجة الإصابة بمرض عضوي أو مرض نفسي، عندئذ تجب معالجة السبب الأصلي للمرض الذي تسبب في حدوث الإصابة بالأرق، كذلك التدخين والكحوليات وبعض أنواع الأدوية التي يستخدمها المرضى ربما يكون لها آثار جانبية من ضمنها الإصابة بالأرق.
كل هذا يجعل معالجة اضطرابات النوم والأرق عند المسنين أمر بالغ الأهمية مع مراعاة عدم التركيز فقط في معالجة الأرق فقط، بل يجب الاهتمام بالصحة العامة للمريض، فعلاقة النوم بالاضطرابات العضوية أمر غاية في الأهمية.

[size=19]قلة النوم تصيب القلب
توصلت دراسة يابانية إلى أن النوم أقل من سبع ساعات ونصف ساعة في اليوم يزيد من احتمالية إصابة كبار السن بأمراض القلب، خاصة الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم بالليل والذين إذا تمت مقارنتهم بالذين ينامون فترات أطول وجد أن نسبة الإصابة بأمراض القلب تتعدى أربعة أضعاف، بالإضافة إلى أن الحصول على قسط وافر وكاف من النوم عند كبار السن ضروري لتجنب الإصابة بالبدانة والبول السكري فضلاً عن عدة عوامل بالغة الخطورة لمرضى القلب والتي منها اضطراب التنفس أثناء النوم وارتفاع ضغط الدم بالليل.
وتشير دراسات جديدة إلى أن النوم القليل لدى كبار السن يؤدى إلى تدهور الصحة، وعندما يتعلق الأمر بالألم الذي هو أحد أسباب عدم النوم، فإن ليلة أرق واحدة يمكن أن تجعل الألم أكثر سوءاً في اليوم التالي، ويتسبب زيادة الألم في نوم أكثر سوءاً أو مشقة، وبذلك يدخل كبير السن في حلقة مفرغة وهذا ما يحدث للمسنين المصابين بآلام الظهر والتهاب المفاصل.
نصائح مهمة
قبل زيارة الطبيب واللجوء إلى الأدوية المعالجة لاضطرابات النوم لابد أولاً الأخذ بأساليب الوقاية وتهيئة الظروف الصحية لنوم هادئ وصحي وأهمها ما يلي:
• تجنب الأعمال المثيرة للأعصاب في فترة المساء.
• الذهاب إلى الفراش عند الإحساس بالرغبة الملحة للنوم، والاستيقاظ في نفس الساعة كل صباح، وإذا كانت هناك رغبة في الاستيقاظ متأخراً يوم عطلة نهاية الأسبوع فيجب عدم تجاوز فترة ساعة زيادة عن ميعاد الاستيقاظ المعتاد.
• ممارسة التمارين الرياضية بانتظام ويفضل القيام بذلك وقت بعد الظهر كل يوم.
• تجنب الأعمال الثقيلة بعد السادسة مساء كل يوم.
• تجنب القيلولة أثناء النهار، ولا مانع من القيلولة إذا كان هناك حاجة إليها بحيث لا تزيد مدتها على ساعة على أن تتم دائماً في نفس التوقيت.
• يمكن الاستفادة من لحظات استرخاء تتراوح بين 20 و30 دقيقة.
• عدم تناول أي منبهات أو منشطات في صورة أدوية أو مشروبات.
• لتوقف عن التدخين ساعات قبل النوم.
• محاولة الحصول على الاسترخاء اللازم قبل إطفاء النور، وذلك عن طريق أخذ حمام بماء دافئ والقراءة وتهيئة جو غرفة النوم وضبط التهوية أو التدفئة بها، والبعد عن الأصوات والأضواء والضجيج.
• تجنب الطعام الدسم قبل النوم وعدم تناول الشيكولاتة أو أية حلويات أخرى.
• الإقلال من تناول الماء والسوائل ليلاً.
• قد يستيقظ كبير السن في الليل لتناول الطعام فذلك أمر صعب وخاطئ، حيث إن تناوله للطعام في الليل يجعله يتعود على الاستيقاظ كل يوم في نفس التوقيت مما يتسبب في حدوث خلل في نومه مما يقلق راحته طوال الليل.
• كما يجب عند الشعور بالتذبذب في النوم ليلاً رفع الوسادة قليلاً ليستقر الرأس بشكل متواز مع بقية الجسم.
• عدم النظر إلى ساعة الحائط وعدم الاستعانة برنين المنبه عند الاستيقاظ، حيث إن التركيز في الوقت يربك النوم
[/size]