الام والابنة والحوار الدي دار بينهما

.ie * {min-height: auto !important}

البنت :

أمي ..

يا قرة عيني ، ما أعظم قلبك ، وما أسمى مشاعرك نحوي ، كم أحبك ،

ولولا أنك قريبة مني في العمر ،

وعودتني على بث ما أريد بصراحة بين يديك ما تحدثت ، ولكني على ثقة أنك

ستفهمين قصدي فأقول ياقرة العين ،

1؛ تقولين إني صغيرة ، فأقول نعم أنا صغيرة ، بل وطفلة إذا كنت بين يديك ،

فلن أكبر مادمت أحتاج حضنك الذي لن أستغني عنه حتى أموت ، ولكن يا حبيبة ،

هل تظنين أن خالقي وهو العليم بي جعلني أصل سن البلوغ و أفكر في الزواج

في سن غير مناسبة ؟

(( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ))

أما عادات غيرنا وقوانينهم فعلينا أن ننتقي منها ما يناسبنا ، فكما أن عندهم ما أصابوا فيه ،

فقد ضلوا طريق الصواب في أمور كثيرة ، وخاصة فيما جاء بمخالفته عندنا السنة والكتاب ،

ولئن منعوا أولادهم من الزواج المبكر فلقد أذاقهم أولادهم من الويلات ما

لايخفى على كل عاقل واع .

2، التعليم نعمة عظيمة ياأماه ، وأنا أحبه من الأعماق ، ولكن لماذا يكون الزواج

عائقاً من المتابعة ؟ ألم تري بعينك من واصلت تعليمها وهي متزوجة فأبدعت

وتميزت ، أما الفتاة التي ليست لديها الرغبة الصادقة في متابعة التعليم النظامي

فلماذا تجبر على ذلك ، وتحرم من الزواج بحجة الحرص على مستقبلها ، وكأن

المستقبل شهادات مسجلة فقط ، وكأن العلم والثقافة لايكونان إلا على مقاعد المدرسة ؟

أما إن كنت أحب تعليمي ، ثم رأيت بعد الزواج أن هناك ماهو أهم وأولى ،

فأجلته وتابعت طلب العلم من وسائل موثوقة أخرى – ونحن في عصر التطور

التعليمي – فما المانع من هذا؟

3؛ أما بالنسبة للوظيفة ، فلاتغضبي من رأيي بأن المستوى المنشود من العلم الذي

يزيل الجهل وينير العقل قد تردى حين أصبح الهدف الأساس منه هو الحصول

على المال والمنصب

ولا يخفى علينا حال كثير من الشاغلات لمقاعد دراسية بلا جدوى ، بل للهروب

من البيت و الانفلات من القيود متخفيات بفسادهن تحت مظلة التعليم ..

ثم إن مالي الخاص لن ينفعني ولن يستمر إن أصبت بحوادث العمل وإعاقاته ، وهل

ستغـني عني وظيفتي حينها شيئاً ؟؟؟

وأنا بهذا لاأعترض على بذل السبب و طلب الرزق الحلال ، ولكن ، ليس للعمل

خارج البيت خلقت .. وإلا فلماذا ألزم ربي أولياء أمري وخاصة زوجي بكامل

نفقتي مهما كنت غنية؟؟؟

4؛ أتعلمين يا أمي لماذا لا أجيد شيئاً من أعمال البيت ؟ هل لأني صغيرة ، أم ..

لأنك من دلالك لي لم تعلمينني ذلك ، إن من صاحباتي بالمدرسة من تجيد الطبخ

و ديكور المنزل بل والعناية بإخوتها الصغار و حل بعض مشاكلهم ، فأدركت أن

سبب جهلي هنا ليس هو صغر سني ..

5؛ أما عن الهموم ، أوتظنين أن من تأخر زواجها خالية من الهموم ؟ ،

أولا تعلمين أن التفكير في زوج المستقبل و حياة الأسرة الخاصة بي هي من

همومي التي أحمل همها كثيراً،

وإذا كانت الحياة لاتخلو من هم فلا تحرميني الاستقرار مع زوج وأطفال وإن

خالط ذلك هموم ومشكلات الحياة ..

أما بالنسبة للخبرة ، فمن أين سأكتسبها أماه إن لم أخض غمار التجربة ، وهل

اكتسبت خبرتك مع أبي ومعنا إلا بالتجربة وشيئ من المعاناة ، و دعيني أتزوج

مبكراً لأستفيد من خبرتك و علميني ما ينفعني ..

6؛ أما عن بلادي التي شربت حبها منك ، فإني ولو لم أعمل خارج بيتي ، فإني

سأبدع بإذن الله في مملكتي ، وأقف وراء زوجي أحصنه .. أمسح همومه .. أدفعه

للأمام ليزيد إنتاجاً وإبداعاً .. و أكرس جهدي لتربية أولادي كما ربيتني ،

وأكون لهم أختا وأما وناصحة ..

عذراً ، أمي إن خالفتك الرأي ، عـذراً ياقرة العين ، وأظنك ترين الآن كثرة الخاطبين،

لدينا فرصة انتقاء الكفء منهم ، ولكن من يضمن بقاءهم إن كبرت ، ثم إني

أتمنى الزواج بشاب صغير نتعاون معاً بهمة الشباب على الصبر وتخطي همومنا و

بلوغ آمالنا، وهذا لايتيسر إن كبر سني وتزوجت ممن بدأ الشيب يعلو رأسه في

أولى سنوات زواجنا .

ثم إن عاطفتي في هذا السن تساعدني في تخطي كثير من العوائق ،

ولكن أنا معك تماماً في ضرورة التهيئة لتحمل المسؤلية ، فبدل أن تبدئي معي في

تعليمي ذلك بعد تخرجي من الجامعة ، علميني ذلك الآن ، وإن كنت أتمنى لو

تدرجت معي في هذه الأمور قبل سنوات ..

أمي ،

ياقرة العين ،

وسائل الإعلام زادت غرائزنا اشتعالاً ، وعلمتنا الكثير الذي

لم نسلم من لهبه ونتنه ثم أخذوا يصيحون لاتزوجوا أولادكم حتى لاتتهدم بيوتهم ،

و لقد علمنا أنهم دمروا جيلهم فلم يرضوا إلا أن يصيبنا من البلاء ما أصابهم .

أمي ،

مللت الفراغ ، واحترت كيف أملؤه فدعيني أشتغل بما تنضج به نفسي وأحفظ به

بدني وأتقرب به إلى ربي .

هـذه بعض همساتي إليك ..

فتدبريها إن كنت تحبين الخير لي ، وادع لي بالتوفيق والسعادة ،

و سأبقى ابنتك التي لا تستغني عن حنانك وحبك ..

,,,,,,,